أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - غرفة حنا دياب















المزيد.....

غرفة حنا دياب


رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)


الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 16:47
المحور: الادب والفن
    


غلاف بلون الرمل، وخطوط تشير إلى معمار عريق، وباب بأقواس في إشارة للمعمار العربي غلب عليه اللون البني المتناسق بشدة مع لون الغلاف، وإضاءة تشمل معظم الباب ربما في إشارة للتنوير والمعرفة، ويفضي كل هذا إلى نافذة تطل على مدينة عامرة بالحياة؛أبنية وأضوية وأيقونات تعددت دلالاتها بتعدد الحضارات التي تنافست على هذه المدينة عبر آلاف السنين، تلكم هي حلب الشهباء المسرح الرئيس لأحداث هذه الرواية الموسومة "غرفة حنا دياب" للأديبة العروبية د. شهلا العجيلي الصادر عام 2025عن مجموعة من دور النشر: ثقافة، وضفاف ومجاز، ويقع في نحو 300 صفحة من القطع المتوسط.
وتتكون الرواية من جزأين رئيسين جاءا في تسعة عشر فصلا، وفي حين تولت البطلة "كندة" السرد في الفصل الأول بضمير الأنا، فقد تولى الراوي العليم أمر السرد في الجزء الثاني الذي يشمل المعلومات التي فرغتها كندة من تسجيلات لوالدها.
بعد مشهد افتتاحي لرحيل خالتها "وهي حماتها" تنهي كندة الحديث عن مشاعر الحزن المقرون بالغضب باكتشافها لخليلة زوجها واتضاح جرم الخيانة، وبعد قرارها القطعي بالانفصال، ورفضها الإصغاء لكل التوسلات، ثم انتقالها للعيش منفصلة، تبدأ بالعودة في سجل الذكريات أو ما يعرف في عالم السينما ب “Flashback” إلى تعرفها بغسان، وتنامي العلاقات العاطفية إلى قمة وجدتها كندة ناقصة بما أخفاه عنها من معلومات، ثم قريبها محمود وعلاقة تفضي إلى زواج.
وفيما تميزت علاقتها بغسان بتنامي الجانب المعرفي إلى جانب العاطفي، ونظرا للتقاطع في الاهتمامات مع غسان فقد تعمق شغفها بالبحث الذي وجدت فيه إحياء لذكرى والدها واهتماماته فأي مآل وصل إليه هذ الشغف بعد زواجها من محمود ؟
تتحدث "كندة" عن علاقاتها بغسان ثم محمود بكثير من الإسهاب المعزز بوصف دقيق لكل شيء بدءا بالعواطف وتجلياتها ما بين فرحة، ونشوة، وانطلاق إلى فتور وحزن وانقباض، وبتفاصيل تشعر القارىء بصدق هذه العواطف وواقعيتها، ولا يفوتها أن تمضي إلى أدق التفاصيل في وصف الانسان من ملابسه بألوانها وأنواع القماش، وتسريحة الشعر وحتى تفاعل العطر مع كل التفاصيل السابقة وما قد يداخله من مصادر العطر النباتي الطبيعي.
وتمضي المؤلفة في توظيف شخصية كندة للوصف. وللمكان في وصف كندة جمالياته ودلالاته في تعداد أسماء الأحياء؛ العزيزية، السويقة، والعقبة، وخان العلبية الذي كان مسرحا للعديد من أحداث الرواية مرورا بحارات وأزقة تمدك بتفاصيل البلاط في أرضها والجدران والأشجار والأدراج، حتى الأسواق و أماكن البيع وأسماء البهارات والبضائع الأخرى فكأن القارىء يرافق كندة في تقرير مصور يتجاوز فعل الحروف والكلمات. إلى أن يصل القلعة الشاهدة على تاريخ حلب عبر آلاف السنين وكان لها من الوصف نصيب أيضا.
في هذا الجزء من السرد يطل التاريخ صارخا ودمويا أحيانا، مثل الإشارة إلى مقتل والد كندة أثناء عمله في الجامعة في مناوشات بين الدولة والمعارضة وغائما منذرا بشرور في أحيان أخرى، ومزلزلا بصوت القصف في بعض المشاهد وتشير إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي دون أن تعمد إلى السرد التاريخي المباشر.
وفي غمرة الاختباء بعيدا عن القصف تهتدي كندة إلى أشرطة سجلها والدها باللغة الروسية وتقود إليها الصدفة شريكة في الاختباء تتولى أمر الترجمة لتخرج بمعلومات أخفق الجان الذي تلبس "فاطمة" وهي شخصية فرعية عرف عنها تواصلها مع الجن، وقد أبدت الكاتبة على لسان "كندة" مايشير إلى عدم قبولها أوتصديقها لهذه الحكايات ولكنها وظفتها ربما لإضفاء نوع من الغرائبية على السرد لعل في عثور "كندة" على الأشرطة نوع من إقفال لهذا الموضوع.
أما الفصل أو الجزء الثاني الذي جاء تحت عنوان "حكاية غير مدونة يعرفها الأهالي" فقد تجاوز من حيث الحجم الجزء الأول، وتناول حلب في القرن الثامن عشر، في العهد الذي بدأ يشهد تسلل قناصل الدول الغربية إلى السلطنة العثمانية في بداية عهد تداعيها وضعفها.
ربما أرخ هذا الجزء لتاريخ حلب في تلك الحقبة دون أن يتقارب مع الأحداث السياسية والعسكرية، وإنما رصد حياة الناس وسمات المجتمع من خلال حيوات ثلاث نساء ( فتوح التركية، وهيلين بنت القنصل الطلياني، وميسر الغريبة التي أنقذها علمها من مصير المهجرات)، إضافة إلى "حنا دياب" الحكواتي الذي بات مضرب المثل في غرائبيته وحكاياه التي جمعها في ترحاله، وهو أيضا المسيحي الماروني المعتز بعروبته في إشارة مبكرة للعلاقة الوثيقة بين المسيحية والعروبة عبر التاريخ ، وعلاقة ذلك بما زعمته القنصليات الغربية من دور لوجودها بهدف حماية الأقليات المسيحية في الشرق، ذلك الدور الذي تبلور تفرقة بين الأديان والمذاهب وزرعا لبذور الفتنة في المنطقة استعدادا للانقضاض على تركة "الرجل المريض".
وإضافة إلى دور "فتوح" كامرأة متعلمة واعية تُقدَِم العلم بفروعه للأجيال الناشئة،كما تقدم التوعية في أمور أخرى بشكل غير مباشر ، فقد لعبت دورا في إلقاء الضوء على دور الكنيسة العربية في الحفاظ على اللغة العربية عبر الأزمان، وما تقوم به الكنيسة في التصدي لخزعبلات الكنائس الغربية، وما تروجه من ضلالات عن طريق المستشرقين، وما يعانيه رجال الدين في الكنائس الشرقية نتيجة لهذا الدور المقاوم، كما لعبت فتوح دورا في الدلالة على رفض المرأة الخضوع للضغوط التي تتطب منها الارتباط برجل من خلال رفضها لعروض حسن القزاز للزواج منها بعد وفاة زوجها وكذا ضغوط المجتمع "ميسر" مثالا.
قد يشعر القارىء باستطالة السرد في جزئية الحوار مع الخوري إلا إنه في المجمل خدم الرسالة الأساسية لهذا الجزء من الحكاية غير المروية .
وبالرغم من الدور الإيجابي التوعوي لفتوح إلا إنها احتمت بالدور الطبقي الذي عاشته بصفتها ابنة لأشهر التجار في المدينة وتخلت عن أدوار كان بإمكانها القيام بها وفاء للصديقات ميسر مثالا.
ميسر المهجرة من بلادها لظروف خارجة عن إرادتها كان يمكن أن تكون إحدى السبايا وقد أسعفها علمها ومعرفتها في اتقاء هذا المصير، وقد احتجت على حرمانها من زوجها في ظرف لم يخل من تآمر بالحديث مباشرة لصديقتها ثم بالشكوى العلنية ضد الوالي وتعرضها الشجاع لموكبه الذي أفضى بها إلى مشفى الأمراض العقلية بظروف خاصة جدا. ومضت منه لاحقا إلى مصير مجهول.
وكندة التي تمكنت من إكمال مسيرتها التعليمية بعد طول انقطاع التزاما بغير قناعة بدور المرأة التقليدي، وقد شعرت بالرضى مما وصلت إليه من معلومات ونتائج إلا إن مسيرتها لم تخل من معاناة وإن رصد السرد تصديها لكثير من المواقف بقدر من الشجاعة.
ولا يكتمل الحديث عن السيدات في الرواية دون الإشادة بالدور الريادي الذي ظهر للملكة العربية الأصل ثيودورا وما سنته من قوانين في ذلك العصر المبكر والتي تطلبت نضالات ومعاناة للوصول إليها في القرن الحادي والعشرين بعد الميلاد.
وهكذا تناولت د.شهلا العجيلي بكثير من التشويق صورة حلب التي كانت عبر العصور وتلك التي آلت إليها بعد إرهاصات ومقدمات كانت أولى بالانتباه
20/08/2025



#رشيد_عبد_الرحمن_النجاب (هاشتاغ)       Rasheed_Alnajjab#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيت الجاز،،،،جاذبية السرد
- ذئـــاب منوية ،،،، من يمتلك الحقيقة؟!!
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
- الأشجار تمشي في الإسكندرية - من يملك حق محاكمة عهد عبد الناص ...
- تساؤلات تفضي إلى تساؤلات في رواية عين التينة
- الجهة السابعة،،، حيث يلوذ الأسير حتى لا يعيش السجن فيه
- يوميات الزيارة والمَزور ،،،،طاقات الإبداع ونوافذ الأمل
- الخروبة-مشاهد وصور من العذابات والالم
- جزء ناقص من الحكاية،،، شغف اصطياد اللحظة
- بين معرض الكتاب في عمان وشيكاغو.. رواية -الخروبّة- للكاتب رش ...
- رواية -الخرُّوبة- لرشيد النجّاب* بين توثيق المكان والتاريخ و ...
- مصائد الرياح،،، وتعاقب أجيال المواجهة وأزمانها
- مــنــزل الـــذكــــريـــات
- حانة فوق التراب
- أنا يوسف يا أبي.....قراءة مشهدية للواقع ...بحثا عن جيل ضاعت ...
- الساعة الخامسة والعشرون - قراءة حديثة في رواية قديمة
- شغف
- الدم لا يتكلم
- الــمــولـــودة
- سوداد (هاوية الغزالة)


المزيد.....




- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...
- مصر.. إحالة بدرية طلبة إلى -مجلس تأديب- بقرار من نقابة المهن ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - غرفة حنا دياب