شكري شيخاني
الحوار المتمدن-العدد: 8519 - 2025 / 11 / 7 - 00:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في زمنٍ تتقاذفه الرياح الإقليمية، وتتنازعه المشاريع الأجنبية والطموحات الضيّقة، تبرز الحاجة إلى رؤية وطنية كبرى تُعيد للإنسان مكانته، وللدولة معناها، وللوطن هيبته. رؤية تُنهي عصور الإقصاء والانقسام، وتؤسس لولادة وطنٍ جديد يقوم على الحرية والعدالة والمساواة، وطنٍ يليق بجميع أبنائه دون استثناء.
نحن نريد وطناً لا مركزياً، يحترم خصوصيات المجتمعات، ويقدّر تنوّعها الثقافي والاجتماعي، ويمنح الأقاليم والبلدات حقها في إدارة شؤونها بما ينسجم مع قيمها وهويتها، دون أن تمسّ وحدة الدولة أو كرامتها. إنّ اللامركزية ليست تفككاً، بل ضمانةٌ حقيقيةٌ للعدالة والتمثيل والمشاركة.
نريد وطناً حرّاً من الطائفية والعصبيات العشائرية والقومية، وطنٌ تُقاس فيه قيمة الإنسان بعلمه وعمله وإخلاصه، لا بانتمائه أو لقبه أو طائفته. وطنٌ يكرّس الكفاءة معياراً وحيداً للتقدّم والمسؤولية، ويضع حداً لثقافة الولاء الأعمى التي خرّبت الدولة ومؤسساتها.
نريد دولة لجميع مواطنيها، جيشها وشرطتها ومؤسساتها الوطنية تحمي الجميع دون تمييز، وتصون كرامة الإنسان قبل صون الحدود. فالدولة التي تُقيم العدل بين أبنائها، هي وحدها القادرة على بناء أمنٍ حقيقيٍّ وسلامٍ دائم.
نريد وطناً لا مكان فيه للإلغاء ولا للإقصاء، لأن الإلغاء هو أول بذرةٍ للاستبداد وآخر خيطٍ لوحدة الوطن. نريد دولةً تؤمن بالحوار لا بالكبت، بالاختلاف لا بالإلغاء، وتحتضن أبناءها جميعاً تحت سقفٍ واحدٍ من الحرية والاحترام المتبادل.
كما نرفض أن يكون وطننا جزءاً من محاور واصطفافاتٍ إقليمية تُدار من عواصمٍ تتغذّى على أوهامٍ شوفينيةٍ وأحلامٍ إمبراطوريةٍ مريضة. نريد وطناً سيّد قراره، مستقلاً في موقفه، منفتحاً على العالم بندّيةٍ وعدالةٍ واحترامٍ متبادل.
إنّ الرؤية الوطنية الكبرى لا تُكتب بالحبر، بل تُبنى بالعقول والإرادات. تبدأ من وعيٍ جماعيٍّ جديد يؤمن بأن الوطن ليس ملكاً لحزبٍ أو طائفةٍ أو زعيم، بل لجميع أبنائه الذين يحملون حلمه في قلوبهم.
نحو وطنٍ للجميع… وطنٍ يضمّنا لا يُقصينا، يحمينا لا يُقسّمنا، ويجمعنا على راية الحرية والعدالة والمساواة.
#شكري_شيخاني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟