ديار الهرمزي
الحوار المتمدن-العدد: 8272 - 2025 / 3 / 5 - 17:35
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
خلال الحكم العثماني، قُسّم العراق إداريًا إلى عدة ولايات، وكان لكل ولاية أهمية استراتيجية وإدارية واقتصادية، وقد شهدت هذه الولايات تغييرات إدارية متكررة تبعًا للظروف السياسية والعسكرية.
في هذا السياق، كانت ولايات بغداد، البصرة، الموصل، شهرزور، والجزيرة في الأهوار تمثل المراكز الإدارية العثمانية في العراق.
1. ولاية بغداد:
التأسيس والتاريخ:
أصبحت بغداد ولاية عثمانية عام 1534 بعد أن فتحها السلطان سليمان القانوني من الصفويين.
كانت العاصمة السياسية والإدارية للعراق العثماني، ومركز الحكم العثماني في المنطقة.
شهدت مراحل من الازدهار والتراجع، خاصة خلال فترات ضعف السيطرة العثمانية وبروز حكم المماليك في بغداد (1750-1831).
الموقع الجغرافي:
امتدت من شمال العراق حتى جنوبه، وكانت تشمل أجزاءً من الكوت، الحلة، والأنبار.
الأهمية الاستراتيجية:
كانت مركزًا سياسيًا وعسكريًا مهمًا، حيث شكلت قاعدة عثمانية رئيسية في الصراع مع الإمبراطورية الصفوية.
كانت أيضًا محطة تجارية رئيسية على طريق التجارة بين الهند، بلاد فارس، والأناضول.
الحكم والإدارة:
كان والي بغداد هو أهم حاكم عثماني في العراق، وغالبًا ما كان يعين من بين الشخصيات المقربة من السلطان.
كانت الولاية مقسمة إلى سناجق (أقضية)، وكانت العشائر التركمانية والعربية والكردية تلعب دورًا بارزًا في الاستقرار الأمني فيها.
2. ولاية البصرة
التأسيس والتاريخ:
خضعت للحكم العثماني عام 1546، وكانت واحدة من أغنى الولايات العثمانية بسبب موقعها الاستراتيجي على الخليج البصرة /العربي.
كانت محورًا للتجارة البحرية بين الدولة العثمانية والهند وإفريقيا.
الموقع الجغرافي:
شملت مناطق البصرة، العمارة، الناصرية، والفاو، وكانت تطل على الخليج البصرة /العربي.
الأهمية الاقتصادية:
كانت الميناء الرئيسي للدولة العثمانية في الخليج البصرة /العربي، مما جعلها مركزًا اقتصاديًا هامًا.
اشتهرت بتصدير التمور، اللؤلؤ، والسفن الخشبية.
الحكم والإدارة:
كانت تضم قبائل عربية قوية مثل بني خالد والمرازيق، والتي كانت تلعب دورًا في استقرار الحكم أو التمرد ضده.
خضعت لبعض الفترات لحكم شبه مستقل تحت سيطرة حكام محليين، مثل آل مغامس وآل عريعر.
3. ولاية الموصل
التأسيس والتاريخ:
دخلت تحت الحكم العثماني عام 1517 بعد معركة جالديران ضد الصفويين.
كانت من أكثر الولايات استقرارًا إداريًا بسبب التوازن بين العثمانيين والعشائر الكردية والتركمانية والعربية فيها.
الموقع الجغرافي:
شملت مناطق نينوى، تلعفر، العياضية، سنجار، دهوك، وزاخو، وامتدت حتى أجزاء من سوريا الحالية.
الأهمية العسكرية:
كانت نقطة الدفاع العثماني ضد التهديدات والتمردات المحلية.
اشتهرت بقلاعها العسكرية مثل قلعة الموصل وقلعة تلعفر.
الحكم والإدارة:
كانت تحت حكم باشا معين من إسطنبول، لكنه كان يواجه نفوذًا قويًا من العشائر التركمانية والكردية والعربية.
كانت أيضًا مركزًا دينيًا وثقافيًا مهمًا، حيث عاشت فيها جماعات مسيحية، يزيدية، وإسلامية بسلام .
4. ولاية شهرزور:
التأسيس والتاريخ:
كانت تحت السيطرة العثمانية منذ القرن السادس عشر، وكانت إحد اهم مركزًا للإدارة العثمانية في العراق.
الموقع الجغرافي:
شملت أجزاء من كركوك، السليمانية، وحلبجة.
الأهمية السياسية والعسكرية:
كانت بمثابة حاجز بين العثمانيين والصفويين، وشهدت صراعات كثيرة بسبب موقعها الحدودي.
لعبت دورًا في التوسع العثماني باتجاه إيران.
الحكم والإدارة
كانت تخضع لحكم ولاة محليين تحت الإشراف العثماني.
كانت مركزًا ثقافيًا ولغويًا مهمًا للعشائر الكردية والتركمانية .
5. ولاية الجزيرة في الأهوار (ولاية العمارة)
التأسيس والتاريخ:
سميت بـ ولاية الجزيرة لأنها تقع بين نهري دجلة والفرات، وكانت مغطاة بالمستنقعات والأهوار.
أصبحت ولاية عثمانية رسمية في القرن السابع عشر، وكانت مركزها مدينة العمارة.
الموقع الجغرافي:
شملت مناطق العمارة، المجر، الكحلاء، وقلعة صالح، وكانت تمتد إلى بعض أجزاء الناصرية والبصرة.
الأهمية الاقتصادية والطبيعية:
كانت ذات تربة خصبة جدًا، واشتهرت بزراعة الأرز والشعير.
شكلت الأهوار بيئة طبيعية منعزلة جعلتها ملاذًا للعشائر العربية الهاربة من الضرائب العثمانية أو الملاحقات الأمنية.
الحكم والإدارة:
احيانا كانت تدار من مركز ولاية البصرة أو بغداد تبعًا للظروف السياسية.
كانت العشائر العربية، مثل بني لام وآل إزيرج، تتحكم في معظم مناطقها.
الصراعات والتمردات:
كانت الولاية من أكثر الولايات تمردًا ضد العثمانيين، حيث كانت العشائر ترفض دفع الضرائب.
كانت الولايات العثمانية في العراق تختلف في طبيعتها وأهميتها، حيث لعبت بغداد والبصرة والموصل أدوارًا محورية في السياسة والتجارة، بينما كانت شهرزور والجزيرة في الأهوار مناطق ذات حكم ذاتي نسبيًا وكانت مركزًا لصراعات مستمرة.
التغيرات بعد الحكم العثماني:
مع الاحتلال البريطاني عام 1914-1918، تم إلغاء التقسيم العثماني وتحويل الولايات إلى ألوية ومحافظات.
أصبحت بغداد، البصرة، والموصل مراكز إدارية رئيسية في الدولة العراقية الحديثة، بينما اندمجت ولاية شهرزور والجزيرة ضمن المناطق الكردية والتركمانية والعربية الحالية.
الأرشيف العثماني لا يزال يحتفظ بتفاصيل دقيقة عن هذه الولايات، بما في ذلك سجلات الضرائب، المراسلات الإدارية، والخرائط الجغرافية، مما يوفر معلومات قيمة للباحثين في التاريخ العثماني للعراق.
للبحث في تاريخ الولايات العراقية خلال العهد العثماني، توجد مجموعة من المصادر والمراجع التاريخية الموثوقة والوثائق التي تقدم معلومات غنية حول هذا الموضوع. فيما يلي قائمة ببعض هذه المصادر والوثائق:
1. كتاب:
العراق في الوثائق العثمانية: الأوضاع السياسية والاجتماعية في العراق خلال العهد العثماني.
هذا الكتاب يحتوي على مجموعة من الوثائق العثمانية المكتوبة باللغة العربية من قبل شخصيات محلية ورؤساء العشائر ومسؤولي الإدارة العثمانية في الولايات العراقية، ويغطي مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية والعسكرية والصحية في مناطق العراق المختلفة.
2. كتاب:
الموصل من خلال وثائق الأرشيف العثماني والصور التاريخية المحفوظة في أرسيكا.
يقدم هذا الكتاب نظرة معمقة عن مدينة الموصل خلال العهد العثماني، مستندًا إلى وثائق الأرشيف العثماني والصور التاريخية المحفوظة في مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (أرسيكا).
3. موقع خدمة البحث في الأرشيف العثماني والوثائق العثمانية.
يوفر هذا الموقع خدمات البحث عن الوثائق العثمانية المتعلقة بالمدن والقرى والمناطق والمعالم التاريخية، بالإضافة إلى خدمة استخراج الوثائق وتصديقها وترجمتها من اللغة العثمانية إلى العربية.
4. كتاب:
الإدارة العثمانية في ولاية بغداد من عهد الوالي مدحت باشا إلى نهاية الحكم العثماني (1869-1917).
يتناول هذا الكتاب الإدارة العثمانية في ولاية بغداد خلال فترة حكم الوالي مدحت باشا وحتى نهاية الحكم العثماني، مستعرضًا التطورات الإدارية والسياسية في تلك الفترة.
5. مقال:
الولايات العراقية في العهد العثماني.
يقدم هذا المقال نظرة عامة على ولايات العراق خلال العهد العثماني، مع التركيز على ولاية بغداد وأهميتها كقاعدة للعمليات العسكرية ضد فارس.
6. قائمة ولاة بغداد في العصر العثماني
توفر هذه القائمة معلومات عن ولاة بغداد منذ بداية الحكم العثماني للعراق وحتى دخول القوات البريطانية إلى بغداد، مع الإشارة إلى صلاحياتهم ونفوذهم الذي امتد أحيانًا إلى ولايات أخرى.
يُنصح بالاطلاع على الأرشيف العثماني الرسمي المتوفر في تركيا، حيث يحتوي على وثائق أصلية تتعلق بإدارة الولايات العراقية خلال العهد العثماني.
يمكن الوصول إلى بعض هذه الوثائق عبر المواقع الإلكترونية للمؤسسات الأرشيفية التركية أو من خلال زيارة مراكز الأرشيف.
هذه المصادر والوثائق ستوفر لك فهمًا عميقًا لتاريخ الولايات العراقية خلال العهد العثماني، مع التركيز على الجوانب السياسية والاجتماعية والإدارية والتعليمية والعسكرية والصحية .
#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟