أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - لماذا تُجمّل أمريكا وجه الإرهاب بدعوتها الجولاني إلى البيت الأبيض؟














المزيد.....

لماذا تُجمّل أمريكا وجه الإرهاب بدعوتها الجولاني إلى البيت الأبيض؟


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8520 - 2025 / 11 / 8 - 02:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم أن الولايات المتحدة، كإمبراطورية كبرى، لم تُخفِ يومًا أنّ مصالحها تعلو على أيّ مبدأ أو تحالف، فإنّ إدارة ترامب بلغت ذروة هذا النهج حين قدّمت معادلة المصالح على القيم، والصفقات على المبادئ. تلك الإدارة التي لم تتردّد في توجيه دعوة إلى الجولاني، رئيس ما يسمى بالحكومة السورية الانتقالية، المدرج رسميًا على لوائح الإرهاب، بينما تجاهلت القوى الكوردية التي خاضت حربًا وجودية ضدّ الإرهاب ودافعت عن القيم التي تتغنى بها واشنطن ذاتها.
وبذلك، تكون أمريكا، في مظهرها العلني، قد طعنت فيما تبقّى من مصداقية أخلاقية في سجلّ علاقاتها الدولية، مؤكدة أن القيم، في قاموسها السياسي، لا تتجاوز كونها ورقة تفاوض موسمية، خاصة عندما فرضت إملاءات، على مجلس الأمن واتفقت مع الصين لئلا تعترض على إزالة اسم الإرهابيين الجولاني ووزيره من قائمة الإرهاب، وفرضت أيضا على وزارة المالية أن تفعل مثلها خلال يومين.
خارج هذه المعادلة الإنسانية والحضارية، وحيث الصراع السياسي والإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، دُعي الجولاني إلى البيت الأبيض، لا تكريمًا ولا اعترافًا، بل لإملاء الشروط عليه في لقاءٍ يشي بأنّ صفحة جديدة تُكتب لسوريا من خلف الستار.
أول هذه الشروط، الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، في وقتٍ لم تعد فيه صفة الإرهاب حكرًا على بقايا “داعش”، بل اتسعت لتشمل المنظمات التي تدعم حكومته ذاتها، وهي في معظمها أدوات تركية تتحرك وفق أجندات الهيمنة على الشمال السوري. والأهم على الأرجح محاربة حزب الله نيابة عن إسرائيل، وسيجدون مبررا لهيئة تحرير الشام والمنظمات السنية التكفيرية الأخرى للقيام بالعملية، الكل يتذكر تصريحات حسن نصر الله الحاقدة، وكيف كان يجند ويرسل مجموعات من حزب الله للقيام بعمليات إجرامية واسعة ضد المجتمع السوري وحاربوا مع الأسد إلى جانب الميليشيات الإيرانية الذين اختفوا خلال ثمانية أيام من على الساحة السورية، ومعظمهم الأن في حضانة حزب الله. دونها ربما سيكون اللقاء مقدّمةً لإنهاء حكومة الشرع أو تمهيدًا لاستبدالها، متى قررت واشنطن أنّ مهمتها انتهت.
أما الشرط الثاني، فكان قبول التطبيع مع إسرائيل وفق الحدود التي ترسمها تل أبيب، لا واشنطن، في إطار المشروع الأوسع لتغيير ملامح الشرق الأوسط الجيوسياسية، ذلك المشروع الذي يُرعب أنقرة أكثر من أي دولة، لأنها تدرك أنّ نهايته ستكون على حساب أطماعها العثمانية المترهّلة.
الشرط الثالث جاء كصفعةٍ لتركيا، ضم الحكومة السورية الانتقالية إلى التحالف الدولي، وبها سيتم الحفاظ على خصوصية قوات قسد كأحد قوى التحالف الدولي، وبها سيتم كبح جماح تدخلها العسكري في الشمال السوري، ووقف صراعها مع قوات سوريا الديمقراطية، وهي القوة التي تمثل أحد أعمدة التحالف الدولي. بمعنى آخر، تريد واشنطن تكريس معادلة الردع ضدّ أنقرة بعد أن استنفدت دورها المزدوج بين موسكو وطهران وواشنطن.
أما البند الرابع فاقتصادي بحت: القبول بالإملاءات الأمريكية مقابل تخفيف جزئي للحصار الاقتصادي، وهو شكلٌ جديد من المقايضة يُعيد إنتاج الاقتصاد السوري القديم في عباءةٍ “حديثة” مزيّنة بشعارات الإصلاح والانفتاح.
وفي الكواليس، تعمل منظمة ترامب الاستثمارية، التي يترأسها أبناؤه خاصة دونالد جون ترامب، الذي شارك في الندوة الاستثمارية التي عقدت في الرياض، وكان جالسا بجانب الأمير محمد بن سلمان وأحمد الشرع، إضافة إلى شركات صهره جاريد كوشنير، على التمهيد للدخول إلى السوق السورية تحت اسم “الشركات الأمريكية”، في سباقٍ لاحتكار عقود الإعمار بالتنسيق مع السعودية. وليس من قبيل المصادفة أن يُدعى الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن بعد أحمد الشرع بثمانية أيام فقط، فالصفقات السياسية في العالم الجديد لا تكتمل إلا حين تُغلّف برأس مالٍ يضفي عليها شرعية الربح.
ولا شكّ أن واشنطن ستُصغي للجولاني، لا بدافع الاعتراف به، بل لاختبار مدى استعداده للانصياع. فمطالبه معروفة ومحدودة:
أولًا، طلب المساعدات الاقتصادية والاستثمارات لتجميل صورته وإضفاء شرعية على سلطته المتهالكة.
ثانيًا، رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا بذريعة إنقاذ الشعب، بينما الهدف الحقيقي هو إنقاذ حكومته من السقوط.
ثالثًا، وساطة أمريكية للتقارب مع قوات قسد على خلفية الانضمام للتحالف الدولي، في رسالة غير مباشرة لتركيا لتخفيف ضغطها وفسح المجال لحوارٍ كوردي–عربي ترفضه أنقرة بشدة، لأنّه وحده كفيل بإعادة التوازن إلى سوريا المستقبل.
إنها ليست زيارة سياسية عابرة، بل خطوة محسوبة في رقعة الشطرنج الشرق أوسطية.
ففي عالم المصالح الأمريكية، لا فرق بين إرهابيٍّ مطيع وحليفٍ يُطيع أكثر، كلاهما ورقتان في يد واشنطن، تُستخدمان حينًا وتُحرقان حين تنتهي الحاجة إليهما.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
4 تشرين الثاني / نوفمبر 2025



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من فاتن رمضان إلى عبد العزيز تمو وغيرهما من المرتزقة الكورد ...
- بعض الأخوة المسيحيين يختارون عبودية الماضي على حرية كوردستان
- من مناهج البعث والتكفيريين إلى مناهج كوردستان
- حين عرّى الوعي الكوردستاني الزيف الانتقالي
- التغيير الديمغرافي في غربي كوردستان هو استمرار لجريمة البعث ...
- ترامب الابن في الرياض وسوريا بين الإعمار والمساومة
- الإعلام العربي بين تلميع السفهاء وإقصاء الكورد
- خدم السلطان بلباس المثقف والمحلل السياسي
- إلى الأخت الكاتبة (نسرين تيلو) حكاية الغياب والذاكرة.
- قامشلو البوابة السياسية لوطنٍ يُعاد بناؤه
- حين يُقصى الكورد تموت فكرة سوريا
- أيّ سوريا نريد؟
- الدولة الكوردية من الحلم الثوري إلى الوعي المؤسسي
- الذكاء الاصطناعي سلاح الوعي الكوردي
- الشرق الأوسط في لحظة الحساب الكبرى
- الحكومة السورية الانتقالية تُقصي الكورد وتستدعي الاحتلال
- قسد تفجّر الصراع التركي–الأمريكي على سوريا
- رعب أنقرة من الوعي الكوردي
- بيان التحالف الأمريكي من أجل سوريا الديمقراطية
- إلغاء عيد نوروز تكفير مقنّع وإنكار صريح للقومية الكوردية


المزيد.....




- مسؤولون: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور في تركيا والسلطات تحق ...
- كتائب القسام تنتشل جثة ضابط إسرائيلي، وتقارير عن أن الولايات ...
- الجيش السوداني يُسقط مسيّرة للدعم السريع فوق الأُبيّض ومخاوف ...
- تونس: لماذا بدأ معارضون معتقلون إضرابا عن الطعام؟
- مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنا ...
- الشرع إلى البيت الأبيض وسوريا تعود لقلب العالم
- روسيا: بوتين وضع النقاط على الحروف والعمل جار لتنفيذ تجربة ن ...
- لافروف: نعمل على تنفيذ أمر بوتين بالاستعداد لتجربة نووية
- مصادر: رئيس المخابرات المصرية بحث مع الفرنسيين تطورات لبنان ...
- بطلة مسلسل -كارثة طبيعية- الحقيقية .. تعرف على أم الـ7 توائم ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - لماذا تُجمّل أمريكا وجه الإرهاب بدعوتها الجولاني إلى البيت الأبيض؟