|
هل سينهي مشروع ترامب مأساة غزة؟
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 8503 - 2025 / 10 / 22 - 10:10
المحور:
القضية الفلسطينية
ستبقى إسرائيل تعيش في ماضيها، ولن تتغير، فهي كما قال، آرون غاندي، حفيد المهاتما غاندي قال: "مثلُ الإسرائيليين كمثل سائق عربة يقود سيارته بينما يوجِّه نظره دائما إلى الخلف"!! زار الكاتبُ، أرون غاندي المولود عام 1936م إسرائيل عام 2019م لكي يوقع عقدا مع الناشر الإسرائيلي، الذي ترجم كتابه عن سيرة جده المهاتما (The Gift of Anger) إلى اللغة العبرية، أجرت صحيفةُ يديعوت أحرونوت مقابلة معه يوم 19-3-2019م قال: "الأزمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين تزداد صعوبة، لن يتحقق السلامُ بالقتل. فما يُؤخذ بالقوة، لن يُحافظ عليه إلا بالقوة، يجب على الإسرائيليين أن يتحرروا من عقدة الهولوكوست، هذه العقدة ستعوِّق مسيرة إسرائيل إلى الأمام، مَثلُ الإسرائيليين كمثل سائق عربةٍ يقود سيارته وهو بوجه نظره دائما إلى الخلف، لهذا فإن المشاكل لن تُحل، بل تزداد صعوبة يوما بعد يوم"! كان مفروضا أن تُنظَّمَ لهذا الكاتب ندوة ثقافية وإعلامية كُبرى في تل أبيب، ولكن مقابلته السابقة ومقولته "يجب أن تتحرر إسرائيل من عقدة الهولوكوست" وتشبيه إسرائيل بأنها دولة دائمة النظر للخلف، دفعت معظم الصحف الإسرائيلية إلى تجاهل ندوته، لأنه اعتدى على (سلفية) إسرائيل المتمثلة في مبدأينِ رئيسين، وهما الهولوكوست، والسلفية التاريخية، حتى أن جامعات إسرائيل لم ترحب به، وبقي في الظل بسبب هذا الاتهام! ستظل إسرائيل رهينة بمسلسل تاريخها الممتد إلى أربعة آلاف سنة، فهي الدولة الثأرية الوحيدة في العالم التي تطالب بحقها في الانتقام من أعدائها منذ ذلك التاريخ، وكمثال على ذلك أسمتْ حربَ، عام 1948م حرب يوآف وهو قائد جيش النبي داود، وأسمتْ حرب عام 2008-2009 في غزة بأنها الرصاص المصبوب، تعود التسمية إلى زمن ثورة اليهود المكابيين على حكام اليونان، أما حرب عام 2012 فقد أسموها عمود السحاب، وهي الغيمة التي غطت على بني إسرائيل من حر الشمس عندما طردهم فرعون، وعملية السيوف الحديدة في غزة عام 2023م ذُكرت في مزامير داود في التوراة، وعملية عربات غدعون في غزة، وغدعون قائد جيش النبي موسى الذي حارب المديانيين العرب. سنَّتْ إسرائيلُ كذلك قوانينها وفقا لحوادث تاريخية أسطورية، فهي لا تزال تسن القوانين التي تمجّد بطولات السلف الإسرائيلي الماضي، وتسن مبادئ سياسية تتعلق بجينات أعراقها الغابرة، مثل قانون الدولة اليهودية عام 2018 ، وفي البند الثاني من هذا القانون نصٌ يشير إلى أن مستقبل إسرائيل مرهون فقط بالعِرق اليهودي وحده، هذا القانون مثالٌ واحد على تلك السلفية، كما أن قصة عشرة القبائل اليهودية الضائعة هي حلقة من هذا التاريخ، لأنه يُسهِّلُ عودة مَن ينتمون إلى العرق اليهودي فقط إلى إسرائيل، حتى لوكان ذلك على حساب طرد السكان الأصليين من موطنهم، هذه السلفية والقوانين العنصرية منحتْ يهود إثيوبيا الإفريقيين، ويهود الهند والصين واليهود الآسيويين ومهاجري يهود إسبانيا وبلاد الخزر حق العودة إلى إسرائيل، وفي الوقت نفسه حرمتْ الفلسطيني صاحب الأرض من أن يَجمع شمله بأسرته! صرح نتنياهو (السلفي) يوم 19-10-2025 قائلا: "إن إنهاء الحرب على غزة كان سيعجل بنهاية إسرائيل وأن أيامها للبقاء معدودة، ولو خضعتُ إسرائيل لمن أجبروها لوقف الحرب لباتت نهايتها قريبة، ها هو، يحيى السنوار يتحول إلى صلاح الدين الأيوبي الذي هزم الصليبيين في القرن الثاني عشر واستولى على القدس"! سأظل أتذكر هذه السلفية الإسرائيلية في إصرار إسرائيل على الحصول على رفات أشهر جاسوس إسرائيلي وهو إيلي كوهين، هذا الجاسوس زرعته إسرائيل في سوريا، ومنحته اسم، أمين كامل ثابت كاد هذا الجاسوس أن يصل إلى سدة الحكم في سوريا، ولكنه اكتُشف أخيرا وجرى إعدامُه في ساحة المرجة بدمشق يوم 18-5- 1956م، ظل المطبخ الإسرائيلي مشغولا بتحليل كل أثر لهذا الجاسوس، تمهيدا لمعرفة مكان دفنه في دمشق، وهاهم اليوم قد حصلوا على 2500 وثيقة عنه بواسطة جهاز الموساد، وأشارت شبكة (I24) الإسرائيلية يوم 11-10-2025م إلى أن وفدا من الموساد هبط في سوريا وحصل على تلك الوثائق، في إطار تفاهم بين البلدين! وسيتم استلام رفاة هذا الجاسوس لتحليلها وإثبات أنها للجاسوس نفسه، تمهيدا لنقله إلى إسرائيل لكي يدفن فيها، ويُشار إليه كبطلٍ خارق من أبطال إسرائيل، مع العلم أن الموساد قد أعاد قبل سنوات ساعة يد إيلي كوهين، وها هو يعيد اليوم رسائل هذا العميل إلى زوجته، ناديا كوهين! أما تحليل بقايا الجنود المخطوفين القتلى في غزة فسوف تخضع لمهرجان كبير لفحص رفاتهم في مركز الطب الشرعي، وسوف يشارك في هذا الفحص المعقد كما قالت رئيسة قسم الطب في وزارة الصحة، د. هاجر مزراحي، خبراءُ من الجيش الإسرائيلي والحاخامية الدينية، وسوف يتكون طاقم الفحص من عشرات المختصين، ممن سيبحثون الجينات، هؤلاء شاركوا بخبراتهم في فحص جينات 2700 قتيل في برجي نيويورك يوم 11-9-2001م ونجحوا في تشخيص 1700 جثة، وهم قد نجحوا في تحليل خمسة وخمسين جثة للرهائن في غزة! أما عن (بطولة) دونالد ترامب الجديدة المبنية على تمكنه من إيقاف الإبادة في غزة فإنني سأظل أتذكر هذا الرئيس الأمريكي، كبطلٍ من أبطال المصارعة الحرة، سيظل الرئيس، ترامب أسيرا لعقيدته (المصارعاتية) وهي حلق شعر خصومه السياسيين كمبدأ رئيس للظهور والتميز، فهو صاحب اللقطات المدهشة، وهو أيضا سيظل أسيرا للظهور الإعلامي! وهو ما يزال يستخدم تقنيات المصارعة الحرة مع كل مَن يلتقيهم من الزعماء، وكأنه يصارعهم فوق الحلبة، هل سيتمكن من احتكار لقطاته المدهشة ويطبق نظرياته في المصارعة الحرة على السياسة العالمية والشرق أوسطية؟ أعتقد أنه أجرى مقاربات بين نظرية المصارعة الحرة، وبين السياسة لأن لهما هدفا مشتركا يصب في مصلحة منظمي المباريات السياسية العالمية، هذه المقاربة بين المصارعة والسياسة هي جوهر الألفية الثالثة، لأن الهدف واحد وهو تحقيق الربح المادي والمعنوي، وإحداث الرعب في نفوس الخصوم لجني المكاسب وبيع منتجات المصانع الحربية! سيظل الرئيس، ترامب أسيرا لنصيحة، الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر حينما التقيا لقاء خاصا عندما سأله كارتر: "أتعرف سبب قوة جمهورية الصين الشعبية؟" فلم يُجب ترامب على السؤال، ولكن كارتر أجاب عن سؤاله السابق: "إن الصين لم تخض أي حربٍ من الحروب، ظلت تسعى لأن تطور مجتمعها صناعيا وعلميا، وهي كذلك ليست شرطي العالم" هذا التعليق من الرئيس كارتر جعل ترامب يُغير السياسة التقليدية إلى سياسة جني أكبر قدر من الربح المادي، وأن يسعي للانتعاش الاقتصادي والصناعي، وأن يكون مصلحا بين الدول، تمهيدا لنيل جائزة نوبل العالمية! وما مشروع السلام في "غزة" عند ترامب سوى خطوة احتفالية يمكنها أن تدعم حكمه لأربع سنوات قادمة إذا أكمل مشروعه بإعادة بنائها من جديد لتكون مصدرا من مصادر قوة أمريكا اقتصاديا! أما سياسته في الشرق الأوسط وبخاصة فلسطين فهي تنطلق من مبدأ رئيس يجب ألا يغيب عن اهتمامنا، فهي أولا سياسة أمريكية رئيسة تعتمد على ضرورة إيجاد إسرائيل في هذه المنطقة لتقسيم هذا الوطن، وهي تنطلق كذلك من مبدأ ديني رئيس يتمثل في الإيمان بإسرائيل كشرط لعودة الماسيح الإنجيلكاني والماشيح اليهودي، دونالد ترامب مسيحاني صهيوني، ينفذ تعاليم قسيسته المشهورة، باولا متشل وايت، هي إحدى أبرز الشخصيات المؤثرة في الحركة المسيحانية الإنجيلية. وهي المرأة الأولى التي أقامت الصلاة الافتتاحية في حفل تنصيب دونالد ترامب الأولى 2017م! أما المؤثر التالي بعد القسيسة فهو سفير أمريكا في إسرائيل السابق، ديفيد فردمان، أحد أبرز الداعمين لمستوطنة بيت إيل، الذي تمكن بسطوته العقدية من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتمكن من إرساء القاعدة الأولى لاتفاقية أبراهام، وحصل على اعتراف دونالد ترامب بضم الجولان السورية إلى إسرائيل، أما السفير الحالي، مايك هاكابي، فهو المؤثر الثالث في قرارات الرئيس ترامب، وهو السفير الثاني الأقرب إلى الرئيس الأمريكي، وهو يسعى اليوم لضم الضفة الغربية كلها لإسرائيل!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزل بالسلاح!
-
من هم عرب اسرائيل؟
-
أثر التجويع على الأخلاقَ!
-
استعدادات إسرائيل للإعتراف بدولة فلسطين!
-
من قصص الترحيل والتجويع في غزة!
-
المستوطنات تملك دولة إسرائيل!
-
حلف الناتو في غزة!
-
ميكافيللي الثاني
-
الديكتاتورية مرض أم عبقرية؟
-
(هرتسل) دولة فلسطين!
-
سنطعم غزة بالملعقة!
-
احتجاج سفير أمريكا في إسرائيل!
-
هل كان هرتسل علمانيا؟
-
لا تنتقدوا المقاومة!!
-
غزة صفقة تجارية!
-
إسرائيل والأسلحة النووية!
-
وصية نتنياهو في الحائط الغربي!
-
أديبان إسرائيليان!
-
حرب شمشونية في غزة!
-
الحكومة العميقة لنتنياهو!
المزيد.....
-
عدد قياسي من المصابيح يُضاء احتفالًا بمهرجان ديوالي في الهند
...
-
قرقاش يوضح معنى الضربة الإسرائيلية في قطر بالنسبة للإمارات و
...
-
معبر رفح بعد الحرب.. فلسطينيون عالقون بين حلم العبور والتمسك
...
-
واشنطن تضغط على إسرائيل وحماس لتفادي انهيار اتفاق غزة.. و-مه
...
-
من بينها -داعش- وحماس ـ أموال ألمانية لدعم منظمات إرهابية!
-
كل ساعة تأخير عن موعد نومك تزيد من نسبة الدهون في جسمك
-
الإخبارية السورية: إنزال لقوات التحالف في دير الزور
-
رئيس البيرو يعلن حالة الطوارئ للتصدي لأعمال العنف
-
ترسانة المسيّرات الروسية.. من الإرث السوفياتي إلى المنظومة ا
...
-
قتيلان بهجوم صاروخي على كييف وأوكرانيا تضرب مصنع كيميائيات ب
...
المزيد.....
-
بصدد دولة إسرائيل الكبرى
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل
/ سعيد مضيه
-
البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
/ سعيد مضيه
-
فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
/ سعيد مضيه
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني
/ سعيد مضيه
المزيد.....
|