أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعد خير الله - ومضة ضوء: في سوريا تم استبدال الديكتاتور بإله.














المزيد.....

ومضة ضوء: في سوريا تم استبدال الديكتاتور بإله.


محمد سعد خير الله
محمد سعد خيرالله عضو رابطة القلم السويدية

(Mohaemd Saad Khiralla)


الحوار المتمدن-العدد: 8561 - 2025 / 12 / 19 - 00:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"بعد مرور عام على سقوط( (الديكتاتور)) بشار الأسد، هل تحولت سوريا فعلاً إلى يوتوبيا مزدهرة من السلام والرخاء وحرية التعبير والتسامح تحت حكم الإسلامي الديمقراطي المئة بالمئة؟ هذا ما يستقصيه محمد سعد خيرالله."

في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2025، حلّت الذكرى السنوية الأولى لسقوط الديكتاتور السوري بشار الأسد، الرجل الذي أمطر شعبه بالبراميل المتفجرة، واستخدم السلاح الكيماوي، وأدار مع أبيه حكمًا عائليًا دمويًا دام نصف قرن، كُتب بالقتل والتجويع والتهجير.
في ذلك اليوم، دخل أبو محمد الجولاني الذي صار يُقدَّم رسميًا باسم أحمد الشرع ورفاقه من "هيئة تحرير الشام" إلى دمشق، في مشهد لم يكن عفويًا ولا ثوريًا خالصًا، بل نتاج ترتيبات دولية وإقليمية مكشوفة، جرى تسويقها لاحقًا بوصفها (انتقالًا سياسيًا)
لكن الذكرى لم تُعدني عامًا واحدًا إلى الوراء، بل قذفتني قرونًا إلى الخلف، إلى منطق الدولة الأموية: حكم بالغلبة، وشرعية بالسيف، وطاعة تُستمد من السماء لا من الناس.
في سوريا، لا يموت التاريخ… بل يُعاد تدويره. لم يكن اختيار المنبر مصادفة. فكما ظهر الشرع أول مرة عقب دخول دمشق، عاد بعد عام ليحتفل من المسجد الأموي، مرتديًا الزي العسكري، بعد صلاة الفجر، مُقدِّمًا نفسه بصفته "الرئيس السوري الانتقالي"، وملقيًا عبارته المفصلية: (أيّها السوريون، أطيعوني ما أطعتُ الله فيكم…) في خطاب الحركات الإسلامية، لا تُفهم هذه الجملة بوصفها وعظًا، بل إعلانًا صريحًا عن الحاكم المتغلّب: من يحكم باسم الله، وتتحوّل طاعته إلى فريضة، ومساءلته إلى خروج.

لهذا لم أندهش.

ولم أندهش أكثر وأنا أتابع العروض العسكرية للجيش السوري الجديد وهو في جوهره جيش ميليشياوي أعيدت تسميته وهو يجوب شوارع دمشق، مردّدًا هتافات لم تكن احتفالية، بل تأسيسية، تكشف بوضوح من هو «الآخر»، وما الذي يُضمره هذا المشروع حين يشتد عوده.

"في سبيلِ الله نمضي… يا عدوَّ الله ما نسينا"
"بالروح بالدم نفديك يا شرع"
"الله أكبر… حكمُ الله لا حكمَ البشر"
"غزة، غزة، غزة شعار…"
"خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سوف يعود"

وهذا الشعار الأخير تحديدًا ليس مجرد هتاف، بل استدعاء صريح لغزوة خيبر (628م) في الوعي الإسلامي القتالي، بما تحمله من دلالات إقصائية تجاه اليهود، وهو ما يجعل الهتاف رسالة سياسية وأمنية لا لبس فيها، خصوصًا حين يُردَّد في جيش نظامي، وفي حضور رأس الدولة.

وهنا يصبح السؤال: أي دولة تُبنى على هذا الأساس؟

الإجابة تبدأ من الإعلان الدستوري، الذي صاغته لجنة اختارها الشرع، فجاء نصًا يُقصي مفهومي المواطنة والديمقراطية تمامًا. الإعلان ينص على أن الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع، دون تحديد مدرسة فقهية، فاتحًا الباب لهيمنة التأويل السلفي الجهادي. كما اشترط أن يكون رئيس الجمهورية مسلمًا، في إقصاء كامل لغير المسلمين، بما ينسف مبدأ المساواة من جذوره.

لكن الأخطر من النصوص… هو تركيز السلطة.

فأحمد الشرع لا يشغل منصبًا واحدًا، بل يجمع بين.

الرئيس الانتقالي للجمهورية.

القائد العام للجيش والقوات المسلحة.

رئيس مجلس الأمن القومي.

صاحب الحق في تعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب.

والمُسمّي للهيئة التي ستُعيّن بدورها ثلثًا آخر.

رئيس هيئة الاستثمار.

المشرف على لجنة تطوير المناهج الدراسية.

المسؤول عن الصندوق السيادي السوري.

ورئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية.

سلطات لم يجمعها حاكم سوري واحد من قبل، حتى لم يبقَ
(( إلا أن يُضاف رسميًا إلى صلاحياته: «يُحيي ويُميت)).

في ظل هذا الحكم، دفعت(( الأقليات)) الثمن. العلويون تعرضوا لمجازر انتقامية في الساحل. المسيحيون واجهوا حرق كنائس ونزوحًا قسريًا. الدروز حوصروا بين السلاح والتهميش. الإيزيديون استُبيحت كرامتهم مجددًا. والشيعة عوقبوا على الهوية. لم تُغلق صفحة الاستبداد، بل فُتحت بمرجعية دينية.

قد يسأل البعض: هل يمكن أن يتغير الشرع؟

الإجابة جاءت منه شخصيًا. ففي حواره مع كريستيان أمانبور على CNN، لم يتبرأ من ماضيه مع القاعدة، بل شكك في تعريف "الإرهاب" ذاته، في لهجة تفهم باعتزاز لا مراجعة. ورغم ذلك، رُفع تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية أمريكيًا في يوليو 2025، ثم شُطب اسم الشرع من قوائم الإرهاب الدولية بقرار من مجلس الأمن في نوفمبر 2025، في سياق تطبيع سياسي متسارع.

الخاتمة.

كان من(( أخطاء)) الرئيس أوباما الكبرى التعامل مع إيران بطريقة سمحت لها بابتلاع دول عربية وتحويلها إلى حدائق خلفية انتهت خرائب. واليوم، يبدو أن الرئيس ترامب يكرر الخطأ ذاته مع أحمد الشرع، الذي يحظى بدعم غير مسبوق من السعودية و قطر وتركيا، و الاخيرتان دولتان تحكمهما أنظمة ذات أجندات إسلامية عابرة للحدود، تستحق وحدها قراءة مستقلة ومقالات قادمة.

تحت وهم (الاستقرار)، تُزرع في سوريا بذور استبداد ديني جديد قد يكون أشد فتكًا من سابقه؛ فحين يُصنَّع الحاكم بوصفه قدرًا إلهيًا لا خيارًا سياسيًا، يصبح السؤال: من ذا
الذي يملك الجرأة على الوقوف في وجه إله، بعد اكتمال عملية تصنيعه؟

تنويه :نشر هذا المقال منذ ساعات اليوم(( الخميس)) الموافق19ديسمبر في صحيفة Bulletin السويدية



#محمد_سعد_خير_الله (هاشتاغ)       Mohaemd_Saad_Khiralla#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضة ضوء : -لم يكن هناك أبداً دولة باسم فلسطين-
- ومضة ضوء : دولة التلاوة: حين يتحول برنامج تلفزيوني إلى أداة ...
- ومضة ضوء : موريس سيربيكو عصرنا.
- ومضة ضوء :من المنيا إلى جنيف صرخة ضد التهجير المقدس.
- ومضة ضوء : غزة بين الوهم والواقع .
- ومضة ضوء: رسالة إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان: ما أحوج ...
- ومضة ضوء:خطاب محمد سعد خيرالله في ميدان غوستاف أدولفس بالسوي ...
- ومضة ضوء:في مصر ومكان آخر موقفان يُعيدان سؤال دور العسكر
- ومضة ضوء:خيرالله يحاور مجدي خليل حول معاناة أقباط مصر / الجز ...
- ومضة ضوء: سياسيون وإعلاميون يعرقلون السلام لدعم نظام سلطوي.
- هل أنا يهودي مؤقت في السويد؟
- ومضة ضوء: إلى أسطول الصمود الوجهة الحقيقية هي الدوحة لا غزة
- ومضة ضوء:-قطر والانتهاكات عار الصمت الدولي وروحاني نموذجًا.-
- ومضة ضوء: -الإبادة الأرمنية التي اعترفت بها إسرائيل: العدالة ...
- ومضة ضوء: خيرالله يجري حوارًا مع مجدي خليل حول معاناة الأقبا ...
- ومضة ضوء: إحياء حركة أنصار السلام المصرية حلم قديم لضرورة ال ...
- ومضة ضوء: محمد سعد خيرالله يحاور مجدي خليل حول محنة الأقباط ...
- ومضة ضوء:المهزلة المزدوجة لمصر مع إسرائيل- العداء الشعبي وال ...
- ومضة ضوء : نتنياهو مرشدا جديدا لجماعة الإخوان المسلمين
- ومضة ضوء: الذكرى الثالثة والسبعون لليوم الأسوأ والأكثر سوادً ...


المزيد.....




- مشروع -شروق الشمس- في غزة.. كيف تخطط الولايات المتحدة لإعادة ...
- ترامب يعلن شن هجمات على -داعش- في سوريا ردا على هجوم تدمر
- ضربات أمريكية تستهدف معاقل تنظيم -الدولة الإٍسلامية- وترامب ...
- بعد هجوم بوندي.. ولاية أسترالية تسعى لحظر أعلام حماس وحزب ال ...
- صحف عالمية: واشنطن تتوجس من نتنياهو وعجز أوروبي بالشرق الأوس ...
- رئيس تايوان يتعهد بتحقيق شامل في هجوم -المترو- الدامي
- قوة إسرائيلية تنصب حاجزا عسكريا بريف القنيطرة جنوبي سوريا
- القوات الروسية تسيطر على بلدتين في سومي ودونيتسك
- بـ112 مليار دولار .. خطة أميركية جديدة لإعادة إعمار غزة
- ترامب متحدثا عن صحته البدنية: سأخبر الأمة إذا تدهورت


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعد خير الله - ومضة ضوء: في سوريا تم استبدال الديكتاتور بإله.