أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مسعد عربيد - المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، الحلقة الثانية العشرون















المزيد.....

المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، الحلقة الثانية العشرون


مسعد عربيد

الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 07:46
المحور: القضية الفلسطينية
    


ركائز الحل الصهيوني

اولًا: حل المسألة اليهودية: الدولة الوظيفية
اليهود بين "الهوية القومية" و "الدولة الوظيفية"

مرّ اليهود في المجتمعات الأوروبية في أواخر القرن التاسع عشر بأوضاعٍ اجتماعية واقتصادية وسياسية عصيبة اتسمت بالقمع والاضطهاد والتمييز العنصري. وإزاء هذه الأوضاع، رأى هرتسل الذي عايشها، أن المسالة اليهودية موجودة أينما وُجد اليهود، وأن هذا الوضع سيظل قائمًا حتى تجد هذه المسألة حلًاسياسيّا لتخليص اليهود من سوء أحوالهم.
ومع أن هرتسل آمن بأن اوضاع اليهود هذه هي قوة دافعة قادرة على تحريكهم باتجاه العمل على مواجهة هذه الصعوبات؛ إلَّا أنه تذمّر من سوء المعاملة التي يتلقاها اليهود، بمَنْ فيهم اليهود المندمجون في المجتمعات الأوروبية الغربية. وقد عبَّر عن ذلك بقوله:
"لقد حاولنا بصدق في كل مكان أن ندمج أنفسنا في المجتمعات التي نتواجد بها، ولكن لا يسمح لنا بذلك، ونحاول بلا طائلٍ أن نكون وطنين مخلصين، ونقدم التضحيات من الممتلكات والأرواح التي يقدمها نظراؤنا من المواطنين، ونرفع اسم البلد الذي ولدنا به في العلوم والفنون، ولزيادة ثرواته من خلال التجارة، ورغم ذلك لا زلنا ننعت "بالغرباء “. (1).

□ هكذا بات هرتسل مقتنعًا بأن الغرب لم يكن على استعداد لتقبُّل "الشعب اليهودي" المنبوذ، وأيقن بأن اندماج اليهود في مجتمعاتهم الأوربية لن يلقى قبول الغرب، لا بل هو وهمٌ محض، وأن التنوير الأوروبي وخطاب حقوق الإنسان والمواطنة لن يجدي نفعًا.

كان هذا ما أوصل هرتسل إلى القناعة بضرورة إعادة تعريف اليهودي واليهودية، وصياغة حل المسألة اليهودية على أساس فكرة “الوطن القومي" في "الدولة اليهودية".

□ بناءً عليه، فإن حل المسألة اليهودية، من وجهة نظر هرتسل، يتطلب إقامة دولة قومية لليهود. وهو ما استدعى إعادة صياغة مفهوم الهوية اليهودية والانتقال بها من كونها هوية دينية إلى هوية قومية، وذلك في سياق وإطار المفاهيم القومية التي سادت في المجتمعات الأوروبية في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر. ما يعني أن المسألة اليهودية لم تعد قضية اجتماعية أو دينية، بل قضية قومية لا يمكن حلها إلا إذا أصبحت قضية سياسية عالمية ووُضعت في أيدي القوى الإمبريالية الغربية. وهذا، بالطبع، لا ينفي استخدام هرتسل وغيره من القادة الصهاينة للدين غطاءً للمشروع الصهيوني الاستعماري.

□ خلاصة القول، إن رؤية هرتسل لحل المسألة اليهودية ومشاكل اليهود في أوروبا، سواءً الشرقية أو الغربية، ارتكزت على المشروع الاستيطاني الصهيوني وإقامة "دولة قومية" لليهود في فلسطين.

□ رأى ثيودور هرتسل في تصوره لهذه الدولة، أن إقامتها يجب أن تستند إلى عناصر قومية مثل اللغة، والتاريخ، والانتماء المشترك، لا إلى الالتزام الديني. وقد تجذّر هذا التصور لاحقًا كما هو معروف، مع قيام الكيان الصهيوني (1948)، وسيادة مفهوم "اليهودية" بوصفها "هوية قومية - عرقية" تتجاوز الانتماء الديني.

□ وعليه، فإن حل مشكلة الهوية اليهودية يكون بنَقْل اليهود وإخراجهم من المجتمعات الأوروبية وتخليص الغرب منهم، وإقامة الكيان الصهيوني (الدولة الوظيفية) بدعم الغرب وقواه الاستعمارية، واستيعاب هذه الدولة لاحقًا في الحضارة الغربية لتصبح دولة مثل الدول الغربية. وهذا ينقلنا الى العلاقة بين الحركة الصهيونية ومشروعها الاستيطاني في فلسطين والإمبريالية الغربية.

ثانيًا: الاعتماد على القوى الإمبريالية

□ يكمن مربط الفرس في تطور هرتسل الفكري والسياسي في إدراكه ضرورة التحالف مع القوى الإمبريالية الغربية والاعتماد على دعمها في حل المسألة اليهودية. وعلى هذا أرسى هرتسل مشروعه الصهيوني في إقامة "دولة اليهود". فالدولة المنشودة ستكون ذات سيادة، ولكن خارج أوربا، وستكون في خدمة مصالح القوى الإمبريالية وتصبح قاعدة لها، وستكون هذه القوى داعمة لتأسيس الدولة اليهودية ومصدرًا لسيادتها وضمانًا لبقائها واستمرارها.

□ بهذا يكون هرتسل قد توصَّل للآلية التنفيذية (الغرب وقواه الإمبريالية) لحل مشاكل اليهود، ومشروعه الصهيوني في إطار دولة وظيفية يجري توظيف اليهود عن طريقها لمصلحة الإمبريالية الغربية. وبهذا لا يعود حل المسألة اليهودية مقتصرًا على إقامة "وطنٍ قوميٍ لليهود" في فلسطين، ولا يعود هذا "الوطن" شعارًا دينيًا أو قوميًا فقط، بل يصبح مشروعًا جيوسياسيًا عالميًا. وقد أحدثَ هذا التطور قفزةً نوعيةً في مسيرة هرتسل السياسية، ومسيرة المشروع الاستيطاني في فلسطين.

□ لقد رسم هرتسل حلَّه الصهيوني لمشاكل اليهود في أوروبا، في استيطان فلسطين وإقامة "دولة قومية لليهود". ولكن ما كان لهذا المشروع أن يرى النور، وللحركة الصهيونية أن تنمو، دون رعاية وتبني القوى الإمبريالية الغربية. لذا، يصحُّ القول أيضًا، إن مصير الكيان الصهيوني ومستقبله سيظلان مرتبطين بالإمبريالية الغربية ومصالحها. صحيح أن هرتسل لم يتمكن من تحقيق أي إنجاز ملموس على طريق التحالف مع القوى الاستعمارية قبل وفاته؛ غير أن تحالفًا قويًا وشديد الخطورة تحقق مع بريطانيا بعد وفاة هرتسل (1904) ببضع سنوات، وذلك بالحصول على "وعد بلفور". ففي الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر 1917، صرّح وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور أن حكومته تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

□ وفي هذا الصدد، نلمحُ التماثل في النهج بين الصهيونية والإمبريالية الغربية في تصدير المشاكل إلى الخارج، أي إن حل المسألة اليهودية يكون في تصديرها إلى الخارج وفَرْضها عنوة وبالقوة على الشعوب الأخرى.

ميزات حل هرتسل

سنعرض لاحقًا بشيء من التفصيل، تصور هرتسل لحل مشاكل اليهود في أوروبا مستندين إلى طروحاته في كتيبه "دولة اليهود". ولكن قبل أن نلج إلى هذا العرض، دعونا نشير إلى بعض مميِّزات هذا الحل:

□ يتسم الحل الذي طرحه هرتسل بأنه حوّل "الرؤية والفكرة" إلى برنامج عملي ذي هدفٍ معين: إقامة "دولة لليهود". والتاريخ يخبرنا أنه بعد ثمانية عشر شهرًا من نشر كتيب هرتسل، عُقد المؤتمر الصهيوني الأول (بازل، سويسرا عام 1987) بإشرافه وتحت قيادته، وهو المؤتمر الذي قرَّ "البرنامج الصهيوني" مجسدًا مخطط استيطان فلسطين وإقامة الدولة اليهودية المنشودة على أرضها.

□ وإلى جانب تحديد الهدف وتأطير المشروع في تنظيم سياسي (الحركة الصهيونية)، طرح هرتسل تصورًا عمليًا لتنفيذ هذا المشروع، ووسائل تحقيقه؛ مقترحًا في كتيبه "دولة اليهود" إنشاء مؤسستين:
الأولى، جمعية اليهود Society of the Jews، وكانت بمنزلة القيادة والمرجعية السياسية ليهود العالم، وحظيت بقبولهم؛ والثانية، الشركة اليهودية Jewish Company.

□ هنا تكمن أهمية الدور الذي أدَّاه هرتسل في رسم وتأطير خطة عمل الحركة الصهيونية وهيكليتها، وبناء مؤسساتها (السياسية والاقتصادية والعلمية والأمنية) التي أسَّست بعد خمسين عامًا، القاعدة المادية للدولة/الكيان الصهيوني، بدعم هائل ومباشر من الدول الرأسمالية الإمبريالية. ومن المعروف أن العلاقة بين الصهيونية والإمبريالية الغربية وضبط التعاون والتعامل بينهما، تتطلب هيكلًا تنظيميًا، وحركة سياسية، وأداة تنفيذية، وهو الإطار الذي أمَّنته المنظمة الصهيونية العالمية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مصطفى ابو السعود، "قراءَة في كتاب الدولة اليهودية"، ثيودور هرتزل، الجزيرة نت، 31/ 3/ 2017.



#مسعد_عربيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، ال ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة (ال ...
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة (ال ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح ...


المزيد.....




- محلل عسكري لـCNN: رئيس الصين -يتلاعب- ببوتين.. وهذه نصيحتي ل ...
- ميكروفون مفتوح يكشف محادثة سرية بين بوتين والرئيس الصيني
- أدلة متزايدة.. تداعيات -الكيماوي- الكارثية في السودان
- خلال أيام.. ترامب يعتزم إجراء محادثات بشأن أوكرانيا
- المغرب - تونس: أزمة دبلوماسية صامتة بعد سلسلة من الحوادث وال ...
- القضاء الأميركي يحكم بعدم قانونية إلغاء ترامب منح جامعة هارف ...
- ماذا تعرف عن القاتل الأعمى الإسرائيلي الموجه لإبادة غزة؟
- نتنياهو: وصلنا إلى مرحلة الحسم في غزة
- ترمب يتعهد وضع حد للجريمة في شيكاغو ويصفها بـ-أخطر مدينة-
- لجنة نيابية أميركية تنشر دفعة أولى من -وثائق إبستين-


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مسعد عربيد - المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، الحلقة الثانية العشرون