أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح سعيد عبد العزيز - التسامح في الإسلام.. قيمة إنسانية ورسالة خالدة














المزيد.....

التسامح في الإسلام.. قيمة إنسانية ورسالة خالدة


سامح سعيد عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 01:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يُعد التسامح من أسمى القيم التي جاء بها الإسلام، ومن أعظم المبادئ التي دعا إليها القرآن الكريم وسنّة النبي محمد ﷺ، فهو ليس مجرد خُلُق اجتماعي يُحمد عليه صاحبه، بل هو منهج حياة، وروح تُغذي العلاقات الإنسانية بالرحمة والاحترام، وتبني مجتمعًا يسوده السلام والوئام.
لقد جعل الإسلام التسامح أساسًا في التعامل بين الناس، لأنه دين الرحمة، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: 107). وهذه الرحمة لا تقتصر على المسلمين فحسب، بل تشمل كل إنسان، بل وكل كائن، فهي رسالة سماوية جاءت لترفع عن الناس الظلم والعداوة، وتنشر بينهم روح المحبة والعدل.
إن التسامح في الإسلام لا يعني الضعف أو التنازل عن الحقوق، بل هو سموّ أخلاقي يقوم على القوة والقدرة على العفو. فالمسلم المتسامح هو من يملك نفسه عند الغضب، ويقابل الإساءة بالإحسان، كما قال الله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (فصلت: 34). إنها دعوة ربانية تدعو إلى تحويل العداء إلى محبة، والخصام إلى مودة، والكراهية إلى صداقة.
لقد كان النبي محمد ﷺ النموذج الأسمى للتسامح، فقد ضرب أروع الأمثلة في العفو والصفح، حتى عن أعدائه. فعندما فتح مكة بعد سنوات من الأذى والعداء، لم ينتقم، بل قال لقومه الذين آذوه وطردوه: “اذهبوا فأنتم الطلقاء.” بهذه الكلمات القليلة، محا صفحة طويلة من الصراع، وفتح صفحة جديدة من الرحمة والمغفرة.
ولا يقتصر التسامح في الإسلام على الجانب الديني، بل يمتد ليشمل كل جوانب الحياة. فالإسلام يدعو إلى التسامح الاجتماعي بين الناس، مهما اختلفت أصولهم أو ألوانهم أو معتقداتهم، ويحث على العدل والإحسان في التعامل مع الجميع. كما يحث على التسامح الأسري، لأن البيت الذي تسوده الرحمة والعفو هو أساس الاستقرار والمودة.
ولعل من أروع صور التسامح الإسلامي ما طبّقه المسلمون عبر التاريخ في تعاملهم مع أصحاب الديانات الأخرى. فقد عاش اليهود والمسيحيون في ظل الحكم الإسلامي في أمان، يتمتعون بحرية العبادة وممارسة شعائرهم، في وقتٍ كانت فيه الحروب الدينية تشتعل في أماكن أخرى من العالم.
إن أثر التسامح في المجتمع كبير وعميق، فهو ينشر المحبة بين الناس، ويقضي على الكراهية والبغضاء، ويجعل من المجتمع نسيجًا متماسكًا قويًّا. كما يفتح باب الحوار بين الثقافات، ويمنح الأفراد فرصة للعيش بسلام نفسي واجتماعي، بعيدًا عن الحقد والانتقام.
وفي عالم اليوم الذي تمزقه الصراعات، وتكثر فيه أسباب الفرقة، نحن أحوج ما نكون إلى استعادة روح الإسلام الحقيقية التي تدعو إلى التسامح. فالإسلام لا يعرف التطرف ولا العنف، بل يدعو إلى السلام، والرحمة، والعفو عند المقدرة.
إن التسامح في الإسلام ليس مجرد شعار نردده، بل هو عبادة وسلوك يومي ينبغي أن يتجسّد في أفعالنا وتعاملاتنا. هو الطريق إلى القلوب، وجسر التواصل بين الناس، وسرّ قوة الأمم واستقرارها. فلنكن جميعًا دعاة للتسامح في بيوتنا، وأعمالنا، ومجتمعاتنا، حتى نحيا كما أراد الله لنا: أمةً تسودها الرحمة، ويضيئها نور المحبة والسلام.



#سامح_سعيد_عبد_العزيز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأم نبع الحنان وسر الوجود
- الأب وطن لا يُغادر الذاكرة
- المتحف المصري الكبير.. ميلاد حضاري يبهر العالم
- الحضارة الفرعونية حضارة لا تعرف الزوال
- سلام الشرق الأوسط بين الأمل والواقع: مبادرة أمريكية مصرية لإ ...
- تكامل لا صراع: قراءة في العلاقة بين الرجل والمرأة في ميزان ا ...
- ثقافة التطوع والمبادرات التطوعية… روح العطاء وبناء المجتمع
- كيف تخطط لذاتك لتصنع مستقبلك؟
- القاهرة وواشنطن على خط السلام -مبادرة جديدة لإحياء الأمل الف ...
- التخطيط الاجتماعي والتنمية العمرانية في مصر
- مفتاح نجاحك بين يديك ؟؟
- كيف غيرت حرب العاشر من رمضان (أكتوبر 1973) موازين القوى في ا ...
- أكتوبر 1973 الحرب التى غيرت مجرى التاريخ
- دور التخطيط الاجتماعي في مجتمعاتنا المعاصرة
- أفتحوا أبواب النجاح بمفاتيح الفشل


المزيد.....




- عاجل| الجيش الإسرائيلي: أنباء عن عملية دهس وقواتنا تهرع إلى ...
- غريب آبادي: الجمهورية الإسلامية كانت دائمًا في طليعة مكافحة ...
- البابا لاون الرابع عشر يدعو رؤساء الطوائف المسيحية والمسلمة ...
- الأنبا إبراهيم إسحق يشارك في لقاء بابا الفاتيكان الأساقفة وا ...
- غرفة العمليات الحكومية تستعرض خطة الإغاثة والتعافي لوزارة ال ...
- التميمي يبحث تطوير إدارة قطاع الأراضي في محافظة سلفيت وتعزيز ...
- إسرائيل تنشر أرقاما متضاربة عن عدد اليهود بدول عربية
- لبنان.. رئيس الفاتيكان ينتقد ضجيج الأسلحة ويطالب بالمحبة وال ...
- -تنظيم الدولة الإسلامية يشكل تهديداً عالمياً متزايداً- - الت ...
- بابا الفاتيكان يدعو إلى السلام في لبنان


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح سعيد عبد العزيز - التسامح في الإسلام.. قيمة إنسانية ورسالة خالدة