|
|
محاكمة صوفي مصرى قديم
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 10:02
المحور:
الادب والفن
كتب عالم الأثار البريطاني السير والاس بدج أن الديانات المصرية القديمة .. التي إستمرت لالاف السنين .. ((كلما جرى دراستها أكثر .. زاد الدارس جهلا )).. .. ففي كل قرية .. أو مدينة او مقاطعه ستجد مئات الكائنات المقدسة ( نتر ) و المؤنث (نتريت )..له وظائف و صفات . يعتقد تابعوه أنها تخص (طوطمهم ) الذى يمتلك قدرات سحرية خاصة تحميهم أو تيسر لهم المنافع ..و الأرزاق . خلال .. هذة الفترة الزمنية الطويلة .. تميز نوعين من العقائد بين المصريين .. أحدهما يؤمن به ابناء الأرباب من الملوك و الأمراء و كهنتهم .. ويتصل بإله سماوى مسيطر له تسعة اوثمانية مساعدين يسيرون ويتحكمون في الوجود ..و في بعض الأحيان يكون المجمع المقدس مكونا من أب و ام و إبن . أول الأرباب السماويين الذين قدسهم ملوك مصر و تسموا كلهم بإسمه .. هو الصقر (حورس ) .. ثم عرفوا أرباب الشمس (رع ، أمون ، أتون ) و مئات من الأسماء الأخرى التي تطلق علي الشمس أثناء مسارها من لحظة الميلاد في الفجر .. حتي الغروب في الافق و دخول عالم الظلمات . في هذه الديانة الملك المتوفي يصعد للسماء يركب في قارب الأله ( الشمسي ) المبحر .. في المحيط الأزلي (نو ) .. ثم يذهب بواسطة قارب أخر إلي عالم الظلمات ( الدوات ) المكون من إتناشر ساعة .. لها بوابات يحرسها كائنات عادية .. من الثعابين المقدسة ... الملك أو الأمير يكفيه أن تجرى له طقوس جنائزية ..وتعالج جثته بحيث تحتفظ بملامحها و يمتلك نصوصا (كتاب الموتي ).. ترشده لطريقه خلال معراجه .. في السماء ... ليعيش مخلدا للابد أثار هذا النوع من العقيدة متواجده في المعابد و القبور و الكتب المحفوظة .. بحيث يتصور البعض أنها .. كانت دين المصريين .. في حين أنه لم يعتنقها إلا طبقة عليا .. من الحكام يمتلكون السلطة و المال .. لبناء الإهرامات و المعابد .. و تكاليف التحنيط .. و ما يصاحب المتوفي من مهمات جنائزية . الدين الاخر.. غير المعروف علي مستوى واسع .. كان دين التجدد .. إله بشرى .. عاش بينهم كملك عادل .. ثم توفي و عاد من جديد للحياة يحكم عالم الأموات .. في هذا الدين لا يوجد فارق طبقي بين الناس إلا حسن عملهم في الدنيا ..و لذلك يذهب .. الميت ( أو البا ) لقاعة العدالة (ماعت ) يقف امام 42 محكما يمثلون قطاعات ( مديريات أو محافظات ) مصر .. يدلي بما يسمي بالإعتراف السلبي .. ثم يوزن قلبه أمام ريشة العدالة .. ليتلقي أحد مصيرين .. إما الفناء بان يعطي هذا القلب لكائن مسخ مكون من عدة وحوش .. يأكله .. أو يصحب تحوت و حورس إلي أوزيريس فيمنحه الخلود و العيش في فردوس بشبه وادى النيل .. مع فارق أنه لن يعمل هناك .. بل ستجاب مطالبه بواسطة ( نيترات) مكلفة بخدمته . بمرور الزمن إختلطت الديانتان .. و أصبح هناك أرباب مشتركين مثل (حورس ) الذى اصبح إبن إيزيس و أوزيريس ..و يقود معارك ضارية .. ضد عمة (ست ) .. لا ينتصر فيها أى من الطرفين.. أو الرب تحوت الذي يقود مركب رع ..و في نفس الوقت .. هو الحكم في قاعة العدالة .. و الربة ماعت التي توجه قارب ملايين السنين .. و في الديانة الأخرى تمثل الحق و الإستقامة و العدالة .. و عشرات النيترات .. التي لها دور في كل من العقيدتين . هذه المقدمة إحترت .. فيها ... هل أكتبها قبل أن أعرض علي سيادتكم قصة صوفي مصرى قديم .. تنقل بين العقيدتين .. أم أجعلها .. بعد القصة .. كتفسير .. للاحداث .. فوجدت .. أن تقديمها سيسهل الفهم .. بينما تأخيرها .. سيجعلها إعتزارا عن نص غير مفهوم .. فإخترت الاول .. و الذى قد يصبح في حد ذاته كافيا للقراءة اليوم دون إستكمال النص الفني . ((أجلس منكمشا في نهاية قاربى أتابع صوت المجاديف وهي تضرب الماء بقوة ورتابة تسعى متلهفة لترتمى على أعتابها الشريفة... الريح تحمل شذا عطرها الطيب.... والبا (الروح) فى غياهب الظلمات ترى أشجار الجميز والسنط القائمة على الضفتين ...والكا (النفس) تحدثنى ، بأننا قد غادرنا جسد الرب (حابى) و نتحرك شرقا فى طرفه المؤدى للأرض الطاهرة. لقد آن للمبحر أن يلقى بالمرساة .... وللأب ( للقلب) أن ينعم بالوصل .. وللمشتاق أن يصل إلى ما أبتغاه .. برباستيت.. برباستيت ..(تل بسطة) يا مسكن الآلهة والأًبرار .. يا مصدر القداسة والبركات .. يا نعيم الأًذن ، والأًنف والعين .. تجل .. تجل علينا ، فلقد برح الوجد ، وطال الانتظار . طيور وجنادب الحقل تهلل ، بعدما تلألأت فى الأفق النجمة التى تعلو هامة أول ملاحى القارب المقدس خارجاً من الدوات (عالم الظلمات ) . الكون يغنى بكامله طرباً .. احتفاء بفاطر الوجود .. نور السماء مانح الدفء والنفس الاله الأًكبر من كل إله (رع حيرو خوتى). نسمة رطبة ، خارجة لتوها من منخارى ( تم ) تحتوينى فتشفى روحى وتطلقها تحلق مخترقة الحجب والأًستار ، تعب من آيات الحسن والأسرار التى وضعها ( خيبرا ) بحكمته فى كل ماخلق وصور . القرص الالهى يظهر بعد نجاح ولادة الرب وبدء رحلته فى المحيط الأًزلى فيتبدى فى نوره المعبد الكبير وسط كتلة الخضرة الزيتونية منتصباً .. شامخًا .. ثابتاً على الأرض .. نافراً إلى عنان السماء . المجاديف تضرب الماء بقوة ورتابة .. تقرب الغائب وتطفى الأًشواق وتصل بالقلب الغريب إلى مبتغاه .. ها هى بوابة المعبد ترتفع لعشر خطوات .. ها هى نغمات إبتهالات الكهنة تشنف الآذان .. ها هو نقش الربتين الحاميتين ( ياتشت ) و ( نخبيت ) تنجلي تفاصليه.. ها هو القارب يرسو فى الميناء المقدس .. لقد أصبحنا فى مدينة النور .. دقات قلبى تتسارع .. أهتف من الأًعماق .. يا الله .. يا خالق الوجود يارب . حملت الثوب الكتانى الجديد .. والصندل الأًبيض المطهر وإوائى العطر والبخور .. وساق خدامى الكبش الأًشهب المسمن .. وحملوا سلال الكعك والفطير الطازج وأقفاص الفاكهة الممتلئة ببشائر ثمرات الحديقة . إنه اليوم الذى عشت من أجله .. لقد أمرتنى .. فأطعت .. وطلبت منى فاستجبت وستنظر لما أحضرت . استقبلنى الكاهن المناوب أمام البوابة و هو يبتسم ابتسامة ترحاب عريضة. قال : جئت فى موعدك يا آن نفر حتب . قلت : وهل أستطيع التأخر عن مولانا . لقد أحببت فاشتقت .. فواظبت لعشرات السنين على أن أشارك فى موسمها .. موسم الربة ( باستيت ) أتبرك بأعتابها .. أجثوا تحت أقدامها وأغذى القلب بكلمات مواعظ خادمها الأًعظم. قادنى عبر الحديقة الواسعة .. يا للسعادة .. لقد رضت عنى فاخترقت حجبها .. لقد نظرت لما أحضرت ففكت إزارها .. وها أنا أقف على شاطىء بحيرتها المقدسة أغتسل من مائها الطاهر ثلاث مرات وأتمضمض بنطرونها ثلاث مرات .. وأضع الزيت الالهى خلف أذنى .. أرجل شعرى وأرتدى ما أحضرت من ثياب ثم أتبعه طاهراً مطهراً إلى مقر صاحب القداسه . كنت أسير خفيفاً طرباً كما لو كانت أجنحة ( حيروخوتى ) قد نبتت حول صدرى .. ما أحلى الانتصار .. كنت أبحر كل طلعة هلال قاصدآ معبدها حاملآ هداياى .. مع كل أوبة كنت أعود خائب الرجاء .. حتى نظرت لما أقدمه .. فأوحت لخادمها الأًكبر أن يقابلنى ويرعانى .. ما أحلى الانتصار .. لقد آن للقلب الغريب أن يبلغ حماه .. وللشاة أن تنعم براعيها .. وللبذرة المغروسة فى عمق الحقيقة أن تؤتى ثمارها .. ياالله .. يا خالق الوجود يارب .. يسر ولا تعسر واجعلنى من عبادك الأبرار ساكنآ فى قاربك السماوى للأًبد .. للأًبد.. للأًبد. الحجرة واسعة ذات إضاءة معتمة .. رطبة رغم حرارة الطقس ..حوائطها بنيت من حجارة الأًزل .. تزينها رسوم لم أر صنواً لجمالها .. تتناثر بها مناضد صوانية محملة بأكوام الكتب والتمائم والأًحجبة والجعارين . عندما رأيتة لأًول مرة كان يقف بصحن معبدها ، يعظ بكلمات تنقش على قلوب السامعين تضوى إلى أبد الآبدين .. همت به حباً .. آمنت بكل ما نطق وددت لو أقضى ما تبقى من أيامى الزائلة أتبعه ... أنهل من علمه .. أتبرك بما يدوس عليه من تراب .. أخدمه .. أتزود من ضياه .. كان يقول : (( أيها الأًحباب .. لقد أراد من وسع برحمته الكون .. أن يضم تحت عباءته النوارانية كل الأًبرار من خلقه .. إن قارب ( ملايين السنين ) الذى لم يبحر فيه منذ زمن رع إلا آلهة وملوك من نسله .. سيدخله اليوم من استطاع منكم أن يكون من المطهرين .. هؤلاء الذين عرفوا السر وما يخفى ، هؤلاء الذين دانت لهم كلمات القدرة والأًسماء المحفوظة فى الستر وكانوا فى حياتهم مقسطين .. هؤلاء الذين رضى عنهم فنظر فى وجوههم فنعموا بنوره – سبحانه – فأصبحوا من النورانيين .. من جعل منكم الضياء طريقه .. وحفظ ودفن على سنة بارئنا المفدى .. فسينعم بحياة البهجة والحبور يضوى فى الأًعالى مكتسياً بحلة من نور .. طعامه نور .. شرابه نور .. يحيطه من كل جانب نور .. نور على نور للأًبد .. للأًبد .. للأًبد )) منذ ذلك اليوم سيطرت علىّ رغبة عارمة فى أن أكتسب الخلود النورانى أتبع بارئى وإلهى حيثما ذهب .. أبحر فى معيته .. أموت عندما ندخل أرض الظلمات بالدوات .. وأولد فى الأًفق عندما يولد .. أسعى فى بحار الضوء .. أنعم بالطمأنية والأًنس .. أحيا حياة الآلهه والملوك ... وهكذا أصبح شغلى الشاغل أن أؤمن لنفسى مكانا فى قاربه مهما عانيت . سبحانك أنت الذى تقدر وتهدى .. ولن يخيب برجائك المهتدون ............................................................... جلست على الأًرض اللامعة النظيفة أفكر فيما سأقوله .. كان القلب يقفز فرحاً أو خوفاً .. والريق قد جف فابتلعت بصعوبة ما تبقى منه . لقد قال إمامنا : ( الأًبرار منكم ) لذلك سأقول له ... لقد كنت دائماً صالحاً تقياً .. أعطيت خبزى لكل الجائعين .. وكسوت من كان عرياناً .. وتسببت فى أن تمتلىء شواطىء النهر بقطعان الماشية الكبيرة .. والسهول بالصغيرة منها . وأشبعت باللحم الطازج كل من اشتهاه حتى ذئاب البرارى وجوارح الطير .. ولم أظلم ضعيفآ أو قويآ حتى أجعله يشكونى أو يدعو علىّ . لقد قلت الصدق .. ونطقت بالعدل والحق .. وأحسنت للأًرامل وذوى القربى واليتامى بما فى حظائر ماشيتى وما فى مساكن صيادى الطيور .. وكنت محبوبآ من والدى .. ممدوحاً من والدتى .. سامى الخلق مع أخى ودودآ لأًختى .. وأديت الطقوس جميعا .. وتعلمت الحكمة من الكهنة وحفظت أسماء الآلهة .. واكتسبت المعرفة من الكبير والصغير .. فمن هذا الذى يحق له أن يحتل مكاناً أعز من مكانى فى قاربه ) ظللت أردد ما فكرت فيه ، أجود من نطقه وأعدل من ألفاظه حتى غمر الحجرة سحابات البخور العطرة.. وتبدى وسطها نور عظيم يتوسطه إمامنا وكاهننا.. فسجدت قائلأً : المجد لك أيها القوى القادر خادم العتبات الشريفة . فوضع كفه المبارك فوق رأس ورد قائلآ : انهض يا آن نفر حتب .. انهض يا بنى فهم راضون عنك وأنا راض عنك . اهتز كيانى .. حاولت أن أتحكم فى دفقات السعادة التى عمت جسدى ولكنها ظهرت فى صوتى : يا بشير السعد أدام( رع )عزك وجعلك فى أفضل حال . ما الذى دفع بك إلينا ؟. اليقين .. اليقين يا صاحب السعادة .. أبحث عن اليقين هو كالنور يتسلل الى قلبك يضيئة فلا تشعر إلا بنعمته . يقولون أنه لن يبحر فى قارب ملايين السنين إلا آلهة وملوك ومن حاز رضاه من أبرار خلقه . يقولون أن لهم النور ولنا حقول الأًليسيان. أفك وضلالة . يقولون أننى لن أبحر معهم. علم هذا عند ( تحوت ) علامّ الغيوب . كنت دائماً تقياً .. أعطيت خبزى لكل الجائعين ... قاطعنى سعادته برفق غير سامح لى بالاسترسال : أعرف هذا يا آن نفر حتب .. وهم أيضاً عارفون . دلنى على الطريق يا مولاى . الطريق واضح لا يحتاج دليلاً .. سلح نفسك بمعرفة الناموس . وأمن دفنك ليصبح على سنة إلهنا الشافع . أوصى بما يكفى من تركتى لكفنى ولبيت آخرتى ولحراسته من البغاة . أما المعرفة فكيف السبيل .. السبيل .. اليها ؟. رد بصوت يفيض حبا .. يفيض رقة وحناناً .. : عندى مراداك وما تبغى .. عندى مرادك يا آن نفر حتب خادمك يرجو عطفك ويطمع فى إحسانك . عليك بسفر ( ماذا يحدث هناك ؟ ). - أغثنى يا من فداك أبى وأمى لحسن حظك متوفر لدينا الآن نسخة طيبة كتبها تحوت بأصابعه ، شرح بها كل الخطوات التى سيخطوها المحظوظون فى ملكوته ، وذكر بها الأًسماء المستورة مبوبة بحيث يسهل معرفتها وذكرها يا بركة الالهة .. امنحنى إياها جزاك (رع) عنى كل خير . إن ثمنها ريع خمسمائة هكتار مزروعة فاكهة تنفق على خدمته . هذا ثمن لا يقدر عليه الا ملك متوج على الارضين هناك نسخة اخرى اقدم رسمتها ( ماعت ) من أجل آمير المقاطعة يمكننى أن أعطيها إياك مقابل ريع ثلاثمائة هكتار فقط . خادمك فقير يا صاحب الجلال المقدس . ثم بدأت ابكى حظى العاثر .. لقد تبخرت احلامى .. لكن الرجل الطيب قال مبتسما : لا تيأس يا بنى ..ماذا بوسعك دفعه ؟ ريع مزرعتى حتى رحيلى الى الرحاب الالهى . انت عبد طيب يا آن نفر حتب .. سنعطيك مقابل هذا مخلصاً وافياً بطول ذراعين يحتوى على اهم الفصول ومنقوش عليه بعض الرسومات المنقولة عن نسخة أصلية ألفها ( تحوت)ودونتها (ماعت). ثم أنه ربت بكفه المقدس على رأسى فانزاحت الغمة وعم البشر والحبور . وقعت على وصية الدفن وبناء منزل الآخرة وحراسته .. وتنازلت عن ريع مزرعتى فاستلمت كنزى الثمين .. عدت به اكاد ان أطير فرحاً .. أتعجل يوم رحيلى الى رحابه الاعلى .. تفرغت من جميع مهامى زاهداً فى كل ما حولى إلا قراءة الاسفار وتلاوة الصلوات بالنغم الذى يكفل أفضل تأثير ، حتى تحققت من استيعابى لها .. فانتقلت لأعيش بجوار منزل آخرتى منتظراً ساعتى ..................................................... يا إلهى يا محقق الرجاء .. يامجيب السائل المشتاق .. اشملنى بعطفك واجعلنى فى معيتك نور بين نورانيين لابد الأبدين.. خرجت (الكا ) قرين الجسد المسجى و شبيهته ..تبحث عن الطعام الذى يوضع من أجلها ..تفحص بيت الأخرة و الجثة المحنطة ..و التماثيل التي تشبهني لتعيد لها الحياة عندما تإذن الأرباب وفقا لسننهم .. كانت تسعى مطمئنه لرحلتها المقبلة نحو الخلود .. سعيدة بما انجز الكهنة وعدوني به .. ثم امسكت بقلبي (اب ) وسفرى الغالى وعرجت الى السماء تبحث عن مدخل (الدوات ) لتنتظر إلهنا العائد من رحلته فتصعد إلى قاربه تعبر معه محيط الظلمات و الخطر لتولد فى الصباح مع الشروق نورانية تضوى ..في السماء مع الخالدين كانت هناك نفوس عديدة تعرج قبلها .. فتبعتها آملة .. حتى وصلت إلى بوابة الخلد .. الزحام شديد إذ يبدو ان الكثيرين قد قرروا ان يؤمنوا لنفوسهم مكانا بين الخالدين . كان الطقس شديد الحرارة على نفس رقيقة مثل نفسى .. و عندما هبت موجة هواء ترابية أمتص جلدى المندى بالعرق كل ذرة لامسته .. دفعتنى أكثر من نفس بفظاظة فأحدثت بى كدمات لا حصر لها . سبتَنى اكثر من نفس بألفاظ أرجو ان تعفونى من ذكرها - هل هذه هي أخلاق الأبرار المطهرين ؟ أمام البوابة كانت النفوس تصيح بجنون ، وكان ثعبان الحراسة الواقف على زبانه يطلق عليها لهبا قوياً من فمه فتتراجع مبتعدة .. لقد فشلنا جميعها فى الوصول اليه ، ومن استطاعت تعثرت فى النطق باسمه بالطريقة الصحيحة رغم انها كانت تحمل ملخصات تشبه تلك التى معى . كدت ان أيأس .. حتى حدثت معجزة .. لقد ظهرت نفس واثقة تضوى مثل نجم صغير .. وقفت للحظات حائرة ثم نظرت فى كتابها .. الذى لا يشبه أسفارنا – ثم نطقت بكلمات مقدسة فانشقت الجموع لنصفين كما لو كان ألف جندى من جنود الملك يقفون بحرابهم أمامها . وبدى طريق واضح ممهد .. سارت فيه النفس بكبرياء وتؤده حتى وصلت الى باب الخلد .. ابتسمت بثقة للثعبان الحارس ونطقت باسمه فانزاح عن طريقها . كنت أتبعها ملتصقا بها كظلها .. فألهمتنى الآلهة أن أخطو خلفها بسرعة .. فوجدتنى بفضل ( باستيت) أتخطى الحارس الذى عاد لسيرته الأولى فى إطلاق النار علي الحجبج وأدلف الى المكان المحظور . قفز قلبى بين جناحى طرباً .. لم أكن أتصور أبداً ان الآلهة سوف تيسر لى امرى هكذا .. أبطأت أدباً كى لا أزاحم من كان لها الفضل فى نجاحى .. ولكن عندما بدأت أخطو للداخل مستبشراً هاجمتنى رائحة نتنة .. تشبه بقايا الطيور البرية على الروابى .. لا .. بل كانت تشبه رائحة شادر سمك الميناء القديم فى يوم قائظ .. أو .. رائحة خفافيش الكهوف المظلمة .. أو ربما كانت هذه الروائح مجتمعة معاً . عندما دققت النظر فى المكان عرفت السبب .. لقد كان هناك حوالى اثنين واربعين كائناً ذوات رؤوس حيوانات مختلفة تبرز من افكاكها أنياب حادة وتلمع جلودها بألوان زاهية ويلتصق خلفها أعلاما. وبيارق .. و رموز وشعارات اعتقد أنها تمثل مقاطعات الوطن . كدت ان اتراجع وأعود من حيث أتيت .. فلم يكن هذا ما وصف فى سفرى المقدس .. و لكنني تقدمت أكثر كانت قاعة واسعة لا يمكن للبصر مهما اوتى من حدة ان يرى نهايتها .. على جانبيها مدرجات ضخمة ضخامة بيوت الآلهة تجلس عليها تلك الكائنات النتنة .. وفى المماشى الواسعة يتحرك باصرار ودأب إقزام تنفث من مباخرها – التى تهزها بشكل رتيب – سحابات رمادية كثيفة تملأ الفراغ فتجعل منه مكاناً يشبه كوابيس الليل ... كانت الكائنات تزأر بفرح جنونى وتهتف بهتافات غير مفهومة تخلع القلوب وهى تودع النفس السابقة لى .. فأسقط فى يدى .. لقد حان زمنى .. وأنا لا أعرف أين دخلت ؟ .. فاجتاحنى رعب مزلزل .. شعرت بدوار وضيق فى التنفس كما لو كنت أصعد جبلاً عاليا كانت النفس النبيلة تنحنى امام إله يعتلى عرشه لونه أخضر ملفوفاً بأربطة التحنيط الكتانية تخرج منها كفاه يمسك بإحداهما صولجاناً وبالاخرى علامة الحياة .. لم يوصف هذا فى كتابى .. كان هناك ميزان ضخم يتوسط القاعة يقف أمامه تحوت مهيباً بيده لفافه بردى وبالاخرى ريشة كتابة ويحيطه عدد من النترات المساعدة ، اختلط على الامر .. فارتبكت وتعطل قلبى عن الفهم والتدبير . نظروا تجاهى تكلموا معاً بعبارات لم أسمعها..تحرك على أثرها – برشاقة مصارع واثق – اله له رأس ابن آوى قاصداً إياى .. فلمعت أضواء قوية تركزت على عينى شعرت بعدها بحرارة تحرقنى كما لو كان (رع ) قد تبدى وحط بنفسه فوق رأسى .. تفصد العرق غزيراً من مسامى وتقطعت احشائى وشعرت بدوار ورغبة فى الغثيان . صاحت الكائنات المحيطة بأصوات مدوية عندما اقترب ابن آوى منى فقال هامساً : من انت ؟ أنا آن نفر حتب ابن نيت بنت نفرتارى . رد وهو يقلب فى صحائف البردى التى يحملها : لم يبلغوننى باسمك !! كيف دخلت هنا ؟ فى صحبة النفس التى سبقتنى إليكم . هز رأسه بفهم وقال بنفس النبرة الهامسة : آه تسللت فلم اجب .. اكتفيت بان ألوح امامه بسفرى الغالى .. باضطراب واضح . - ماعلينا ما اسم إلهك يا آن نفر حتب ؟ قلت بثقة : الاله الأعظم من كل إله .. رب البشر والوجود رع حيرو خوتى . قال مبتسما بخبث بعد ان ادرك غفلتى ولكن هذه قاعة اوزيرس ملك العالم السفلى والموتى ورب حقول الاليسيان لم اكن انتظر هذا ابداً .. لقد كنت من عبدة اوزيرس فى صباى وشبابى ولكننى تحولت عنه الى دين الاله الشمسى (رع) بعد ان زرت برباست وبهرتنى فكرة الوجود النورانى .. فاخلصت لها مقتنعاً أنها الحق بعد أن مججت حقول الاليسيان التى يكرر فيها الابرار حياتهم السابقة .. مستهدفاً ان أصبح نورانياً سماوياً علوياً مثل باقى شيعة رب النور . ياضيعتى .. ما الذى قذف بى عند اوزيرس ؟ ظللت أقلب بارتباك فى صحيفة البردى أبحث عن لا شىء .. فاختطفها رأس ابن آوى منى ، نظر إليها باحتقار ثم قذف بها على الارض مزدرياً . قال: ما بالك .. ان اوزيرس رؤوف بعباده ولا يحمل إسراً على شياهه الشاردة ثم اردف بحزم : حسنا يا آن نفرحتب .. هل تعرفنى ؟ رددت بخبث لم ينطل عليه : اعرفك بالطبع اعرفك ... أنت شخصية عظيمة فى قاعة العدالة هنا . رد بحدة غيرمتوقعة رافعاً صوته قدر إمكانه : وانت دجال مشعوذ ...صابىء جئت بالخطأ .. ثم اردف: أهكذا تواجه قضاتك يا ابن الارض السوداء .. تترك دينك ودين آباءك واصلك وتنتمى لدين الغرباء. لحق به آخر على هيئة ثعبان ضخم له أربعة اقدام بشرية فقال : هو حيضحك على مين ابن .. ثم سبنى بامى وأردف : هؤلاء هم دجالو آخر الزمان الذين يبغون الخلود النورانى . ثار الكلب عنعن الذى له رأس قرد و كان يجلس باسترخاء فوق عارضة للميزان يرقب الحوار .. فاندفع بهياج تجاهى مشيراً بمخلبه حتى لامس أرنبة أنفى قائلاً : هذه النفايات التى ضلت وضللت يجب الا تأخذنا بها شفقة فليكن مصيره عبرة لمن اعتبر . اطلقت الحيوانات النتنة صفيراً طويلاً متصلاً .. لقد كانت هي هيئة المحكمين.. فارتبكت .. همس راس ابن آوى قائلاً : ارجع الى الدين الحق .. دين اوزيرس . فليعش اوزيرس وتاسوعه العظيم هو ربى ودينه دينى . هل تعرف الاعتراف السلبى ؟ .............. تقف امام كل محلف وتقول انى لم أقتل رجلاً .. انى لم اسرق .. انى لم اتلصص على جار .. انى لم اغتصب طعاماً .. ولكننى لارتباكى وسوء فهمى لم اتحرك .. ولم انطق .. فسألنى مساعدا إياي : يا آن نفر حتب هل تنكر انك خالفت تعليمات الناموس . لقد فعلت ما يحبه الناس وترضى عنه الالهة . فهز المحكمون رؤوسهم دون اقتناع ... فسال رأس الثعبان باستفزاز : يا انت ألم تكن فظاً غليظ القلب . لم ارتكب اى عنف تجاه البشر وكنت محبوباً ولم اجلد منذ ولادتى فى حفره موظف . فهز المحكمون رؤوسهم دون اقتناع .. فسأل رأس القرد باستخفاف : لقد أكلت أكثر مما يجب حتى أصبح لك كرش !! اكلت من حلال مالى واعطيت للفقير خبزا وللعريان ملابساً .. وعديت النهر بمن لا قارب له . فهز المحكمون رؤوسهم دون اقتناع ... فسأل راس إبن آوى مشجعاً : هل تذكر أنك بأعمالك كنت مكروها مبغضا ؟ كنت محبوباً من والدى ممدوحاً من والدتى يحبنى اشقائى وعشيرتى وكنت اقول الحسن من الكلمات واختار ما هو محبب منها لمن يسمعها ولم انطق بالفاحشة او بسوء لصاحب سلطان ضد اى إنسان. فهز المحكمون رؤوسهم دون اقتناع ... فعاد رأس القرد لتهكمه : لقد شربت أكثر من المقدر لك!! شربت من ماء النيل بما أفاء على به حابى ولم أمنع المياه عن أوقاتها . فهز المحكمون رؤوسهم دون اقتناع ...فعاد رأس القرد فى تهكمه : لعلك تزوجت أكثر من اللازم!!. برضائهن ولم احرمهن الغذاء او الكساء وأفضت عليهن بالعطور والدهون فكن سعيدات .. راضيات ممتلئات !! . فضحك المحكمون ضحكات عاليه وقد بدأو يميلون تجاهى .. ولكن رأس الثعبان فاجأنى منفعلاً : إذن ماذا سرقت ؟ فعم القاعة الصمت كأن على رؤوسهم الطير .. أكمل بسرعة : لا تحاول ان تقنعا بأنك لم تسرق .. ملامحك هى التى حددها حكيمنا كاجيمنا منذ الأبد للمجرمين . تدخل رأس القرد مكملاً : لا تنكر ولاتحاول خداعنا بأنك من شواذ القاعدة . فطريقة تسللك لهنا ورجوعك عن دينك متذبذبا بين اوزيرس العظيم ورع تؤكد ما نقول . صفق المحلفون بشدة وتعالت صيحات الاستحسان حتى ضاع ردى المستسلم وانا اقول (( اللى مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين )) وسط الضجة غير المحتملة .. فانسحبوا جميعا تاركين نفسى مسلسلة وسط القاعة ............................................ز خلت القاعة من شاغليها فلم يبق بها عداى ... هدأت نفسى ... سكن قلبى بين جناحيها فتكلم .. وقفت بالباب الموصود .. أخطأت طريقك ما فى ذلك شك ولكن لفرط حماقتك تسللت ؟ .. كان من الواجب ان تتحقق الى اى مكان تقودك رجليك .. كان من الواجب ان تسأل هل أقف على اعتاب الدوات انتظر اوبه إلهى بين العظماء أم أنني أصارع بين السوقة و الدهماء .. لقد ضعت واضعت .. لقد ضعت واضعت الحلم فلا انت مستعد للمثول أمام الاله البشرى .. ولا انت قادر على الفكاك للحاق بالقارب الالهى .. لقد ضعت واضعت ما تمنيت وما رجوت ... ولم يعد امامك اختيار .. ستذهب الى حقول الاليسيان إن فلحت ..تعيد سيرتك الاولى .. تمتلك الارض إذا أراد ربها .. تروى تزرع .. تحصد تطحن .. تأكل .. تشرب .. تدافع .. تحب .. تكره .. ترضى .. تغضب .. تعاقب .. وتعاقَب .. تحيا فى ملل .. تتكلم بملل .. تشارك بملل .. تصلى بملل .. لقد ضعت واضعت ما تعلمت .. وما عليك الآن إلا ان تحفر فى الذاكرة عن القصص القديمة عن الصراع و قتل الاخ لاخية و تمزيق الجسد ونثره فى الاصقاع .. عن حب الأخت ورحلة البحث .. ردت نفسي علي القلب مطمئنة ..أين هذا من نورك ياإلهى .. من سموك وطهرك .. إلهى يا مفرج الكروب يا كاشف غمة القلوب يا سامع الهمس الحزين مهما بعدت ... ياعالم بذل الاسير مهما شرقت أو غربت ، انقذ النفس المسكينة التى تعيش على نورك .. ارفع عنها ما ابتليتهـا به .. امح نارهم ونيرهم ورد الى نحورهم كيدهم ... وغلهم ... واكرمنى برضاك .. واسعدنى بلقياك .. إلهى لقد سمعتهم يقولون أخطأت وما أخطأت .. وصبأت وما صبأت .. وضللت وهم الضالون فى جهلهم يعمهون وفى غيهم سادرون وعن بهاء نورك عميت عيونهم فهم عمى لا يبصرون . إلهى أضعت بنزقى الحلم فلا تغضب ، ووقفت بالباب كالاصم فلا كلمات القدرة نطقت ولا بالاسماء المستورة رددت .. إلهى يا من سعيت إليه ولم يسع الى ..تقت لسموك وعطشت لمعين نورك .. فامنحنى عطفك ورحمتك إنك نعم المولى وخير نصير . عاد المحكمون فتوقفت عن الحديث الداخل .. اتطلع للمصير .. اقترب ثعبان مجنح له أكثر من رأس يسير على اربعة سيقان آدمية ... وبعد ان حيا قال لى بلطف : ياآن نفر حتب .. لقد قررنا ان نختبر قدر إيمانك بإلهك ..الرب أوزيرس . ......................... اخلع عينك يا آن نفرحتب . ......................... ألست على دين أوزيرس .. ألا تسترشد بما فعله الإبن حور ؟ ......................... الأبرار يقدمون لإلههم أغلى ما يمتلكون . .......................... سيسؤك ما سيتكشف أمام قضائك . .......................... ألتفت تجاه القضاة المحلفين وقال : ياحماة العدل والفضيلة .. يا من تظلكم ماعت بريشتها .. ياقضاة ربنا الاعظم أوزير .. أنظروا الى هذا المرتد الصابىء عن دين الأجداد .. وكيف ترك زوجته وبنيه .. وماذا بسببه يفعلون . فتجسد أمامنا بيت آخرتى وقد تسللت إليه زوجتى ومعها ابنى وابنتى وشخص غريب .. كانوا قد فتحوا الناووس الذى تحفظ فيه جثتى يقلبون فى جوانبه ثم أن ولدى والغريب بدأ يعزقان أرضية المنزل بينما تدق الفتاة بكفها المضموم على الحوائط .. ثم جاء صوتهم . قالت الزوجة : اين خبأ ثروته ، أكلت ( عميت) قلبه . قال الفتى : لن تجدى شيئا .. لقد حلبه كهنة الضلال . قالت الفتاه : ويتركنا لعنة (حور ) أينما كان دون غلة أو زيت . ثم ان الفتاه وامها امسكتا بجسدى المحنط وطوحتاه خارج الناووس .. فأستدار الفتى إليه وقطع قدميى..فصلهما عن الجسد ثم قال مخاطباً الفتاة: حتى لا يعود فيقضى على ما تبقى. قالت الفتاه : لن يجد له مكانا فأنا وزوجى فى سريره . قالت الام : لن يعود أبداً .. ولن يخيب لكاهنة ربة الوجود رجاء . فضحكوا جميعاً . هومت روحى وجلة حول جسدى المسجى على الارض .. ترى ماذا فعلت زوجتي كاهنة الإفك .. زادت نفسى التياعاً وخوفاً وقال قلبى (( اللهم اغفر لهم فهم لا يعلمون )). استدار الثعبان تجاه القضاة وقال (( يا قضاه اوزير .. يا رجال ماعت امامكم حالة نادرة لم تشهدها قاعتكم المقدسة من قبل .. فهذا الصابىء الآثم الضال عابد الآلهة الغريبة .. جاء الى ساحتكم بغيه .. بعد ان خالف زوجته وابناءه .. اصدقاءه واحبابه .. اهله وجيرانه واضاع ثروته وما ورث عن الاباء والاجداد على ترهات كهنة الإفك والضلالة فباعوه الوهم بأغلى ثمن .. سكت قليلا ثم عاد للحديث باعوه الخرافة بهناء واستقرار عائلته فتركهم – كما رأيتم – يتضورون جوعاً والآن .. وبعد أن قال أن الرب أوزير إلهه يبخل على الآله الحق بقربان ضئيل فيصمت ويجرن مثل خنزير صغير يسوقونه من تحت ثدى امه للقصاب .. فماذا ترون فيه ؟ صاح من كانوا باليمين ((الصابىء جزاؤه النار .)) ومن كانوا باليسار(( فالنحرقه بالزيت الحار)) . فأطلق فى اتجاهى شعلة نار من فمه ومن الآخر سيلاً متدفقاً من الزيت المغلى ولولا رحمة إلهى الذى جعلنى أتذكر وأتلو الرقية الحامية من النار فى الوقت المناسب لما اصبحت برداً وسلاماً ولاشتعلت نفسى وتشوهت . ياإلهى إلى متى سيحالفنى الحظ ؟ لو أنى برحمتك لم اجد مخرجاً فستحكم هذه الحيوانات النتنة فى غير صالحى فيندثر اسمى .. اللهم اشملنى بعطفك سبحانك انت الذى تقدر ولا يقدر سواك ... سبحانك أنعم على بأن أرى نورك .. ارتوى من ضياك .. وانطلق حراً فى محيطك الأزلى أضوى فتبتسم الشفاه . اقترب فرس نهر سمين تصاحبه انثى فرس نهر صغيره تبكى بحرقة .. فقطعا مناجاتى .. ابتسم ابتسامة لزجة غمز لى بعينه ثم نطحنى فى بطنى على حين غفلة فصرخت ألماً وابتسمت صغيرته ثم نطح مؤخرتى فتأوهت بشدة واتسعت ابتسامة الصغيرة ثم نطح صدرى فزعقت بأعلى صوت فقهقهت الصغيرة فقال الحمد للرب تستطيع ابنتى الآن ان تنام قريرة العين . ماذا حدث لهم ؟ ألا يوجد بينهم عاقل !! تحرك تحوت فى اتجاهى بهدوء .. فاستبشرت خيراً .. تحوت يا قائد قارب الرب رع .. يا مخطط مساره يا قلبه ولسانه .. هل ارسلك ربى لتكون السبب فى نجاتى .. ياإله الرحمة .. يا عالم بما يعانيه عبدك الاسير .. اجعل كلمتك تحوت رفيقاً بالقلب المسكين . أخذ تحوت قلبى من نفسى بغلظة .. فنبض القلب بين كفيه مرعوباً وانزوت النفس تهمس له بصوت خفيض (( ياقلبى يا من اتيت به من عند امى .. يا قلبى الخاص بكيانى .. لا تقف شاهداً ضدى .. لا تعارضنى فى المجلس واظهر حكمتى وتقواى وعلمى .. ودلل على براءتى وطهرى .. )) . ارتفعت الاصوات حولى .. بدأ بعضهم يقذفنى بالحجارة والخضروات التالفة والبيض .. بعد ان أعلن تحوت الذى لا راد لكلماته ان شيئاً غريباً قد حدث لا يملك له تفسيراً .. فرغم كفرى و إرتدادى إلا أن قلبى جاء أخف من ريشة الغدالة بالميزان .. مما يوحى بأن هناك سحراً مالا يعلمه .. خسئت ايها المزور .. فتحوت يعلم السر وما يخفى .. تحوت يعلم أن الابرار قد تكون قلوبهم اخف من ريشة ماعت .. خسئت أيها الكاذب أنت لست بتحوت انت تدعى شكل الاله الكريم .. أيها القاسى ترفق .. أيها المخادع ارجع .. وقذف تحوت (الدجال) بقلبى الى (عميت ) الحيوان الذى له رأس تمساح وصدر أسد ومؤخرة فرس نهر – آكل القلوب–أسرعت أحاول أن ألتقطه قبل أن يلتقمه الوحش المشوه .. ولكن لم يكن لى قدمان .. لماذا يا بنى ؟ لماذا قطعتهما ؟ ألم تذكر انى حملتك يوماً ألم تذكر أنى لاعبتك يوماً لماذا تقضى على ابيك . سقطت فى مكانى وكأنما كانت سقطتى هذه إشارة لهم فهبطوا من مدارجهم للقاعة يصخبون الاثنان والاربعون محكما يصدرون ضجة كجيش جرار .. ثم بدأوا ينظمون أنفسهم فى طوابير متوازية وينظرون تجاهى شذراً .. كان بيد كل منهم سلاحا يختلف فى شكله أو حجمه عن أسلحة الآخرين .. ثم بدأوا يرددون تراتيلهم ويتحركون على وقع أرتامها .. شعرت برعب شديد حتى أننى بلت دون ارادة فى مكانى .. ظلت دائرتهم تضيق من حولى وتضيق وتضيق كانوا يتكلمون معا فى نفس اللحظة فيتضاعف اللغط .. وجاءتنى كلماتهم .. مختلطة .. مختلطة .. مختلطة فارتعش الجسد كأن جيشاً من النمل قد اخترقه . توقف قائدهم أمامهم وصاح مخاطباً إياهم : ياآكل الدم الذى خرج من مكان الاعدام . يا محتضن اللهب . يا آكل الظل الذى خرج من الكهف . يا كاسر العظام . يا كل من آمن بأوزير و مجده الأبدى .. آن الاوان للتقطيع . اريد ان أعرف على وجه اليقين تاريخ تطوره.. طفولته شبابة شيخوخته ..ما الذى جعل منه هذا الصابيء المرتد ..و كيف إنحرف عن عقيدة ناسة و أهله ..بالتفصيل .. بالتفصيل .. بالتفصيل فهو وغد ولا نريد أن نجد بيننا بعد اليوم أوغاداً ... هجم على اكثر من كائن .. قلبونى رأساً على عقب .. علقونى فى سارى علم ثبتوا ساقى فى قمته .. بدأ بعضهم يجدل خصلات شعرى ويربطها بخوابير خشبية مثبتة فى قاعدته .. أحدث أخر عدة ثقوب فى جسدى .. بدأوا يجمعون سوائلي فى أوان فخارية ضخمة شعرت بالألم يسرى فى كل أجزاء نفسى .. ثم بإعياء واهتزت الصورة أمامى فقلت يا إلهى يا باعث ضياك ألن أرى بهاك .. يا إلهى يا مصدر الدفء ألن يشعر جسدى بحرارة اياديك .. يا إلهى يا نور الوجود الن يعرف قلبى الحزين ... ثم فقدت الوعى . ......................................ز محاكمة صوفي قديم .. حدوتة لم يحكيها صاحبها ..و لم تكتب علي جدران المدافن أو ورق البردى .. و إنما .. جاءت كوحي و إلهام و تواصل Telepathy (تلباسي ) جرى عابرا لأربعة الاف سنة .. بين (أن فر حتب ) الجد الذى عاش في زمن حكم (بيبي) أول ملوك الأسرة السادسة.(2300 ق.م ) .و الحفيد رقم ثلاث مائة و خمس و خمسون ( 2000 م ).. أنقلها لكم كما خبرتها .. أثناء غيبوبة قيلولة.. قضيتها راقدا علي شاطيء النيل بالجزيرة أمام النادى الأهلي ..استمتع بنسمات خريفية مختلطة بدفء أشعة شمس كيهاك ..و أشم رائحة شواء محببة يعد لغذاء رواد المكان ..و صراخ مجموعة من القطط المنجذبة بهدف إستقطاع جزء من الوليمة . ((بعد زمن لا تعرف مداه إلا الآلهة .. تنبهت .. كان المكان غير المكان وفى الغالب الزمان غير الزمان .. كنت محبوساً فى صندوق كاشف لما خلف الجدران .. أرقد على ظهرى بدون قلب.. بدون إحساس .. بدون سبب . وكان هناك كثيرون.. ينظرون .. يتعجبون .. يدورون في المكان .. يتكلمون بكلمات غير مسموعة .. كانت لهم ملامح البشر ولكنهم ليسوا ببشر .. عندما لاحظوا أننى قد أفقت .. ذعروا .. هربوا من حولى كالمجانين .. فخلا المكان . تلفت حولي كان هناك كثيرون مثلى يرقدون فى صناديقهم الشفافة .. وكانت قدماى قد أعيدا لجسدى ولكن اليمنى مكان اليسرى .. وكانت روحى بعد أن ضلت وسافرت ورحلت وغامرت وأضطربت قد وجدت في النهاية جسدى الارضى فسكنت فيه فوعيت . عم الظلام .. ولكن بعد فترة جاءت إنسانة تميل الى السمنة يتبعها عملاقين اسمرين فأضاءت المكان بنور غريب .. فتحت الصندوق .. قلبت فى جسدى عدة مرات بجراءة .. فكت بعض من تلافيف كفنى .. أخرجت رقية مكتوبة على ورق البردى .. ابتسمت .. ناولتها لأحد العملاقين الذى قرأ ما خط فيها بصعوبة . ((سمبوا حرا .. اف حرا آدى تف .. مينى سوا واساتى آن بو – تو ..)) كان ينطق بلغتي و لكن بلهجة غريبة مضحكة ..فهمت منها (( فلتته نفسك الآثمة فى الأعالى .. فلتتعذب روحك العاقة فى بيت أبديتك لا تسكن إلا بعد ألف عام .. فليختف ظلك من الوجود .. فليأكل عميت قلبك العنيد .. فلتقطع آلهة القصاص جسدك .. ولتبق هكذا فوق ظهرك أيها الشرير للابد جزاء وفاقاً على ما اقترفت )) . عندما انتهى من قراءة الرقية عرفت سبب شقائى .. إنها الشريرة جدتك كاهنة ايزيس المعادية لى فى كل مكان .. هى .. هى .. التى دست بين طيات غطاء جسدى الأرضى كلماتها فضللت روحي.و نفسي يا إلهى يا ارحم الرحمين يا رب هذا الكون وسيده هذا هو نصيبى وانا أرضاه .. هذا هو قدرى وما تراه .. هذا هو امرك وحكمك فمن ذا الذى يمارى فيما أمرت وحكمت . فليبق جسدى آية تتحدث ..لأحفاد الأحفاد .. بما جرى.. فلتسعد روحى وهي تراهم حولي يسعون بالمئات .. و لتهناء نفسي عندما يطل عليها نور الرب كل يوم فى بيت أبديتى الذى إختاره لنا (رع) .. للأبد للأبد .. للأبد ... سبحانك... جلت قدرتك .. انت الرب عندى مهما افك المفسدون.)) ..
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبد الناصر و السادات وجهان لعملة واحدة.
-
معجزة تمكين طبقة جديدة في عشر سنوات
-
شكرا للفنان مصطفي رحمة
-
هل يجب أن تتبرأ من فرعون وجنده
-
المصريون يمثلون بأنهم أحفاد للفراعنة
-
من أحلام الحكماء ( نفرتي و أشعياء )
-
إلي مستر ترامب و الأمين حاتم
-
عندما أصبحنا نورعنيهم طلعوا عنينا
-
من أسر الإنكشارية لمكائد الصهيونية
-
ثوارسكنوا قصور الباشاوات.
-
حرب التحريك لا التحرير 1973
-
هذا أو الإندثار
-
الإنتماء الديني يحجم الإنتماء للوطن
-
إتفطموا متبقوش عيال رزلة
-
هل أقفل صفحة الفيس بوك
-
كمتيون أنتم أم مصريون
-
حوادث القطارات لم يوقفها سيادة الفريق كامل
-
ليس توقا لأمس بل حزنا علي اليوم
-
نعكشة فكرية حول اسباب السقوط
-
لسنا عربا ..إعادة إكتشاف الأمة
المزيد.....
-
من هم -الحشاشون- وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟
-
تنزيل تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجديد .. ثبتها الآن واست
...
-
أربعة أفلام عربية تنضم إلى سباق أوسكار أفضل فيلم دولي لعام 2
...
-
اتهام نجل المخرج روب راينر بقتل والديه في لوس أنجلوس
-
نجم مسلسل -General Hospital-.. رحيل الممثل أنتوني جيري عن عم
...
-
تعليق ترامب على مقتل المخرج روب راينر يثير الغضب
-
تجسد الشخصيات للمرة التانية على التوالي .. هل فيلم الست حقق
...
-
صور مذهلة تكشف عن العوالم الخفية داخل الآلات الموسيقية
-
الوقف السني يدين الشاعر علي نعيم: أي إساءة تُطال الصحابة تسه
...
-
مقتل المخرج الأمريكي روب راينر وزوجته بلوس أنجلس واتهام الاب
...
المزيد.....
-
مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
زعموا أن
/ كمال التاغوتي
-
خرائط العراقيين الغريبة
/ ملهم الملائكة
-
مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
المزيد.....
|