سامح سعيد عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 03:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الصبر نعمة عظيمة، ومنحة إلهية لا يُدرك قيمتها إلا من ذاق مرارة الابتلاء. هو القوة الهادئة التي تُمسك بالقلب حين تهتز الحياة، والنور الخافت الذي يدلّ الإنسان على الطريق وسط العتمة. بالصبر لا تختفي الآلام، لكنها تفقد قدرتها على كسر الروح.
وقد رفع الله منزلة الصابرين، وجعل صبرهم بلا حساب، فقال تعالى:
﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.
فالصبر ليس استسلامًا، بل ثقة عميقة بأن وراء كل شدة رحمة، وأن ما عند الله أعظم مما فُقد.
والإنسان في مسيرته لا يخلو من ابتلاء؛ فقد يكون في الرزق، أو الصحة، أو الفقد، أو انتظار الفرج. وهنا يظهر الصبر كقيمة أخلاقية وسلوك إيماني، يعصم النفس من اليأس، ويمنحها القدرة على الاستمرار دون انهيار. قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾،
ومعية الله هنا أعظم عزاء وأقوى سند.
وفي السنة النبوية، تتجلّى مكانة الصبر بوضوح، إذ قال رسول الله ﷺ:
«وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر».
فالصبر ليس فقط احتمال الألم، بل حسن التعامل معه، والقدرة على ضبط النفس، والرضا بما قدّره الله مع السعي والعمل.
وللصبر ثمارٌ لا تُحصى؛ فهو يُهذّب النفس، ويُقوّي الإرادة، ويصنع شخصية متزنة لا تُهزمها العواصف. ومع كل صبرٍ صادق، يولد أمل جديد، لأن الله وعد بأن الفرج قريب، فقال سبحانه:
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾.
الصبر لا يعني السكوت عن الظلم، ولا تعطيل الأخذ بالأسباب، بل هو الجمع بين الرضا والعمل، وبين الإيمان والسعي. هو أن تمضي قدمًا رغم الألم، وأن تثق بأن ما كتبه الله لك هو الخير، وإن تأخر فهمك له.
وفي زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتثقل فيه الضغوط، يبقى الصبر نعمة لا غنى عنها، وسلاحًا داخليًا يحفظ التوازن ويمنح القلب سكينة. فالصابر لا يخسر، إما أن ينال ما يرجوه، أو يخرج من المحنة أقوى، وأكثر قربًا من الله.
#سامح_سعيد_عبد_العزيز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟