أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - قراءة في رواية -دار خولة-














المزيد.....

قراءة في رواية -دار خولة-


رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)


الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 00:01
المحور: الادب والفن
    


عندما سمعت اسم الرواية المرشحة للحوار في مجموعة "أكثر من قراءة" تبادر لذهني مطلع معلقة طرفة بن العبد:
لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ
إلا أن الشق الأول من وسم الرواية "دار خولة" لم يلبث أن أحالني لمعلقة عنترة بن شداد إذ يقول:
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
و"خولة" في اللغة هي الظبية "أنثى الغزال حديثة الولادة"
أراني تماديت في الحديث عن الشعر، القديمِ منه على وجه الخصوص، فما علاقة هذا بالرواية موضوع هذا المقال؟
تدور أحداث هذه الرواية في عشرينيات القرن الحادي والعشرين، وتتناول الحياة في الكويت في العصر الحالي، فما الذي أتى بالشعر الجاهلي في هذا السياق؟ ثمة علاقة ما للشعر بهذه الرواية سترد لاحقا في هذا المقال.
الرواية القصيرة أو النوفيلا الموسومة "دار خولة" للكاتبة الكويتية المعاصرة "بثينة العيسى"، صادرة عن منشورات تكوين الكويتية عام 2024، توشح الغلاف باللون الأزرق الغامق، وهو أغمق زرقة من أن يشير إلى سماء الكويت أو بحرها، هل من إشارة إلى العلم الأمريكي؟! وثمة في مطلع الرواية ما يشير إلى علاقة ما بين خولة وأمريكا؟ أما حوض السمك فحكاية أخرى ملازمة للسرد من البداية حتى النهاية بالرغم من جفافه وموت الأسماك فيه.
النص الثالث من النصوص الموازية بعد عنوان الرواية والغلاف يتمثل في التصدير بأبيات لأبي العلاء المعري إذ يقول:
كأنني في لسان الدهر لفظ تضمن منه أغراضا بعادا
يُكَرِّرني ليفهمني رجال كما كررتَ معنى مستعادا

الرواية قصيرة جدا كما أسلفت ولعل في بيتي أبي العلاء دعوةِ للتأمل والتركيز في المضامين المكثفة، في عدد الصفحات القليلة، والمشهد الأحادي للسرد المطل على غرفة الطعام والمطبخ في دار خولة.
أم أرملة تعيش شبه وحيدة بالرغم من وجود ثلاثة أبناء، بينما يعيش كل منهم عالمه الخاص تدعوهم لتناول طعام العشاء على أمل جمع الشمل، والبحث في أمر مشاركتها في لقاء تلفزيوني وهي المختصة في الفولكلور. وسبق أن شاركت في برنامج آخر أثار الكثير من الجدل.
يحضر إلى العشاء اثنان الأكبر الغائب عن البيت منذ أكثر من سبع سنوات خريج مدرسة أميركية ويتحدث عربية ركيكة، والأوسط يعيش في الطابق الثاني من البيت ويمارس الوصاية، بل يتمادى إلى دور تربوي في التعامل مع أمه، والثالث لم يحضر ولم يجب على محاولات متكررة للاتصال به، وأترك ما جرى من "أشكال الحوار" وما آلت إليه لدهشة القارئ وفضوله.
حمل هذا البيت موقع أحداث الرواية اسم دار خولة بمبادرة من "قتيبة" الأب الراحل أستاذ اللغة العربية وآدابها المولع بالشعر حدا يجعله يحفظ القصيدة من أول مرة يسمعها أو يقرؤها، ثم يبدل أسماء البنات فيها ب "خولة" في تقربه من ظبيته الأمر الذي كان مثار استغراب الأبناء أو ربما سخريتهم.
إذا اتبع القارئ ما نصح به المعري من التكرار والتدقيق، وإذا تتبع جملا طبعت وهي تشير إلى تلميح أو ترميز يتضمنه السرد هنا وهناك فسوف يجد نفسه أمام مشهد المجتمع الكويتي بعد الغزو الدولي بقيادة أمريكية بحجة معالجة الاجتياح العراقي.
وهذا الانقلاب في حالة الوعي العام في الكويت الذي تراكم على مدى ثلاثة عقود هي عمر الابن الأكبر "ناصر" وجيله ربيب المدارس الأميركية الذي تبع حالة الانبهار بالأبيض القادم ليحقق التحرير والديمقراطية.
رحل الأب "قتيبة" بشِعرِه وثقافته، كأن رحيله أشار إلى رحيل الثقافة التي يمثلها واللغة العربية خصوصا، واستبدلت بلغة عربية ركيكة يتحدث بها ناصر، كانت مثار سخرية وتنمر من شقيقه "يوسف" الذي تولى الوصاية في البيت بعد رحيل والده، وتدرج في ذلك ابتداء من سن مبكر، أما الابن الثالث "حمد" فهو جيل اللامبالاة المنسلخ من الالتزامات الاجتماعية المنشغل بالألعاب الإليكترونية، والتقاط صور السلفي مع وجبة الطعام.
يتنامى إدراك القارئ عبر السرد للوصول لحقيقة أن "دار خولة" إنما هي الكويت التي تأثرت بحرب الخليج الثانية، وشهدت الكثير من التحولات السلبية، "لم يكن الوضع مثاليا تماما على أي حال"، ولكن تعمقت السلبيات نتيجة لهذه الحرب فبغياب قتيبة غياب الوجه العروبي ممثلا بالثقافة العربية والتي كان فيها للقضية الفلسطينية دورا ملحوظا، وتحولت الأجيال بين فاقد لهويته "ناصر"، وآخر منكفئ لسلطة العادات والتقاليد المتشددة في نهجها المحافظ، الحريص على منافعه ومكاسبه الشخصية "يوسف" وثالث ممثل في حمد، أما خولة فهي مثال المرأة المثقفة التي خسرت مكاسبها النسبية المحدودة، وباتت ثقافتها مثار سخرية وتجريح وتشهير "ساعدت في مضاعفة أثرها وسائل التواصل الاجتماعي " حدا قد يصل إلى التكفير.
كتبت العيسى روايتها بلغة داخلها شيء من الترميز "كُتِبَ بين قوسين بخط غامق"، ناهيك عما تضمنه السرد من دلالات رمزية، واختلطت الفصحى باللهجة العامية الكويتية الأمر الذي أكسبها صدقا وواقعية، وقد داخلها أيضا بعض العبارات باللغة الإنجليزية كانت تعبيرا صادقا عن ثقافة ناصر.
ثمة في الهامش وعبر السرد انعكاس لثقافات وملامح اجتماعية، وأسماء مأكولات متعددة اختلطت بالمجتمع الكويتي وفي المقدمة منها المجتمع الفلسطيني، أما "الدولمة" وهي طبق عراقي فقد كان لاستخدامه كطبق رئيس في الوليمة، رمزية خاصة متداخلة مع عناصر الرواية.
وماذا عن حوض السمك الجاف وموت السمكة الحمراء التي أتى بها حمد مع مائها؟ لعلها تحمل دلالات تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم، أما من أمل لحياة في دار خولة؟! ا هل أملت الكاتبة في سمكة حمد أن تعيد الحال إلى ما كانت عليه قبل الحرب؟ هل فقدت الأمل؟!!
ثمة جانب لفت انتباهي كوني صيدلاني يتمثل في تركيز دواء الميلاتونين الذي ورد على أنه "5غرام" والصحيح 5 ملغم، ومع أن كثيرا من الناس يقعون في مثل هذا الخطأ، إلا أنه كان أولى بها أن تتحقق من ذوي الاختصاص، وتكتبه بالشكل الصحيح.



#رشيد_عبد_الرحمن_النجاب (هاشتاغ)       Rasheed_Alnajjab#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هامش أخير،،، قراءة في كتاب سيرة مختلف
- قراءة في المجموعة الموسومة -لحظة-
- قراءة في رواية -بطل من هذا الزمان- للكاتب الروسي ميخائيل لير ...
- سنة واحدة تكفي
- غرفة حنا دياب
- بيت الجاز،،،،جاذبية السرد
- ذئـــاب منوية ،،،، من يمتلك الحقيقة؟!!
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
- الأشجار تمشي في الإسكندرية - من يملك حق محاكمة عهد عبد الناص ...
- تساؤلات تفضي إلى تساؤلات في رواية عين التينة
- الجهة السابعة،،، حيث يلوذ الأسير حتى لا يعيش السجن فيه
- يوميات الزيارة والمَزور ،،،،طاقات الإبداع ونوافذ الأمل
- الخروبة-مشاهد وصور من العذابات والالم
- جزء ناقص من الحكاية،،، شغف اصطياد اللحظة
- بين معرض الكتاب في عمان وشيكاغو.. رواية -الخروبّة- للكاتب رش ...
- رواية -الخرُّوبة- لرشيد النجّاب* بين توثيق المكان والتاريخ و ...
- مصائد الرياح،،، وتعاقب أجيال المواجهة وأزمانها
- مــنــزل الـــذكــــريـــات
- حانة فوق التراب
- أنا يوسف يا أبي.....قراءة مشهدية للواقع ...بحثا عن جيل ضاعت ...


المزيد.....




- -ضايل عنا عرض- يحصد جائزتين في مهرجان روما الدولي للأفلام ال ...
- فنانون سوريون يحيون ذكرى التحرير الأولى برسائل مؤثرة على موا ...
- -تاريخ العطش- لزهير أبو شايب.. عزلة الكائن والظمأ الكوني
- 66 فنا وحرفة تتنافس على قوائم التراث الثقافي باليونسكو
- فنان من غزة يوثق معاناة النازحين بريشته داخل الخيام
- إلغاء حفلات مالك جندلي في ذكرى الثورة السورية: تساؤلات حول د ...
- أصوات من غزة.. يوميات الحرب وتجارب النار بأقلام كتابها
- ناج من الإبادة.. فنان فلسطيني يحكي بلوحاته مكابدة الألم في غ ...
- سليم النفّار.. الشاعر الذي رحل وما زال ينشد للوطن
- التحديات التي تواجه التعليم والثقافة في القدس تحت الاحتلال


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - قراءة في رواية -دار خولة-