سامح سعيد عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 8514 - 2025 / 11 / 2 - 00:58
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
على ضفاف نهر النيل العظيم، بدأت حكاية من أعظم حكايات الإنسانية، حكاية حضارةٍ لم تَعرف حدودًا للإبداع ولا نهاية للإنجاز. إنها الحضارة الفرعونية؛ تلك الحضارة التي شيدت مجدًا خالدًا، وكتبت صفحات من نور في سجل التاريخ، فبقيت شاهدة على عبقرية الإنسان المصري عبر آلاف السنين.
لم تكن الحضارة المصرية القديمة مجرد آثار صامتة أو معابد شامخة، بل كانت حياة نابضة بالعلم والفكر والتنظيم والروحانية. فقد قدّم المصري القديم للعالم أرقى صور العمران والهندسة، فبنى الأهرامات التي لا تزال لغزًا يحير العلماء، ونقش على جدران المعابد أسرار الكون والحياة والموت، واستطاع أن يؤسس دولة قوية بإدارة مركزية متقدمة ونظام اجتماعي متوازن.
تميز المصريون القدماء بفلسفتهم العميقة في فهم الحياة والخلود، فآمنوا بالبعث والحساب، وعرفوا معنى العدالة والحق، وصاغوا أقدم القوانين لحماية المجتمع وتنظيم العلاقات بين أفراده. كما برعوا في الطب والجراحة وصناعة الأدوية، وقدموا للعالم أقدم النصوص الطبية المسجلة، واهتموا بالفلك والزراعة وتقنيات الري تنظيمًا لحياةٍ مستقرة على ضفاف النهر الخالد.
ومن الفنون خرج سحر لا يخبو، رسمه الفنان المصري على جدران المقابر والمعابد، وصاغه في تماثيل مهيبة وقطع ذهبية لا مثيل لجمالها. وظلت اللغة المصرية القديمة بأبجديتها الهيروغليفية رمزًا للعلوم والمعرفة، تحكي للأجيال قصة حضارة كتبت تاريخها على الحجر قبل أن تدونه الكتب.
واليوم، وبعد آلاف السنين، لا تزال هذه الحضارة ملهمة للعالم، تبهر العلماء وتثير خيال الشعراء وتدهش كل من يقف أمام عظمتها. فالمتاحف تمتلئ بكنوز الفراعنة، والاكتشافات لا تزال متواصلة، والأهرامات وأبو الهول ومعابد الأقصر وأسوان تظل مقصد ملايين الزوار الذين يشهدون أن الحضارة الفرعونية ليست تاريخًا منقضيًا، بل روحًا خالدة لا تعرف الفناء.
إن الحضارة الفرعونية ليست صفحة في كتاب التاريخ، بل أسطورة واقعية صنعتها أيدي المصريين، وستبقى منارة تضيء دروب الإنسانية. فهي حضارة لا تعرف الزوال، لأن جذورها في قلب التاريخ، وروحها في وجدان العالم، وإرثها باقٍ في كل حجر ونقش وتمثال يروي قصة مصر التي كانت وما زالت وستظل قلب الحضارة النابض، ومهد العظمة التي لا تنتهي.
#سامح_سعيد_عبد_العزيز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟