أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - ذئـــاب منوية ،،،، من يمتلك الحقيقة؟!!















المزيد.....

ذئـــاب منوية ،،،، من يمتلك الحقيقة؟!!


رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)


الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 16:16
المحور: الادب والفن
    


أطياف بشرية تعددت أشكالها وأحجامها، مقيدة أعناقها، بينما تراوحت أقدامها في الارتفاع، فمنها ما بلغ حد الشنق، ومنها من يتربص به القدر استعداد لذلك ثمة سيدة ربما تتساءل عن مصيرها في العراء، وهناك، حصان، وطير، ومخلوقات أخرى. كل ذلك تجلل باللون الأسود خالطه بعض من خطوط بيضاء ربما لتمكن الرائي من لتمييز حقيقة الأمور! أو هل تعطي مسحة من أمل؟!
تلكم كانت تفاصيل غلاف الرواية الموسومة "ذئاب منوية" للراحل أحمد أبو سليم في طبعتها الثانية الصادرة عام 2024 عن دار الفينيق في عمان في نحو 220 صفحة من القطع المتوسط.
مهلا، فربما أثار هذا العنوان ظنونا عند طائفة من القراء، وربما بعض النقاد، فتأهب للنيل من هذا العمل أو إدانته بما لا ينبغي له دون أن يمضي في عمق العمل ويحاول فهم أبعاده الثقافية والنفسية، وقد أعجبني في هذا السياق ما ذهب إليه الأستاذ موسى أبو رياش حول رأي أحد النقاد الذي وصف العنوان بأنه "دعارة ثقافية" فقال في مقاله المنشور في جريدة"القدس العربي" الصادرة في نوفمبر 2016:
"فالذئب هو الحيوان الأكثر توظيفا في الأدب، والمنوية مصطلح بيولوجي متداول بين الجميع وفي الصفوف المدرسية. أما ما يوحيه العنوان، فهو مسؤولية القارئ"

بينما قال الكاتب على لسان علي بابا إحدى شخصيات الرواية :" جعلونا يا صديقي مجرَّد ذئاب منويَّة، تتصارع على بويضة واحدة، واحدة فقط، وأَقنعونا بأَنَّ الثَّاني خاسر مثل الأَخير."
ترى من هو الصادق الذي أشار إليه الكاتب وهو يمهد لهذا العمل ويهديه؟ وما هي حكاية القرى التسعة! والقرية العاشرة؟ والطرد ثم الإبادة، أنا لم أستطع المرور بهذه الكلمات دون ربطها بما جرى في فلسطين، أما الاعتراف بالشهداء فموضوع آخر متشعب ولعل فيه صورة من صور البحث عن الحقيقة،
أنتقل إلى المسرح الرئيس ويبرز مخيم الزرقاء، ولا بد من الإشارة إلى إنني أطل لأول مرة على مخيم الزرقاء والزرقاء كجزء من البعد الجغرافي لعمل أدبي، فكيف رسم أحمد أبو سليم صورة هذه المدينة في الرواية؟ يقول على لسان إدريس الإبن: "الزرقاء مدينة تغلي بالفقر والجوع والحرمان والتردد والتوحُّد والتفرُّد، مدينة الحزن، والكلاب الضالة، والجرذان، والخواء، الزرقاء أمست مدينة آيلة للسقوط".ص14
على حافة المقبرة يعيش إدريس الإبن "إدريس2" الذي اكتشف أنه لقيط هذا ما أكدته له جدته، وسوف يتولى السرد على مدى الرواية بالتبادل مع والده "إدريس1"، ويتشكل السرد حوارا في بعض مقاطع من الشهادتين. بقي أن أقول إن أول ما باح به إدريس الإبن كان مشهد عودته من الدير بصحبة الأب الراعي لهذا الدير "ميخائيل" ليبدأ حياته في "بيته".
المخيم، والسور، والمقبرة، وسكة الحديد، هل ثمة ما يوحي بلمحات من سيرة ذاتية؟ قد لا تخلو الرواية من معالم سيرة ذاتية ولكن مجمل مضمون الرواية يتعدى هذا، لست بصدد تلخيص الرواية فهي ليست قصة بطل ونهاية وحسب بل هي مشاهد لصراع ومصائر ومآلات.
فلسطين حاضرةفي الرواية بقوة، لانستطيع القول بأنها الصورة الخلفية ففي ذلك إضعاف للدور الذي شغلته عبر السرد، لعلها كانت مظلة لكل ما كان، حيثما كان حتى في أفغانستان التي أرسل إليها إدريس الإبن منفيا بمؤامرة من فتحي وربما بأمر من جعفر .
إدريس (الأب والإبن) كانتا الشخصيتان الرئيستان في الرواية، ولكل تجاربه وعذاباته، وجعفر وفتحي بدرجة أقل وإن لم يغيبا عن حكايات إدريس الإبن على وجه الخصوص. ثم "آذار" شريكة الروح لإدريس الأب وأم إدريس الإبن التي عذبته جدته بنكرانها ، و الأب ميخائيل، والجدة، ورقية الضحية التي لم تتوان عن استغلال إدريس، وعلي بابا الذي بات يعيش على هامش الحياة مع كأس العرق ولفافة الهيشي وناي الجدة أحيانا، وأمينة الأرملة الثكلى التي تعد نفسها بالانتقام من الذي غدر بزوجها، وأمل ومكيدتها، وعدد من رفاق في النضال وفي السجن. السجن! مسمى يقودنا إليه إدريس الإبن خلال حواره مع رقية:
- "ماذا يفعل بالسجن رجل مثل جعفر؟"
- "ما يفعله البشر بالسجون" تجيب رقية
كان للسجن في الرواية أشكال كثيرة؛ سجون لدول، منظمات، أشخاص وبينما كانت أفعال الشنق، والحجز لسنين، والتحقيق والتعذيب حاضرة بقوة وبقسوة، فقد سجل "تحقيق العدالة" غيابا تاما. شكل السجن كمسرح الأحداث مساحة واسعة من السرد .وهنا تجلى بقوة سؤال حول "من يملك الحقيقة؟"
وجعفر ذلك الرعب الماثل من أول الرواية إلى آخرها، بانتمائاته المشبوهة، و أدواره الشائنة، وممارساته الغارقة في الموبقات حتى أخسها وأدناها، ترى كم جعفر ضمت الثورة الفلسطينية في عصرها الحديث أو عصر ما بعد النكبة؟ كانت صورة جعفر في الرواية إقرارا وإدانة لهذا الجزء من الممارسات تصدى لها الكاتب بجرأة واضحة.
وحكاية الصندوق الأحمر وتنقلاته، وانشغال قادة الثورة بتفاصيله كان مثلا آخر لانشغالات أخرى كثيرة، شكلت تحد آخر وتصدٍ للبحث عن الحقيقة انبرى المؤلف للخوض فيه بشجاعة.
كان إدريس الأب مثالا للبطولة في أدوار عديدة، وكان صاحب المبدأ عندما رفض الانحياز الفوري والآني لحركة الإنشقاق، وكان ضحية لمكيدة أمل، "وشتان ما بين معنى المكيدة والأمل ومدلولاتها"، تلك التي كلفته مايقارب نصف عمره في السجون .ثم مفاجأته بإبن يحمل تفاصيل كثير ويعاني من انفصام الشخصية ولعل أهم ما فيه أنه "كل ماتبقى له من "آذار"
معظم من تبقى من الشخصيات كانوا ضحايا، كان إدريس الإبن ضحية الجدة ومافعلته بالحقيقة من تزوير حول حفيدها، وكان ضحية لرقية التي استغلته جنسيا للبحث عن الحقيقة بطريقتها، وضحية لفتحي وجعفر، وكان الآخرون ضحايا بقدر متباين من المعاناة؛ رقية وأسعد، والزوجة التركية، وعلي بابا حتى فتحي على بشاعة أدواره بصفته صنيعة وإمعة لجعفر مع كل التفاصيل إلا إنه كان ضحية بطريقة ما، هل كان موته عند قلعة جانفي في أفغانستان بهذه الطريقة تحقيق للعدالة ضد كل من ظلم!؟ وهل كان انتقام أمينة على هذا النحو صورة أخرى لتحقيق العدالة؟!
يسجل للمبدع الراحل أحمد أبو سليم إلى جانب الجرأة في الطرح والتناول على أكثر من صعيد، تلك اللغة الشاعرية الرقيقة برغم قسوة المواضيع المطروحة وهذا التدفق السردي الذي شعرت به يتخذ طابعا مسرحيا يوشك فيه السارد وربما القارىء على الصعود للمسرح واعطاء الجمل والعبارات حقها من التعبير الصوتي.
برغم قتامة الصور وتعمق الأحزان عبر السرد بما اقتضاه الظرف إلا إن الكاتب لم يشأ أن يترك القارىء دون صورة جميلة فقد قال إدريس الإبن في دفاعه عن نفسه خلال لقائه الأول مع رقية: قال نقلا عن الأب ميخائيل:
"كلُّ كلمة جميلة، كل موسيقا تعيد عزف هذا الكون من جديد، كل أغنية، كل قصيدة، كل همسة روح، تضيف مساحة جديدة من الجمال إلى هذا الكون، وتجعل الظلمة تخطو خطوة إلى الوراء"



#رشيد_عبد_الرحمن_النجاب (هاشتاغ)       Rasheed_Alnajjab#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
- الأشجار تمشي في الإسكندرية - من يملك حق محاكمة عهد عبد الناص ...
- تساؤلات تفضي إلى تساؤلات في رواية عين التينة
- الجهة السابعة،،، حيث يلوذ الأسير حتى لا يعيش السجن فيه
- يوميات الزيارة والمَزور ،،،،طاقات الإبداع ونوافذ الأمل
- الخروبة-مشاهد وصور من العذابات والالم
- جزء ناقص من الحكاية،،، شغف اصطياد اللحظة
- بين معرض الكتاب في عمان وشيكاغو.. رواية -الخروبّة- للكاتب رش ...
- رواية -الخرُّوبة- لرشيد النجّاب* بين توثيق المكان والتاريخ و ...
- مصائد الرياح،،، وتعاقب أجيال المواجهة وأزمانها
- مــنــزل الـــذكــــريـــات
- حانة فوق التراب
- أنا يوسف يا أبي.....قراءة مشهدية للواقع ...بحثا عن جيل ضاعت ...
- الساعة الخامسة والعشرون - قراءة حديثة في رواية قديمة
- شغف
- الدم لا يتكلم
- الــمــولـــودة
- سوداد (هاوية الغزالة)
- قناع بِلَون السماء
- مذكرات القائد الشيوعي محمود الأطرش المغربي


المزيد.....




- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...
- عشرات الفنانين والإعلاميين يطالبون ميرتس بوقف توريد الأسلحة ...
- حكايات ملهمة -بالعربي- ترسم ملامح مستقبل مستدام
- مسرحية -لا سمح الله- بين قيد التعليمية وشرط الفنية
- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...
- الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام ا ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - ذئـــاب منوية ،،،، من يمتلك الحقيقة؟!!