أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مسعد عربيد - المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بحث في الفكر الصهيوني قبل -طوفان الأقصى- وبعده (الحلقة الخامسة)















المزيد.....

المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بحث في الفكر الصهيوني قبل -طوفان الأقصى- وبعده (الحلقة الخامسة)


مسعد عربيد

الحوار المتمدن-العدد: 8148 - 2024 / 11 / 1 - 01:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


الصهيونية المسيحية:
الجذور التوراتية لتحالف الصهيونية مع المسيحية
أولاً: أوروبا قبل الصهيونية
توظيف النصوص التوراتية

لقد سبق الاستيطان الأوروبي الأبيض الصهيونية في استخدام نصوص التوراة وسردياتها. إذ كوّن المهاجرون الأوروبيون البروتستانت الأوائل، على اختلاف انتماءاتهم من بيوريتانيين ومعمدانيين وإيفانجيليين، نظرتهم إلى العالم على أساس النصوص التوراتية، وتبنوا "قصص" العهد القديم مثل أرض الميعاد "وأرض إسرائيل" وشعب الله المختار...وغيرها.
وجدير بالتذكير، في هذا السياق، أن عقيدة جماعة الطهوريين (المتشددين) البروتستانت (Puritans)، على سبيل المثال، والذين كانوا من أوائل المستوطنين في الشمال الشرقي من أمريكا الشمالية، كانت عقيدتهم الدينية تنبع من الالتزام الصارم بتعاليم جون كالفن (1509-1564) والعودة إلى نصوص العهد القديم، وكانت هذه الجماعة تجسِّد التيارات المتطرفة في البروتستانتية، وحظيت بتأثير كبير على الأفكار الدينية والسياسية وفي الحياة الاجتماعية في الولايات المتحدة، لا يزال حاضراً حتى يومنا هذا.
ثانياً: نظرة البروتستانتية إلى اليهود
تعيدنا أطروحات حركة الإصلاح الديني (البروتستانتية، ويسميها بعضهم الثورة اللوثرية) وزعيمها مارتن لوثر (1843-1546) ومَنْ جاء بعده، تُعيدنا إلى جذور التلاقي بين البروتستانتية المسيحية والأساطير التوراتية اليهودية، وتُسهم في فهم التحالف بينهما، وفي مكانة البروتستانتية في العقل الغربي، الأوروبي والأميركي. (أنظر لاحقاً)
إنَّ المدخل المنطقي لفهم هذه المسألة (العلاقة) يكمن في مركزية العهد القديم في الأطروحات البروتستانتية، على اختلاف تياراتها وفئاتها وتعاليمها الدينية. فقد استندت البروتستانتية في نقدها للكاثوليكية إلى العهد القديم وجعلته مصدرها اللاهوتي والديني الوحيد لاستنباط الأحكام وصياغة نظرتها إلى اليهود واليهودية.
بناءً عليه، يمكننا الاستنتاج دون مغالاة، أن تبني البروتستانتية للنبوءات والأساطير التوراتية والأدبيات اليهودية هو مربط الفرس في فهم التطابق في الركائز الأساسية بين الصهيونية اليهودية والصهيونية الأخرى، أي الصهيونية المسيحية وتلاقي الأصولية الدينية والسياسية بينهما. ويمكننا أن نوجز هذه الركائز في النقاط التالية:
أ) إن اليهود هم "شعب الله المختار" أي الشعب المفضل على الشعوب والأمم كافة.
ب) إن ما يربط اليهود بفلسطين نابع من وعد إلهي لليهود. وعليه، فإنه يجسِّد الإرادة الإلهية.
ج) إن عودة المسيح ستتحقق بقيام "دولة صهيون" التي تجمع اليهود في فلسطين، حتى يظهر المسيح في مجيئه الثاني.
على قاعدة هذه الركائز، تجلَّت المواقف السياسية والاجتماعية لزعماء الحركة البروتستانتية، مارتن لوثر وجون كالفن وغيرهما، في الأطروحات والمواقف التالية:
أ) تأييد الديانة اليهودية وادعاءاتها (وسرديتها) التوراتية.
ب) إدانة اضطهاد الكنيسة الكاثوليكية لليهود في أوروبا.
ج) الادعاء بأن المسيحيين واليهود ينحدرون من أصل واحد، بل "إن الروح القدس شاءت أن تُنزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم. إن اليهود هم أبناء الرب، ونحن الضيوف الغرباء، وعلينا أن نرضى بأن نكون كالكلاب، التي تأكل من فتات مائدة أسيادها".
د) دعم عودة اليهود إلى "ارضهم الموعودة"، وهو ما يؤكده مارتن لوثر دون لبي حين يقول: "مَنْ الذي يحول دون اليهود وعودتهم إلى أرضهم في يهوذا؟ لا أحد. إننا سنزوِّدهم بكل ما يحتاجون لرحلتهم لا لشيء إلا للتخلص منهم. إنهم عبء ثقيل علينا، وهم بلاء وجودنا".
ثالثاً: تأثير البروتستانتية في الدين والثقافة في الغرب
أ) إحياء الأساطير التوراتية: وترسيخها في العقيدة الإيمانية والثقافية في الغرب الأوروبي والأميركي، وعلى وجه التحديد أساطير وخزعبلات شعب الله المختار وأرض الميعاد.
ب) تمتين الرابطة بين اليهود وفلسطين: في ظل التمسك الحرفي بمقولات العهد القديم، أصبح هذا الكتاب وكأنه مصدر لتاريخ فلسطين فقصَر تاريخها لدى البروتستانتيين على الرواية التوراتية والوجود اليهودي في "الأرض الموعودة" Promised Land (أرض الميعاد)، وحق اليهود الحصري، حقهم لوحدهم، في العودة إلى فلسطين.
أصبح المسيحيون البروتستانت، بفضل هذه الادعاءات، مهيَّأين للاعتقاد بأنه لم يكن في فلسطين إلا الأساطير والقصص التاريخية الواردة في العهد القديم: و"كأنه لا وجود للشعوب الأخرى التي عاشت في فلسطين. وهكذا، رسَخت في أذهان البروتستانت فكرة الرابطة الأبدية بين اليهود وفلسطين، بوصفها وطنهم القومي، الذي أُخرجوا منه، ويجب أن يعودوا إليه، طبقًا للنبوءات الواردة في "العهد القديم". بعبارة أخرى، أصبحت عودة اليهود تُعدُّ تحقيقاً لنبوءات التوراة، ما جرى توظيفه في استيطان الصهاينة لفلسطين وطرد سكانها العرب وإحلال الغزاة اليهود القادمين من أنحاء شتَّى من العالم.
ج) نهاية الزمان ومجيء المسيح - المصير المشترك: وحّدت فكرة/نبوءة "نهاية الزمان" ومجيء المسيح المنتظر في المفاهيم اليهودية والبروتستانتية مصير المسيحيين واليهود وصهرتم في بوتقة واحدة: "إن مصيرنا مشترك. فاليهود ينتظرون المسيح ليجيء، ونحن المسيحيين ننتظر المسيح ليعود. وعلى أي حال، ستتوحد المسيحية واليهودية، من جديد، بمجيئه أو بعودته. وسندرك جميعًا أن هذا هو المسيح الذي كنا ننتظره".
من هنا يتسنى لنا فهم تشابك الديني بالسياسي والتاريخي في العقيدة والعقل البروتستانتيين الذي أفرز علاقة مميَّزة بين البروتستانتية واليهودية، تُوجت سياسياً ب "الصهيونية المسيحية".
د) التحول في نظرة الغرب إلى اليهود: يرى كثيرون من الباحثين والمؤرخين أن مركزية "العهد القديم" من الكتاب المقدس في العقيدة البروتستانتية، وتفسيراتها المتعددة للنبوءات التوراتية أتاحت المجال لتقبل الأطروحات اليهودية التضليلية لدى معتنقي البروتستانتية بشأن فلسطين والتسليم بحقهم "اللاهوتي" في العودة إلى أرض الميعاد، واستدخال هذه الأطروحات كما لو كانت تعاليم مسيحية أصيلة. وقد أدّى هذا إلى تحولات فكرية واجتماعية عميقة في المجتمعات الأوروبية تجلت في اختلاف الموقف جذرياً من اليهود بين مرحلتين تاريخيتين:
أ) الأولى، وهي مرحلة اضطهاد اليهود والمنعزلات (الجيتو) اليهودية قبل ظهور حركات الإصلاح الديني - البروتستانتية؛
ب) والثانية، هي مرحلة تقبل الغرب لليهود واستدخال ادعاءاتهم التوراتية في مرحلة ما بعد البروتستانتية. وهو ما يفسر لنا الأثر الكبير الذي تركته البروتستانتية في نظرة الغرب الأوروبي والأميركي، على اليهود وديانتهم ومكانتهم في المجتمع والتاريخ الأوروبيين.

في هذا السياق غَدت مفاهيم "الشعب المختار" و"أرض الميعاد" وغيرها من الأساطير اليهودية متأصلة في العقيدة البروتستانتية، ومنحت اليهود فرصة احترام المسيحية الغربية ودعمها، على أرضية إيمان المسيحيين الأصوليين بالدور المنوط باليهود في سيناريو ما يُسمى المجيء الثاني. فاليهود حصلوا على فلسطين، بوصفها (الأرض الموعودة)، وبذلك ضمن المسيحيون الأصوليون تحقيق عودة المسيح الوشيكة.



#مسعد_عربيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- في أسباب وهن الفكر السياسي العربي: استهداف الوطن العربي ودور ...
- مشروع التحرير الوطني الفلسطيني: قراءة من أجل التاريخ والمستق ...
- مدخل إلى قضايا الوعي وإشكالياته: الوعي الشعبي بين الحقيقي وا ...
- مدخل إلى قضايا الوعي وإشكالياته: الوعي الشعبي بين الحقيقي وا ...
- نحو فهم مادي للعِرق في أميركا


المزيد.....




- سُرقت سيارته.. سامر إسماعيل: ما يحدث لن ينغص علينا فرحة -الت ...
- سياسيون مصريون يعلقون على سقوط الأسد وموقف القاهرة
- بوتين يحثّ على تطوير التعاون العسكري بين دول منظمة معاهدة ال ...
- لاعب مصري يعتدي على مديره الفني أثناء المباراة يثير تفاعلا و ...
- آبل تعلن عن iOS 18.2 مع ميزات جديدة لهواتفها
- نفق مفخخ يقتل 4 جنود إسرائيليين في جنوب لبنان.. كمين أم خطأ ...
- دمشق من السماء بعد سقوط الأسد
- ألمانيا تعلن عزمها إعادة تقييم -هيئة تحرير الشام- بناء على أ ...
- السفير الروسي في ليبيا يبحث مع وزير خارجية الكونغو آفاق المص ...
- مصر.. إحباط دخول كميات كبيرة من المخدرات عبر البحرين الأحمر ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مسعد عربيد - المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بحث في الفكر الصهيوني قبل -طوفان الأقصى- وبعده (الحلقة الخامسة)