ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 14:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النظام العراقي ليس دولة… بل ميليشيا كُبرى لها حكومة
الحديث عن «حلّ الميليشيات» في العراق ليس جدلًا سياسيًا، بل سوء فهم جذري لحقيقة النظام. فالعراق ما بعد 2003 لم تُبنَ فيه دولة لتخترقها الميليشيات، بل بُنيت ميليشيا طائفية كبرى وأُقيمت لها واجهة اسمها “الحكومة”. ومن هذه الميليشيا الكبرى خرجت عشرات الميليشيات الصغرى. لذلك، فحلّ هذه التشكيلات يعني تفكيك الأساس الذي يقوم عليه النظام، لا إصلاحه ولا تحسينه.
ما يُسمّى إعلاميًا بـ«الفصائل» هو غطاء لغرض واحد: إخفاء حقيقة أن هذه المجموعات القوة العسكرية التي تمنح النظام الشيعي هويته وشرعيته. ليست ملحقًا به، بل شرط وجوده. بدونها ينهار التوازن الطائفي الذي صُمّم عليه كل شيء من الدستور إلى الاقتصاد، ومن التمثيل السياسي إلى توزيع الغنائم.
من يتحدث عن الحلّ يتحدث ضمنيًا عن إسقاط النظام
إنّ تفكيك هذه القوى لا يعني استعادة الدولة، بل فتح ثغرة في الجدار تحمل السقف كله إلى السقوط. فاختفاء السلاح الطائفي من معادلة الحكم يعني الآتي فورًا:
سقوط شرعية السلطة لدى المكوّن الذي بُني عليها الحكم.
فراغ أمني يملؤه صراع أهلي مفتوح.
انهيار ترتيبات 2003 بكاملها.
إمكان واقعي لتجزئة البلاد إلى كيانات طائفية وقومية.
لذلك فإن الدعوة إلى حلّ الميليشيات دون طرح بديل جذري للنظام ليست دعوة إلى “تقوية الدولة”، بل دعوة إلى تفجيرها.
الموقف الأمريكي: هدم امتداد إيران… لا هدم النظام
الأكثر راديكالية في المشهد أنّ الولايات المتحدة نفسها لا تريد إنهاء النظام الميليشياوي؛ هي تحتاجه وتستفيد منه، لأنه يوفر لها عراقًا قابلًا للضبط ورخيص الكلفة. مشكلتها ليست مع “الميليشيات” كمفهوم، بل مع الميليشيات التي ترفع صورة خامنئي وتضع بنادقها تحت قرار طهران.
ولهذا، فإنّ الطلب الأمريكي بحلّ الميليشيات ليس له هدف بنيوي؛ إنه عمليًا مطلب لفكّ الارتباط بإيران فقط. مجرد ذلك. أما بقاء السلاح، وبقاء الميليشيات، وبقاء الاقتصاد الموازي، فكلها ليست محل اعتراض أمريكي طالما أنها لا تعمل لصالح خصم واشنطن.
وبمجرد أن تفكّ هذه الفصائل ارتباطها بإيران، وتعلن “عراقية” قرارها—ولو شكليًا—فإنها تتحول إلى جزء عادي من النظام، وتخرج تلقائيًا من قائمة الاستهداف الأمريكي.
الخلاصة
النظام العراقي ميليشياوي بطبيعته. الدولة واجهة. الحكومة ديكور. الميليشيا هي الهيكل العظمي.
ومن ينتظر أن يؤدّي حلّ الميليشيات إلى قيام دولة، كمن ينتظر أن ينهض الجسد بعد إزالة عموده الفقري.
وأمريكا لا تريد دولة، ولا تريد عمودًا فقريًا، ولا تريد حلًّا جذريًا. تريد شيئًا واحدًا:
قطع يد إيران والإبقاء على النظام كما هو، ميليشياويًا، طائفيًا، قابلًا للإدارة، ومفتتًا بما يكفي لعدم امتلاكه إرادة مستقلة.
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟