فؤاد أحمد عايش
كاتب وروائي أردني
(Fouad Ahmed Ayesh)
الحوار المتمدن-العدد: 8555 - 2025 / 12 / 13 - 19:20
المحور:
قضايا ثقافية
سانت بطرسبورغ ليست مجرد مدينة روسية؛ إنها قصيدة مكتوبة بالحجر والماء والضوء، مدينة تولد من التاريخ وتعيش في الخيال. فمنذ أن أسسها القيصر بطرس الأكبر لتكون (نافذة روسيا على أوروبا)، تحوّلت هذه المدينة إلى تحفة معمارية وروحية تجمع بين الفخامة الإمبراطورية والروح الثقافية العميقة.
كل زاوية في بطرسبورغ تحمل عبيرًا من الماضي: الجسور التي تعانق نهر نيفا، القصور التي تروي قصص القياصرة، الشوارع الواسعة التي تتكئ على أرصفة رخامية، والقباب الذهبية التي تلمع في السماء الرمادية وكأنها نجومٌ ترفض المغيب. ليس غريبًا أن تُسمّى "العاصمة الثقافية لروسيا"، فكل مكان فيها يعكس جوهر الفن الروسي ورقيه.
تمتلك المدينة طابعًا لا يشبه أي مدينة أخرى. فهي تحمل ملامح الهندسة الأوروبية في تخطيطها وأناقتها، لكنها في الوقت نفسه تغمر الزائر بروح روسية واضحة؛ روحٌ فيها صلابة الشمال ودفء الإنسان وقدسية التاريخ. هذا المزيج يمنح بطرسبورغ سحرًا خاصًا يجعل كل زيارة إليها تجربة لا تُنسى.
لا يمكن الحديث عن سانت بطرسبورغ دون ذكر عباقرة الأدب والفن الذين عاشوا فيها: دوستويفسكي، بوشكين، تشايكوفسكي، ريپن ... أسماء صنعت مجد الثقافة الروسية ووضعت المدينة في مصافّ أعظم الحواضر الثقافية في العالم. المتاحف والمسارح والمكتبات ليست مؤسسات عادية هنا؛ إنها جزء من روح المدينة التي تعيش بالفن ولأجله.
ما يجعل بطرسبورغ مدينة تسكن الذاكرة ليس جمالها وحده، بل مشاعر الغموض والرقي والسكينة التي تعيشها في شوارعها. فحين يسير المرء على ضفاف النيفا عند غروب الشمس، يشعر وكأنه يتحرك داخل لوحة فنية تتحرك فيها الألوان ببطء. وحين يتجول في حدائقها أو يقف أمام قصر الشتاء، يدرك أنه أمام مدينة تحترم تاريخها، وتكتب مستقبلها بروح لا تنكسر.
#فؤاد_أحمد_عايش (هاشتاغ)
Fouad_Ahmed_Ayesh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟