|
|
قصة الثعلب والديك في فنزويلا!
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 22:07
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
أرجو ألا تطبقوا قصة، (الثعلب والديك) على أمريكا في عهدها الجمهوري الراهن تحت حكم الرئيس، دونالد ترامب، على الرغم من أن القصة تشبه ما تفعله أمريكا اليوم في ملف، أوكرانيا، وغزة، وإيران، وآخرها ملف فنزويلا الجديد! سأظل أتذكر قصة، الثعلب والديك وهي قصة منسوبة إلى، أيسوب ويقال إن اسم أيسوب محرف من الاسم الحقيقي (الإثيوبي) المنسوب إلى دولة إثيوبيا، أيسوب يُشبه، عنترة بن شداد، البطل العربي المُستعبَد، والذي نال حريتَه بالبطولة والتضحية دفاعا عن قبيلة، بني عبس، أما، أيسوب هو كذلك عبدٌ في التراث اليوناني عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، وتنسب له قصص خرافية عديدة، نال حريته بواسطة إبداعاته القصصية الشبيهة بقصص، ابن المقفع في كتابه، كليلة ودمنة، من هذه القصص قصة الديك والثعلب! قصة الديك والثعلب تُروى بطرقٍ عديدة، تحكي القصةُ أن ثعلبا جائعا أراد قنص ديكٍ فصيحٍ حسن الصوت يحمى حظيرة من الدجاجات بدون أن يستثير مالكي الديك، فأجرى الثعلبُ مع الديك حوارا محاولا تبرير التهامه، فطرح عليه مجموعة من الأسئلة قبل التهامه فسأله: "برِّر لي إنك أيها الديك لستَ مُزعجا توقظ النائمين مبكرا؟ رد الديك الفصيح: لكنني أوقظ العمالَ النائمين ليفلحوا حقولهم في الصباح الباكر لتثمر أشجارهم ويعم الخيرُ على الجميع! سأل الثعلبُ الديك: إن صوتك رديءٌ لا يصلح للإيقاظ، إنه يسبب الألم، فما ردك؟ رد الديك الفصيح: إن صوتي جميل بشهادة زوجاتي الدجاجات الجميلات اللاتي يُصفِّقن بأجنحتهن لي كل صباح، ردَّ الذئبُ: ولكنك توزع المرضَ على الحظيرة بقدميك المتسختين، رد الديكُ: اعتادت أجمل دجاجاتي أن تغسل لي كل مساءٍ قدميَ بماء يقضي على المرض، قال الذئب: لكنك بخيل لا تمنح الدجاج من علف الحبوب إلا الفاسد الجارح؟ ردَّ الديكُ، أنا ألتقط علف الحبوب الطازجة بمنقاري وأضعه في مناقير الدجاج بلا تمييز، احتار الثعلب ولم يجد عيبا في الديك، فقال: (ولكن لا مبرر لك أيها الديك أن أظل جائعا يومين كاملين) فالتهمه! سأظل أتذكر أن هناك قصة ديك وثعلب أخرى جرت في أوائل ستينيات القرن الماضي، عندما جرى اغتيال الرئيس، الرئيس الكنغولي، باتريس لومومبا المنتخب بعد فوزه بنسبة 90 % من الأصوات، وكانت تهمة، لومومبا أنه شيوعي موالٍ للرئيس جمال عبد الناصر والاتحاد السوفيتي، وأنه سيفسد قارة إفريقيا كلها، وما زلت أتذكر أن الكونغو كانت مستعمرة بلجيكية وأصر الملك البلجيكي، بودوان أن يشارك في الاحتفال وأن يلقي كلمة في الاحتفال عام 1960م، على الرغم أن برنامج الحفل لم يتضمن كلمة الملك فهو مدعوٌ فقط، فصعد الملك وتحدث عن بطولات الجيش البلجيكي في الكونغو وعن التضحيات المالية المدفوعة للكونغو، حينئذِ اختطف، لومومبا المايكرفون منه وقال: "تذكروا أنكم كنتم تمارسون سياسة العبودية ضدنا، تذكروا أنكم نهبتم ثرواتنا، وملأتم سجونكم بأهلنا، تذكروا إهانتكم لنا لأننا زنوج"! عندئذِ قررت بلجيكا بالتضامن مع أمريكا القضاء على، باتريس لومومبا بادعاء أنه شيوعي مناصر لروسيا والصين، فجرى افتعال انفصال إقليم، كاتنغا عن الكونغو واختطافه واغتياله بواسطة القوات البلجيكية بالتعاون مع المخابرات الأمريكية، واقتياده إلى غابة مهجورة وإذابة عظامه ولحمه بالأسيد في منطقة مهجورة يوم السابع عشر من شهر يناير 1961م، وتمكن الرئيس، جمال عبد الناصر من إنقاذ أسرته وحمل الأسرة بطائرة مصرية إلى القاهرة، وكان منسق عملية الإنقاذ هو الفريق، سعد الدين الشاذلي! هذه القصة لها شبيه بالواقع اليوم في ظل الحكومة الأمريكية والدول الأوروبية وبخاصة حكومة الرئيس، ترامب، هو أيضا شبيهٌ بالتهمة التي وجهها، ترامب لزهران ممداني عمدة نيويورك الجديد بأنه شيوعي! وكذلك اتهام رئيس فنزويلا بأنه تاجر مخدرات وشيوعي! والحقيقة هي أن فنزويلا انتخبتْ عام 2024م الرئيس، نيكولاس مادورو بنسبة 90 % بالضبط مثل نتيجة انتخابات، باتريس لومومبا في الكونغو عام 1960م، ولكن الرئيس، مادورو قرر أن يعيد حقوق فنزويلا المسلوبة في إقليم (إيسيكويبو) التابع لدولة، غويانا فحسب زعمه أن الإقليم السابق هو مساحة من الأرض المغصوبة من فنزويلا، مع العلم أن دولة، غويانا كانت في السابق مستعمرة بريطانية وهي دولة غنية بالمعادن الثمينة والبترول والغاز، مع العلم أن فنزويلا نفسها تملك خُمس احتياط العالم من البترول! ادعى دونالد ترامب إن فنزويلا ورئيسها، مادورو يصدر مخدرات الكوكايين إلى أمريكا، وهو يناصر العدويْنِ اللدودين، الصين، وروسيا، وكذلك الهند، وإيران، وكوريا! لم يذكر الرئيس، ترامب أن سبب هذه الهجمة والتهديد بالتخلص من الرئيس الفنزويلي، مادورو عسكريا يعود إلى مئات آلاف المهاجرين الفنزوليين إلى أمريكا، وهم من الفئات التي يسميها، ترامب (القمامة)! -كذلك عندما نعود إلى التاريخ القديم ونتذكر أبشع جرائم بريطانيا المتمثلة في شركة، (الهند الشرقية) التي كانت تمثل صورة، الثعلب في قصة، أيسوب هذه الشركة (الثعلبية) شنَّت حربين كبريَيْنِ على الصين، عام 1840 وعام 1856 وجرى اقتطاع هونغ كونغ من الصين، لأن الصين كانت المهدد التجاري الأكبر لبريطانيا، فقد كانت تصدر لبريطانيا، الحرير، والشاي، والبورسلان، ولا تستورد شيئا من بريطانيا، أرادت بريطانيا إذلال الصين وغزوها فادعت أن الصين دولة ديكتاتورية لا تسمح بالتجارة الحرة، لذلك قررت بريطانيا أن تُغرق الأسواق الصينية بالأفيون المزروع في الهند لكي تنشر الإدمان الذي بلغ ذروته في الصين، فقد أصبح عشرات الملايين من الصينيين مدمنين على تعاطي المخدرات، لذلك غزت السفن البريطانية والفرنسية بمعونة أمريكية سواحل الصين، في حرب الأفيون الأولى عام 1840م، أجبرت القواتُ الغازية الصينَ على التوقيع على اتفاقية مذلة، واقتطعت من الصين جزيرة، هونغ كونغ، ثم في حرب الأفيون الثانية في عام 1856م غزت القوات البريطانية والفرنسية مدينة بكين وسرقت هذه القوات الغازية الآثار والجواهر التابعة لأباطرة الصين القدماء! أجبرتُ دولُ الحلفاء، بريطانيا، فرنسا، أمريكا أجبرت الصين أن تفتح موانئها كلها للتجارة الخارجية، وأن تلتزم بإعفاء البضائع المستوردة من تلك الدول من جميع الضرائب! مع العلم أن بريطانيا التي كانت تزرع الأفيون في الهند وتشحنه في السفن إلى الصين لتبيعة للصينيين، كانت تحظر نشر الأفيون في بريطانيا نفسها! إن قصة، الثعلب والديك ما تزال تُطبق حتى اليوم، وما زال ملف، الرئيس جمال عبد الناصر ماثلا أمامنا، فهو عند الدول الغربية وأمريكا شيوعي معادٍ للغرب، ويسعى لتكوين إمبراطورية عربية كبرى، بخاصة عندما أعلن الوحدة بين مصر وسوريا في 22 فبراير 1958م، وجرى توقيع ميثاق الجمهورية المتحدة من سوريا، ومصر، يمثل سوريا، شكري القوتلي ويمثل مصر، جمال عبد الناصر. اختير جمال عبد الناصر رئيسًا، وصارت القاهرة عاصمة للجمهورية المتحدة الجديدة! لم ينس (الثعالب) ما فعلة عبد الناصر حين أمَّم شركة قناة السويس لتصبح شركة مصرية بحتة في 26 يوليو 1956، جاء القرار ردًا على انسحاب الولايات المتحدة وبريطانيا من ملف تمويل بناء السد العالي، كان العدوانُ الثلاثي المكون من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل نتيجة التأميم! كذلك الحال فإن قانون الثعالب والديكة كان واضحا في إنهاء حكم، الرئيس العراقي صدام حسين عام 2003م بدأت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش في وضع خطط لغزو العراق، ادعى، الرئيس بوش (الثعلب) أن صدام كان يواصل تخزين وتصنيع أسلحة الدمار الشامل، وأن العراق تقع ضمن "محور الشر" العالمي إلى جانب إيران وكوريا الشمالية، وفي أكتوبر من عام 2002، أجاز الكونغرس الأمريكي استخدام القوة العسكرية ضد العراق. ولا أنسى أن المؤامرة التي جرت على الرئيس، ياسر عرفات واغتياله بالسم، تقع ضمن سيناريو، الثعلب والديك، فهو راع للإرهاب على الرغم من أنه حاصلٌ على جائزة نوبل للسلام وليس الحرب، فهو المحرض على استيراد السلاخ في سفينة، كارين إي، وهو الذي سبب الانتفاضة، وهو الذي أعطى الضوء الأخضر للعمليات الإرهابية ضد الإسرائيليين!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرار تقسيم فلسطين وإسرائيل!
-
ألقاب الفخامة!
-
هل فوز، ممداني غزو ديني؟!
-
الاعتراف بالدولة مقابل الاعتذار عن وعد بلفور!
-
قصة مدينتين إسرائيليتين!
-
هل سينهي مشروع ترامب مأساة غزة؟
-
غزل بالسلاح!
-
من هم عرب اسرائيل؟
-
أثر التجويع على الأخلاقَ!
-
استعدادات إسرائيل للإعتراف بدولة فلسطين!
-
من قصص الترحيل والتجويع في غزة!
-
المستوطنات تملك دولة إسرائيل!
-
حلف الناتو في غزة!
-
ميكافيللي الثاني
-
الديكتاتورية مرض أم عبقرية؟
-
(هرتسل) دولة فلسطين!
-
سنطعم غزة بالملعقة!
-
احتجاج سفير أمريكا في إسرائيل!
-
هل كان هرتسل علمانيا؟
-
لا تنتقدوا المقاومة!!
المزيد.....
-
بعد الحكم بالسجن 20 سنة على -كوشيب-، هل تتحقق العدالة لضحايا
...
-
زيلينسكي يلتقي البابا ليو 14 ورئيسة الوزراء جورجيا ميلوني خل
...
-
شكوى -أخلاقية- بحق رئيس -الفيفا- إنفانتينو بسبب علاقته بترام
...
-
-شبكات- تتناول تفاعل المنصات مع احتفالية ذكرى التحرير لسوريا
...
-
إثيوبيا تنفي وجود معسكرات للدعم السريع على أراضيها
-
بالخريطة التفاعلية.. أبرز التطورات بمحافظات الضفة الغربية
-
مستوطنون يهاجمون منازل الفلسطينيين في تجمع واد الرخيم
-
استمرار عملية البحث عن جثة آخر أسير إسرائيلي في غزة
-
دير الزور تشهد عرضا عسكريا احتفالا بذكرى سقوط نظام الأسد
-
الاحتلال يفتح جسر الملك حسين أمام حركة البضائع بعد -ضغوط أمي
...
المزيد.....
-
النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط
/ محمد مراد
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|