التركمان في ديالى: جذور ضاربة في أعماق التاريخ منذ ما قبل الإسلام

ديار الهرمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 16:18
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

التركمان في محافظة ديالى ليسوا طارئين أو مستحدثين في نسيج العراق التاريخي، بل هم جزء أصيل من تركيبة سكان هذه الأرض، يعود تواجدهم إلى زمن الإمبراطوريات القديمة: الأخمينية، البارثية، والساسانية، ثم استمر وتعزز في العصر الإسلامي وما تلاه من العصور.

تواجد التركمان في ديالى:

يتوزع التركمان في ديالى في عدة مناطق معروفة منذ القدم، وهي:

خانقين (أكبر تجمع تركماني في ديالى)

قرتبة

قرغان (جلولاء حاليًا)

قزربات (السعدية حاليًا)

بهرز، بلدروز، شهربان (مقدادية حاليًا)

دلي عباس / أدنه كوي (منصورية الجبل)

خرنابات (بعقوبة)

بندچين (مندلي)

ديلتاوه (الخالص)

قزانية (حاليًا ضمن محافظة واسط، وكانت تابعة لديالى إداريًا سابقًا)

جذورهم قبل الإسلام:

لقد أشارت دراسات متعددة في التاريخ القديم إلى أن ديالى شكلت جزءًا من الممرات الحيوية بين الهضبة الإيرانية وبلاد ما بين النهرين، مما جعلها محطة استقرار دائمة لقبائل رعوية ومقاتلة من الشرق، بينها قبائل تركية-آرية مختلطة، جاء ذكرها في:

وثائق الدولة الأخمينية (550–330 ق.م)

الكتابات البارثية والأشكانية (247 ق.م–224 م)

العهد الساساني (224–651 م)

وقد استخدم الأخمينيون والبارثيون الساسانيون القبائل التركية في المهام الحدودية، وتوطّنت جماعات منها في شرق العراق، خاصة في المناطق الجبلية والسهلية على حدود الإمبراطوريات.

في العهد الإسلامي:

مع دخول الإسلام، كانت العديد من هذه القبائل، خصوصًا الغزّ والسلاجقة والأتراك الخزر والبيات، مندمجة في النسيج السياسي والعسكري للدولة الإسلامية، وشاركت في الفتوحات، واستقرت أعداد كبيرة منهم في العراق، لا سيما في المناطق الحدودية مثل خانقين وديالى.

في العصرين الصفوي والعثماني:

خلال العهدين الصفوي والعثماني، أصبح للتركمان دور أكبر في ديالى، حيث كانوا يُعتمد عليهم كأصحاب أراضٍ ومقاتلين محليين وزعماء عشائريين، خصوصًا من قبائل:

البيات

القاجار

القره قويونلو

الآق قويونلو

الأفشار

الكاورقلي

وكان لهم تأثير في الحياة الثقافية والدينية والسياسية في خانقين ومحيطها، ولا تزال أسماؤهم وشواهدهم موجودة إلى اليوم في تاريخ المدينة وتراثها.

ملحوظة لغوية–عرقية:

معظم التركمان في ديالى ينحدرون من أصول تركية–إيرانية قديمة، ويحتفظون بلهجتهم التركمانية، القريبة من لهجة أذربيجان وخراسان القديمة.

ولا يزال كثير من سكان خانقين يتحدثون اللغة التركمانية إلى اليوم، رغم محاولات التعريب والإقصاء التي طالتهم في القرن العشرين.

التركمان في ديالى ليسوا مجرد اثنية حديثة، بل هم امتداد تاريخي موغل في القدم، مرتبط بتاريخ الشرق الأدنى القديم، وشهدوا مراحل تحوّل حضاري كبرى من عصر الإمبراطوريات الفارسية إلى العصر الإسلامي وما بعده، ولعبوا دورًا راسخًا في صناعة التاريخ الثقافي والديمغرافي للمنطقة.


المراجع والمصادر الأكاديمية:

1. د. زكي محمد حسن – التركمان في العراق

من أوائل الباحثين الذين وثقوا التوزيع الجغرافي والتاريخي للتركمان، بما في ذلك ديالى.

2. عباس العزاوي – عشائر العراق (الجزء الخاص بديالى وخانقين)

يوثق وجود عشائر البيات، القاجار، والأفشار في مناطق ديالى وشرق العراق.

3. موسوعة تاريخ إيران السياسي والحضاري – بإشراف د. حسن بيرنيا

تُفصل في استخدام الأخمينيين والبارثيين والساسانيين للقبائل التركية الآرية على حدود الإمبراطورية.

4. د. أحمد سوسة – العرب واليهود في التاريخ

يتحدث عن التحولات الديموغرافية في مناطق الفرات الأوسط وديالى خلال العصور القديمة.

5. The Cambridge History of Iran – Cambridge University Press

موسوعة شاملة توثق الحركات السكانية من آسيا الوسطى إلى العراق وإيران عبر العصور.

6. Yuri Bregel – An Historical Atlas of Central Asia

يوضح تحركات القبائل التركية من آسيا الوسطى إلى العراق عبر خرائط وتحليل تاريخي دقيق.

7. D. N. MacKenzie – The Origins of the Turkish Tribes in Iran and Iraq

بحث لغوي–أنثروبولوجي عن لهجات وأصول القبائل التركية في العراق وإيران.

8. رسائل ماجستير ودكتوراه في جامعة بغداد وجامعة ديالى عن التركمان وتاريخ ديالى

مثل رسالة الباحث صباح كاكه أحمد عن خانقين، ورسائل أخرى عن التركيبة السكانية في ديالى.

9. تاريخ العراق الوسيط – د. عبد العزيز الدوري

يناقش دور الأتراك في الحياة العسكرية والسياسية للدولة الإسلامية، وتوزعهم الجغرافي في العصور الإسلامية.

#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل