أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - بيت الجاز،،،،جاذبية السرد















المزيد.....

بيت الجاز،،،،جاذبية السرد


رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)


الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


ثمة ولادة لعهد جديد بعد تنحي رئيس حكم البلاد لثلاثة عقود أو يزيد، وقد تزامن هذا الحدث مع ولادة ملتبسة، ومولود يُطوَّح به من شباك حمام المستشفى الجامعي في طنطا. بدل من أن يرقد إلى جانب والدته باحثا عن ثديها وقطرات"اللبن*" الأولى، من هنا بدأت الإثارة، بات هذا خبرا على صفحات الجرائد وكان مثار اهتمام "الكاتبة رضوى" ومبعث سعيها لتحويل هذا الحدث إلى رواية.
رواية "بيت الجاز" الرواية الأحدث للروائية نورا ناجي والصادرة عن دار الشروق في مصر بحجم يصل إلى نحو مئتي صفحة من القطع المتوسط عام 2025 موضوع هذه السطور.
قد يثير العنوان تساؤلا لدى القراء سيما خارج مصر "بيت الجاز"، ماذا عساه يكون؟!! فبالرغم من عيشي في مصر ما يقارب خمس سنوات إلا إنني لم أدرك حقيقة الأمر قبل أن أقرأ عددا من الصفحات، مر ببالي "الجاز" في (قراءة بغير اللهجة المصرية) كنوع من الموسيقى ولكن المقصود هنا بعيد كل البعد عن هذا المعنى بالرغم من صخب إيقاع الأحداث في هذا البيت. ربما ساعد عود الثقاب على الغلاف إضافة إلى خيال عربة يجرها حصان في إدراك معنى عنوان الرواية كمكان لبيع سائل الوقود "الكاز" والذي يوشك على الاختفاء من الحياة العامة، ثمة في الرواية ما يشير إلى هذا متمثلا في انتقال "المعلم عوض" أحد أهم سكان بيت الجاز إلى مهنة أخرى أكثر جدوى من بيع الكاز لبقايا المستهلكين في المدينة. ولكن "الجاز" قبل أن يختفي اشتعل واشتعلت معه "مرمر"، المرمر في الطبيعة لا يشتعل، هذا ما تقوله العلوم، أما السرد فوصف احتراقا كاملا ثم سقوط الجلباب دون أي أثر لمرمر. فهل كانت التسمية محض مصادفة؟
تشير الصفحة الأخيرة من غلاف الرواية إلى ثلاث سيدات تتقاطع مصائرهن الكاتبة رضوى، والطبيبة يُمنى، والفتاة الضحية مرمر، وقد تناولت الكاتبة مصائر هذه الشخصيات في ثلاثة مشاهد متعاقبة من السرد حملت نفس العناوين "الكاتبة" و "الرواية" و"الحقيقة" وقد تكررت هذه العناوين ولكن
* اللبن في اللهجة المصرية هو الحليب
تباينت المضامين في هذه الفصول المتعاقبة بما يتناسب والبناء الدرامي للأحداث عبر السرد وما رافق ذلك من تصاعد للحبكة حتى ذروتها.
تتضمن الفصول التي حملت عنوان "الكاتبة" مشاهد لحياة الكاتبة في طفولتها والتي صدمت بحقيقة كونها "متبناة"، ومع أن هذا الاعتراف القاسي من قبل الأم المفترضة لم يغير في الوقائع اليومية لحياة هذه الأسرة إلى توفي الوالدان بالتبني وورثت "الكاتبة" البيت وكل شيء، إلا إنها ورثت مع ذلك حالة من الضياع، وسلسلة من الأسئلة الوجودية حول معنى الحياة وجدواها، ومعنى الكتابة وجدواها، وباتت في حالة من الشك حول أهمية أن تتبع هذا الخبر الموجود في صفحة الحوادث، في قصاصة مضى عليها أحد عشر عاما أو يزيد عن "طفل طوحوا به من شباك المستشفى الجامعي في طنطا.
ثمة في هذه الفصول إشارات إلى تفاصيل قضايا إنسانية ولكنها أكثر صلة بالأمور النسوية، من مشاعر، ومفاهيم وتجارب ونتائج كل ذلك وتفاعل شخصية رضوى في الرواية بين صعود وهبوط.
وفي المقابل كانت الطبيبة "يمنى" محور الفصول المعنونة ب "الرواية" وفيها تفاصيل متعددة الجوانب عن حياة يمنى وطفولتها ومعاناتها ما يتصل بعلاقة الوالدين المبهمة، او من ناحية رضاها أو عدم رضاها عن حياتها الزوجية، أو حياتها المهنية في مستويين متناقضين من الممارسة المهنية بين مستشفى الجذام وعيادتها الخاصة، ولكن الجانب الأهم كان تفاعلها مع "مرمر"؛ مساعدةُ مرمر لها في البيت، ثم شهادة الطبيبة ومشاهدتها لكثير من الوقائع المأساوية في حياة "مرمر" إلى حين سقوط هذه الأخيرة مشتعلة من على سطح "بيت الجاز".
تمور في نفس الطبيبة يمنى تساؤلات عديدة حول معاني الاستسلام والرضى، حول الحياة وطريقة العيش، والعلاقة بالزوج والطفلة، وتجهد في البحث عن إجابات عبر أحلام وخيالات تتصور فيها الحياة التي تحب وتتمنى مع أهلها وزوجها وطفلتها ومهنتها وعلاقتها بالمرضى والزملاء في مستشفى الجذام، وبالمرضى في عيادتها المخصصة لطبقة مختلفة من النساء تعالج اهتماماتهن النسوية بالليزر، وفوق كل هذه الخيالات تتربع صورة مرمر، وهي تلعب كطفلة في بيت الجاز، وهي تتعرض للإغتصاب، وهي مكبلة بالسرير، ثم وهي تهوي مشتعلة.
سيجمع السرد بين الكاتبة "رضوى" والطبيبة "يمنى" وسأترك للقارىء دهشة الخوض في تفاصيل ذلك ونتائجه.
وفي باب الحقيقة تتصاعد الحبكة حتى ذروتها وتقفز مرمر محترقة، ويتكشف من خلال فصول معنونة ب"الحقيقة" خفايا "بيت الجاز" والعلاقات بين سكانه، وهشاشتها، وما تمثله من مستوى بائس للعيش في بيئة يحدها مستشفى الجذام ورعب أساطيره من جهة، والمقبرة من جهة أخرى؛ صور لمجتمع مسحوق يتفاعل معه كل بطريقته، يكافح المعلم عوض على عربة الجاز إلى أن يفجع بمأساة ابنته مرمر التي يعالجها بمنتهى الفظاظة والقسوة، وتستعين أم مرمر بسيل من الشتائم البذئية في التعامل مع من حولها دون أن يمنعها ذلك من إبداء كل التعاطف تجاه ابنتها مرمر، ونجاة عمة مرمر القوية التي تشد طفل مرمر عند الولادة وتطوح به في الفضاء. ثم تتفرغ لإدارة أعمالها.
ولا يكتمل الحديث عن بيت الجاز دون الإشارة إلى "زيزو" عمَُ مرمر وحشيشه ووحشيته، وضياعه وانتهاك حرمة بيت أخيه باغتصاب ابنته والتسبب في مأساتها. كان زيزو حلقة في سلسلة من القهر تبدأ من الاستعمار المتربص، إلى الدولة الهزيلة المستقوية على الشعب، إلى حلقات من القهر لا تنتهي بممارسة زيزو الوحشية مع ابنة أخيه. وما تبع ذلك من مآسي.
صور للهشاشة المقترنة بالفقر والمعاناة، وصور أخرى للقهر في طبقات تبدو أقل عوزا من الناحية المادية، ولكن أنماط المعاناة مختلفة، وتبدو المرأة في مقدمة المشهد من حيث الشعور بالمعاناة من جهة، ومن حيث التعبير عنها من جهة أخرى، ثلاثة نماذج من النساء، وثلاث طرق للتعبير عنها أو التفاعل معها وفي المقابل فأي نماذج للرجال ؛ زوج الطبيبة!؟ أم الطبيب المجاور لها في العيادة؟أم صديق الكاتبة رضوى؟ أم والد مرمر ؟ أما "زيزو" فبقي على حاله من الضياع والتشرد وانعدام المسؤولية .
عبرت نورا ناجي عن هذه الصور في هذا العمل الجميل بأسلوب متميز أقر أنني وجدت بعض الصعوبة في بدايته إلا إنه تمتع بجاذبية في غمرة الخوض في التفاصيل.



#رشيد_عبد_الرحمن_النجاب (هاشتاغ)       Rasheed_Alnajjab#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذئـــاب منوية ،،،، من يمتلك الحقيقة؟!!
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
- الأشجار تمشي في الإسكندرية - من يملك حق محاكمة عهد عبد الناص ...
- تساؤلات تفضي إلى تساؤلات في رواية عين التينة
- الجهة السابعة،،، حيث يلوذ الأسير حتى لا يعيش السجن فيه
- يوميات الزيارة والمَزور ،،،،طاقات الإبداع ونوافذ الأمل
- الخروبة-مشاهد وصور من العذابات والالم
- جزء ناقص من الحكاية،،، شغف اصطياد اللحظة
- بين معرض الكتاب في عمان وشيكاغو.. رواية -الخروبّة- للكاتب رش ...
- رواية -الخرُّوبة- لرشيد النجّاب* بين توثيق المكان والتاريخ و ...
- مصائد الرياح،،، وتعاقب أجيال المواجهة وأزمانها
- مــنــزل الـــذكــــريـــات
- حانة فوق التراب
- أنا يوسف يا أبي.....قراءة مشهدية للواقع ...بحثا عن جيل ضاعت ...
- الساعة الخامسة والعشرون - قراءة حديثة في رواية قديمة
- شغف
- الدم لا يتكلم
- الــمــولـــودة
- سوداد (هاوية الغزالة)
- قناع بِلَون السماء


المزيد.....




- -شاعر البيت الأبيض-.. عندما يفتخر جو بايدن بأصوله الأيرلندية ...
- مطابخ فرنسا تحت المجهر.. عنصرية واعتداءات جنسية في قلب -عالم ...
- الحرب في السودان تدمر البنية الثقافية والعلمية وتلتهم عشرات ...
- إفران -جوهرة- الأطلس وبوابة السياحة الجبلية بالمغرب
- يمكنك التحدّث لا الغناء.. المشي السريع مفتاح لطول العمر
- هل يسهل الذكاء الاصطناعي دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيوني ...
- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - بيت الجاز،،،،جاذبية السرد