عندما أصبحنا نورعنيهم طلعوا عنينا

محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 04:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

تغيرت حياة سكان هذا المكان الذى نعيش فيه خلال المائة عام الماضية ( 1923 – 2025 ) لعدة مرات فقد زاد عدد الناس (من حوالي 13 مليون إلي 120 مليون ).. و كان الجنية الإسترليني يقارب في القيمة الجنية المصرى حوالي (975 .0) فأصبح اليوم (63.78)جنية.. و كان هذا الجنية يشترى 7.437 جرام ذهب .. فاصبح الجرام قيمته 6571 .. جنيه ..
بمعني خلال قرن زاد عدد البشر .. إنخفضت بصورة درامية قيمة العملة المحلية في مقابل الإسترليني و جرام الذهب .. ترى ما السبب ؟
عام 1923 ..إنتهت سيطرة الأمبراطورية العثمانية السياسية علي المنطقة بعدهزيمة الحرب العالمية الأولي و طرد مصطفي كمال أتاتورك لقوات الإحتلال ..
و قريبا منه أصدرت بريطانيا تصريح 28 فبراير 1922 الذى بموجبه أصبحت مصردولة مستقلة ذات سيادة، و أصبح السلطان فؤاد ملكا ..و تم وضع دستور ليبرالئ للبلاد في 19 أبريل عام 1923 .
.و أجريت أول انتخابات برلمانية حقيقية في 12 يناير 1924 انتهت باكتساح وفدي ترتب عليه استقالة وزارة يحيى إبراهيم بعد سقوط رئيسها في الإنتخابات وتشكيل الوفد أول وزارة دستورية برئاسة سعد زغلول.
قبل ذلك الزمن بقليل تم إنشاء جامعة فؤاد الأول ( القاهرة حاليا ) ..و مدرسة الفنون الجميلة .. و الإتحاد النسوى المصرى برئاسة هدى شعراوى التي كشفت و جهها .. و أزالت النقاب عنه .. وزاد الحديث عن القومية المصرية الممتدة لسبعة الاف سنة بعد ترجمة كتب علماء أجانب .
مصر المحتلة بدأت حركة تحريرها و خطواطها الأولي تجاة الدولة العصرية .. لها ملك و علم و نشيد و حكومة ..و برلمان .. ودستور و جهاز إدارى له قواعده و قوانينة ..و جيش ضباطة و جنوده من المصريين .
. و إن كان يتحكم فيها البريطانيون الذين تتواجد قواتهم في القاهرة و الأسكندرية و علي القناة .. و يعيش الفلاحون فيها تحت سيطرةالإقطاع ..و العائلةالمالكة .. و يغلب علي أهل البلاد الفقر و الجهل ..و المعاناة من الأمراض المستوطنة (الإنكلستوما و البلهاريسيا و الرمد )..و تتحدث الحكومة عن محاربة الحفاء و ردم البرك و المستنقعات كمشاكل حيوية .
إستمرت الدولة الليبرالية .. في صراع بين الثقافات المتباينة ( الأصالة و المعاصرة ) .. و السلطات المتضاربة ( الملك ، الوفد ، المندوب السامي الإنجليزى ) .. ثم عام 1928 طرقت الابواب جماعة الأخوان المسلمين المطالبة بعودة الخلافة لتحدث خللا .. يستفيد منه الإحتلال و الملك .
عام 1952 .. كان الإنقلاب الأول .. بدون هدف أو خطة أو مهام إلا إحتلال مراكز السيطرة ..و حكم الضباط المباشر ..و الإستيلاء علي أملاك الأغنياء و قصورهم ليحلوا فيها محلهم .. و يتصورون أنقسهم باشاوات لهم الحق في مغازلة و مضايقة الملكة السابقة و الأميرات .. وإظهار العين الحمرا بالحكم بالأعدام علي أطفال كفر الدوار .. (البقرى و خميس) .. أو معارضي المنيا (عدلي لملوم ).
خلال هذه الفترة .. نم حل الأحزاب .. و محاكمة رجال السياسة ..و طرد الملك .. ثم إزاحة إبنه و تحويلها إلي جمهورية لها علم جديد و نشيد أخر .. و رئيس يهتفون له (( بالروح بالدم .. نفديك يا فلان))..
الضباط المنقلبون تصارعوا علي الغنيمة .. بضراوة .. أدت لمحاولات إنقلابية أخرى .. و الإتفاق علي عودتهم لقشلاقاتهم لفشلهم في الحكم . و إعادة الديموقراطية الليبرالية في مارس عام 1954 .
إنتهت هذه القرارات المصححة للمسار إلي عزل الرئيس محمد نجيب .. و المناداة بالديكتاتور العادل .. تحت شعار (( الإتحاد و النظام و العمل ))..و المطالبة بالإصطفاف في (هيئة التحرير ) حول القيادة السياسية الجديدة .
بعد إستتباب الحكم لعبد الناصر و عبد الحكيم عامر.. حدثت تطورات سريعة .. محاولة إخماد أى صوت .. يعلو علي صوت قرارات هدية السماء لشعب مصر من الحكام .. بما في ذلك ضرب التنظيم السرى للإخوان .. و محاكمتهم و حبسهم ..
و مغادرة قوات الإحتلال لمنطقة القناة .. ثم عودتهم .. هم و الفرنسون و الإسرائيليون .. بعد تأميم قناة السويس .. وما تبع ذلك .. من طرد الخواجات و اليهود ..وهروب الجيش من سيناء و ترك بورسعيد للمتطوعين للدفاع عنها
.. ثم إعلان الإنتصار علي قوى الإستعمار القديم .. و دق أخر مسمار في نعشها ... و الغناء و الرقص .. و ((محلاك يا مصرى و إنت علي الدفة)) .
في ذلك الوقت كان الشعور الوطني جارفا .. يعبر عنه الجميع.. بفخر ..و محبه ..و غض البصر عن المصايب التي حدثت .. و ترك السلاح في سيناء و فشل إدارة المعركة .. و شروط إسرائيل لترك المناطق المحتلة .. لمدة سنة ..حتي إطمئنت لوجود عساكر فصل القوات الدولية ..و السماح لها بعبور سفنها من خليج العقبة .
النقلة التالية جاءت مع سيمفونية بناء السد العالي .. و بداية خطة طموحة للتصنيع .. و تجميع الناس حول الإتحادالقومي .. و رغم أنه صاحبها قهر واضح ..و تعذيب للناس ..و فتح السجون و المعتقلات ..و تسليمها لمختلي العقل .. منحطي الإنسانية .. إلا أن عبد الحليم حافظ و صلاح جاهين و محمد حسنين هيكل كان لهم القدرة علي تحويل البوصة تبقي عروسة والمر لعسل نحل ..(( وقلنا حنبني و اد إحنا بنينا السد العالي )).
في أوائل الستينيات .. قررت القيادة السياسية .. مفاجئتنا .. هية .. حنبقي عرب .. وإشتراكيين يا ولاد ..
و هات يا تأميم .. و مطاردة الراسمالية المستغلة .. و عمل (القطاع العام) .. و أدى خطتنا في (الميثاق الوطني ).. و حزبنا (الإتحاد الإشتراكي ) .. و شعارنا (الاشتراكية بدعامتيها من الكفاية والعدل هي طريق الحرية الاجتماعية ) .. و مشينا في الشارع نغني(( يا عديم الاشتراكية يا خاين المسئولية. هنزمرلك كدهو ونطبلك كدهو.)).
الإنقلاب التالي .. جاء مع 1967 .. و دحر قوات عبد الحكيم عامر ..مع إنتحاره و سجن قواده ..و إعتراف الباشا الكبير بالهزيمة و التنحي .. ثم الرجوع في كلامة بناء علي رغبة الناس ..و رفضهم للهزيمة
ثم بيان 30 مارس .. اللي فيه وعد بتصحيح الأحطاء السياسية و الإقتصادية و العسكرية .. و عزل بعض عناصر الجيش و إعادة الإنضباط لقواده .. و إعداد الدولة للخرب ..و لا صوت يعلو عن صوت المعركة .
التحول الدرامي التالي .. بعد أن جلس السادات علي كرسي العرش و ذهب لتمثال عبد الناصر في البرلمان ينحني له .
و في يوم صحينا .. من النوم نلاقي الناس بتزغرد ,, فيه إيه يا خلق .. و كان الرد .. مش بقينا إنفتاحيين و حنعمل أحزاب .. و نقب علي وش الدنيا
الراجل الكبير قرر التحول عن طريق الإشتراكية و لم يخاف أن نزمرله أو نطبلة كدة هو ..
.
يا راجل قول كلام غير دة ..
طيب بص طردنا الخبرا الروس .. و حبسنا بتوع نسبة 50% للعمال و الفلاحين .. و عدينا القناة علشان نحرك القضية .. و الراجل بتاعنا ( ربنا يحفظه ) راح القدس و كامب دافيد .. و رجع لنا أراضينا (( و عاش اللي قال .. الكلمة بحكمة في الوقت المناسب )) ..
يا حلولي .. شوف كام صنف جبنة في السوبر ماركات .. الناس دى محرمتناش من حاجة .. حتي اكل الكلاب و القطط بقي متوفر .
التحول التالي .. لما مات الرئيس المسلم لبلد مسلم .. علي إيد ولاده المسلمين اللي في الجيش و تولي النائب اللي السادات فطنه علي كل حاجة .. لاتترك القرار لكبار ضباط الجيش إشغلهم في أى حاجة إلا الحرب ..
إعتمد علي بتوع الأمن .. دول بينفذوا الكلام بمجرد م تقوله ..
سيب بتوع السياسة يتسلوا .. حتي لو شتموا هي الشتيمة بتلزق ..
عينك علي البيت الأبيض ..و البانتجون .. دول اللي حيحموك .. و أربط مقطرتك بالجرار الأمريكي
حيحبوك أوى لو كنت مطيع ... متوجعش دماغك بكلام الناس .. هم كدة مبيبطلوش شكوى و نق علي اللي ربنا رزقهم بالثروة ..
و إفتح المجال لبتوع الوهابية ..و السلقية .. دول ناس من قش .. يتكلموا كتير و لما تظهر لهم العين الحمرا يكشوا ..
و بتوع اليسار .. و العلمانية .. دول أطفال طبطب عليهم يغنوا لك .
و دام الحكم المبارك .. لثلاثة عقود تلاتين سنة بالتمام و الكمال .. قبل .. م يخرج الناس تهتف الشعب يريد تعيير النظام .
التحول التالي .. جرى عمله بخبث .. إنتم مش عاجبكم جمال إبني .. و لجنة الحكماء اللي بيرأسها طيب وروني حتعملوا إيه يا فالحين .. حسلم القطط مفتاح الكرار .
و في إنتخابات راقبتها وزيرة خارجية الرئيس أوباما .. و وجهتها .. جاء القطط السودا لتحكم الكرار.. و تحولت الحكومة ..و البرلمان .. و المدارس و الجامعات و التقابات .. لأماكن تزدحم بالقطط العجاف الجعانه ..اللي لابسة بردة الدين ..و الأسلام هو الحل .
الناس خرجت تصوت .. مش عارف لية.. لكن أهي بتصوت .. فجاءت اللي لابسة الكاكي .. زعلانين ليه يا حابيبي .. عيوني ليكم .. إحنافاهمينهم .. و من بكرة .. مش حتلاقوا ولا قط إسود .. دول حتي نحس
و تغير وجه المجتمع ..الدولار بقي بخمسين جنيه .. و الجنية الدهب بقي بثروة ... و فاتورة الكهرباء كسرت الألف ..و البنزين بقي اللتر بعشرين حنية بعد م كنت بتفول العربية يهذه العشرين
الديون متلتلة ( خارجي 162 مليار دولار و الداخلي 16 ترليون جنية ).. عجز الموازنة (1.85 ترليون جنية ) .. كذلك عجز الميزان التجارى (51 مليار دولار ) ..و كرسي البرلمان إتباع وصل تمنه لسبعين مليون جنية .. ايوة .. سبعين مليون .. و الشقة و العربية .. و الوظيفة بقت أحلام بعد تضاعف سعرها لعشر مرات .
و سقطنا في بير التبعية .. لامريكا و بعنا أرضنا لبتوع الخليج ..و قعدنا جنب الجيط نفكر في سنة 1923 لما كان عندنا دستور ليبرالي و قوانين عادلة ..و ناس باشوات قد الدنيا بتنفذها .و رئيس الوزارة بيسقط في الإنتخابات
عديتوا عدد التغييرات ..و لا تهتو معايا .. الشباب اللي منتظر يعيشوا أكتر من قرن .. لتقدم العلوم عند ولاد الإية .. يبقوا يعملوا مقارنة سنة 2125 أساسها التحول الدرامي من ..((إنتم نور عنينا ))... إلي ((الشعب متفهم الظروف)) .

#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل