أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - جيش الإبادة وخيار الانتحار














المزيد.....

جيش الإبادة وخيار الانتحار


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8547 - 2025 / 12 / 5 - 18:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ السابع من أكتوبر/٢٠٢٣، وما بعده من حرب دموية على غزة، بدأت ظاهرة الانتحار بين جنود وضباط الجيش الصهيوني تطفو على السطح كأحد أكثر الإفرازات خطورة بالنسبة لدولة الاحتلال.
فبعد أكثر من عامين من القتل والإبادة، والتدمير، ازدادت حالات المعاناة النفسية بين مرتكبي الإبادة، وتحولت إلى موضة انتحار غير مسبوقة في "المؤسسة العسكرية" الصهيونية. ورغم أن الجيش يتعمد عدم نشر تفاصيل هذه الحالات، فإن التسريبات الصحفية والتحقيقات الإعلامية وتصريحات عائلات المنتحرين بدأت تكشف عن حجم القضية واتساعها.

وقد أشارت التقارير التي نُشرت خلال عامي ٢٠٢٤ و ٢٠٢٥ إلى أن الانتحار أصبح ثاني أكبر أسباب موت الجنود خلال الحرب، وأن عشرات الحالات سجلت منذ أكتوبر/٢٠٢٣، بينما رصدت وسائل إعلام عبرية مئات محاولات الانتحار خلال الفترة نفسها، ما يكشف عن أزمة نفسية عميقة تضرب بنية عصابات جيش الشتات من الداخل، وتطرح سؤالا حول تأثير الحرب الفاشية على نفسيات المشاركين فيها، وخاصة أولئك الذين كانوا جزءا ممن ارتكبوا فظاعات يندى لها جبين الإنسانية.

واليوم بتاريخ ٤/ديسمبر/٢٠٢٥ طالعتنا صحيفة "هآرتس" العبرية بخبر "انتحار الضابط "توماس إدزغأوسكَس" من لواء "غفعاتي" بعد صراع نفسي أصابه إثر مشاركته في القتال في غلاف غزة في ٧/أكتوبر، وكذلك لا حقا في العمليات البرية داخل القطاع". وقد كتب منشور قبل الحادث قال فيه "لم أعد قادرا، أنا في حالة ضياع ودمار،ولقد فعلت أمورا لا تغتفر، ولا أستطيع أن أعيش معها بعد الآن، هناك شيطان بداخلي يطاردني منذ ٧ أكتوبر، أرجو أن تنسوني"
كلمات هذا الضابط إنما هي تعبير عن انهيار داخلي كامل له ولغيره، فهي لم تعد حالة فردية، حتى أن الإعلام العبري بات يتحدث عنها كثيرا وأن الجنود الذين شاركوا في حرب الإبادة على غزة باتوا غير قادرين على تحمل ما ارتكبوه أو رأوه، فقد ورد في شهادات متفرقة لهم، أنهم وجدوا أنفسهم أمام مشاهد قتل جماعي وقصف مكثف لمناطق مدنية، وانهم كانوا وجها لوجه مع الموت خلال الاجتياح البري، وكل هذه التراكمات كان لها الفضل في تحطيم البنية النفسية لهم، إنها لعنة غزة التي ستطاردهم حتى تجبرهم على مزيد من الموت بهذه الطريقة.

ويتحدث أخصائيون صهاينة عن موجة عنيفة من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) بين الجنود، وعن انهيارات نفسية ظهرت خلال الحرب أو بعدها. ووفق شهادات من داخل الجيش، فإن عددا من الجنود لم يستطيعوا التعايش مع ثقل ما ارتكبوه. فبعض العائلات روت أن أبناءها عادوا من الحرب "أشخاصا مختلفين"، فهم لا يستطيعون النوم، ولا التحدث، ويعيشون كوابيس يومية، ويرفضون استكمال العلاج النفسي أو يخجلون من طلبه، والنتيجة الانتحار.وهي نتيجة طبيعية لمن شارك في الجرائم البشعة التي ارتكبت بحق الأطفال والنساء والرجال في غزة. ولن تنفعه منظومة الدعم النفسي ولا غيرها، فالعلة التي يعاني منها لا دواء لها. وكما يعيش أهلنا في غزة آثار الكارثة مباشرة في أجسادهم ومدنهم ومخيماتهم، لا بد للمجرم المتسبب بتلك الكارثة أن يعيش صدمته على هيئة حالة نفسية مرعبة تهوي به نحو القاع القاتل. وبالتالي فإن ارتفاع أعداد المنتحرين في صفوف جيش الشتات، يفتح بابا واسعا على حقيقة أن الحرب، بما حملته من إبادة ودمار، تخلف لمرتكبيها دمامل أخلاقية ونفسية عميقة لا تشفى إلا بتفجيرها وإخراج قيحها. لكن ولأن هذه الدمامل لا تشبه غيرها لكونها لا تنفجر، فقيحها قاتل وهنا يصبح الانتحار هو الحل.

هذا الانتحار الذي بات أحد أبرز إفرازات السابع من أكتوبر وما تلاه، بات هو القاتل العادل الذي يقتل بصمت انتقاما لدماء آلاف الشهداء.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردة فعل انتقامية..وعجز عن الحسم
- الاغتيالات ومأزق الاحتلال في غزة
- من -رابين- إلى -نتنياهو-..طفولة مستباحة وسياسة لا تتغير
- قرار استملاك باحة الحرم الإبراهيمي.. مرحلة جديدة من التهويد ...
- عملية -خمسة أحجار-..ماذا تخفي؟
- مقاومو رفح..إرادة تتحدى آلة الحرب
- المقاطعة الأكاديمية..ما الذي فعلته غزة؟
- حفار واحد… وآلاف الشهداء ينتظرون
- المنطقة الأمريكية -الخضراء-..مشروع لن يمر
- حين تصبح الوساطة الدولية حبرا على ورق..غزة تحت القصف
- اعتداءات المستوطنين تسرع طريق الانتفاضة الثالثة..-غوش عتسيون ...
- توسع الاحتلال شرق غزة وفراغ الضمانات الدولية
- إعدام الأسرى..تشريع للقتل الجماعي
- مجزرة مخيم عين الحلوة ليلة 19/نوفمبر/2025
- المشروع الأميركي الجديد لغزة..هل هو انتداب حديث؟
- جمعية -المجد- ورحلة -رامون- إلى جنوب إفريقيا..
- مطر يختبر الخيام.. وإرادة تهزم الغرق
- *جاجة حفرت على راسها عفرت*
- جرائم باسم -الأمن-..اغتصاب في سجون الاحتلال
- إرهاب العصابات الصهيونية بين الأمس واليوم..من مشروع الدولة إ ...


المزيد.....




- حوادث طائرات -F-18-.. أيُّ لغزٍ خفيّ يُسقط مقاتلات الأسطول ا ...
- ما هو حلف شمال الأطلسي الناتو ولماذا تأسس؟
- حضرموت اليمنية… كيف تحولت من مملكة تاريخية إلى ساحة تنافس إق ...
- جيش أقوى ونفوذ أوسع.. تعرّف على استراتيجية دونالد ترامب الجد ...
- الرئاسة العراقية تنفي علمها أو مصادقتها على إدراج أنصار الله ...
- السلطات التونسية تعتقل المعارض البارز أحمد نجيب الشابي.. ماذ ...
- قمة في الهند بين بوتين ومودي.. لماذا هي مهمة؟
- فنزويلا: واشنطن تدق ساعة الحسم؟
- فنزويلا في -عزلة جوية- بعد تعليق الرحلات وسط انتشار عسكري أم ...
- تريو جبران: من الناصرة إلى العالم..عشرون عاما من الإبداع


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - جيش الإبادة وخيار الانتحار