أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ديار الهرمزي - صراع المركز والإقليم: بداية التغيير في النظام السياسي العراقي














المزيد.....

صراع المركز والإقليم: بداية التغيير في النظام السياسي العراقي


ديار الهرمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 15:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في تاريخ الشعوب، لا تأتي التغييرات الجذرية صدفة، بل تكون دائمًا نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية.

وفي الحالة العراقية، يمكن القول إن الصراع المزمن بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كوردستان بات أحد أبرز مؤشرات تفكك النظام القائم، وربما أحد المحركات الحاسمة لتغييره مستقبلاً.

أولاً: جذور الصراع بين المركز والإقليم
١ مو
هذا الصراع ليس وليد لحظة آنية، بل هو نتيجة خلل بنيوي في صيغة الحكم الفيدرالي التي تبناها العراق بعد 2003، دون وجود آليات دستورية واضحة وحاكمة لتنظيم العلاقة بين بغداد وأربيل.

من أبرز نقاط التوتر:

النفط والثروات الطبيعية: من يملك الحق في التعاقد والتصدير؟ المركز أم الإقليم؟

الرواتب والميزانية: هل يحق للمركز التحكم برواتب موظفي الإقليم مقابل التزامات مالية غير واضحة؟

الحدود الإدارية والمناطق المتنازع عليها.

التمثيل السياسي والعسكري: من يحدد السياسة الدفاعية؟ وهل البيشمركة جزء من المنظومة الدفاعية أم قوة موازية؟

هذه القضايا ظلت بلا حلّ جذري، وتتحول في كل مرحلة إلى أزمات، أحيانًا سياسية وأحيانًا اقتصادية، لكنها دومًا تعكس خللًا في شكل النظام ذاته.

ثانيًا: أزمة نظام أم أزمة حكومات؟

يبدو للكثيرين أن هذه الأزمات تعود إلى فشل الحكومات المتعاقبة في إدارة العلاقة. لكن الحقيقة الأعمق هي أن النظام السياسي العراقي بُني على توازنات هشة، لا على قواعد دستورية راسخة. فالنظام الحالي:

برلماني شكلي، لكن في الواقع تحكمه توافقات فوق دستورية.

فيدرالي في النص، لكنه مركزي في السلوك العملي.

ديمقراطي في الشكل، لكنه مبني على المحاصصة القومية والطائفية.

وهذا يعني أن الصراع بين المركز والإقليم هو أعراض لمرض أعمق: نظام غير قادر على إنتاج حلول مستدامة، ويعيد إنتاج الأزمات نفسها مع كل دورة انتخابية أو تغيير حكومي.

ثالثًا: لماذا هو بداية تغيير النظام؟

بناءً على تحليل شخصي مبني على قراءة الواقع السياسي العراقي، فإننا نرى أن هذا الصراع هو:

كاشف لحدود النظام الحالي: كل أزمة مع كوردستان تفضح عجز النظام عن احتواء التنوع القومي والإقليمي بطريقة عقلانية ومنصفة.

محرّك لفكرة إعادة الصياغة: هناك اليوم أصوات متزايدة تطالب بتغيير شكل الدولة، إما عبر الانتقال إلى نظام رئاسي، أو عبر تعزيز الفيدرالية الحقيقية، أو حتى عبر التفكير في نماذج حكم جديدة (كونفيدرالية، لامركزية موسعة…).

ناقل للأزمة إلى العمق الشعبي: الأزمات لم تعد بين السياسيين فقط، بل أصبحت تمس حياة الناس (رواتب، خدمات، أمن)، ما يجعل الصراع أكثر انفجارًا وأكثر تأثيرًا على النظام ككل.

رابعًا: ما ملامح التغيير القادم؟

إذا استمرت الأزمة بين المركز والإقليم على هذا الشكل، فإن الاحتمالات الواقعية التي قد تظهر هي:

1. إعادة كتابة الدستور أو تعديله جذريًا.

2. تغيير شكل النظام السياسي نحو الرئاسي أو شبه الرئاسي.

3. تقوية الفيدرالية على أسس اقتصادية وسياسية واضحة (فيدرالية حقيقية وليست سياسية فقط).

4. طرح مشروع عقد اجتماعي جديد يعيد بناء العلاقة بين المركز والأقاليم على قاعدة الشراكة لا التبعية.

خامسًا: خاتمة تحليلية

الصراع بين المركز وكوردستان ليس نزاعًا على الرواتب أو آبار نفط فقط، بل هو مرآة لصراع أعمق بين تصورين مختلفين للدولة العراقية.
ما نراه اليوم هو أن هذا الصراع قد يكون الشرارة التي تدفع النخبة السياسية، والمجتمع، إلى التفكير الجدي في تغيير شكل النظام السياسي نفسه. وهذا التغيير لن يكون سهلًا ولا سريعًا، لكنه – حسب التحليل – أصبح أمرًا لا مفر منه إذا أردنا للعراق أن يبقى دولة موحدة وعادلة.

حين تفشل الأنظمة في احتواء مكوناتها، فالصراع لا يبقى مجرد خلاف سياسي، بل يصبح إعلانًا عن موت الصيغة القديمة، وبداية ولادة لنظام جديد.



#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الروح النقية والقلب المطمئنة
- الفرق بين أن تكون قومي معرفي وقومي عنصري
- الكويت والعراق أنانية الجغرافيا وخرائط المؤامرة
- نقابة الأشراف في العراق (العهد العثماني)
- واقع المفكرين والعقلاء والنقّاد في مجتمعاتنا
- ضعفنا سببه حكامنا
- عمر مختار دخل التاريخ من أوسع أبوابه
- مفهوم نفاية العقول
- اسباب الفشل السياسي التركماني في العراق وسوريا
- الجهل ينهش في عقول المسؤولين والسياسيين كارثة تدميرية للمجتم ...
- فلسفتي ورحلتي الفكرية
- معركة جناق قلعة (1915-1916) – الانتصار العثماني العظيم
- الثقافة السياسية في الشرق الأوسط نموذج للفوضى والاستغلال
- الطائفية والعنصرية والتمييز وأثرها على العقول والمجتمعات
- الوراثة السياسية سرطان يقتل الديمقراطية والتنمية
- الولايات العثمانية في العراق (وفق الأرشيف العثماني)
- العقل المطلق والمحدد النسبي
- العمالقة المزيفين
- أنواع الأقلام ودورها في تشكيل الوعي والمجتمع
- هل فقد الساسة الأمريكيون إنسانيتهم؟


المزيد.....




- زلزال بقوة 6 درجات يهز منطقة حدودية في تركيا يتسبب بهزة أرضي ...
- زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب تركيا ويشعر به سكان مصر
- الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق يعلن اندلاع اشتباكات أمس عن ...
- مراسل RT: هزة أرضية تضرب محافظة الجيزة في مصر
- بريطانيا: الصين تشكل تحديا -صعبا ومستمرا-
- ترامب يعلنها: لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم في إيران
- ماذا قال ترامب عن إمكانية السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم؟
- المبعوث الأمريكي الخاص إلى دمشق: هناك رغبة في إنهاء التمدد ا ...
- وصف بـ -الحدث الأمني الصعب-.. مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإص ...
- الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً من اليمن ويُفعّل صافرات الإنذ ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ديار الهرمزي - صراع المركز والإقليم: بداية التغيير في النظام السياسي العراقي