فؤاد أحمد عايش
كاتب وروائي أردني
(Fouad Ahmed Ayesh)
الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 22:37
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لم تعد الخريطة الجيوسياسية للعالم كما كانت قبل عقد أو عقدين. فموازين القوى تشهد تغيّرًا جذريًا، والدول لم تعد أسيرة محور واحد أو تحالف أبدي. وفي خضم هذا التحوّل، بدأت دول عربية عديدة تنظر شرقًا، نحو روسيا والصين وآسيا الوسطى، بحثًا عن شراكات جديدة تتناسب مع مصالحها ورؤيتها المستقبلية.
فما الذي يدفع هذه الدول إلى إعادة صياغة سياساتها الخارجية بهذه الصورة؟ وما هي العوامل التي جعلت (الشرق) مركز جذب متزايد في السنوات الأخيرة؟
شهد العالم تحوّلًا من نظام أحادي القطبية إلى نظام متعدّد الأقطاب. لم يعد النفوذ الغربي قادرًا على احتكار القرار الدولي، بينما برزت قوى كبرى كروسيا والصين تلعب أدوارًا مؤثرة في السياسة، والاقتصاد، والطاقة، والأمن العالمي. هذا التحوّل شجّع الدول العربية على البحث عن توازن جديد في علاقاتها، يتيح لها مساحة أكبر من الاستقلالية والمرونة.
الكثير من الدول العربية وجدت في الشراكات الشرقية وخاصة الروسية نموذجًا يقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول. هذا الأسلوب في التعامل أكسب روسيا ثقة العديد من الحكومات العربية، التي فضّلت علاقات أكثر عقلانية بعيدًا عن الضغوط السياسية التي رافقت علاقاتها مع الغرب في السنوات الماضية.
تسعى الدول العربية اليوم إلى بناء اقتصاد متنوع يتجاوز الاعتماد على النفط. القوى الشرقية، وفي مقدمتها روسيا والصين، توفر مجالات واسعة للتعاون في:
الطاقة النووية السلمية والصناعات العسكرية والزراعة والتكنولوجيا الزراعية والبنى التحتية والتجارة والاستثمار.
هذه المجالات فتحت أبوابًا جديدة تساعد الدول العربية على تحقيق تنمية أكثر استدامة واستقلالًا.
تلعب روسيا دورًا محوريًا في ملفّات الطاقة العالمية، كما تمثل شريكًا قويًا في ضمان استقرار الأسواق. في الوقت نفسه، تتقاطع مصالحها مع مصالح العديد من الدول العربية في قضايا الأمن الإقليمي، ومكافحة الإرهاب، وحماية الاستقرار الداخلي. هذا التقاطع خلق مساحة واسعة لتعاون إستراتيجي طويل المدى.
التوجّه العربي شرقًا ليس مجرّد خطوة تكتيكية، بل هو تعبير عن وعي جديد بديناميكيات العالم المتغيّر، ورغبة في التحرر من الأحادية في العلاقات الدولية. إنه سعيٌ لفتح أبواب جديدة، وبناء شراكات تقوم على الاحترام والمصالح المتبادلة، وتخدم مستقبل المنطقة في عالم يتغيّر بسرعة.
وإذا استمرت هذه التحولات بالتطور، فقد نشهد خلال العقود القادمة خريطة سياسية واقتصادية جديدة يكون الشرق أحد أركانها الأساسية.
#فؤاد_أحمد_عايش (هاشتاغ)
Fouad_Ahmed_Ayesh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟