أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - العراق وسوريا بعد سقوط دمشق: تشريح التوترات الأمنية والطائفية وصراع الإرادات الإقليمية















المزيد.....

العراق وسوريا بعد سقوط دمشق: تشريح التوترات الأمنية والطائفية وصراع الإرادات الإقليمية


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8524 - 2025 / 11 / 12 - 10:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ اللحظة التي انهار فيها نظام الأسد ودخلت سوريا في مرحلة الفوضى العميقة التي تقودها تشكيلات متناحرة، تتقدمها عصابات الجولاني بمختلف مسمياتها، وجد العراق نفسه أمام مشهد إقليمي متصدّع لا يمكن تجاهل تداعياته... ؛ فالبلدان اللذان يرتبطان بحدود مفتوحة وجذور اجتماعية متشابكة وممرات اقتصادية وأمنية حيوية، أصبحا فجأة في مواجهة توتر متعدد الطبقات : أمني، طائفي، سياسي , اعلامي ، وحتى نفسي، يهدد بإشعال شرارة نزاعات جديدة أو إعادة إنتاج دوامات العنف السابقة و القديمة.
وبعد سقوط نظام الأسد ؛ دخلت سوريا في مرحلة الانهيار الكامل ، وعاش المشرق العربي على وقع اضطراب غير مسبوق في توازناته السياسية والأمنية... ؛ وقد كان العراق، بحكم الجغرافيا والارتباطات التاريخية والمذهبية والاجتماعية، أول المتأثرين بارتدادات هذا الزلزال السوري... ؛ فالمشهد الجديد الذي فرضته الفصائل المسلحة والجماعات التكفيرية الاجنبية ، لم يبدّل فقط شكل السلطة في سوريا، بل غيّر طبيعة العلاقة بين البلدين، وحوّل الحدود الممتدة بينهما إلى خطوط نار مفتوحة، تتقاطع فيها المصالح، وتتصادم فيها الأجندات الإقليمية والدولية.
سوريا ما بعد السقوط ليست مجرد دولة فقدت مركزيتها , اذ لم تعد سوريا دولة ذات مركز سياسي موحد ، بل فضاء مفتوح لقوى متصارعة و فسيفساء من القوى والفصائل والمصالح، بعضها يتغذى من الخارج، وبعضها يعيش على اقتصاد الفوضى، وبعضها يتخذ من الطائفية شعاراً لبسط النفوذ وإعادة تشكيل الخريطة السكانية : تنظيمات مسلحة، فصائل أيديولوجية، قوى قبلية، وامتدادات إقليمية نافذة , ومخابرات دولية ... ؛ ومع صعود نفوذ الجولاني ومجاميعه، تحوّلت المناطق الشمالية والشرقية السورية إلى بؤر خطيرة قادرة على التأثير المباشر في الأمن العراقي، سواء عبر الحدود، أو عبر التداخل الاجتماعي بين عراقيين يقيمون هناك وسوريين اضطروا للعيش في العراق منذ سنوات الحرب.
نعم , هذا التحول الخطير انعكس مباشرة على العراق، الذي ما زال يعاني من هشاشة داخلية وانقسامات سياسية وطائفية لم تندمل بعد، فصار يرى في المشهد السوري مرآةً مظلمة قد تعيد إنتاج مآسيه السابقة كما اسلفنا .
لقد أدّى سقوط النظام السوري إلى تفكك الأجهزة الأمنية التي كانت تضبط الحدود المشتركة، فانتعشت شبكات التهريب والتنقل غير الشرعي، وظهرت مجاميع مسلحة تتسلل عبر الصحراء والبوادي نحو الأنبار ونينوى، مستغلة ضعف الرقابة والتداخل الاجتماعي بين سكان المناطق الحدودية... ؛ كما بدأت بعض الجماعات الطائفية المتشددة، التي وجدت في خطاب الجولاني أرضية خصبة، بمحاولة استمالة بعض الفئات العراقية الهشة فكرياً واقتصادياً، مما رفع منسوب القلق الأمني في بغداد وأعاد إلى الأذهان سيناريوهات ظهور داعش والقاعدة وغيرهما من التنظيمات الارهابية والتكفيرية والبعثية الاجرامية .
في هذا المشهد المعقد، يصبح التوتر الطائفي جزءاً لا ينفصل عن الصراع السياسي... ؛ فالمعادلة السورية الجديدة تحمل خطاباً طائفياً حاداً، ينعكس بشكل مباشر على الداخل العراقي الذي لا يزال هشّاً أمام أي استفزاز من هذا النوع... ؛ ثم إن بعض الفصائل السورية الجديدة ترى في العراق ساحة نفوذ محتملة أو خصماً يجب تحجيمه، فيما تتصارع القوى الإقليمية على تثبيت وكلائها ورسم خرائط جديدة للنفوذ بعد سقوط مشروع ما يعرف بالهلال الشيعي او انحسار محور المقاومة ... ؛ اذ يعمل الجانب التركي والقطري على تصدير المشروع الاخواني الخطير الى العراق .
وعلى الصعيد الاجتماعي، تسببت هذه الاضطرابات في خلق حالة من التوجس والريبة المتبادلة بين السوريين المقيمين في العراق والعراقيين المقيمين في سوريا، إذ بات كل طرف ينظر إلى الآخر بعين الشك والاحتياط، نتيجة عمليات التحريض والإعلام الطائفي الموجّه، ما أدى إلى تمزق نسيج الثقة الإنسانية بين الشعبين اللذين جمعتهما لعقود علاقات قربى وجوار وتاريخ مشترك... ؛ فضلا عن ارتكاب الكثير من الجرائم والانتهاكات بحق العراقيين في سوريا ... .
كما أن وجود مئات آلاف السوريين داخل العراق—مع الاحتفاظ بملف مفتوح حول الاختراقات الأمنية لبعضهم—يدفع الدولة العراقية إلى إعادة حساباتها في ظل انكشاف الحدود وتصاعد خطاب الكراهية والانتقام بين الجماعات المتطرفة في كلا البلدين... ؛ وفي المقابل، فإن آلاف العراقيين المقيمين في سوريا يجدون أنفسهم اليوم بلا حماية حقيقية، عرضة لابتزاز الفصائل، واعتداءاتها، وفوضى السلاح، وتغيّر المزاج العام تجاههم بعد سقوط نظام الاسد .
أما على المستوى السياسي، فقد تعقّدت حسابات العراق أكثر مما كانت عليه، فهو من جهة لا يريد أن يكون طرفاً في الحرب السورية ولا أن يخسر موقعه الإقليمي، ومن جهة أخرى لا يستطيع أن يغضّ الطرف عن الجماعات التي تنمو في بيئة الفوضى السورية وتتهدد أمنه الداخلي ومصالحه الاستراتيجية... ؛ وبين هذين الموقفين، يجد نفسه مضطراً إلى اتخاذ قرارات حاسمة ومتوازنة في آن واحد، تجنّبه الانزلاق إلى صراع مباشر، وتحفظ في الوقت ذاته حياة ومصالح مواطنيه داخل سوريا.
إن العراق وسوريا اليوم ليسا أمام خلاف عابر، بل أمام لحظة مفصلية يُعاد فيها رسم مستقبل المشرق بأكمله... ؛ وإن التوترات الأمنية والطائفية لا تُعالج بردود فعل آنية، بل برؤية استراتيجية تُدرك حجم التحولات، وتوازن بين ضرورة حماية المواطنين وضرورة الحفاظ على الدولة من الانجراف إلى صراعات جديدة... ؛ وفي عالم تمزقه الفوضى، يصبح القرار السيادي الشجاع هو خط الدفاع الأخير عن الوطن وأمنه ومستقبله.
نعم , إن العلاقات العراقية-السورية اليوم تمرّ بمرحلة دقيقة وحساسة، تتطلب من بغداد رؤية استراتيجية متزنة لا تنجرّ وراء الاستفزازات، ولا تتهاون في الدفاع عن أمنها الوطني... ؛ فالفوضى السورية، إذا تُركت بلا وعي أو رقابة، قد تتحوّل إلى مصدر تهديد دائم يلتهم الحدود والهوية والمستقبل معاً... ؛ ومن هنا، فإن حماية العراق تبدأ من وعيه بحجم الخطر القادم من الغرب، ومن صلابته في اتخاذ القرار، ومن شجاعته في رسم مسار وطني مستقل، يحصّن الدولة من رياح الفوضى ويعيد التوازن إلى المشرق الذي أنهكته الحروب والدماء.
ومن هذا المنطلق، يصبح من الضروري أن تتبع الحكومة العراقية حزمة من الإجراءات الوقائية والاحترازية، لضمان أمن العراقيين في سوريا، ولتحصين الداخل من أي اختراق أو استهداف محتمل. وتتمثل هذه الإجراءات فيما يلي:
1. منع سفر العراقيين إلى سوريا تماماً
وذلك لحمايتهم من أي اعتداء محتمل، ومنع تحولهم إلى رهائن بيد الفصائل المسلحة، أو أدوات ضغط سياسية أو اقتصادية.

2. دعوة العراقيين الموجودين داخل سوريا إلى مغادرتها فوراً
لأن بقاءهم هناك في ظل غياب دولة مركزية وغياب ضمانات الحماية يعرضهم لمخاطر فوق القدرة على السيطرة.

3. إعادة تقييم وضع السوريين في العراق بشكل عاجل
مع التركيز على التدقيق الأمني وترحيل المشكوك بعلاقتهم بجماعات مسلحة أو متطرفة، مع الحفاظ على المعايير الإنسانية بحق الأبرياء منهم... ؛ وان كان الاجدى ترحيل الجميع والمعاملة بالمثل .

4. تفعيل الدور الاستخباري العراقي داخل الأراضي السورية
من خلال شبكات دقيقة قادرة على جمع المعلومات، وتحديد الجهات التي تهدد العراق ومصالحه، واتخاذ الإجراءات الوقائية قبل تمكن تلك الجماعات من التمدد أو التخريب.

5. استدعاء السفير العراقي من دمشق وغلق السفارة مؤقتاً لدواعٍ أمنية
لحماية الطاقم الدبلوماسي، ولإيصال رسالة حازمة بأن أمن العراقيين خط أحمر يتقدم على أية اعتبارات سياسية أو بروتوكولية.
6-غلق الحدود وايقاف التعامل التجاري , ان تمادت الحكومة السورية وعصاباتها في الاعتداءات والتجاوزات .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسافة الآمنة: فنّ وضع الحدود في العلاقات الإنسانية
- مقولة وتعليق/ 62/ الحرية ثمرة العقل المستنير
- مقولة وتعليق / 61 / التعليم والذكاء: ثنائية الزيف والحقيقة ف ...
- دور الصداقة ومنازل القلوب
- بين المعرفة والوعي: اغتراب الذات في عصر المعلومات
- ثقافة السلبية في المجتمع العراقي: بين الوعي الجمعي والتوجيه ...
- هواجس الإيمان: سيرة ذاتية في عشق المجهول
- بغداد تُستباح بهدوء... العمالة الأجنبية كحصان طروادة جديد
- أطفال داعش المنسيون: تداعيات جهاد النكاح والمستقبل المجهول
- الصديق الذي يشبه الدواء... حين يصبح الإنسان علاجًا للإنسان
- الإنسان المرهق... حين يمشي العالم محمولًا على أكتاف الأرواح ...
- تشريح البيئة الملوثة بالسموم الاجتماعية والامراض والعقد النف ...
- تجنيس الغرباء في العراق: أزمة هوية وطنية أم فوضى إنسانية مقن ...
- فلسفة اللحظة الضائعة: حين يبتلع الزمن ملامحنا
- الجنوب العراقي بين مطرقة السادية وسندان المازوخية : قراءة سو ...
- الخيانة كمرضٍ نفسيّ وعقدةٍ اجتماعية
- عندما يتحول الفضاء الرقمي والاعلام إلى ميدان صراع و حين يتكل ...
- المسرحية السياسية في العراق: وجوه تتبدل... والمأساة واحدة
- حين يتكرر المشهد: تكالب الأقليات السياسية على الأغلبية العرا ...
- حين تُغتال الحقيقة: اغتيال صفاء المشهداني وفضيحة الخطاب الطا ...


المزيد.....




- ظهور غير معتاد لدلفين يسبح بين القوارب في قنوات البندقية يحي ...
- -بسم الله-.. شاهد ما قاله ضابط أمريكي من أصول عربية ساعد سيد ...
- ترامب يطالب رئيس إسرائيل بمنح نتنياهو العفو في محاكمته الجار ...
- عازفو مزمار القربة في ملبورن يسجلون رقما قياسيا عالميا بعزف ...
- مأساة في البحر المتوسط.. 42 مهاجراً أغلبهم سودانيون يغرقون ق ...
- زين الدين زيدان: سأعود -قريبا- إلى عالم التدريب!
- هجمات 13 نوفمبر الدامية بباريس.. النيابة العامة تفتح تحقيقين ...
- هجمات باريس: -صلاح عبد السلام- يريد لقاء عائلات الضحايا.. ند ...
- الحياة الصعبة في مخيمات غزة.. لا كهرباء وطعام قليل والشتاء ع ...
- في مواجهة التغير المناخي.. مبادرات شبابية أردنية لتحويل الوع ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - العراق وسوريا بعد سقوط دمشق: تشريح التوترات الأمنية والطائفية وصراع الإرادات الإقليمية