أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلامه ابو زعيتر - سماسرة -الفكة- في غزة.. خنجرٌ في خاصرة الصمود














المزيد.....

سماسرة -الفكة- في غزة.. خنجرٌ في خاصرة الصمود


سلامه ابو زعيتر

الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 16:16
المحور: المجتمع المدني
    


لم تكتفِ آلة الحرب التي تعصف بقطاع غزة بإنهاك الأجساد وتدمير الممتلكات وفقدان الأحبة، بل أفرزت خلفها أزمات تنهش في كرامة الإنسان وتستنزف مدخراته البسيطة. واليوم، يواجه المواطن المكلوم "حرباً من نوع آخر"، بطلها هذه المرة "تجار الأزمات" وسماسرة السيولة الذين حوّلوا حاجة الناس اليومية لـ "الفكة" إلى تجارة رابحة تُدار بوقاحة تحت وطأة المعاناة.
تُعتبر "الفكة" اليوم كسلعة للمقايضة؛ فأصبح الحصول على بضعة شواكل لتأمين ثمن ربطة خبز، أو شراء مياه الشرب، أو شراء حطب، أو دفع أجرة مواصلات، رحلة بحث شاقة تبدأ مع خيوط الفجر الأولى. والمفارقة المؤلمة هي ظهور سوق سوداء تُباع فيها "الفكة" بنسبة عمولة تصل إلى 20%، وهذا الاستنزاف لا يقل قهراً عن الدمار؛ فالمواطن الذي يشتري ماله بماله، يجد نفسه أمام "ربا مُقنّع" يُمارس علانية، حيث تلاشت قيم النخوة والشهامة التي لطالما كانت سياجاً يحمي المجتمع في الأزمات والنكبات.
وحتى الحلول الرقمية (التطبيقات البنكية) التي استبشرنا بها خيراً لتجاوز نقص السيولة، تحولت إلى فخ جديد؛ إذ يعمد بعض التجار بوقاحة وصلف إلى تحميل المشتري "فرق العملة" أو زيادة سعر البضاعة عند الدفع الإلكتروني، وكأنهم يشاركون المواطن في رغيف خبزه!
إن هذه الظاهرة تحتاج لتدخل عاجل من جهات الاختصاص لمواجهة هذه "اللصوصية"، وتتطلب تكاتفاً حقيقياً يبدأ من الرقابة وينتهي بالوعي الشعبي. ولتحقيق ذلك، نضع أمام الجهات المعنية بعض المقترحات للحل:
أولاً: دور الجهات الحكومية والرقابية (الردع والمحاسبة):
1. تجريم بيع العملة وإصدار قرار إداري واضح يُصنف "بيع الفكة مقابل عمولة" كجريمة استغلال وربا، وفرض عقوبات مشددة تشمل المصادرة والغرامات المالية الباهظة.
2. تفعيل الرقابة وفتح قنوات للشكاوى عبر روابط إلكترونية، وتسيير فرق تفتيش سرية من مباحث التموين لضبط التجار الذين يرفضون "الفكة" أو يشترطون عمولات على الدفع الإلكتروني.
3. توحيد السعر بفرض تعميم على كافة المحلات والمخابز ونقاط البيع بقبول النقد بكافة أشكاله، وتداول الفكة، وإلزامهم بتطابق السعر الإلكتروني مع السعر النقدي، مع وضع ملصقات توضح ذلك ورقم مخصص للشكاوى.
4. تدوير السيولة وذلك بإلزام مراكز التوزيع الكبرى والمخابز بإعادة "الفكة" للسوق عبر تداولها الطبيعي مع المواطنين، ومنع تخزينها أو تحويلها للسماسرة، ومراقبة ذلك بدقة.
ثانياً: دور مؤسسات المجتمع المدني والوجهاء (الضغط والوعي):
• إطلاق حملات تُعلي قيم النخوة وتُغلبها على الربح، ونشر برامج توعوية في الخيام ومراكز النزوح لتشجيع التكافل، وفضح الممارسات الاستغلالية أخلاقياً واجتماعياً.
• تنظيم لجان تطوعية في الأحياء كمبادرات لتبادل السيولة، تساهم في توزيع "الفكة" المتاحة بين السكان والتجار الملتزمين.
• تعزيز الرقابة المجتمعية من خلال استخدام منصات التواصل الاجتماعي لرصد وتوثيق ممارسات التجار المستغلين ووضعهم في "قوائم سوداء" إلكترونية للردع، ليكونوا عبرة لغيرهم.
ثالثاً: الدور الشعبي (سلاح المقاطعة):
إن المقاطعة الحازمة لها أثر فعال في تهديد مصالح الجشعين؛ لذا يجب على المواطنين مقاطعة أي تاجر يثبت تورطه في استغلال حاجة الناس للفكة أو رفع السعر عند الدفع بالتطبيق، والتوجه فوراً للإبلاغ عنه لدى الجهات الرسمية والتمثيلية ذات العلاقة.
كلمة أخيرة.. من وسط الوجع والألم، نقولها إن من يتاجرون بأوجاع الناس في هذه الظروف العصيبة لا يقل خطرهم عمن يدمر البيوت فوق رؤوس أصحابها. إنها "خيانة للقيم" قبل أن تكون جريمة اقتصادية. يجب أن نضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه استغلال جوع الناس وحاجتهم، ليبقى مجتمعنا متماسكاً وقوياً في وجه كل التحديات.



#سلامه_ابو_زعيتر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -غزة في مهب العشوائية.. مطلوب خطة وطنية علنية تقوم على تكامل ...
- نقابة الأخصائيين هي المظلة المهنية والشريك الاستراتيجي لتعزي ...
- توحيد القطاع الخاص وشراكة العمال مفتاح لتعافي وإعمار قطاع غز ...
- المساعدات النقدية للعمال ضرورة ملحة لاستدامة سبل العيش في مر ...
- دور النقابات في صياغة سياسات التعافي والحوكمة ما بعد الحرب ع ...
- نقابي يحذر من قرارات الفصل وانهاء الخدمات من قبل بعض البنوك ...
- النزوح رحلة الالم والكرامة المفقودة
- كفى استغلال لجيب المواطن المكلوم في قطاع غزة
- صرخة عمال غزة من جحيم لا ينتهي... كفى صمتًا!
- سوسيولوجيا الفوضى وسرقة ونهب المساعدات
- حان وقتُ لملمةِ الشتات! وحماية الجبهة الداخلية
- غزة مأساة الدمار الاقتصادي ونداء إنساني عاجل
- قراءة في اندفاع الناس على مركز المساعدات في جنوب غزة
- متى يقرر المتضررون مصير إغاثتهم؟!
- تداعيات الحرب في غزة على البنية الاجتماعية
- السباق مع الزمن في غزة لانقاذ ما يمكن انقاذه
- الاخصائي الاجتماعي قلب العمل الانساني
- سلامه العمال ضمان للمستقبل وتنمية المستدامة
- العمال الفلسطينيون تحت وطأة تحديات مركبة
- صرخة من غزة: عمال تحت سندان الحرب ومطرقة الحصار


المزيد.....




- الأمم المتحدة: قوات الدعم السريع السودانية قتلت أكثر من ألف ...
- لجنة حماية الصحفيين تعرب عن قلقها إزاء شهادة صحفي فلسطيني تع ...
- مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة: دمشق ملتزمة باتفاقية فض الاشت ...
- إصابة طفلين واعتقالات واقتحامات في الضفة الغربية
- الولايات المتحدة تفرض عقوبات على قاضيين في المحكمة الجنائية ...
- ترحيل ومنع دخول.. ترامب يعلنها حربا على المهاجرين والزائرين ...
- اعتقال التطور
- المحكمة الجنائية الدولية ترفض العقوبات الأميركية وتعتبرها اع ...
- في اليوم العالمي للمهاجرين..  مظاهرات مرتقبة في فرنسا تنديدا ...
- الموت يلاحق النازحين في غزة.. إنفجارات وقصف وبرد قاتل!


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلامه ابو زعيتر - سماسرة -الفكة- في غزة.. خنجرٌ في خاصرة الصمود