|
|
أمريكا والتحولات البنيوية الكبرى في - اسرائيل-
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 8533 - 2025 / 11 / 21 - 11:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أمريكا والتحولات البنيوية الكبرى في " اسرائيل" هناك تحول كبير في التركيبة البنيوية للمجتمع السياسي " الإسرائيلي" نحو العقائدية على حساب السياسة،حيث نشهد هذا التحول من خلال سيطرة قوى الصهيونية الدينية والقومية على مفاصل القرار السياسي " الإسرائيلي"،بحيث باتت تلك القوى تتحكم في الحكومات " الإسرائيلية" بقاءً وسقوطاً.
هذه القوى كانت على هامش المشروع الصهيوني،وهي الآن تقدمت لكي تصبح في قلب هذا المشروع،ويبدو بأن الصراع على هوية الدولة،يتجه للحسم لصالح هذه القوى،بتحويل دولة الإحتلال الى دولة شريعة " هالاخاه".
حيث نجد بأن تلك القوى اليوم،لا تأبه بأي قوانين او تشريعات،وشرعية دولية وقانون دولي،وتواصل حربها " المتغولة" و"المتوحشة" على الشعب الفلسطيني،بدون اي رادع،فالمستوطنين يمارسون كل اشكال الإرهاب بحق الشعب الفلسطيني،ويوسعون من دائرة سيطرتهم على الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية،ويستخدم سموتريتش عراب الإستيطان الرعوي والديني في الضفة الغربية هذا النموذج من أجل السيطرة على أكبر مساحة من الأرض الفلسطينية،في سعي لفصل الهوية الوطنية الفلسطينية عن الأرض ،واعتبار الضفة الغربية دولة " يهودا والسامرة".
هذه التحولات في التركيبة البنيوية للمجتمع السياسي " الإسرائيلي" ،وصلت الى حد سن قوانين وتشريعات متواصلة واستخدام كل أساليب الطرد والتهجير الناعمة والخشنة بحق الشعب الفلسطيني،حيث المستوطنين لا يتوقفون عن القيام بعمليات طرد وتهجير للسكان في الضفة الغربية من أرضهم والسيطرة عليها،وتشيد بؤر استيطانية عليها،من مسافر يطا في جنوب الخليل، الى التجمعات البدوية في شرق مدينة القدس،عرب الكعابنة والجهالين وابو غالية والعراعرة،والتجمع البدوي في خلة السدرة - مخماس،وكذلك الإستيلاء الواسع على مساحات واسعة من أراضي القرى الفلسطينية المحيطة بالقدس من شرقها لغربها ،السواحرة الشرقية،ابو ديس ،العيزرية، الزعيم، عناتا ،االعيسوية ،النبي صمويل،بيت اكسا،حي الخلايلة- الجديرة،وكذلك الى كل التجمعات السكانية الفلسطينية في الأغوار،وصولاً لنفي وجود الشعب الفلسطيني وإنكاره،ورفض اي صيغ لحلول سياسية تؤدي الى قيام ليس دولة فلسطينية،بل مسار سياسي موثوق يقود الى قيام هذه الدولة،ورغم التنازلات الكبرى التي قدمتها السلطة الفلسطينية ودول النظام الرسمي العربي الوظيفي ،في سبيل اشباع نهم " اسرائيل" وتغولها و"توحشها" ،لكن تلك القوى ترفض بشكل قاطع مثل هذه الحلول ولا تقبل بالوجود الفلسطيني إلا خارج فلسطين.
هي تعتبر بأن حربها مع الشعب الفلسطيني،هي حرب وجودية،حرب " اسرائيل" الكبرى،حرب " اسرائيل" العظمى،حرب " اسرائيل" الوجودية والحدودية،لا تهادن فيها،ويجب اقتلاع الشعب الفلسطيني من جذوره،ولعل اقوال الوزرين المتطرفين بن غفير وسموتريتش وعميحاي الياهو ما يعرف بوزير التراث ويؤاف كيش وزير التعليم في دولة الإحتلال،ونتنياهو نفسه، بأنه لا يوجد شعب فلسطيني،وبان هذا اختراع عمره أقل من مئة عام،ويجمعون على أنه اذا كان ثمن التطبيع مع المحيط العربي،وبالذات مع السعودية، إقامة دولة فلسطينية،فهم ليسوا بحاجة لهذا التطبيع.
وفي إطار السعي لنفي إمكانية تشكل أي كيانية فلسطينية،تؤدي الى قيام دولة فلسطينية، تحرص دولة الإحتلال، على عدم ايجاد أي رابط او تواصل وجغرافي وديمغرافي ما بين الضفة وقطاع غزة،وتواصل عمليات "الهندستين" الجغرافية والديمغرافية، بحق الأرض والسكان الفلسطينيين، ،من أجل الوصول الى مرحلة الإخلال بالتوازن الديمغرافي ، ما بين سكان فلسطين الأصليين وما بين المستوطنين،وبما يفضي الى وجود أغلبية يهودية ما بين النهر والبحر في فلسطين التاريخية.
ما نشهده كذلك من شرعنة و"دسترة" وقوننة" لسلسلة من القوانين والتشريعات العنصرية،يندرج في هذا الإطار والسياق، قانون تصفية وكالة الغوث واللاجئين" الأونروا" ، ومصادرة ممتلكاتها في المناطق الخاضعة لسيطرة الإحتلال، وعدم تزويد أي مقرات لها بخدمات الماء والكهرباء، قانون رفض إقامة دولة فلسطينية على جزء من فلسطين التاريخية ،ما يسميه سموتريتش ب" ارض اسرائيل التوراتية"،قانون اعدام الأسرى الفلسطينيين،وممارسة كل اشكال القمع والتنكيل بحقهم،قانون إزاحة التعليم والمنهاج الفلسطيني من مدينة القدس ،قانون اعتقالات على خلفية نشر منشورات عالفيسبوك،قانون مضايقة المعلمين،قانون عدم السماح لخريجي الجامعات الفلسطينية،بالتدريس في المدارس الحكومية في القدس وال 48 ،قانون فرض ضريبة املاك 1.5% على الأراضي الفارغة، قانون ابعادات عن الأقصى والبلدة القديمة والقدس ،وعشرات القوانين العنصرية الأخرى.
هذه الحرب الشاملة التي تشنها " اسرائيل" على أكثر من جبهة،هل هي تعبير عن عمق مأزق "اسرائيل" ،ويأتي في إطار سعيها إلى استعادة موقعها المتراجع اقليميا ودوليا. فيما القلق الاسرائيلي من اولويات ادارة ترامب هو قلق حقيقي لكون التطورات تتسارع في اتجاهات مستقلة تماما عن الاولويات الاسرائيلية وحصريا لانكفاء دورها،وبأن " اسرائيل" لم تعد البوصلة الموجهة للسياسات الأمريكية في المنطقة...؟؟؟.
وهل هذا يؤشر الى اقتراب نهاية الدور الوظيفي ل" اسرائيل"..؟؟،وما نشهده من تصعيد على جبهتي لبنان وغزة ،والجولة الإستفزازية المنتهكة للسيادة والأرض السورية أول أمس الثلاثاء،والتي شارك فيها رئيس الوزراء " الإسرائيلي" نتنياهو ووزير حربه يسرائيل كاتس ومسؤول جهاز " الشاباك" ديفيد زيني،ووزير خارجيته جدعون ساغر ورئيس أركانه ايال زمير وعدد من كبار قادة الأمن القومي، رسالة لادارة ترامب بعدم المضي في أولوياته التي تضعف دور اسرائيل، فيما لا تبدو هذه التحركات بقادرة على تغيير المسارات الاقليمية،وكذلك هي رسالة للرئيس السوري الإنتقالي الشرع وللرئيس التركي أردوغان، بأن " اسرائيل" لن تتخلى عن تطلعاتها في البر والأجواء السورية.
الاختبار الأهم الذي تواجهه واشنطن هو حجم التحول في التركيب البنيوي للمجتمع السياسي الإسرائيلي نحو العقائدية على حساب السياسة، من جهة، والفرق كبير بين تبلور قناعة أميركية بنهاية الدور الوظيفي لـ”إسرائيل” والانتقال إلى حمايتها، والقدرة على تطويع البنية الصعبة والمعقدة في “إسرائيل” لصالح معادلات نقض التركيب العقائدي للقوى الممسكة بالقرار فيها.
فلسطين – القدس المحتلة 21/11/2025 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
«إسرائيل» تصدّع اجتماعي وانهيار أخلاقي
-
حول إقرار قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين
-
رحلت أمّ نضال، حارسة الحلم الفلسطيني
-
غزة حماس … غزة، ترامب، كوشنير
-
لماذا القطار الجوي الأمريكي إلى «إسرائيل»؟
-
المهمة الراهنة: إسقاط مجلس الوصاية «السلام العالمي»
-
لماذا جرى استبعاد القادة من صفقة التبادل؟
-
غزة للنموذج اللبناني
-
أسطول الحرية... الجبهةُ الثامنة
-
قرارات عزل وضم قرى شمال غرب القدس: مقدمة لقرارات أوسع
-
البوابات الألكترونية اهاف مباشرة وأخرى استراتيجية
-
هل ينتقل العرب والإيرانيون من الإشتباك إلى التشبيك؟
-
البلاد العربية والإسلامية على مفترق طرق،بعد كسر نتنياهو الجر
...
-
-اسرائيل- صعود الى ذروة القوة،أم صعود نحو الهاوية ..؟؟
-
مصر وجيشها في قلب الاستهداف -الإسرائيلي–الأمريكي-
-
-عصا موسى- في مواجهة -عربات جدعون-
-
الحرب على لبنان باتت قريبة
-
المشاريع والمخططات إقليمية وأكبر من معركة غزة
-
حل الدولتين أُسقط بالضربة القاضية
-
المنطقة والإقليم أمام مخاطر مصيرية ومفصلية
المزيد.....
-
هل ستصبح أبوظبي وجهة رئيسية لسباقات التحمّل الصحراوية؟
-
ممر -السجادة الحمراء-..أحدث ابتكارات مطارات دبي لتسهيل تجربة
...
-
هيفاء وهبي تتألق بأزياء مستوحاة من التراث السعودي في حفل موس
...
-
زيارة محمد بن سلمان لواشنطن.. إليكم الصفقات الرئيسية بين أمر
...
-
تصعيد ميداني في غزة والضفة الغربية.. ونتنياهو يجدد رفضه لإقا
...
-
ضغوط أميركية وتنازلات -ثقيلة- لصالح روسيا.. تفاصيل مسودة خطة
...
-
حفل جوائز -الكاف- تفوق مغربي
-
مسودة خطة ترامب لأوكرانيا: تنازلات عن أراض لروسيا وحدود جديد
...
-
توغل إسرائيلي جديد بريف القنيطرة ونتنياهو يدعو لترتيبات أمني
...
-
اجتماع ملغوم بين ممداني وترامب في البيت الأبيض
المزيد.....
-
اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات،
...
/ رياض الشرايطي
-
رواية
/ رانية مرجية
-
ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان
...
/ غيفارا معو
-
حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
المزيد.....
|