يوسف المحسن
كاتب، روائي
(Yousif Almouhsin)
الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 00:57
المحور:
المجتمع المدني
أشتريتُ بذلة جديدة، (قاط) يلهث وبالباكيت، مؤكّد ليس من المناشيء التركيّة لأنّي خجل من نهر الفرات واستحي من دجلة، وهذا اهم المتغيّرات، لكنَّ الثابت هو (بالدَين) والدَين أخو البَلاش، فالموازنة بنص الشهر اتصير اتعتعت مثل گاز ستّه وستين بنص جسر، مايهم، حملت القاط مزهوّاً بوزنه البهاري الخفيف وربطة العنق الحمراء التي لا ارتديها إلّا في المناسبات الرسميّة تماماً، يعني.. خطبةمره..عيد..مهرجان، هذا ما قلته للحلّاق وهو يجرف لحيتي بشفرة مخيفة.
شو قاط ورباط ولحيه.. خيراً.. لازم ناوي عليهه.
لم اجبه، هو يسأل ويجيب كعادة أغلب الحلّاقين وسائقي التاكسي والچايچيه، وربّما خشيت من (قاط) الرزالة فيما لو تحدّثت والشفرة على حنجرتي، مهنته تكمِّم الأصوات، وتقمع حرّيّة التعبير، ثم إنَّ سيل الأسئلة لا يترك فرصةً للإجابة.
عموماً نحن (الصحفيّون) ممن عاصر العهد الدكتاتوري اعتدنا طرح الأسئلة ولا ننتظر الأجابات، وما يشغلني هو أن اكون أنيقاً مستعدّاً لممارسة سلطتي اللحظويّة في أعلى درجات السطوة.
طوال الشهر الماضي قلّبتُ الصور والشعارات التي نشرها المرشّحون للأنتخابات في كلِّ مكان، البعض منهم طلعولي بشاشة الهاتف تحت عبارة اعلان مموَّل، وللأمانة، وجدت مرشحين جيدين ضمن قوائم لا أفضّلها، ومرشحين غير مُقْنِعين في قوائم جيّدة، وهنا تكمن الصعوبة التي تحتاج إلى تمحيص وفرز وانتقاء، المعايير المهنيّة الصحفيّة لا تجيز الأعلان عن الميول والخيارات ذات الأبعاد السياسيّة بالأستناد إلى أنَّ طبيعة العمل تحتّم البقاء في المنتصف وترك ناقة الرأي الجماهيري للاختيار فهي مأمورة، ومع هذا ف (القاط) الجديد والكشخه أفضل رأي يمكن الافصاح عنه.
"من الرائع ان تكون مقاداً خلال اربعة اعوام فتتحوّل إلى قائد لمدّة يوم واحد، لك الكلمة العليا، أنت صاحب القرار، أنت المتسيّد، والأكثر روعة هو شعورك بأنّك فخامة الرئيس ولو ليوم واحد".
تلك العبارات لم اقلها للحلّاق بصوتٍ عالٍ ولم يسمع منها كلمة واحدة، لكنَّني لمحت البشاشة على وجهي في المرآة وسط عمليّات التحديث والتنشيط التي اجريت عليه، وضعت الخمسة آلاف في صندوق (الدخل) وانا انفض المتبقّي من الشَعْر في عنقي، وخرجت مزهوّاً للوصول الى صندوق يصنع منّي فخامة الرئيس ..ولو ليومٍ واحد.
#يوسف_المحسن (هاشتاغ)
Yousif_Almouhsin#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟