أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - توفيق أبو شومر - غزل بالسلاح!















المزيد.....

غزل بالسلاح!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 01:49
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تذكرتُ قصتي مع مدرس اللغة العربية في المرحلة الإعدادية، بمناسبة الموضوع المقرر وهو شعراء المعلقات في العصر الجاهلي، كتب مدرسُ اللغة العربية بيتين للشاعر، عنترة بن شداد على السبورة، كان بيتا الشعر يحملان موضوعين مختلفين وهما الحرب والحب، أراد عنترةُ في البيتين أن يتغزل في محبوبته(عبلة) ويصف في الوقت نفسه بطولته (الأسطورية) في معركة دارت بالسيوف وبالرماح والدروع والخيول، نجم عن المعركة سيلان الدم من جسد، عنترة البطل، كان مدرس اللغة العربية من أشد المعجبين بالشاعر عنترة بن شداد العبسي، كان يحكي لنا قصة الشاعر وكيف أنه حمى القبيلة من الأعداء نظرا لقوة جسده وشجاعته، وكان المدرسُ مغرما بطريقة تحرير عنترة من العبودية، وكيف قسا عليه مجتمعه لأنه كان أسود اللون، وكان يردد الحوار بينه وبين سيده شيخ قبيلة عبس، حينما غزا الأعداء مضارب قبيلة عبس فقال له سيدُهُ: " كُرّ يا عنترة، أي احمل سيفك وحارب الأعداء" فقال عنترة: "العبد لا يحسن الكر، إنّما يحسن الْحِلاب والصّر» فقال: سيده: "كرَّ وأنت حر" فَامتشق عنترة السيف وقاتل يومئذ قتال الأبطال فألحقه ألشيخ بنسبه، ولم يعد عنترةُ عبدا، بل أصبح سيدا في قبيلة عبس! كتب المدرس بيتي شعر عنترة وهما:
ولقد ذكرتُكِ والرماحُ نواهلٌ مِنِّي..... وبيضُ الهِندِ تقطرُ من دَمي.
فودَدْتُ تقبيلَ السيوفِ لأنـــــــها.... لمعتْ كبارقِ ثغرِك المتبسّـــِمِ.
أسهب مدرسنا في شرح البيتين، بخاصة في تعبيرات، نواهل ولمعت، وتقبيل السيوف، لم أكن يومها مقتنعا بمناسبة هذين البيتينِ في الغزل، لأن الغزل لا يُستساغ في زمن القتل والحرب والطعان، كنتُ أخجل أن أعترض على معلمي وأعبر عن رفضي لاقتران الحب بالقتل والدم، فهما نقيضان لا يلتقيان، كان المدرسُ يقدرني ويكافئني، ولكنني تشجعت وسألت مدرسي بـأدبٍ جم: هل الحدثان متناسبان، فالغزل يحتاج إلى الورد والهدوء والسلام ولا يحتاج إلى سفك الدم؟!
حينئذٍ اشتعل غيظ مدرسي وكأنني اعتديتُ عليه شخصيا، ومسست عنترة بن شداد الذي يُجله ويحبه! ولأول مرة عنفني بقسوة، واستهزأ بسؤالي وقال: العشاق في زمنكم، غير العشق في زمن الشاعر، هناك فرق بين مجتمعنا الراهن المسالم الخالي من المعارك والحروب، مجتمع زهور المحبين والعاشقين وبين مجتمع عنترة بن شداد القبلي المؤسس على الغزو والحرب، فالحب والبطولة صنوان لا يفترقان في مجتمع عنترة!
كنتُ أحاول الابتسام والموافقة بهز رأسي، لأبرز لمعلمي أنني اقتنعتُ أخيرا بتحليله غير الصائب!
أما مناسبة استعادتي لهذه الذكرى يعود إلى يوم الاثنين 13-10-2025م حين استمعت لخطاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في قاعة الكنيست، تيقَّنتُ وأنا استمع للخطاب أن دونالد ترامب كان من أنصار مدرسي لمادة اللغة العربية، على الرغم من أنه لم يسمع بهذا المدرس، ولم يسمع حتى بعنترة بن شداد ومعلقته الشعرية المشهورة!
الحقيقة التي لا أُنكرها أنني من مناصري الاتفاق بوقف الحرب في غزة، وأدعم هذه المبادرة، لأنها تحقن دماء أهلي وأبناء وطني، غير أنني عندما استمعتُ إلى خطاب الرئيس الأمريكي، ترامب في الكنيست أدركت أن كل القادة السياسيين ديماغوجيون، يُضللون سامعيهم بخطابات خادعة!
أعتقد وفق هذا المبدأ أن السياسيين بارعون في تضليل الشعوب واختراع المسميات التي تحمل موضوعات متناقضة، لن أنسى تهديدات الرئيس، ترامب في فترة رئاسته الأولى عام 2017م عندما أراد أن يُفاوض، كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية ليجلب السلام للكوريتين وللعالم، حين افتخر قبل اللقاء بصواريخه الأمريكية، وقال مفتخرا بصواريخه: "إنَّها ظريفة، وفاتنة، وجديدة: "Nice, and New, and Smart".
وفي الخطاب نفسه أسهب في الافتخار بقدرات جيشه، وبخاصة في مجال أسلحة الدمار الشامل، وكان ينظر إلى نتنياهو، وهو يفتخر بأن نتنياهو كان دائم الطلب على قنابل الدمار الشامل، افتخر، ترامب بأن الخبراء الإسرائيليين بارعون في استخدام سلاح الدمار الشامل الذي تملكه أمريكا، وأنه لم يبخل في منحهم هذا السلاح الفتاك المحرم دوليا، ليتمكن من أن يكون في نهاية الأمر رئيسا (لمجلس السلام في غزة)!
قال أيضا بعد أن هدد العالم بالسلاح القاتل: "إنني لا أُحب الحرب لأن شخصيتي شخصية سلام ترغب في إيقاف الحروب" ولكنه نسي مجلس السلام الغزي مرة أخرى وواصل افتخاره بطائراته الأمريكية التي قصفت مفاعلات إيران النووية، وافتخر بأن هناك مائة طائرة رافقت مقاتلاتنا الضخمة، وأن كل طائرة كانت تحتاج إلى أن تتزود بالوقود لقصف المفاعلات سبع مرات في الجو، وأنه يملك خمسين محطة وقود جوية تزود طائراته بالوقود في الجو لتصل إلى غاياتها.
ترامب لم ينس بعد ذلك أن يفتخر بأنه أنهى ثمانية حروب في عهده الميمون خلال ثمانية شهور فقط، وعاد وأكَّد نظريته عندما قال: "سنطبق السلام بالقوة، ونحن نملك أسلحة لم يحلم بامتلاكها أحد، وآمل ألا نُضطر إلى استخدامها"!
إن ترامب يشبه بالضبط أستاذي، أستاذ اللغة العربية، لأنهما مزجا النقيضين معا، الحب والحرب، والسلام والضرب، هما مؤمنان بأن مزجهما يولد السلام والوئام!
ومن خلال منطقهما "القوة تجلب السلام" فإن، ترامب رئيس مجلس السلام في غزة! قال: "انتصرت إسرائيل بقوة السلاح، وبفضل قوتنا وشجاعة جيش إسرائيل سنحقق النصر"!
ولم ينس تكريم جنرالٍ شابٍ كان يجلس وسط المدعوين، وهو، جون دانيال رايزن رئيس هيئة الأركان المشتركة، ليس لأنه رجل سلام، أو لأنه عضو في مجلس السلام الذي يتولى قيادته، أو لأنه سيعمل مهندسا ضمن طاقم، ترامب لإعادة بناء ما دمرته طائرات أمريكا في غزة، ولكنه كرَّمَهُ لأنه كان مختلفا عن الجنرالات السابقين الذي طلبوا من ترامب أن يمهلهم ثلاث سنوات أو أربع سنوات ليتمكنوا من القضاء على تنظيم داعش، أما الجنرال، جون رايزن فقد وعد ترامب بأنه سيقضي على داعش في ثلاثة أسابيع فقط! وهذه بطولة (تدميرية) ستجلب السلام هكذا أوفى الجنرال، جون رايزن بوعده وأنتصر في وقت قصير!
ماذا لو قرأ الرئيس، ترامب شَغف العربِ بالسلاح في أشعارهم؟ فهل كان سيتمكن من الوزن الشعري العربي ويُغَيِّر بيت الشاعر، المتنبي الذي مدحُ جيش الخليفة سيف الدولة حين حرر قرية، الحدث من جيش الرومان؟
قال المتنبي يصف جيش سيف الدولة:
خميسٌ بشرقِ الأرض والغربِ زحفُهُ...... وفي أذنِ الجوزاءِ منه زمازمُ.
هل كان، دونالد ترامب سيغير كلمة (خميس) بكلمة (صاروخ)؟ فيقول:
صاروخٌ بشرق الأرضِ والغربِ وَمْضُهُ...وفي أذن الجوزاء منه زمازمُ.
وهل كان سيغير بيت الشاعر، المتنبي الذي قال:
ومَن طلبَ الفتحَ الجليلَ فإنما... مفاتيحُهُ البيِضُ، الخفاف، الصوارم.
ليصبح بيت شعر دونالد ترامب:
ومَن طلب الحُكْمَ الطويلَ فإنما..... صواريخُهُ البيضُ الخِفافُ الصوارمُ؟!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هم عرب اسرائيل؟
- أثر التجويع على الأخلاقَ!
- استعدادات إسرائيل للإعتراف بدولة فلسطين!
- من قصص الترحيل والتجويع في غزة!
- المستوطنات تملك دولة إسرائيل!
- حلف الناتو في غزة!
- ميكافيللي الثاني
- الديكتاتورية مرض أم عبقرية؟
- (هرتسل) دولة فلسطين!
- سنطعم غزة بالملعقة!
- احتجاج سفير أمريكا في إسرائيل!
- هل كان هرتسل علمانيا؟
- لا تنتقدوا المقاومة!!
- غزة صفقة تجارية!
- إسرائيل والأسلحة النووية!
- وصية نتنياهو في الحائط الغربي!
- أديبان إسرائيليان!
- حرب شمشونية في غزة!
- الحكومة العميقة لنتنياهو!
- تهجيري الخامس!


المزيد.....




- إسرائيل تتسلم رفات 4 رهائن عبر الصليب الأحمر وتعلن تقليص دخو ...
- ستارمر يطرح نموذجا لنزع السلاح من غزة
- 3 جرحى بقصف إسرائيلي على جنوب لبنان
- الهند.. مصرع 20 شخصا بعد اندلاع حريق في حافلة
- واشنطن.. إجراءات ضد أجانب احتفلوا باغتيال تشارلي كيرك
- تونس: ارتفاع عدد حالات الاختناق قرب مجمع كيميائي في قابس جنو ...
- ترامب يلوح بفرض تعرفات جمركية على إسبانيا بسبب الإنفاق الدفا ...
- باسم خندقجي أسير فلسطيني التحق برواياته خارج القضبان
- الاحتلال يدهم مجددا منازل أسرى محررين ويقتحم رام الله
- نتنياهو: إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق -ستفتح أبواب الجحيم-


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - توفيق أبو شومر - غزل بالسلاح!