أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مسعد عربيد - المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، الحلقة الحادية الثلاثون















المزيد.....

المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، الحلقة الحادية الثلاثون


مسعد عربيد

الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 07:23
المحور: القضية الفلسطينية
    


متابعة مساعي هرتسل لتحقيق مشروعه الاستيطاني

رابعًا: الدولة العثمانية

خلفية تاريخية

سبق هجرة اليهود إلى فلسطين تأسيس الحركة الصهيونية السياسية (هرتسل 1897)، إذ إنها بدأت منذ عام 1882 تقريبًا بعد تعرض يهود روسيا وغيرها من دول أوروبا الشرقية للقمع والاضطهاد.

غير أن السلطة العثمانية كانت قد تنبهت قبل ذلك إلى مخاطر الهجرة الاستيطانية اليهودية إلى فلسطين وإقامة مستوطنات فيها، وعملت على الحد منها. وفي هذا الصدد اتخذت السلطات العثمانية إجراءات وسنَّت تشريعات عدة، أبرزها:

- قانون صدر في عام 1855 يمنع الأجانب من الاحتفاظ بالأراضي أو شرائها في فلسطين، تبعه في عام 1869 قانون آخر يضبط حق الأجانب بامتلاك الأراضي.

- بين عامي 1882 و1887 صدر عدد من القوانين الخاصة بالهجرة اليهودية إلى الدولة العثمانية تسمح لليهود بدخول البلاد بصفة حجاج أو زوّار فقط.

ولكن المهاجرين اليهود كانوا يحتالون على هذه القوانين بدخولهم حُجَّاجا إلى بيت المقدس ثم البقاء لمددٍ أطول. وكانوا يلجؤون إلى الدول الأوروبية (خصوصًا بريطانيا وفرنسا) طالبين حمايتهم بموجب قانون قديم سمح لهذه الدول بحماية الأقليات الدينية في الدولة العثمانية. وهكذا، واصلت الجمعيات اليهودية أنشطتها الاستيطانية في فلسطين على الرغم من القوانين والتشريعات العثمانية، واستمر اليهود في الهجرة وتأسيس المستوطنات بأساليب شتّى: الاحتيال على القوانين، واستخدام أساليب غير قانونية لشراء الأراضي من الإقطاعيين، ورشوة مسؤولي الإدارة العثمانية كي يتغاضوا عن عمليات الشراء، وغيرها. مثال ذلك، شراء الأراضي الفلسطينية من بعض العائلات الكبرى، جلّها من لبنان وسورية، التي استحوذت على مساحات شاسعة من أراضي فلسطين، مثل عائلة سرسق التي كانت تملك مساحات شاسعة في فلسطين تتاجر بها وتستثمرها. وتذكر المصادر أنهم باعوا نحو 400 ألف دونم لليهود، بما فيها ملكيتهم في مرج ابن عامر. وفي هذا الصدد يقول هرتسل في يومياته: "جمعية الاستثمار اليهودي تتفاوض مع عائلة رومية [يقصد مسيحية أرثوذكسية] اسمها سرسق، من أجل شراء سبعًا وتسعين قرية في فلسطين. ويعيش هؤلاء الروم في باريس، وقد خسروا أموالهم في القمار ويريدون بيع ممتلكاتهم التي تقدر بثلاثة بالمئة من مساحة فلسطين".

مساعي هرتسل لدى السلطان العثماني

لم يكن هرتسل أول من التفت إلى الدولة العثمانية سعيًا وراء استيطان فلسطين التي كانت آنذاك تحت الاستعمار العثماني، بل بدأت الدعوات لاستيطان فلسطين وتشجيع الهجرة اليهودية قبل تأسيس الحركة الصهيونية كما رأينا.

ومع وجود القوانين والإجراءات التي اتخذتها الدولة العثمانية للحد من الهجرة اليهودية إلى فلسطين، فإنها لم تثنِ هرتسل عن جهوده لمحاولة إقناع السلطان عبد الحميد الثاني بضرورة العدول عنها. واستمر في محاولاته بوسائل مختلفة لمنح اليهود حرية الهجرة إلى فلسطين والاستيطان فيها تمهيدًا لإقامة دولة يهودية على أراضيها، عارضًا على السلطان فوائد هذه الهجرة.

بين عامي 1896-1902، زار هرتسل إسطنبول خمس مرات حاول فيها مقابلة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، بوساطة صديقه اليهودي البولندي الكونت فيليب نيفلنسكي Philip Nevlinsky (لذي يُقال إنه كان أيضًا صديقًا للسلطان) لمساعدته في إجراء اتصالات مع مسؤولين في الحكومة العثمانية. ولمَّا كان نيفلنسكي متعاطفًا مع أفكار هرتسل، فقد عمل على ترتيب لقاءٍ له مع السلطان يكون فرصةً لطرح مشروعه في تهجير اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة يهودية على أرضها. ولكن نيفلنسكي فشل في محاولاته المبكرة لترتيب هذا اللقاء، مع أنه ساعد هرتسل على مقابلة عدد من المسؤولين العثمانيين رفيعي المستوى.

لقاء هرتسل بالسلطان العثماني

بعد خمس سنوات من المحاولات المثابرة، نجح هرتسل، في 19 أيار/ مايو 1901، في مقابلة السلطان. لكن السلطان رفض عرض هرتسل الذي تضمن تسديد الديون العثمانية مقابل ميثاق يسمح للصهاينة بالهجرة إلى فلسطين.

عن ذلك اللقاء، كتب هرتسل في مذكراته أن السلطان عبد الحميد الثاني قال له بوضوح: "إنني لن أسير أبدا في هذا الأمر، لا أقدر أن أبيع ولو قدما واحدًا من البلاد لأنها ليست لي بل لشعبي. ولقد حصل شعبي على هذه الإمبراطورية بإراقة دم أبنائه الذين غذُّوها فيما بعد بدمائهم، وسوف ندافع عنها بدمائنا قبل أن نسمح لأحد باغتصابها منا". وذكر السلطان عبد الحميد بعض تفاصيل ذلك اللقاء في مذكراته التي جاء فيها: "لليهود قوة في أوروبا أكثر من قوتهم في الشرق، ولهذا السبب فإن أكثر الدول الأوروبية تحبذ هجرة اليهود إلى فلسطين لتتخلص من العِرق السامي الذي زاد كثيرا… لذلك، علينا أن نقف في وجه فكرة توطين المهاجرين في فلسطين.. لن يستطيع رئيس الصهاينة هرتسل أن يقنعني بأفكاره.. إنه يسعى إلى تأمين أرض لإخوانه اليهود بممارسة الزراعة في فلسطين."

أدرك السلطان العثماني خطط الصهاينة وأهدافهم بعيدة المدى وفي لقاءٍ ثانٍ مع هرتسل طرده ومَن معه.

ماذا عرض هرتسل على السلطان العثماني؟

كان هرتسل يدرك الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الدولة العثمانية آنذاك، وحاول استغلال تلك الأوضاع العصيبة، فانطلق في لقائه مع السلطان عبد الحميد الثاني من عرض خدماته لمعالجة تلك الأزمات وتسديد الديون التي غرقت بها، إلى جانب تقديم منافع أخرى ظنّ هرتسل أنها قد تُغري السلطان بدعم المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين.

فإذا منح السلطان عبد الحميد الثاني الحركة الصهيونية حرية الهجرة الاستيطانية إلى فلسطين وإقامة الدولة اليهودية عليها، فإن الصهاينة يتعهدون بالمقابل، وفق عرض هرتسل، بتدبير الموارد المالية للدولة العثمانية والإسهام في تسديد ديونها، وتنظيم أمورها المالية.

وعرض هرتسل إلى جانب تقديم العون المالي، بعض الإغراءات لاستمالة السلطان وطمأنته:
- ستكون الدولة اليهودية في فلسطين تحت حماية ألمانيا، وستكون حدودها ضمن حدود فلسطين.
- عرض هرتسل استعداده للعمل، عن طريق وسطاء، على أن تردَّ بريطانيا جزيرة قبرص التي احتلتها سنة 1878م إلى الدولة العثمانية.
- وفي مبادرة لافتة، عرض هرتسل أن تضع الحركة الصهيونية نفوذها في خدمة السلطان،
وأن تسعى للحد من الدعم الأوروبي للقضية الأرمنية التي كانت تسبب المتاعب للدولة العثمانية وتهدد وحدتها، وأن تُنظم حملة صحفية على الأرمن (1).

السلطان والنوايا الصهيونية

يكشف ما كتبه السلطان عبد الحميد الثاني في مذكراته، عن فهمه للنوايا الحقيقة للصهاينة حيث يقول: "إن الصهيونية لا تريد أراض زراعية في فلسطين لممارسة الزراعة فحسب، ولكنها تريد أن تقيم حكومة ويصبح لها ممثلون في الخارج. إنني أعلم أطماعهم جيدًا، وإنني أعرف هذه السفالة لأنهم يظنون أنني لا أعرف نواياهم، ولن أقبل بمحاولاتهم، وليعلموا كم
فردًا في إمبراطوريتنا يكنّ لليهود من الكراهية بما أن هذه هي نواياهم، وإن الباب العالي ينظر إليهم مثل هذه النظرة، وإنني أخبرهم أن عليهم أن يستبعدوا فكرة إنشاء دولة في فلسطين، لأنني مازلت أكبر أعدائهم".

رد السلطان

لم تجدِ جهود هرتسل نفعًا في إقناع السلطان العثماني الذي تمسّك بمنع اليهود من الإقامة في فلسطين، ورفض عروض هرتسل مع أن الأوضاع كانت صعبة في ظل الضائقة المالية التي كانت الدولة العثمانية تمرُّ بها آنذاك، إلى جانب الضغوط الكبيرة من ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ولكن السلطان عاد واقترح على هرتسل في زياراته اللاحقة (شباط/ فبراير 1902) منح اليهود فرصة الاستقرار في الإمبراطورية العثمانية شريطة ان لا يتركزوا في مكانٍ واحد بل يتفرقوا في أماكن تعينها لهم الحكومة العثمانية، وأن يخضعوا للقوانين العثمانية، واقترح استيطان اليهود في العراق بدلَّا من فلسطين؛ ولكن هرتسل رفض ذلك معلقًا على موقف السلطان بالقول: "كل شيء انتهى".

خامسًا: الطريق إلى فلسطين ... يمرّ من لندن

بعد أن قضى هرتسل بضع سنوات في مساعيه مع ألمانيا والدولة العثمانية، طمعًا في منح الحركة الصهيونية حرية الهجرة اليهودية إلى فلسطين واستيطانها، بات مقتنعًا بأن محاولاته هذه لن تنجح، وأن الطريق إلى فلسطين يبدأ في لندن. وعليه، أخذ يركَّز جلّ جهوده على بريطانيا، القوة الاستعمارية الكبرى التي كان لها أطماع استعمارية في المشرق العربي.

هرتسل والمكابيون

حرص هرتسل في أثناء زياراته للندن على العمل على تنظيم اليهود الموجودين هناك وكسب دعمهم لمشروعه. غير أن كثيرين من الزعماء اليهود في إنجلترا لم يدعموه "لأنَّ أسلوبه السياسي لم يكن منسجمًا مع أفكارهم"، وكان إسرائيل زانغويل Israel Zangwill (1864-1926) من أبرزهم (2). ولكن هرتسل لقي آذانًا صاغية من “المكابيين"، وهم مجموعةٌ من الصهاينة الذين ألَّفوا في لندن عام 1891 جمعيةً تُدعى "المكابيون"(3). وقد دُعي هرتسل للتحدث أمامهم مرات عدة في أثناء زياراته للندن، وكان يطلعهم على مساعيه السياسية والدبلوماسية طالبًا دعمهم لمشروعه.

جدير بالذكر، في سياق علاقة هرتسل بالمكابيين، أنه كان قد استشهد في كتاباته أكثر من مرّة بصفته داعيًا إلى “النهضة القومية اليهودية، وذلك بهدف استنهاض الحس القومي عند اليهود. ففي ختام كتابه "دولة اليهود" (1896)، يقول عبارته الشهيرة: "أي مجد ينتظر أولئك الذين يكافحون من أجل هدف غير أناني! من أجل ذلك اعتقد أن جيلًا جديدًا من اليهود سينبثق إلى الوجود، سينهض "المكابيون" مرة أخرى"، وهي دعوةً كان لها وقع كبير على اليهود ليأخذوا مصيرهم بأيديهم ويتوقفوا عن انتظار معجزة الخلاص. بعبارة أخرى، استخدم هرتسل والحركة الصهيونية، في خطابهما، المكابيين نموذجًا تاريخيًا ل"القومية اليهودية" من أجل شحذ الحس القومي لدى اليهود.

بريطانيا وتعدد الخيارات: قبرص والعريش وسيناء ... ثمّ أوغندا

قابل هرتسل، في سبيل تحقيق غاياته، جوزيف تشامبرلين (1836 – 1914) Joseph Chamberlain، وزير المستعمرات البريطاني آنذاك، ووجده متفهمًا لمشروعه ومتقبلًا لفكرته الأساسية: حل المسألة اليهودية في أوروبا على الطريقة الاستعمارية، أي بنقل اليهود إلى فلسطين وفق برنامج بازل.

وأدرك هرتسل في مشاوراته مع تشامبرلين، أن زمن انهيار الدولة العثمانية وتقسيم أراضيها لم يكن قد حان بعد، وأن مساعيه لكسب دعم السلطان العثماني لاستيطان فلسطين ستبوء بالفشل. فأخذ يبحث عن خيارات في مناطق أخرى للاستيطان اليهودي وإقامة "دولة اليهود". وفي سياق سعيه إلى هذه الخيارات، اقترح عليه تشامبرلين في تشرين الأول/ أكتوبر 1902 البحث عن أراض أخرى مثل قبرص والعريش وسيناء وشرقي إفريقيا (أوغندا)، التي كانت كلها تحت الاستعمار البريطاني، منبهًا إلى المشاكل التي قد تعترض الاستيطان اليهودي، مثل: معارضة سكان قبرص (مسلمين ومسيحيين)، واليونان وروسيا، لمشروع قبرص، أو معارضة مصرية لمشروع سيناء.

وبعد دراسات واقتراحات واتصالات، استقر الرأي على العمل على استيطان مناطق في شرقي إفريقيا بناءً على اقتراح تشامبرلين. وفي نيسان/ إبريل عام 1903، اقترح تشامبرلين على هرتسل مساحات من الأرض في أوغندا، تقع الآن غربي كينيا، التي كانت تحت الاستعمار البريطاني، لتهجير اليهود إليها واستيطانهم فيها بهدف إقامة "الوطن القومي اليهودي" عليها، واصفًا إياها بإنها ذات مناخ مناسب للأوروبيين وفيها إمكانات زراعية وفيرة مثل السكر والقطن. وعُرف هذا المشروع ب"مشروع أو خطة أوغندا".

مشروع اوغندا

تبنى هرتسل مشروع أوغندا ولقي دعم شريكه ماكس نورداو Max Nordau (4)، فعملا على طرح اقتراح أوغندا للمناقشة مع القيادات الصهيونية. وفي صياغة الاقتراح حرصا على أن يقدماه ليكون ملجأً مؤقتًا لليهود الفقراء الراغبين في مغادرة روسيا ورومانيا، قبل أن يصبح لهم وطن دائم في فلسطين. وضمن هذا التصور اقترحا، في المؤتمر الصهيوني السادس عام 1903، دراسة عرض الحكومة البريطانية لاستيطان أوغندا وإنشاء دولة يهودية فيها.

معارضة مشروع هرتسل

أدى طرح مشروع أوغندا إلى إثارة أزمة داخل الحركة الصهيونية وأحدث فيها انقسامًا كبيرًا.

كان اليهود الروس وأعضاء أحبَّاء صهيون من أشد المعارضين الذين انبروا بالتصدي لمشروع أوغندا، وانتقدوا هرتسل لقبوله، وألَّفوا تيّارًا معارضًا داخل الحركة الصهيونية تزعمه مناحيم أوسيشكين متمسكين بأن "أرض إسرائيل" هي الوحيدة التي يمكن أن تكون "الوطن اليهودي" في فلسطين وليس في أي مكان آخر، وطالبوا هرتسل بالتخلي عن مشروعه. وقد شكك كثيرون من ناقدي هرتسل بهذا المشروع خشيةَ أن يؤدي هذا الحل المؤقت إلى إنهاء أي أمل في الحل الدائم الذي كانوا يرغبون فيه.

وفي الرد على هذه الحجة، دافع هرتسل ونورداو عن مشروع اوغندا في أنها، أي أوغندا لن تصبح "صهيون"، بل هي ملجأ مؤقت لآلاف اليهود الذين لم يتمكنوا حتى الآن من دخول فلسطين، وأن "صهيون هي الهدف النهائي لليهود"، أمَّا أوغندا فليست سوى محطة مؤقتة للوصول الى ذلك الهدف.

أدّى اشتداد هذه المعارضة لمشروع أوغندا إلى انشقاق في الحركة الصهيونية، وبلغَ حدَّ اتهام
هرتسل بالخيانة، ومحاولة اغتيال ماكس نورداو على يد أحد الطلاب الروس الصهاينة.

في مواجهة هذه المعارضة، تراجع هرتسل عن مشروع أوغندا خصوصًا بعدما أبلغته الحكومة البريطانية أن الأرض التي كانت تنوي تخصيصها لليهود في أوغندا يشغلها مستعمرون بريطانيون، وأنها (الحكومة البريطانية) ستسعى إلى إيجاد أراض أخرى لليهود. ومع أن خطة أوغندا لم تنجح، إلَّا أنه يمكن القول أن هرتسل استطاع أن يقيم علاقة مع الحكومة البريطانية ما أسس لاحقًا للتحالف بينها وبين والحركة الصهيونية.

إثر وفاة هرتسل عام 1904، نجح أوسيشكين ومؤيدوه في إلغاء مشروع اوغندا وإعادة كل المعارضين إلى صفوف الحركة الصهيونية. وفي المؤتمر الصهيوني السابع في العام 1905 جرى وأد مشروع أوغندا والتخلي عنه نهائيًا.

الخاتمة

لم يتوقف هرتسل عن طرق أبواب الدول المعنية حتى قبل أشهر من وفاته في الثالث من يوليو/ تموز سنة 1904.، ومن الشخصيات التي اجتمع بها لعرض مشروعه الصهيوني، كان ملك إيطاليا فيكتور إيمانويل الثالث، ووزير داخلية روسيا، والبابا بيوس.

هوامش
( ) عبد الوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، المجلد 6، الطبعة الأولى(القاهرة: دار الشروق، 1999)، ص 233.

(2) إسرائيل (يسرائيل) زانغويل: كاتب إنكليزي - يهودي، وواحد من روّاد الصهيونية الأوائل. اتسمت مواقفه بالوضوح في تجسيد العنصرية والتفوق الأوروبي. من أهم أعماله كتاب "صوت أورشليم" The Voice of Jerusalem الصادر عام 1920، وتضمن أبرز أفكاره وأُطروحاته بشأن المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين. نُسبت إليه مقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".

(3) المكابيون: تتعدد الإجابات والروايات بشأن سؤال: مَن هم المكابيون؟ ولكن هناك إجماع بين المؤرخين على أنهم مجموعة من اليهود الذين قادوا ثورة على الإمبراطورية السلوقية التي شملت رقعة جغرافية واسعة مركزها سورية، في القرن الثاني قبل الميلاد، ما أدًى إلى سيطرة اليهود على القدس عام 164 قبل الميلاد، وأسسوا سلالة حكمت "مملكة يهودا" مملكة مستقلة لمدة من الوقت.

تقول الروايات إن المكابيين عُرفوا بدفاعهم عن الاستقلال الثقافي والسياسي لليهود في مواجهة التأثير الهلنستي، والمقصود هو الثقافة اليونانية التي انتشرت بعد فتوحات الإسكندر الأكبر، ودمجت الثقافة واللغة والعادات اليونانية مع ثقافات المناطق التي شملتها الإمبراطورية اليونانية. كان يهوذا مكابي من أبرز قادتهم (ومن هنا سُميت هذه المجموعة باسمه)، الذي دعا إلى "السيطرة على الهيكل" وتطهير اليهود من الوثنية التي شاعت حينها. لذا يسود الاعتقاد بأن تجربة المكابيين أعطت تصورا للشخصية اليهودية في الخطاب اليهودي، فأصبحت رمز القوة والاستقلال و"اليهودية القوية" والبطولة في حماية الديانة اليهودية وشعائرها.

(4) ماكس سيمون نورداو: (اسمه العبري سيمون ماكسيميليان سودفيلد) (1849 - 1923) من مواليد بست (التي تؤلف الآن مع الجزء بودا مدينة بودابست عاصمة هنجاريا). كان طبيبًا ومؤلفًا وناقدًا اجتماعيًا، وأحد قادة الحركة الصهيونية ودعاة "القومية اليهودية"، وكان مقربًا لهرتسل في دعوته لاستيطان فلسطين وإقامة "دولة اليهود" على أرضها.

التقى نورداو بهرتسل في باريس عام 1892، ونشأت بينهما صداقة وثيقة، ويُعده كثيرون شريك هرتسل في تأسيس المنظمة الصهيونية إذ كان رئيسًا أو نائب رئيس لعدد من المؤتمرات الصهيونية، وألقى خطابًا هامًا في المؤتمر التأسيسي للحركة الصهيونية، يُعد الثاني في الأهمية بعد خطاب هرتسل.

بعد وفاة هرتسل عام 1904، انفصل نورداو عن "الصهاينة العمليين" Practical Zionism
ورفض المشاركة في هذه الاجتماعات بعد عام 1911.
و"الصهيونية العملية" هي: مجموعة من اليهود الشباب الذين كوَّنوا أحد التيارات الصهيونية قبل هرتسل، داعين إلى "الصهيونية التسللية" إلى فلسطين، "وأن حل المسألة اليهودية لا يمكن أن يتحقق إلاّ عن طريق الهجرة الذاتية والانعتاق الذاتي والعمل على تحقيق أمر واقع في فلسطين عن طريق التسلل إليها بالطرق السرية أو بالوساطات الخفية ... أو عن طريق الاستيطان القائم على الصدقات، أي بمساعدة أثرياء الغرب المندمجين دون اللجوء إلى مساعدة أي قوى عظمي، أو إلى المناورات الدبلوماسية (مع الدول الاستعمارية)، ولا عن طريق الضمانات الدولية". (انظر عبد الوهاب المسيري، المصدر السابق، ص 211- 214).



#مسعد_عربيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، الحل ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، الحل ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، الحل ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، الحل ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، الحل ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، الحل ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، الحل ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، ال ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، ال ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، ال ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة (ال ...
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة (ال ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الح ...


المزيد.....




- فيديو يظهر الهاتف الذي يستخدمه أمير قطر خلال رحلة إلى رواندا ...
- السعودية.. فيديو سوداني يتحرش بامرأتين وما قام به وافد سوري ...
- صيف أوروبا سيمتد 8 أشهر بحلول نهاية القرن جراء تغير المناخ
- الباوباب.. -شجرة الحياة- الأسطورية المهددة بالتغير المناخي
- مادورو يتعهد بالمقاومة وكوبا تحذر من جنون أميركي
- دراسة علمية حديثة: المراهقة تستمر حتى الثلاثينات من العمر
- ترامب يحول تقليد العفو عن الديوك الرومية إلى هجوم سياسي على ...
- رئيس البرازيل السابق يبدأ تنفيذ عقوبة السجن 27 عاما
- ماذا نعرف عن -رجل المسيرات- الذي اختاره ترامب لإنهاء حرب أوك ...
- بعضهم من دول عربية.. روسيا في مرمى الاتهامات باستخدام -الخدا ...


المزيد.....

- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مسعد عربيد - المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، الحلقة الحادية الثلاثون