أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - قاسم حسين صالح - علي الوردي ومصطلح ( ازدواج الشخصية العراقية)














المزيد.....

علي الوردي ومصطلح ( ازدواج الشخصية العراقية)


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 8529 - 2025 / 11 / 17 - 19:52
المحور: قضايا ثقافية
    


علي الوردي ومصطلح (ازدواج الشخصية )

أ.د. قاسم حسين صالح
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

ترتبط مقولة ( ازدواج الشخصية العراقية ) بالدكتور علي الوردي الذي أشاعها في محاضرته التي ألقاها في قاعة الملكة عاليه مساء يوم الثاني من نيسان عام 1951.
بدأ محاضرته الممتعة ، التي كتبها بأسلوب السهل الممتنع ، بأن وصفها أنها أشبه بالمقالة الأدبية منها بالبحث العلمي . وأشار في مكان آخر منها أنه لاحظ بعد دراسة طويلة بأن شخصية الفرد العراقي فيها شيء من الازدواجية ، وأضاف ( واني وان كنت غير واثق من نتيجة هذه الدراسة ، ولكني أجد كثيرا من القرائن تؤيدني فيما أذهب اليه ).

ويذكر من هذه القرائن :
" أن المسلم العراقي من أشدّ الناس غضبا على من يفطر علنا وهو من أكثرهم افطارا "، " وأن العراقي ، سامحه الله ، أكثر من غيره هياما بالمثل العليا ودعوة اليها في خطاباته وكتاباته ، ولكنه في الوقت نفسه من أكثر الناس انحرافا عن هذه المثل في واقع حياته " ، " وأنه أقل الناس تمسكا بالدين ، وأكثرهم انغماسا في النزاع بين المذاهب الدينية ، فتراه ملحدا من ناحية وطائفيا من ناحية أخرى " ، وهو " يلتهب حماسة اذا انتقد غيره في ما يخص المباديء السامية او رعاية العدل والعفو والرحمة ، ولكننا نراه من أسرع الناس الى الاعتداء على غيره ضربا ولكما حالما يرى الظروف المناسبة ".

وينبّه الوردي الى أن العراقي بهذه الصفات " ليس منافقا أو مرائيا كما يحب البعض أن يسمه بذلك ".

ويضيف – وهنا موضوع الاختلاف معه – " بل هو ، الفرد العراقي ، في الواقع ذو شخصيتين ، وهو اذ يعمل باحدى شخصيتيه ينسى ما فعل آنفا بالشخصية الأخرى . فهو اذ يدعو الى المثل العليا أو المباديء السامية ، مخلّص فيما يقول ، جاد فيما يدّعي . أما اذا بدر منه بعدئذ عكس ذلك ، فمردّه الى ظهور نفس أخرى فيه لا تدري ماذا قالت النفس الأولى وماذا فعلت ".
وهو بهذا يكون قد أصدر حكما علميا ، وليس كلاما أدبيا كما نوّه في بداية محاضرته . غير أن حكمه هذا بازدواج الشخصية العراقية ما كان صحيحا من الناحية العلمية ..واليكم السبب.

ثلاثة وجوه لحواء

عاد علي الوردي من أمريكا حاملا شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع عام 1950 . وحدث أن ظهرت في الخمسينيات في امريكا حالات مرضية غريبة ونادرة ، أشهرها حالة فتاة أسمها " سيبل " كان لها ثلاث شخصيات : حواء البيضاء ، التي تذهب الى الكنيسة أيام الآحاد لتصّلي ، وحواء السوداء ، التي تذهب في الليل الى النوادي ترقص وتشرب .. ، و سيبل ، الفتاة الموظفة التي تمارس عملها اليومي المعتاد في النهار . وكانت كل شخصية لا تعرف شيئا عما تقوم به الأخرى من سلوك ، فكل واحدة منها لها اسلوبها الخاص بها في السلوك والادراك والتفكير والتاريخ الشخصي والصورة التي تحملها عن ذاتها، وقد أطلق على هذه الحالة مصطلح ( تعدد الشخصية ) وقدمتها السينما الأمريكية بفلم حمل عنوان ( ثلاثة وجوه لحواء ) قامت ببطولته الممثلة " وودورد" . وكان قبلها قد شاع مصطلح ( ازدواج الشخصية ) الذي قدمته السينما ايضا بعنوان ( الدكتور جيكل والمستر هايد ) عن رواية بطلها طبيب يمارس عمله في النهار بشكل طبيعي ، ولكنه يتحول في الليل الى مجرم قاتل بأسم المستر هايد ، ولا يعرف أحدهما شيئا عن أمر الآخر.

ويبدو أن عالمنا الجليل الوردي قد تأثر كالآخرين الذين أدهشتهم هذه الحالات ، وزاد في التأثير ما فعلته السينما والتلفزيون ووسائل الاعلام الأخرى التي جعلت هذه الحالات المرضية الغريبة الحديث اليومي للناس .
والخطأ العلمي الذي وقع فيه أستاذنا الوردي أنه استعار مفهوما من " علم النفس المرضي " يخص حالات مرضية نادرة وطبقّه في " علم الاجتماع ّ " وعممه على شعب بأكمله.

والصحيح أن ما قصده الوردي هو حالة التناشز او التنافر أو عدم التطابق أو التناقض بين الفكرة أو المعتقد الذي يحمله الفرد ، وبين التصرف الذي يقوم به ، وهي حالة شائعة بين البشر ، ولا ينفرد بها العراقيون أو " يمتازون " بها على غيرهم من الشعوب .

نعم ، قد تكون هذه الحالة ( أعني التناقض بين المعتقد والسلوك ) شائعة بين العراقيين ولكن أسبابها كانت اجتماعية ونفسية تتعلق بتاريخ العراق السياسي الذي اتسم بعدم الاستقرار وظلم السلطات التي حكمت هذا الشعب على مدى ألف وأربعمائة سنة . . وهذا ما كنّا نتمناه من استاذنا الجليل الوردي أن يركز فيه ..أعني أن يبقى في ميدانه – علم الاجتماع – الذي هو فارسه وأجاد في تحليله لا أن يعزوها الى ما يمكن أن يعدّه المغرضون أن ما أسماه ( ازدواج الشخصية ) صفة جبل عليها العراقيون ولا خلاص لهم منها لأنها مشفّرة في جيناتهم ..ويضيف لها خبثاء آخرون وصف الحجاج للعراقيين بأنهم منافقون .. فيكون العراقيون ، على ما يراه المغرضون والخبثاء ، بين مجانين ومنافقين، وأنهم شعب " ما تصيرله جاره ".

وطبيعي أن عالمنا خالد الذكر ، ما كان يقصد الاساءة للعراقيين انما أراد أن ينبّه الى خطورتها وضروروة " معالجتها علاجا جديا " كما جاء في محاضرته . ولو كان الوردي حاضرا بيننا الآن وشهد ما جرى من أحداث لا يهضمها عقل ولا يستوعبها منطق ..لأضحكنا بأسلوبه الشيق الفكه من شرّ بلائنا ، ولأبكانا من تراجيديا ما حلّ بنا . . ولذكّرنا بقوله الذي ختم به محاضرته قبل اكثر من نصف قرن :
( وما دمنا ندّعي شيئا ثم نفعل غيره ، فاننا سوف نبقى سادرين فيما نحن اليوم فيه من قلق وارتباك لا حد" لهما )

فيالها من نبؤة عالم مميز !.
*



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحجاج..ونفاق العراقيين
- عدم غوز الحزب الشيوعي العراقي في الأنتخابات
- العراقيون وسيكولوجيا التماهي لمناسبة انتخابات 11/ 11
- الشيوعيون .. 88 سنة تضحيات والنتيجة..مقعدان في البرلمان؟!
- علي الوردي..حوار في قبره
- دردشة ممتعة مع الدكتور علي الوردي..عن الجنة والنار وحياته في ...
- المعتزلة..كم نحن بحاجة لمثلهم الآن
- يونس بحري تحليل سيكولوجي لشخصيته
- عبود والشطرة..وشلّة الأربعة
- مزحة بين عزرائيل و انا
- الثقافة العراقية..حين تلبس جلباب الدعاية الأنتخابية
- حكايتي مع الدى
- الصعلوك القديس الفاجر.. حسين مردان لمناسبة ذكرى وفاته
- توبة الفنانات والفانيين..هل تقبل؟!
- مسلسل انتفاضة تشرين - قالوا لها وعليها
- مسلسل انتفاضة تشرين - الأمم المتحدة، لقاء في وثيقة - الحلقة ...
- مسلسل انتفاضة تشرين ثقافة التظاهر وثقافة الاستبداد - الحلقة ...
- مسلسل انتفاضة تشرين- الوسيط بين المتظاهرين وجهاز المخابرات ا ...
- مسلسل انتفاضة تشرين. الحلقة الثانية: الخميس ..يوم الدم العرا ...
- بعد 2003..انتحار الشباب في العراق..يزداد!


المزيد.....




- فيديو متداول لحادث -تصادم شاحنة وقود بحافلة معتمرين من الهند ...
- الحكومة الأردنية تعلن استدعاء مُكلفي -خدمة العلم- الجدد -قري ...
- معرض دبي للطيران: طائرات استعراضية تقدم عرضا جويا مع مشاركة ...
- بعد شهرين في السجن.. جورجيا تفرج عن -محتال تيندر- الإسرائيلي ...
- رينيه زيلويغر تزيح الستار عن تمثال جديد لشخصية -بريدجيت جونز ...
- تقرير حقوقي: أكثر من 98 فلسطينيًا قضوا في السجون الإسرائيلية ...
- الجيش السوداني يستعيد -أم سيالة- والنازحون يروون فصول المأسا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفذ توغلين في ريف القنيطرة
- الادعاء بالجنائية الدولية يطلب المؤبد للسوداني علي كوشيب
- مطالبات بكشف مصير 3 صحفيين اعتقلتهم إسرائيل من غزة صبيحة 7 أ ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - قاسم حسين صالح - علي الوردي ومصطلح ( ازدواج الشخصية العراقية)