|
|
حول إقرار قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 14:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بقلم: راسم عبيدات
بدايةً، لا بدّ من القول إن قانون الإعدام في دولة الاحتلال لم يُطبّق فعليًا سوى في حالتين: الأولى بحق الضابط العسكري مئير توبيانسكي، الذي جرى إعدامه عام 1948 رمياً بالرصاص بتهمة التجسس، والثانية بحق الضابط الألماني أدولف أيخمان، الذي جرى اختطافه من الأرجنتين إلى إسرائيل، ثم إعدامه بواسطة الغاز لدوره في المشاركة بمذابح الهولوكوست ضد اليهود.
واليوم، في حين يسعى إيتمار بن غفير لإعدام الأسرى الفلسطينيين عبر شرعنة هذا القانون — والذي أعتقد أنه لن يُشرّع ليس لأسباب قانونية وأخلاقية فحسب، وإنما لأن ذلك سيلحق ضررًا سياسيًا بدولة الاحتلال — في وقت لا تحتاج فيه إلى المزيد من الاتهامات وتشويه الصورة المشوهة أصلاً، في ظل اتهامات بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية. تجدر الإشارة إلى أن محكمة الجنايات الدولية أصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراءها بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولا تزال قائمة كذلك، إضافة إلى ما تقوم به مؤسسة هند رجب من ملاحقة لجنود وضباط الاحتلال في دول العالم بسبب ارتكابهم جرائم حرب متواصلة ومستمرة، وقد جُرِي في أكثر من مرة — وبأكثر من دولة — تهريب جنود للاحتلال من عدة دول خوفًا من اعتقالهم ومحاكمتهم على خلفية مشاركتهم في تلك الجرائم.
أعتقد بأن بن غفير يحتاج هذا القانون سياسيًا وكجانب دعائي لزيادة شعبيته ورصيده في الانتخابات التشريعية العامة القادمة. صحيح أن هذا القانون قد جرى إقراره في لجنة الأمن القومي بالقراءة الأولى، ويحتاج تمريره والمصادقة عليه إلى ثلاث قراءات، وأن رئيس دولة الاحتلال نتنياهو أيد هذا القرار لمن «يقوم بقتل يهود على خلفية قومية»، ولكن «بعد أن ينال محاكمة عادلة» على حد زعمه. إلا أنني أعتقد بأن التداعيات السلبية لهذا القانون وردود الفعل من المنظمات الحقوقية والإنسانية ودول العالم ســ «تعْرقل» إقراره، وخاصة أن إسرائيل تمارس الإعدام ضد الأسرى الفلسطينيين خارج القانون، حيث استشهد 81 أسيرًا فلسطينيًا حتى الآن في سجون الاحتلال منذ 7 أكتوبر / 2023، ليس فقط بسبب سياسة الإهمال الطبي والتجويع، بل بسبب عمليات القمع والتنكيل العنيفة، ناهيك عن الموت البطيء، الذي نشاهد مظاهره فيما يقوم به المتطرف بن غفير من عمليات تعذيب ممنهجة بحق الأسرى — من عرضهم، وهم في أوضاع مأساوية جدًا، حيث يُوضَعون على الأرض على وجوههم، وأيديهم مكبّلة من الخلف، وكذلك التباهي بعدم تقديم الطعام لهم، وانتشار الأمراض المعدية والخطيرة في صفوفهم بسبب انعدام وسائل ومواد النظافة ومنع الاستحمام.
وما كشَفَته المدعية العسكرية العامة «الإسرائيلية» يفعات تومر يروشالمي عبر فيديو، من قيام عدد من جنود الاحتلال في «مسلخ» سِدَي تِيمان من تعذيبٍ واغتصابٍ بحق أسير فلسطيني، يكشف عن الانهيار الأخلاقي في صفوف جيش الاحتلال. ورغم أنها قامت بعملية الكشف هذه ليس تضامنًا أو تعاطفًا مع الأسير الفلسطيني، بل من أجل إنفاذ القانون، إلا أن ردود الفعل تجاه ما قامت به من قبل قادة دولة الاحتلال كانت عنيفة جدًا. حيث قال رئيس وزراء الاحتلال إن ما جرى يشكّل أخطر هجوم إعلامي حصل لدولة الاحتلال منذ قيامها، فهي لم تعرض أمن دولة الاحتلال وأمن جنودها للخطر فحسب، بل ألحقَت ضررًا بالغًا بهذا الجيش الذي يتباهى نتنياهو بأنه «أكثر جيش أخلاقي». وقد قُبِلَت استقالة المدعية العامة العسكرية، وخرجت أصوات تنادي بإقالتها وحرمانها من راتبها وكلّ حقوقها لهذه «الجريمة الخطيرة» التي ارتكبتها. وبعد ذلك دخلت تلك المدعية العامة في أزمة نفسية عميقة، ربما دفعتها للتفكير بالانتحار من خلال الرسالة التي تركتها، لكن جرى العثور عليها بعد حملة تفتيش واسعة بصحتها جيدة، ثم جُرِي اعتقالها ووضعها في زنزانة — أمر بن غفير بوضع كاميرات فيها لمراقبة حركتها على مدار الساعة.
من الواضح أن تركيز قادة دولة الاحتلال كان على الفضيحة، وليس على الجريمة التي جرى ارتكابها. ومن هنا فإن إسرائيل، وهي تمارس عمليات الإعدام خارج القانون بحق أسرى ومواطنين فلسطينيين، ليست بحاجة إلى إقرار مثل هذا القانون، فهي تقوم بذلك دون أي رادع أو حتى مساءلة.
نرى عمليات الإعدام والقتل بحق من يجتازون جدار الفصل العنصري بحثًا عن لقمة العيش، حيث يدفعهم العوز والجوع للقفز عن الجدار، وهم يتوقعون أن يُقتلوا أو يُجرحوا أو يُعتقلوا؛ وكذلك الأمر ما يتعرض له قاطفوا الزيتون من قبل المستوطنين من إطلاق نار وقتل وجرح وقطع أشجار وسرقة محاصيل وقتل حيوانات وغيرها.
ما قالته صحيفة " اسرائيل هيوم" المحسوبة على اليمين ،يدلل بشكل واضح على عمق المأزق والأزمة التي تعيشها دولة الإحتلال، حيث قالت في تقرير لها يوم أمس الإثنين "إسرائيل" في لحظة "انكشاف تاريخي" بعد 7 اكتوبر.. "قطيع متوحش وسقوط داخلي وصدمة وانهيار للثقة بالجيش"*
كما كشفت تلك الصحيفة عن حجم التصدع الاجتماعي والانهيار الأخلاقي الذي يضرب إسرائيل منذ هجوم "طوفان الأقصى" في 7 اكتوبر 2023.*
وأكثر من ذلك قالت الصحيفة أن المجتمع الإسرائيلي "فقد بوصلته الأخلاقية وتحول إلى قطيع متوحش".*
*وتضيف الصحيفة أن "إسرائيل" تعيش انفلاتا غير مسبوق في الخطاب والتحريض، حتى ضد قيادات عسكرية، إذ تلقت المدعية العسكرية رسائل تدعو إلى "حرقها وإعدامها شنقا".*
في حين *الخبير الإسرائيلي بن كاسبيت يلخص المشهد بقوله: "7 أكتوبر لم يهاجم إسرائيل من الخارج فقط.. بل عرى تآكلها من الداخل". أما الباحث شلومو بن عامي فيشير إلى أن إسرائيل تدخل مرحلة "ما بعد المشروع الصهيوني الكلاسيكي".*
اذا من خلال هذه الأقوال،والتي نجد فيها مدى التصدع الإجتماعي والإنهيار الأخلاقي،الذي تعيشه دولة الإحتلال بفعل تداعيات السابع من اكتوبر،فليس بالغريب والمستغرب على شخص محسوب على جماعات متطرفة مثل بن غفير ،كان على هامش المشروع الصهيوني وأصبح في قلبه،بل ومقرر في سياسات حكومته،ان يطرح مثل هذه مشروع هذا القانون،اعدام الأسرى الفلسطينيين،خدمة لأهدافه السياسية وكمشروع دعائي يحتاجه في ظل مجتمع يغرق في العنصرية والتطرف،من أجل زيادة شعبيته في المجتمع "الإسرائيلي" ،لكي يحصل لحزبه على مقاعد أكثر في الإنتخابات التشريعية العامة القادمة.فعمليات اعدام الفلسطينيين خارج القانون مستمرة ومتواصلة و"اسرائيل" لا تحتاج الى تشريع قانون،يجلب لها المزيد من تحطيم صورتها المحطمة على الصعيد العالمي.
فلسطين – القدس المحتلة 4/11/2025 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحلت أمّ نضال، حارسة الحلم الفلسطيني
-
غزة حماس … غزة، ترامب، كوشنير
-
لماذا القطار الجوي الأمريكي إلى «إسرائيل»؟
-
المهمة الراهنة: إسقاط مجلس الوصاية «السلام العالمي»
-
لماذا جرى استبعاد القادة من صفقة التبادل؟
-
غزة للنموذج اللبناني
-
أسطول الحرية... الجبهةُ الثامنة
-
قرارات عزل وضم قرى شمال غرب القدس: مقدمة لقرارات أوسع
-
البوابات الألكترونية اهاف مباشرة وأخرى استراتيجية
-
هل ينتقل العرب والإيرانيون من الإشتباك إلى التشبيك؟
-
البلاد العربية والإسلامية على مفترق طرق،بعد كسر نتنياهو الجر
...
-
-اسرائيل- صعود الى ذروة القوة،أم صعود نحو الهاوية ..؟؟
-
مصر وجيشها في قلب الاستهداف -الإسرائيلي–الأمريكي-
-
-عصا موسى- في مواجهة -عربات جدعون-
-
الحرب على لبنان باتت قريبة
-
المشاريع والمخططات إقليمية وأكبر من معركة غزة
-
حل الدولتين أُسقط بالضربة القاضية
-
المنطقة والإقليم أمام مخاطر مصيرية ومفصلية
-
هي حرب حسم الساحات في المنطقة والإقليم
-
الأقصى وذكرى خراب الهيكل
المزيد.....
-
أمريكا.. مجلس الشيوخ يوافق على مشروع قانون لـ-إنهاء أطول إغل
...
-
الكاتب البريطاني المجري ديفيد سالاي يتفوق على كبار الروائيين
...
-
وفد أمريكي يحض لبنان على تجفيف مصادر تمويل حزب الله من إيران
...
-
العراقيون يصوتون اليوم في سادس انتخابات برلمانية منذ 2003
-
الشرع لفوكس نيوز: سوريا دخلت عهدا جديدا ولا مفاوضات وشيكة مع
...
-
وزير الصحة في حكومة -تأسيس-: الفاشر تحولت إلى حقل ألغام
-
إسرائيل تلوّح باستخدام القوة لفرض الهدنة في لبنان وغزة
-
ترامب: لدي ثقة في أن الشرع سيتمكن من أداء مهام منصبه
-
واشنطن تجدد دعمها للتوصل إلى اتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا
-
سوريا توقع إعلان تعاون سياسي مع التحالف الدولي ضد -داعش-
المزيد.....
-
ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان
...
/ غيفارا معو
-
حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
المزيد.....
|