أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - يوسف المحسن - نمط كلاسيكي في مواجهة كتل سمنتيّة














المزيد.....

نمط كلاسيكي في مواجهة كتل سمنتيّة


يوسف المحسن
كاتب، روائي

(Yousif Almouhsin)


الحوار المتمدن-العدد: 7874 - 2024 / 2 / 1 - 21:22
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


بيت تراثي يستقبل الزائرين بعد شهور من العمل المتواصل ليفتح ابوابه امام الفعاليات الثقافية والفكريّة، الافتتاح الذي اعقب عملية ترميم وبناء حافظت على الهوية التراثية والقيمة الفنية المعمارية للبيت وبمبادرة شخصية من مالكه المعلم المتقاعد والذي تحمّل تكاليف الترميم تاركاً خلف ظهره المغريات المالية التي قدمت له كون الدار واقعة في الوسط التجاري للمدينة.
البناؤون السماويون من الجيل الاوّل حرصوا على خلق صلة انسجام بين فنون العمارة الاسلاميّة والغربيّة والشرقيّة، وخيالاتهم التصميميّة انحازت الى استلهام الطبيعة المحيطة من زخارف نباتيّة واقواس تنسجم مع التغيّرات المناخيّة في المدينة ذات الحرارة العالية في فصل الصيف والبرودة النسبيّة في فصل الشتاء، وبدى ذلك جليّاً من خلال تصميم الشبابيك العالية واستخدام الاخشاب واعمال الحفر والمشبكات، وغالبا ما تزجج الشبابيك التي تطل على الايوان الوسطي للبيت بالألوان الزاهية وتسوّر بالزخارف الجبسيّة، فيما الشبابيك الخارجيّة والمرتفعة نسبيّاً عن الارض او في الطابق الثاني صممت للتحكّم بإدخال كميّة كافية من الاضاءة دون الاضرار او التأثير على درجة الحرارة في داخل المنزل وذلك من خلال استخدام المشبكات.
عن قصة البيت يتحدّث مالكه الحاج عبد اللطيف الجبلاوي المولود في مدينة السماوة قائلاً "هو بيت اسرتنا الكبيرة قبل اكثر من مئة عام، يتوسط المدينة القديمة التي توسعت اليوم كما تلاحظون، انا واخوتي ولدنا في هذا البيت وكبرنا وغادرناه كل منّا الى بيته الخاص وبقي بيت العائلة متروكاً يواجه مصيره، وكنت ازوره من فترة الى اخرى واسترجع ذكريات طفولتنا التي تركت اجمل الاثر في روحي وقلبي، كل ركن فيه وكل قطعة خشب او طابوق تشكل جزء من الايام السابقة، لقد تحوّل في رأسي الى كائن حي بفعل السنوات الطويلة والايام التي قضيتها فيه لذلك قررت ان احافظ عليه لأنه شاخص حضاري وانساني ومعلم اجتماعي يعكس مراحل من تقدم العمارة في هذه المدينة".
ويتابع ابو مراد حديثه وهو يحدّق في بئر الماء الذي تم حفره في البيت وكان مصدراً للماء العذب في العقود الماضية قبل ان تصل محطات التحلية الى المدينة "اينما التفت وفي كل زاوية من المنزل ثمة ذكرى، لقد كان تحفة معماريّة سبقت مثيلاته، وكان محط اعجاب الشخصيات والاهالي الذين يزورون المدينة والتي كانت في وقتها صغيرة، اليوم المدينة زحف عليها الطراز الحديث في البناء وتحولت المنازل الى كتل سمنتيه جامدة لا حياة فيها، ثم يضيف قائلاً الجبلاوي "الخطوة الاولى هي الحفاظ عليه من الهدم والاندثار ثم استعنت بطاقم متخصّص من البنائيين والمعماريين لإعادته كما كان وباستخدام ذات المواد التي شُيّد منها حتى انني استعنت بالصور القديمة وما خزنته الذاكرة من تفاصيل زخرفيّة ونقوش وتوزيع للأثاث، والاكيد ان العملية صعبة ومكلفة ماليّاً وكان الاولى بحسب آخرين ان احوله الى مركز تجاري وانتهى لكنني قطعت عهداً بآن احافظ عليه وابقيه شامخاً وشاهداً على حقبة زمنيّة كان فيها كل شيء ذي طعم مميز".
ومع شروع السلطات المحلّية بإخلاء مبنى البيت الثقافي التابع الى وزارة الثقافة وبانتظار الحصول على مقر جديد، صار البيت التراثي مكاناً لأولى الفعاليات الثقافية والتي شهدت حضورا اكتظت به باحة المنزل وزواياه وكانت امسية شعريّة تم فيها ايضا الاستماع الى عزف على آلة القانون حيث قدّمت وصلات موسيقية من التراث العراقي امتزجت مع الطبيعة التراثية للمكان، ليستمر البيت مفتوحاً امام النشاطات والاماسي والمعارض الفنّيّة والتشكيليّة والاصابيح الثقافيّة وبالتعاون مع الاتحادات المهتمّة بحركة الثقافة والتراث، وهي الخطوة التي نالت اعجاب واستحسان المبدعين واهالي مدينة السماوة، ويعود تاريخ بناء دار الجبلاوي في المحلة القديمة لمدينة السماوة الى مئة وعشرين عاما، شركة متخصصة بالاستشارات الهندسية والمعمارية اشرفت على تنفيذ الاعمال والتي حصلت على جوائز دولية من مؤسسات علمية تعنى بفن العمارة والحفاظ عليه، ويتألف البيت من طابقين وعدد كبير من الغرف المسقوفة بالأخشاب، فيما تحتوي جدرانه على نقوش وزخارف واعمال نحتية بالغة الدقة لتعكس جوانب من مهارة البنائين السماويين الذين استلهموا افكارهم من خيال واسع ورغبة واضحة لإظهار مميزات الفن المعماري .
وتعد الشناشيل العراقية بشكل عام والسماويّة المستوحاة منها بشكل خاص الركن الاساسي في فن العمارة الشرقي والتي اثرت وتأثرت بالحراك المجتمعي والمعرفي والديني، فهي اطلالات على الدروب والجادات والشوارع من زوايا عدّة وبما تمثله قيم ومزايا جماليّة وفوائد سبقت استخدام الاجهزة والوسائل الحديثة في التكييف والتهوية، وقد روعيت هذه الميزات في تصميم وتنفيذ الكثير من البيوت السماوية ومن بينها بيت الحاج ابو مراد، حيث تضاف الحواجز والمسوّرات الخشبيّة المخرمة او المفرغة من الطابوق والآجر وبأشكال مربعة ومثلثة ودائريّة تمنح البناء فخامة وعمقاً وتناسقاً عمرانيّاً، اضافات حوّلت البيت التراثي في السماوة الى ملاذ اخير للطراز الكلاسيكي في البناء.



#يوسف_المحسن (هاشتاغ)       Yousif_Almouhsin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النخلة والعَلم العراقي
- الحصون والمخافر التراثيّة حِراك مجتمعي وهويّة عمرانيّة
- تبدّلات الساعة البيولوجية عند الاطفال
- التنوّع الاحيائي كارثة يقرع اجراسها غزال الريم
- مياه العالم التحتي في العراق.. القصّة الكاملة
- وهي تلفظ آخر اسرارها، بحيرة ساوه.. القصة الكاملة
- الالغام خرائط تتبدل بحسب الفصول.. القصّة الكاملة
- البلاستك حرب ناعمة على الكوكب ..القصّة الكاملة
- البادية..موسم الهجرة الى الرمال
- اوروك بداية الحضارة الانسانيّة... القصة الكاملة
- تل الأجز .. مدافن من حلي ومجوهرات..القصة الكاملة
- قلعة الكصير الأثريّة ..القصّة الكاملة
- قصف الجسور الخشبية العراقية جريمة ابادة
- التعليم الاهلي بين الحاجة وفضاء التسليع
- نقرة السلمان.. حكاية سجن وقصة منفى
- كتب امريكيّة لفهم الواقع العراقي
- انف الحكومات
- الحكومة اخفقت ْ .. الدولة فشلتْ !
- التاآت ، أسلحة المحرر الثلاثة
- جاذبية


المزيد.....




- الحوثيون من اليمن يقصفون سفينة شحن بواسطة طائرة مسيرة في أقص ...
- في أول عملية من نوعها.. بريطانيا ترحل طالب لجوء إلى رواندا
- حميميم: القوات الجوية الروسية في سوريا دمرت قاعدتين لمسلحين ...
- مصر.. كبير الأطباء الشرعيين الأسبق يتحدث عن أسباب وفاة الرئي ...
- حاولوا التقاطها بأيديهم.. لحظات تحبس الأنفاس لسقوط سيدة من ...
- -تدمير ميركافا وكمين محكم وإصابات مباشرة-..-حزب الله- ينشر م ...
- البنتاغون: القوات الجوية تحتفظ بالحد الأدنى من الاستعداد الق ...
- معارضو نتنياهو: بن غفير وسموتريتش خطر على أمن إسرائيل
- فرنسا تدعو إسرائيل إلى إعلان موقفها من مقترح يتعلق بالحدود م ...
- أمير قطر والرئيس المصري يشددان على تكثيف جهود الوساطة لإنهاء ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - يوسف المحسن - نمط كلاسيكي في مواجهة كتل سمنتيّة