أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين معزة - عامتنا بين مطلب الدولة الدينية والدولة المدنية















المزيد.....

عامتنا بين مطلب الدولة الدينية والدولة المدنية


عزالدين معزة
كاتب

(Maza Azzeddine)


الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 12:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتراوح مطالب غالبية الشعوب العربية والإسلامية في عصرنا الحالي بين من يطالب إقامة الدولة الدينية والدولة المدنية في التحدي بين تطبيق الشريعة في المؤسسات الحاكمة وبين تحقيق دولة حديثة تراعي الحقوق والحريات المتساوية لجميع المواطنين. الدولة الدينية ترتكز على الشريعة كمصدر أساسي للقوانين والتشريعات، بينما الدولة المدنية هي دولة المواطنة التي تضمن المساواة والحريات وتعتمد على القانون الوضعي، بغض النظر عن أي انتماء.
يحظَى هذان المفهومان على الخطاب السياسي العربي والإسلامي وواضح من سياق طرح الشعارين انهما يوضعان في مواجهة بعضهما البعض، كتعبير عن التناقض السياسي/الأيديولوجي بين التيارين الإسلامي على تنويعاته، والعلماني، وأيضا على تنويعاته، وأكثر من ذلك: تعبيرا عن القضية الجوهرية، كما تُصاغ وفق التناقض بين الشعارين، خاصة لما يسمى بالربيع العربي الذي انطلق منذ نهاية 2010 في تونس، لينتقل الى دول عربية خاصة التي تطبق ما يسمى النظام الجمهوري
والسؤال الذي نطرحه هنا هل هناك تعارض بين القول باستناد الدولة إلى المرجعية الإسلامية وبين تقرير مبدأ السيادة للأمة؟ وهل يمكن الجمع -في الوقت نفسه- بين القول بأن من وظائف الدولة ومهامها الأساسية في المجتمعات الإسلامية "حراسة الدين والدنيا" بلغة القدامى، وبين تقرير مدنية الدولة؟
والسؤال الثاني هو: هل يقبل الإسلام -أصولا وتاريخا وثقافة وحضارة- بالفصل التام بين الدين والدولة، وبين الدين والسياسة، وبين الدين كمجال لتدبير ما هو خاص، والسياسة باعتبارها مجالا لتدبير ما هو عام، وإنكار أي إمكانية للتقاطع بين المجال الخاص والمجال العام، أي بين الدين والدولة والدين والسياسة؟
وبنظرة إلى مفهوم الحكم والدولة الثيوقراطيين لدى علماء السياسة؛ فإن الثيوقراطية نظرية سياسية تقوم على أن شرعية الحكم والحاكم تتأسس على كون من يمتلكها ويمارسها يفعل ذلك انطلاقا من حق إلهي، وأنه في تصرفه وممارسته السياسية يصدر عن تفويض من الإرادة الإلهيّة. إن الحكم الثيوقراطي تبعا لذلك هو بطبيعته حكم مطلَق، يجعل للسيادة مصدرا واحدا هو الحاكم بأمر الله وباسمه.
والحاكم في النظرية الثيوقراطية هو فوق المساءلة والمحاسبة ولا يحق للعامة محاسبته، إذ إنّه ليس منتخَبا من الشعب، ولا يمكن عزله أو إسقاطه لسقوط شرعيته أو نقصانها بسبب إخلاله بمقتضيات العقد الاجتماعي، لأنه هو صاحب السيادة المطلقة وليس الشعب، فهو غير مسؤول أمام أي إنسان آخر ولا أي مجلس ولا أمام الشعب نفسه، وهو فوق القانون، ولا يقبل النقد والاعتراض والنصح، لأنّه يحكم بإرادة إلهيّة.
وبذلك تكون الثيوقراطية -التي تعني التصرف السياسي وفق تفويض أو حق إلهي- أكثر تعارضا مع روح الدين ومقاصده العامة من أشد العلمانيات تطرفا.
وهذا يتناقض مع خطاب الخليفة الإسلامي الأول " أبو بكر الصديق" :
"أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
وهذا يتناقض مع رفض ثالث الخلفاء الراشدين ذي النورين عثمان بن عفان أثناء الفتنة التي حاصرته في بيته، هذه العبارة تعني إن الذي يقيمه الله واستخلفه إنما يقيمه عن استحقاق وتقوى وجدارة روحية إذ لا يحق لأحد أن ينازع أمره أو يسعى لعزله والخروج عليه ما دام رب العزة قد خلع عليه قميص الخلافة وجعله له دثارا ولباسا.
الدولة الدينية هي نظام حكم تستمد فيه الحكومة شرعيتها من دين معين، ويكون لرجال الدين السلطة العليا في إدارة شؤون الدولة وسن القوانين. يُعرّف هذا المفهوم أيضاً بـ "الثيوقراطية" (وهي كلمة يونانية تعني "حكم الإله")، حيث تكون القوانين مستمدة من النصوص الدينية، ويُعتبر الحاكم وكأنه يحكم باسم الإله.
والحكم الثيوقراطي يوظِّف نظرية "الحق الإلهي" من أجل ممارسة حكم وضعي مطلق، يمنع أي نوع من أنواع المساءلة أو الرقابة، ويصادر سيادة الشعب وسلطته وحقه الأصلي في تفويض الحاكم في تدبير شؤونه، بناء على تعاقد اجتماعي محدَّد المعالم، واضح الواجبات والمسؤوليات.
فأيهما أقرب لمقاصد الإسلام هل الدولة الدينية ام الدولة المدنية؟
عرفنا باختصار شديد مفهوم الدولة الدينية ـ التيوقراطية ـ ونحاول باختصار شديد كذلك تعريف الدولة المدنية وهي
نظام حكم يقوم على أساس مبادئ المواطنة، حيث يتمتع جميع المواطنين بنفس الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللون. تقوم على فصل السلطات (التشريعية، التنفيذية، والقضائية)، وتعتمد على القانون وسيادة الشعب من خلال الانتخابات الحرة، وتحترم الحقوق والحريات الفردية، وتفصل بين الدين والسياسة.
أصبحت فكرة الدولة المدنية من أبرز الموضوعات التي تُطرح اليوم في النقاشات الفكرية والسياسية في العالم العربي والإسلامي، فهي التي تجمع بين مبادئ الحرية والمساواة واحترام التنوع وهذا ما يجعلها نموذجاً جذاباً لإدارة الدول، لكن مع ذلك تبقى هذه الفكرة محاطة بالكثير من الأسئلة والنقاشات إذ يتساءل البعض عن مدى توافقها مع القيم الدينية والثقافية بينما يبحث آخرون عن موازنة بين فوائدها ومخاطرها.
من وجهة نظري المتواضعة أرى ضرورة تحكيم العقل وترجيحه على النقل عن السلف، فالعقل هو الرئيس والمرشد والهادي للفضلاء من خلق الله، وأن «الكمال يحصل إذا تم الجمع بين الشريعة الإسلامية والفلسفة، لأن القرآن قد عقد صلة بين النبوة والحكمة عندما قال: (وآتيناه الكتاب والحكمة)
أن الفلاسفة أو الحكماء هم أقدر البشر على القيام بهذه المهمة، لأنهم الورثة الحقيقيون للأنبياء. وليس رجال الدين او الأحزاب الإسلامية.
منذ الكندي الذي أسس للفلسفة الإسلامية في عصر المأمون إلى ابن رشد الأندلسي، كان الفلاسفة معنيين بالتوفيق بين الفلسفة والدين. ولكن علماء الدين بقوا على عدائهم للفلسفة وتكفيرهم للفلاسفة، لا نستثنى من ذلك عقلًا جبارًا مثل أبوحامد الغزالي الذي هاجم ابن رشد وفلسفته في كتابه المعروف «تهافت الفلاسفة»، فرد عليه ابن رشد في كتابه "تهافت التهافت".
لا سلطة للنص الديني خارج سلطة العقل.



#عزالدين_معزة (هاشتاغ)       Maza_Azzeddine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية زوربا الاغريقي
- زوربا الاغريقي للكاتب كازنتزكاس
- الاستعمار الفرنسي للجزائر 1830 1962
- القرطاجيون - الفنيقيون - في شمال افريقيا
- المعارضة السياسية العربية من الخارج
- الاستعمار الاستيطاني الفرنسي في الجزائر : 1830 ــ 1962
- حكام العرب
- اغتصاب العقل
- الدول العربية سجون كبيرة
- فقهاؤنا
- حرب اثنتا عشرة يوما
- النخب البديلة - المزيفة -
- النكتة - او المعارضة الشعبية الناعمة -
- المخابرات الجزائرية
- أنا إلى أين اسير
- نحن لا نشكو
- معركة وادي زقار 11 ماي 1957 بين رهانات الذاكرة والتاريخ والق ...
- الأكاديميون في جامعتنا العربية
- الأكاديميون في جامعتنا العربية
- إحياء الذكرى 66 لمعركة السطارة دوار بني صبيح بولاية جيجل 26- ...


المزيد.....




- وزير إسرائيلي: سأتخلى عن التطبيع مع دول عربية وإسلامية إذا ك ...
- كايروس فلسطين الثانية: صوت المسيحيين الفلسطينيين في لحظة الح ...
- حين تتحوّل الأرقام إلى عبء على الروح: دعوة إلى قراءة وطنية م ...
- الاحتلال يهدم منشأة في ديربلوط غرب سلفيت
- تكساس تدرج -الإخوان- ومنظمة إسلامية أخرى ضمن لائحة الإرهاب
- بابا الفاتيكان عن معاملة أمريكا للمهاجرين: -غير محترمة.. وهن ...
- تكساس تصنف الإخوان المسلمين و كير -كيانات إرهابية-
- هل طالب مسلمون باعتماد العربية لغة رسمية في نيويورك بعد فوز ...
- تكساس تدرج الإخوان ومنظمة أخرى على قائمة الإرهاب
- -الجماعة الإسلامية في لبنان- تدين العدوان الاسرائيلي على عين ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين معزة - عامتنا بين مطلب الدولة الدينية والدولة المدنية