احمد جليل العتابي
الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 20:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن من أعظم المفارقات في التجربة السياسية العراقية بعد 2003 أن تُرفع راية (حماية المكوّن) في وقتٍ صار فيه هذا المكوّن هو جوهر الدولة وعمود حكمها. فالحكومة اليوم بمؤسساتها الدستورية وقرارها السياسي وأغلبيتها البرلمانية هي حكومة يقودها أبناء الطائفة الشيعية اختيارًا انتخابيًا لا غلبةً قسرية وشرعيةً دستورية لا واقعًا طارئًا.
من هنا يصبح السؤال مشروعًا ما الحاجة إلى سلاح خارج إطار الدولة إذا كانت الدولة نفسها بيدك؟
إن السلاح خارج المؤسسة الرسمية لا يكون يومًا عنصر طمأنينة بل يتحول مهما حسنت النوايا إلى ازدواج في القرار وتناقض في السلطة وتآكل في هيبة الدولة والدولة التي تتعدد فيها البنادق تتعدد فيها المخاوف حتى لو كان الحاملون للسلاح من أبناء البيت نفسه.
فالشيعة اليوم ليسوا جماعة خائفة تبحث عن حماية بل هم أهل الحكم وأصحاب القرار ومن بيدهم الجيش والشرطة والقضاء والمال العام ومنطق الحكم يختلف جذريًا عن منطق المعارضة أو المقاومة فحين تكون الدولة دولتك فإن حمل السلاح خارجها لا يحميها بل يُضعفها ولا يصون الحكم بل يفتح أبواب الشك فيه والأخطر من ذلك أن السلاح الموازي يمنح الخصوم حجة ويشوّه صورة الحكم ويُبقي الدولة في حالة استثناء دائم كأنها عاجزة عن حماية نفسها رغم أنها تملك الشرعية والعدد والموارد وهذا ظلم للدولة وظلم للحاكم وظلم للمجتمع.
لذلك فإن تسليم السلاح للدولة ليس تنازلًا بل ترسيخًا للسيادة وليس ضعفًا بل إعلان ثقة وليس خوفًا بل طمأنينة ناضجة تقول نحن الدولة والدولة قادرة ولا نحتاج إلى ما يناقضها ومن يحمل السلاح خارج إطار الدولة أيًّا كان دافعه يضع نفسه في موقعٍ رمادي لا هو مع الدولة بالكامل ولا هو خارجها بوضوح والدول لا تُبنى بالمساحات الرمادية بل بالقرار الواحد والسلاح الواحد والمرجعية الواحدة.
لذلك الشيعة اليوم لا يحتاجون إلى سلاحٍ آخر لأن الدولة كلها سلاحهم ولا يحتاجون إلى الخوف لأن الحكومة حكومتهم والجيش جيشهم والقرار قرارهم وما يحتاجونه حقًا هو دولة مكتملة لا تنازع نفسها بنفسها فحين تكون الدولة أنت…
أولى بك أن تحميها لا أن تزاحمها…
#احمد_جليل_العتابي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟