أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏متعة بثّ الأخبار الكاذبة للأفراد والجماعات ومهنة بثّ الأخبار الكاذبة للمؤسسات: نقاط التلاقي والاختلاف (الجزء الثاني) ‏















المزيد.....

‏متعة بثّ الأخبار الكاذبة للأفراد والجماعات ومهنة بثّ الأخبار الكاذبة للمؤسسات: نقاط التلاقي والاختلاف (الجزء الثاني) ‏


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 02:06
المحور: قضايا ثقافية
    


‏متعة بثّ الأخبار الكاذبة للأفراد والجماعات ومهنة بثّ الأخبار الكاذبة للمؤسسات: نقاط التلاقي والاختلاف (الجزء الثاني)

‏رابعاً: البنى النفسية والاجتماعية التي تُغذّي صناعة الكذب المؤسسي

‏تكتسب المؤسسات السياسية والإعلامية قدرة هائلة على بناء “واقع بديل” لأن لديها ثلاث أدوات أساسية:

‏1. الاحترافية المهنية في البناء السردي

‏لا تُقدَّم الأكاذيب المؤسسية بوصفها أكاذيب، بل بوصفها “حقائق وطنية” أو “معلومات رسمية”.
‏تعيد المؤسسة صياغة الكذبة داخل قالب لغوي منسجم، يستخدم:

‏لغة تقنية أو بيروقراطية،

‏أرقامًا وإحصاءات جزئية،

‏خبراء مرتبطين بالمؤسسة،

‏ومؤثرات إعلامية (إخراج، إيقاع، صور).


‏هذه الاحترافية تمنح الكذبة مظهر “العلم”، حتى لو كانت مضادة لكل حقائق العلم والمعرفة.

‏2. القدرة على تكرار الرسالة عبر منصات ضخمة

‏يتحوّل التكرار إلى أداة “تطبيع”، بحيث تصبح المعلومة الكاذبة جزءًا من البيئة المعرفية للسكان.
‏يشير علماء الاتصال إلى أنّ “التكرار الممنهج” أحد أقوى أدوات صناعة القناعة، لأن العقل البشري يميل إلى اعتبار المتكرر صحيحاً.

‏3. صناعة العدو وصناعة البطولة

‏من وظائف الكذب المؤسسي “إيجاد معنى” للواقع:

‏فكل مؤسسة تحتاج لعدو خارجي أو خصم داخلي لتبرير إجراءاتها.

‏كما تحتاج لصناعة صورة “البطل المنقذ” الذي يمثلها.


‏لهذا، تُستخدم الأكاذيب لأداء وظيفتين متتاليتين:

‏1. إقناع الجمهور بوجود تهديد كبير


‏2. إقناع الجمهور بأن المؤسسة هي الحلّ الوحيد




‏---

‏خامساً: نقاط التلاقي بين الأفراد والجماعات والمؤسسات في بث الأخبار الكاذبة

‏رغم اختلاف الدوافع، إلا أن هناك نقاط تلاقٍ واضحة:

‏1. الحاجة إلى الاعتراف الاجتماعي Social Validation

‏الفرد ينشر خبرًا كاذبًا ليحصل على إعجاب أو إثارة.

‏الجماعة تنشر كذبة لتعزيز هويتها أو سرديتها.

‏المؤسسة تنشر كذبة لتحصل على دعم سياسي أو شرعية اجتماعية.


‏إذن: الجميع يبحث عن “تصديق الآخرين”.

‏2. تبسيط التعقيد

‏العقل البشري يكره التعقيد، لذلك:

‏الكذبة غالباً أبسط وأسهل للفهم.

‏الحقيقة غالباً أعقد وأثقل.


‏لهذا ينجذب الأفراد والمؤسسات معاً إلى “السرديات المريحة”.

‏3. خلق عاطفة قوية

‏لا تنتشر الكذبة ما لم تُلمس العاطفة:

‏غضب، خوف، أمل، انتقام، انتماء.
‏سواء كان الناشر فردًا أو مؤسسة، تبقى “العدوى العاطفية” هي الوقود الأساسي لانتشار المعلومة.



‏---

‏سادساً: نقاط الاختلاف الجوهرية

‏1. مستوى التأثير

‏الفرد: تأثيره محدود ومتقطع.

‏الجماعة: تأثير متوسط لكنه موجّه لهوية معينة.

‏المؤسسة: تأثير ضخم يمتد جغرافياً وزمنياً ولديه أدوات دولة أو شركة.


‏2. مستوى المسؤولية

‏الفرد قد يجهل الحقيقة.

‏الجماعة قد تكون متعصّبة.

‏أما المؤسسة فهي تعرف الحقيقة وتخفيها عن قصد — وهنا يكمن الخطر الأكبر.


‏3. الهدف النهائي

‏الفرد: المتعة، الترفيه، لفت النظر.

‏الجماعة: حماية الهوية أو شيطنة الآخر.

‏المؤسسة: السيطرة، النفوذ، إدارة الرأي العام، أو تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.


‏4. القدرة على بناء “حقيقة مضادة”

‏لا يمتلك الفرد القدرة على خلق واقع بديل، بينما تمتلك المؤسسة:

‏أرشيفًا،

‏إعلامًا،

‏وثائقًا،

‏مؤثرين،

‏وخطابًا رسمياً،


‏وبذلك يمكنها “إعادة كتابة التاريخ” لصالحها.


‏---

‏سابعاً: المخاطر المعرفية والسياسية

‏1. انهيار الثقة المجتمعية

‏تكاثر الأكاذيب يؤدي إلى:

‏انهيار الثقة بين الأفراد،

‏وبين الجماعات،

‏وبين المواطن والدولة.


‏وحين تنتهي الثقة، يبدأ المجتمع بالتحلل.

‏2. تشوّه الذاكرة الجماعية

‏الأكاذيب المؤسسية بشكل خاص تنتج ذاكرة جماعية مزوّرة، مما يخلق:

‏أجيالًا غير قادرة على التمييز،

‏سرديات متناحرة،

‏ومجتمعًا يعيش في “فقاعات معرفية”.


‏3. صناعة العداوات الطويلة الأمد

‏الكذبة القادرة على صناعة “عدو” هي أخطر كذبة.

‏لهذا تتحول الأخبار الكاذبة إلى:

‏محرك للحروب،

‏ساحر يشعل الكراهية،

‏ومهندس يدير الانقسامات لمصلحة قوى سياسية أو اقتصادية.



‏---

‏ثامناً: نحو بناء مقاومة معرفية ضد الكذب

‏لمواجهة متعة الكذب أو مهنته، يحتاج المجتمع إلى:

‏1. تعليم التفكير النقدي منذ الطفولة


‏2. تعزيز أخلاقيات الإعلام والنشر


‏3. إنشاء مؤسسات مستقلة للتحقق من المعلومات


‏4. مساءلة المؤسسات التي تشوّه الحقيقة


‏5. تدريب الجمهور على فهم الخداع العاطفي



‏بهذه الخطوات يتحول المجتمع من “متلقي للكذب” إلى “مقاوم للكذب”.


‏---

‏المراجع

‏Allcott, H., & Gentzkow, M. (2017). Social media and fake news in the 2016 election. Journal of Economic Perspectives.

‏Wardle, C., & Derakhshan, H. (2017). Information Disorder: Toward an Interdisciplinary Framework. Council of Europe.

‏McIntyre, L. (2018). Post-Truth. MIT Press.

‏Vosoughi, S., Roy, D., & Aral, S. (2018). The spread of true and false news online. Science.

‏Pariser, E. (2011). The Filter Bubble. Penguin Press.

‏Sunstein, C. (2017). #Republic: Divided Democracy in the Age of Social Media. Princeton University Press.

‏Herman, E., & Chomsky, N. (1988). Manufacturing Consent. Pantheon.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏متعة بثّ الأخبار الكاذبة لدى الأفراد والجماعات ومهنة بثّ ال ...
- هل يسعى نتنياهو إلى تحقيق إسرائيل الكبرى؟
- خطة -إسرائيل الكبرى- على نطاق واسع
- تنمية الذاكرة المجتمعية: مقاربة أكاديمية في المفهوم والآليات ...
- ‏مخاطر الخطاب الطائفي على السلم المجتمعي والوطن
- غرف الإشاعات المغلقة ودورها السلبي في تغذية الطائفية في الشر ...
- سيكولوجيا الأخبار الكاذبة: تحليل نفسي-اجتماعي لآليات الخداع ...
- ‏سباق المسافات الطويلة نحو بناء الوطن: من يسبق من... الخطاب ...
- ‏حماية الذاكرة البصرية للمجتمع: إطار نظري ومقاربة تطبيقية ‏
- كيف تغلبت فرنسا على الهزيمة في الحرب الفرنسية البروسية
- ‏أشكال الخطاب التحريضي ضد الآخر: رواندا نموذجًا
- ‏صناعة المعرفة: من إنتاج الحقيقة إلى هندسة الوعي
- ‏صناعة التطرف: آليات التشكيل وأدوات التأثير في المجتمعات الح ...
- فنون وأشكال الإقصاء السياسي: دراسة تحليلية في آليات التهميش ...
- ‏هل سرق الإنترنت براءة الأطفال؟ دراسة نقدية لتأثير الإعلام ا ...
- ‏عندما يصبح التوجّه السياسي Off the Point
- ‏هل تعيد إسرائيل تكرار حرب عام 1967 وتضاعف مساحات الأراضي ال ...
- ‏مخاطر الاقتراض من البنك الدولي
- مراحل للإبادة الجماعية للأقليات
- ‏المؤسسات المالية الدولية: الأنواع — الملكية — العمل — آليات ...


المزيد.....




- فرنسا تفتح تحقيقا بعد رصد مسيرات فوق قاعدة تابعة لقوة الردع ...
- علماء يعلنون عن -اكتشاف استثنائي- لمئات التماثيل الجنائزية ف ...
- أفريكا ريبورت: اتفاق الكونغو ورواندا موقَّع بالأيدي لا بالقل ...
- غزة مباشر.. الاحتلال ينسف مباني بالقطاع والداخلية تدعو أفراد ...
- قاعدة بيانات تدعم تصنيف تنظيم إخوان السودان جماعة إرهابية
- بيان عربي إسلامي يرفض تصريحات إسرائيل بشأن معبر رفح
- شاهد.. إنقاذ عاملي تنظيف نوافذ علقا على ارتفاع 15 طابقًا
- تحذير عربي - إسلامي من -تهجير الفلسطينيين-: 8 دول بينها مصر ...
- سيناريو روسي يتخيّل حربًا مع أوروبا: صواريخ باليستية يتبعها ...
- لوموند: على فرنسا أن تستعد لتفادي شتاء ديمغرافي قاس


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏متعة بثّ الأخبار الكاذبة للأفراد والجماعات ومهنة بثّ الأخبار الكاذبة للمؤسسات: نقاط التلاقي والاختلاف (الجزء الثاني) ‏