أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلامه ابو زعيتر - الاخصائي الاجتماعي قلب العمل الانساني















المزيد.....

الاخصائي الاجتماعي قلب العمل الانساني


سلامه ابو زعيتر

الحوار المتمدن-العدد: 8336 - 2025 / 5 / 8 - 13:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إيمانًا منا بأهمية الدور المحوري للأخصائي الاجتماعي المهني، وسعيًا للارتقاء بهذا الدور وتعزيز الوعي المجتمعي بأهميته، نسعى من خلال هذا المقال لتسليط الضوء دور الاخصائي في العمل الانساني بالإجابة عن تساؤل مفاده: لماذا يجب أن يكون الاخصائي الاجتماعي قلب العمل الإنساني؟ وما هو أبرز تحدي لذلك؟
كل المعطيات والتجارب العملية تؤكد بأن الأخصائي يمثل بالفعل قلب العمل الإنساني من خلال تدخلاته في مختلف الميادين، هذا التأكيد ينبع من التخصص العميق والانتماء الراسخ للمهنة، إيمانًا بقدرتها على إحداث تدخلات علمية وعملية مؤثرة تخدم الفرد والمجتمع، فعندما يسير العمل الإنساني وفق خطط واستراتيجيات واضحة، وينفذه متخصصون مؤهلون، يصبح الأخصائي الاجتماعي القادر بمهاراته المتفردة على تحقيق أهداف هذا العمل السامي، المتمثل في خدمة الإنسان ومساندته في مواجهة الصعوبات والأزمات والتحديات المحيطة به، وتتجلى هذه القدرات والمهارات في جوانب متعددة منها التالي:
• الفهم العميق والشامل للاحتياجات حيث يتمتع الأخصائي بالمعرفة والمهارات اللازمة لتقدير دقيق للمواقف، وفهم الاحتياجات والأولويات المتنوعة للمستفيدين من العمل الإنساني، مع الأخذ في عين الاعتبار الأبعاد النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وهو نبع عن وعي ودراسة علمية ومهنية معمقة تمكنه من تحديد الاحتياجات الحقيقية والمتنوعة للأفراد والجماعات المتضررة بدقة.
• قدرة الاخصائي على بناء جسر الثقة والتواصل الفعال مع المستفيدين فهو يمثل حلقة وصل حيوية بين المستفيدين والمؤسسات الإنسانية، بمهارات التواصل والاستماع الفعال التي يمتلكها، يستطيع بناء علاقات ثقة متينة مع الأفراد، مما يسهل عملية تقديم الدعم والمساعدة بشكل فعال ومناسب ومنظم، ويعزز التعاون بين جميع الأطراف المعنية، فعلى سبيل المثال خلال أزمة نزوح في غزة، استطاع لأخصائي اجتماعي بإنصاته المتعاطف أن يكشف عن احتياجات خفية لا تظهر في الاستبيانات الرسمية، ونجح في بناء جسرًا من الثقة مع النازحين والمتضررين سمح بتقديم الدعم النفسي الأولي الضروري.
• يمتلك الأخصائي الاجتماعي ترسانة من أدوات وتقنيات التدخل المهني المتخصصة التي تمكنه من التعامل مع طيف واسع من القضايا المعقدة، بدءًا من الدعم النفسي الأولي، وإدارة الأزمات، وصولًا إلى حماية الأطفال، ومكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتأهيل الاجتماعي، ومواجهة المشكلات وتعزيز المواءمة، والتكيف، والتعايش، وصولًا إلى دفع عجلة التغيير الإيجابي في مواجهة التحديات والأزمات.
• يؤدي الأخصائي الاجتماعي دورًا محوريًا في تنسيق الجهود بين مختلف الجهات الفاعلة في المجال الإنساني، بهدف توحيد العمل وتكامله، ولديه القدرة على تحويل الحالات التي تتطلب تدخلًا متخصصًا إلى الجهات المعنية بكفاءة، مما يضمن حصول المستفيدين على دعم شامل ومتكامل يلبي احتياجاتهم المتنوعة، فهو قائد التنسيق والتكامل بالعمل.
• يمثل الاخصائي الاجتماعي صوت من لا صوت له وذلك انطلاقًا من رسالته الإنسانية وطبيعة عمله، فهو غالبًا ما يكون صوتًا للفئات الأكثر ضعفًا وتهميشًا في سياقات العمل الإنساني، ويعمل بجد للدفاع عن حقوقهم، ويوجه ويدعم تشكيل أطر ونقابات تمثيلية وجماعات ضغط تدافع عن مصالحهم وتسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية.
• يسعى الأخصائي ضمن مهامه الأساسية، إلى تمكين الأفراد والجماعات في مواجهة الصعوبات والتحديات بشكل مستقل ومستدام على المدى البعيد، فدوره لا يقتصر على تقديم المساعدة الآنية، بل يمتد ليشمل التمكين وبناء القدرات وتعزيز الاعتماد على الذات. وعلى سبيل المثال، يمكن للأخصائي الاجتماعي محفز للاستقلالية والاستدامة من خلال العمل مع مجموعة من النساء النازحات في مخيمات الايواء على تطوير مهارات حرفية تساعدهن وتمكنهن من إعالة أسرهن، بدلًا من الاعتماد الدائم على المساعدات.
وانطلاقًا مما تقدم، فإن فعالية الدور المهني والإنساني للأخصائي الاجتماعي تعتمد بشكل كبير على وجود بيئة عمل داعمة، على أن تتضمن هذه البيئة توفير الموارد الكافية، وتحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح، وتطبيق السياسات والإجراءات المناسبة، وضمان التنسيق الفعال بين جميع الأطراف المعنية، والأهم من ذلك، إصدار تشريعات تنظم طبيعة العلاقة المهنية للأخصائي الاجتماعي، وسبل مزاولة المهنة، واليات الرقابة والمتابعة لتحسين جودة الخدمات والتدخلات المهنية في إطار العمل الإنساني.
في ظل الظروف الإنسانية الصعبة والمعقدة التي نشهدها في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، يكتسب دور الأخصائي الاجتماعي أهمية وحساسية مضاعفة، فهو يعمل في خط الدفاع الأول لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد والعائلات المتضررة، والمساهمة الفعالة في التخفيف الازمة من آثار الحرب وتداعياتها، وبناء القدرة على الصمود في وجه التحديات الجسام.
ما هو التحدي الأكبر؟
يمثل غياب تشريع وقانون ينظم مهنية الأخصائي الاجتماعي ومزاولتها التحدي الأكبر الذي يواجه مأسسة العمل الإنساني وتنظيم المهنة في ميادين العمل، فعلى الرغم من الأهمية القصوى للتخصص والمهارات المهنية في العمل الإنساني، لا يزال يفتقر هذا المجال إلى نظام أو قانون موحد وضوابط صارمة تُلزم جميع العاملين فيه بأن يكونوا متخصصين ومؤهلين بشكل كامل، ويمثل هذا النقص تهديدا وعائقًا حقيقيًا يؤثر سلبًا على جودة وفعالية الاستجابة الإنسانية وتدخلاتها المهنية، ويعود ذلك لعدة أسباب وعوامل متداخلة منها:
• ضغوط والاستجابات الطارئة في مواجهة الحروب والكوارث والأزمات، غالبًا ما يكون التركيز الأولي على توفير المساعدات الأساسية بسرعة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المتضررين، وفي هذه الحالات الطارئة، قد يتم تجاوز بعض المعايير المتعلقة بالتخصص والمهارات بسبب الحاجة الملحة للكوادر المتاحة. والمبادئين والمبادرين.
• الدور الحيوي للمبادرين والمتطوعين حيث يلعبون دورًا لا يقدر بثمن في العمل الإنساني، وغالبًا ما يكونون مدفوعين برغبة صادقة في المساعدة، ومع ذلك، فإن الاعتماد الكبير عليهم في مهام تتطلب مهارات متخصصة قد يؤثر على جودة التدخلات وتحقيق الأهداف المرجوة، ما لم يتم توفير التدريب والإشراف المناسبين لهم.
• تعاني المؤسسات الإنسانية من قلة الموارد وضعف ومحدودية المصادر والموارد المالية، خاصة الصغيرة منها أو العاملة في مناطق نائية، مما قد يعيق قدرتها على توظيف كوادر متخصصة مهنيًا بأجور تنافسية.
• غياب نظام رقابي موحد على عمليات التوظيف سمح بدخول أفراد غير مؤهلين إلى أدوار حساسة تتطلب مهنيين متخصصين في مجالات العمل الإنساني.
• تفضيل بعص المؤسسات تعيين أصحاب الخبرة الميدانية أحيانًا على التخصص الأكاديمي، فعلى الرغم من أهمية الخبرة العملية، إلا أنها لا تغني عن الأساس النظري والمهارات المهنية المتخصصة التي يوفرها التعليم والتدريب المنهجي.
إن غياب التشريع والضوابط المنظمة لسوق العمل الإنساني، إن صح التعبير، يؤدي إلى العديد من المشكلات الجوهرية التي تؤثر سلبا على مخرجات العمل ومنها التالي:
• تدخلات غير فعالة قد تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلًا من حلها، نتيجة لعدم فهم الديناميكيات المعقدة للأزمات واحتياجات المتضررين.
• أهدار للطاقات والموارد بسبب عدم استخدام الموارد المتاحة بكفاءة وفعالية لضعف قدرات العاملين وخاصة الذين لا يمتلكون المعرفة والمهارات اللازمة لتنفيذ البرامج بشكل صحيح ومدروس.
• عدم وجود متخصصين يتسبب في مخاطرة على سلامة المستفيدين حيث تتطلب العديد من مجالات العمل الإنساني حساسية عالية ومعرفة متخصصة لحماية المستفيدين من الأذى والاستغلال اثناء تقديم الخدمة والتدخل مهنيا.
• عدم التعامل مع الاحتياجات المعقدة للمجتمعات المتضررة بشكل مهني ومدروس، فقد تتأخر عملية التعافي وإعادة البناء.
ما هو المطلوب من أجل مستقبل أكثر مهنية في العمل الإنساني؟
مزيد من الضغط وتنظيم وتوحيد الجهود بهدف تنظيم واقع مهنة الأخصائي الاجتماعي والنفسي والضغط لإصدار تشريع ينظم عملها ومزاولة المهنة، وعلاقات العمل ويضبطها بمعايير واضحة، وذلك بالتوازي والتكامل مع الجهود المتزايدة التي تبذلها بعض المنظمات الدولية لوضع معايير مهنية وتوفير التدريب للعاملين في المجال الإنساني، بما في ذلك تطوير مدونات سلوك وبرامج تدريبية متخصصة وإرشادات حول أفضل الممارسات.
أخيرا: لا يزال هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهد لضمان تطبيق هذه المعايير بشكل شامل وفعال ومؤثر، بما يرتقي بواقع العمل الإنساني ضمن منهجية عمل واضحة وسليمة، خاصة أثناء تقديم الخدمة في الواقع الصعب والمعقد الذي نعيشه في فلسطين، إن وجود أخصائيين اجتماعيين وغيرهم من المهنيين المؤهلين يمثل ضرورة قصوى لتقديم الدعم المناسب للسكان المتضررين ومساعدتهم على تجاوز هذه الظروف القاسية واستعادة حياتهم وكرامتهم.
د. سلامه أبو زعيتر
رئيس نقابة الأخصائيين الاجتماعيين
والنفسيين الفلسطينية – محافظات غزة



#سلامه_ابو_زعيتر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلامه العمال ضمان للمستقبل وتنمية المستدامة
- العمال الفلسطينيون تحت وطأة تحديات مركبة
- صرخة من غزة: عمال تحت سندان الحرب ومطرقة الحصار
- التجديد النقابي يجسد نقابات أكثر فعالية
- توحيد برامج التشغيل تحت مظلة الصندوق الفلسطيني للتشغيل
- النقابات العمالية ودورها الاغاثي
- دور النقابات العمالية في الحروب والازمات
- الحروب والتوازن الاجتماعي
- مفهوم الكرامة الانسانية والحق بالعمل
- الشباب والتحديات في المشاركة الاقتصادية
- عضوية النقابة مصدر للقوة والتأثير والمشاركة الديمقراطية
- حماية المجتمع حجر الاساس في عملية التحرر
- احتفالات العمال بدون العمال
- المراة العمل النقابي في فلسطين
- التعاون والانصاف اجمل هدية للمرأة في عيدها....
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ...
- الاضراب تكتيك وسيلة للنضال المطلبي
- ذوي الاعاقة مسئولية المجتمع بكل مكوناته وحقوقهم واجبة
- غياب الرقابة والتفتيش الدوري يزيد من معاناة العمال
- العمل النقابي وتحديات المرحلة


المزيد.....




- تسجيل صوتي يكشف تفاصيل مرعبة عن فقدان برج مراقبة بمطار أمريك ...
- لابوبو..كيف تحوّلت دمية صينية إلى ظاهرة موضة عالمية؟
- روسيا تؤكد التزامها بالهدنة لمدة 3 أيام لكنها -ترد- على الهج ...
- إسرائيل تستهدف جنوب لبنان بسلسة غارات جوية رغم سريان اتفاق و ...
- حجاج بريطانيون يبحرون من لندن إلى مكة من أجل الأيتام
- باكستان تُسقط -مسيّرات- أطلقتها نيودلهي، والهند تعلن -تحييد- ...
- إختراق واتساب - ميتا تكسب القضية ضد شركة -إن إس أو- لبرامج ا ...
- الدفاع الروسية: جميع قواتنا بمنطقة العملية العسكرية التزمت ب ...
- احتجاز 44 شخصا في باريس خلال أعمال شغب أثناء مباراة -باريس س ...
- لجنة التحقيق الروسية تنشر تقريرا حول أدائها في كشف وتوثيق جر ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلامه ابو زعيتر - الاخصائي الاجتماعي قلب العمل الانساني