أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - يوسف المحسن - القمر وأمّ كلثوم














المزيد.....

القمر وأمّ كلثوم


يوسف المحسن
كاتب، روائي

(Yousif Almouhsin)


الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 04:53
المحور: كتابات ساخرة
    


في ثمانينيّات القرن الماضي، وفي فترة العطلة الصيفيّة كنّا يافعين مغرمين نجلس عند ضفاف نهر الفرات ونتبادل احاديث الشعر والروايات و(سوالف البطرانين) وموجة الاغاني (الهابطة) التي تحوّلت اليوم إلى كلاسيكيّات الفن العراقي، قلت لهم في واحدة من الأماسي بأنّني لا أميل إلى أغاني أم كلثوم ولا ألعب بنار الإنصات لها ولو أحرقوا اصابيعي، بل صرخت: "لو ياخذوني سخره و جيش شعبي ولا اسمع صوتهه"، والحچي ابيناتنه لم اسمع أم كلثوم نهائيّاً، ذلك لأنَّ لصبري حدود مع مقدمات أغانيها الطويلة والتي اجدها مملّة ومضيعة للوقت، وتبدّل الحديث وتشعبت التصريحات الرنّانة من (الربع)، وكل واحد ماخذ الدنيه عرض طول، حتى وصلنا الى القصائد، فكان يجب ان اتمادى خاصّةً وإنّ الأصدقاء كانوا عله گد الأيد يعني ما اخاف انخبز، فقلت: الشعراء كتبوا عن القمر وجمال القمر وانا لا اجد فيه شيئاً جميلاً، حجارة طائرة ليس إلّا، عندها التفت إليَّ الجميع بدائرة استفهام، مرّت لحظة صمت، ثم قال احدهم ممازحاً بعد ان عدَّلَ من وضع نظّاراته الطبّيّة (چعب الأستكان): عمّي ندري بيك قاريلك اشكم كتاب، عليكفك ويانه، فد مرّة گول فتحاء نجلي موحلوة، وكان يقصد الفنّانة الراحلة نجلاء فتحي، فأومأت لهُ بالموافقة، فَرَدَّ بذات النبرة: انت اصم واعمى، البس نظّارات، ورمى نظّارته أمامي على الطاولة، اخذتها وسط كركرات (الربع) الذين التقوا بمجنون حقيقي يجلس بينهم، تناولت النظّارة(الثخينة) وارتديتها في غمرة هستريا الضحك التي دارت في المكان، نظرت إلى القمر، كان قرصاً من النور البديع الذي يمتلك خدوداً مضيئة، اختفت ابتسامتي وتحوّلت إلى دهشة وانبهار، القمرُ جميلٌ، لأوَّل مرّةٍ اشاهدهُ، لأوَّل مرَّةٍ التقيه، الصدفةُ وحدها جعلتني أُدْرِكُ بأنَّني أعاني من قصر البصر الحاد، نهضت وتقدّمت إلى القمر بخطواتٍ وكأنَّها اعتذار عن سنوات اللبس التي كنتُ أحسبه فيها قبيحاً ولايستحقُّ قول محمود درويش:
عندما تفرغ أكياس الطحينِ
يُصْبِحُ البدرُ رغيفاً في عيوني
حزنت كثيراً ودفعت(الحساب) على غير عادتي ورجعت ماشياً إلى المنزل اضرب اخماساً باسداس، السهر الطويل مع الكتب، منحني مقداراً من البصيرة لكنّه سلبني البصر، خطواتي تسير على ايقاع قول أبي نؤاس:
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة
حفظت شيئا وغابت عنك أشياء.
دخلت المنزل وهرعتُ الى الراديو الصغير (افرفر) به حتى عثرت على حفلة للسيّدة أم كلثوم وبدأت بالاستماع لسيرة الحب(عله أعصابي)، كانت مقطوعة موسيقيّة هائلة وصوت أم كلثوم يغطّيها بالعذوبة، اكتشفت متأخراً وقد (فات المعاد)بأنّني لم اعطِ القمر وأم كلثوم فرصتهما الكافية، كنتُ متسرّعاً واقصائيّاً، تأكّدت من ذلك بعد عام عندما شاهدت فيلماً للراحلة نجلاء فتحي في جهاز تلفزيون ملوّن جلبه أبي رحمه الله بالتقسيط من (وكيل الأفريقيّة).
ومن يومها تعلّمت درساً رافقني في الصحافة وتحكيم المهرجانات والمسابقات وحتى في تقديم الخبرة الصحفيّة في المحاكم وبدرجة أدنى مع الأصدقاء وهو أنَّ الأشياءَ لاتبدو كما نراها للوهلة الأولى، الصور والاعلانات والتصريحات والنوايا، لابدّ من التمحيص بها، لابدّ من اعطاء الفرصة، لا بدَّ من إرتداء نظّارات العقل وبعدين (ننتخب) الخيار الصحيح.



#يوسف_المحسن (هاشتاغ)       Yousif_Almouhsin#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأُفهِمَ عَلَناً
- هل أنصفناه
- المدخنون وفشل الاقلاع عن التدخين...!!
- نمط كلاسيكي في مواجهة كتل سمنتيّة
- النخلة والعَلم العراقي
- الحصون والمخافر التراثيّة حِراك مجتمعي وهويّة عمرانيّة
- تبدّلات الساعة البيولوجية عند الاطفال
- التنوّع الاحيائي كارثة يقرع اجراسها غزال الريم
- مياه العالم التحتي في العراق.. القصّة الكاملة
- وهي تلفظ آخر اسرارها، بحيرة ساوه.. القصة الكاملة
- الالغام خرائط تتبدل بحسب الفصول.. القصّة الكاملة
- البلاستك حرب ناعمة على الكوكب ..القصّة الكاملة
- البادية..موسم الهجرة الى الرمال
- اوروك بداية الحضارة الانسانيّة... القصة الكاملة
- تل الأجز .. مدافن من حلي ومجوهرات..القصة الكاملة
- قلعة الكصير الأثريّة ..القصّة الكاملة
- قصف الجسور الخشبية العراقية جريمة ابادة
- التعليم الاهلي بين الحاجة وفضاء التسليع
- نقرة السلمان.. حكاية سجن وقصة منفى
- كتب امريكيّة لفهم الواقع العراقي


المزيد.....




- هل تصدق ان فيلم الرعب يفيد صحتك؟
- العمود الثامن: لجنة الثقافة البرلمانية ونظرية «المادون»
- في الذكرى العشرين للأندلسيات… الصويرة تحلم أن تكون -زرياب ال ...
- أَصْدَاءٌ فِي صَحْرَاءْ
- من أجل قاعة رقص ترامب.. هدم دار السينما التاريخية في البيت ا ...
- شاهد/ذهبية ثالثة لإيران في فنون القتال المختلطة للسيدات
- معرض النيابة العامة الدولي للكتائب بطرابلس يناقش الثقافة كجس ...
- شاهد.. فيلم نادر عن -أبو البرنامج الصاروخي الإيراني-
- تمثال من الخبز طوله متران.. فنان يحوّل ظاهرةً على الإنترنت إ ...
- مسك الختام.. أناقة المشاهير في حفل اختتام مهرجان الجونة السي ...


المزيد.....

- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - يوسف المحسن - القمر وأمّ كلثوم