أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - درباس إبراهيم - ملخص كتاب نهضة اليابان¹.














المزيد.....

ملخص كتاب نهضة اليابان¹.


درباس إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 02:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُعد اليابان من الدول الآسيوية القليلة التي استطاعت أن تنتقل من العزلة والإقطاع إلى الحداثة والانفتاح على العالم الخارجي، وأن تنافس القوى الغربية في مختلف المجالات، وذلك بعد ثورة المايجي إيشين² عام ١٨٦٨ التي أطاحت بنظام الشوغونية³ الإقطاعية، ومهدت الطريق لقيام دولة عصرية قوية.

لقد شكلت هذه الثورة نقطة التحول الكبرى في تاريخ اليابان، إذ نقلتها من مجتمع زراعي محافظ قائم على العلاقات الإقطاعية إلى دولة صناعية حديثة، دون أن تتعرض لغزو خارجي أو استعمار مباشر، أي أن التحول كان ذاتيا داخليا بخلاف ما حدث في الصين مثلا. وفي النصف الأول من القرن العشرين، أصبحت اليابان قوة عسكرية كبرى، ثم بعد الحرب العالمية الثانية تحولت إلى قوة اقتصادية عظمى تنافس الدول الصناعية الكبرى في العالم. كانت ثورة المايجي في جوهرها حركة إصلاحية ضد الإقطاعية التي سادت في ظل حكم الشوغونية لأكثر من قرنين ونصف، وقادها عدد من الساموراي الإصلاحيين من مقاطعتي ساتسوما وتشوشو بالتعاون مع الإمبراطور الشاب مايجي، وكان هدفهم إنهاء نظام الشوغون الإقطاعي وبناء دولة مركزية حديثة قادرة على مواجهة التحديات الخارجية.

ورغم أن قادة الثورة انحدروا من طبقة الساموراي ذاتها، فإنها كانت في حقيقتها ثورة من داخل الطبقة القديمة لتفكيكها؛ فقد ألغت الحكومة الجديدة النظام الإقطاعي (الهان)، وأنهت امتيازات الساموراي التقليديين، وأنشأت جيشا وطنيا يعتمد على التجنيد العام بدل الولاء الإقطاعي. وبعد نجاح الثورة، أطلقت حكومة المايجي سلسلة واسعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، تمثلت في تحديث الإدارة، وإقامة نظام تعليمي وطني شامل، وتطوير البنية التحتية، وتشجيع التصنيع، وإرسال البعثات الطلابية إلى أوروبا وأمريكا للاطلاع على التقدم العلمي والتقني هناك. كما تبنت الدولة مبدأ «واكون يوساي⁴» أي الحفاظ على الروح اليابانية مع تبني العلوم والتقنيات الغربية، وهو المبدأ الذي مكن اليابان من تحقيق التحديث دون أن تفقد هويتها الثقافية أو تراثها القومي. لكن لم يكن التحول الياباني نتيجة داخلية فقط، بل ساهمت عوامل خارجية عديدة في تسريع مسار الانفتاح والنهضة، من أبرزها:

١ الدمار الذي لحق بالصين المنغلقة على نفسها في القرن التاسع عشر، خصوصا في حربي الأفيون الأولى والثانية، والتعويضات الباهظة التي دفعتها لبريطانيا بعد هزيمتها. لقد شكلت هذه الأحداث جرس إنذار لليابان، إذ أدركت النخبة الحاكمة أن الانغلاق أمام العالم سيؤدي بها إلى المصير نفسه، فقررت التحديث والانفتاح لتجنب الوقوع في التبعية أو الاستعمار.

٢ من حسن حظ اليابان أن القوى الغربية في منتصف وأواخر القرن التاسع عشر كانت تركز جهودها الاستعمارية على الهند، وإندونيسيا، والهند الصينية، والصين، بينما كانت اليابان تعد بلدا ذا موارد محدودة وسوق صغيرة. فعلى سبيل المثال، كانت الولايات المتحدة التي أجبرت اليابان على فتح موانئها عام ١٨٥٣ تتخذ منها محطة للتزود بالوقود في طريقها إلى الصين، ولم تكن تهتم كثيرا بالتجارة معها، مما منح اليابان فرصة نادرة لتحديث نفسها بعيدا عن الاحتلال المباشر.

٣ كما أن الموقع الجغرافي النائي لليابان، المحاط بالمياه من جميع الجهات، وفر لها حماية طبيعية من الغزو الخارجي، وساعدها بعد الثورة على الحفاظ على نوع من العزلة النسبية التي مكنتها من تنفيذ إصلاحاتها الداخلية بسلام واستقرار.

ثم بعد الحرب العالمية الثانية، تخلت اليابان عن طموحاتها العسكرية واتجهت نحو الاقتصاد والإنتاج والصناعة، لتصبح قوة اقتصادية عظمى ومن أبرز دول العالم المتقدمة. وهكذا أثبتت تجربة المايجي أن التحديث لا يعني التغريب، بل يمكن تحقيق النهضة عبر المزاوجة بين الهوية الوطنية والانفتاح الواعي على العالم. لقد كانت ثورة المايجي نموذجا فريدا للتحول السلمي المنظم، إذ جمعت بين روح اليابان التقليدية وأفكار العصر الحديث، لتصنع تجربة تنموية لا تزال تدرس حتى اليوم بوصفها من أنجح تجارب التحديث في التاريخ الحديث.

______________________

¹ تحرير ناغاي ميتشيو وميغال اوروتشيا. وترجمة نديم عبده وفواز خوري.

² كلمة «مايجي» هي اسم الإمبراطور الذي تمت النهضة في عهده وباسمه، أما «إيشين» فـ«إي» تعني إعادة التجميع، و«شين» تعني البدء والانطلاق من اتجاه جديد كليا.

³ الشوغونية: نظام حكم عسكري إقطاعي ساد في اليابان من القرن الثاني عشر حتى عام 1868، والكلمة مشتقة من «شوغون» أي القائد العسكري الأعلى.

⁴ واكون يوساي: مبدأ ياباني نهضوي يعني الروح اليابانية مع المهارة الغربية، ويعبر عن فلسفة التوفيق بين الأصالة والانفتاح العلمي.



#درباس_إبراهيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طلابة الحلبوسي!
- النهايات المفتوحة في عالم السينما والدراما!
- العقارب والمرشحون السياسيون !
- الدروز أكثر واقعية وصراحة من الكرد!
- ما دخل إيران بلاهور شيخ جنكي؟
- موظفو الإقليم بين سندان تقصير أربيل وتمييز بغداد!
- النزاع العشائري في خبات: بين الحقيقة والتضخيم الولائي!
- حكومة كردستانية مؤجلة... ودستور مفقود!
- حين يذبح التاريخ الكردي بسكاكين الأيديولوجيا!
- ساسة الشرق الأوسط: أدوار متضخمة في مسرحية عالمية!
- حركة التغيير الكردية، من القمة إلى القاع!
- التعبير الصامت في الزمن الصاخب!
- عندما يتحول المستشار العراقي إلى طبّال!
- العلاقة بين السوداني والكردستاني!
- الخلافات الكردية، والقلق الأمريكي!
- السلطة العراقية الرابعة الفاسدة!
- الصراع الكردي_الكردي على رئاسة الجمهورية!
- الإعلام الكردي الحزبي ومعضلة المهاجرين!
- الصدر والإطار التنسيقي وإيران !
- هجرة شباب إقليم كردستان إلى أوروبا!


المزيد.....




- لحظة اندلاع حريق هائل في معبد صيني.. فيديو يظهر ما حدث للمبن ...
- لحظة سقوط صواريخ روسية ضخمة على كييف في أكبر هجوم منذ أسابيع ...
- شاهد.. عائلات في غزة تعاني جراء غرق خيامها بسبب الأمطار الغز ...
- أضواء الشفق القطبي النادرة تضيء السماء في شمال الصين
- معاناة مرضى السكري في مصر
- ماذا يقول النازحون من الفاشر عن الفظائع التي شهدتها المدينة؟ ...
- -تركيا لا تتجه غرباً، بل الغرب من يتّجه نحو تركيا-- في جولة ...
- تحذيرات أممية: السودان يعيش حربًا بالوكالة وسط نزوح جماعي وم ...
- باكستان تعلن توقيف خلية إرهابية مرتبطة بـ-طالبان باكستان- بع ...
- أوكرانيا: هجوم روسي -ضخم- بصواريخ ومسيرات على العاصمة كييف


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - درباس إبراهيم - ملخص كتاب نهضة اليابان¹.