أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر عزيز بدروس - المتحف المصري الكبير .. والبيئة الطاردة للسياحة















المزيد.....

المتحف المصري الكبير .. والبيئة الطاردة للسياحة


ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)


الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 22:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مصر العظيمة

تتأهب مصر كلها صباح السبت 1 نوفمبر، وتشرئب بكامل قامتها لتمد بصرها بعيدا نحو مركز الكون كله .. مركز كرة الأرض .. حيث تقف الأهرامات الثلاثة شامخة تردد أصداء كلمات كاهن فرعون : "الهرم - جلالتك - هو حفنة من التبر سقطت من السماء لتأخذ شكلا مخروطيا قائما من كل الأرجاء" ..

المتحف الكبير

هناك شيدت العقول والسواعد المصرية متحفا هائلا ضم بين جنباته مائة ألف قطعة خالدة من روح مصر وفنها العظيم.

هذا الصرح الأكبر حتي الآن للآثار المصرية القديمة ضرورة وطنية للهوية القومية، يؤمه الرائح والغادي ليصبح كعبة القصاد من عشاق مصر وحضارتها.
.
.
بعد أن ينفض العرس

لكننا ننظر لما بعد العيد .. لما بعد الاحتشاد الفكري والشعوري الحالي لمجد مصر والحضارة المصرية، حيث نعود للحياة المعتادة لوتيرة السياحة المصرية.

نعلم أن فرنسا يؤمها أكثر من 50 مليون سائح سنويا، وأسبانيا حوالي 70 مليونا، وتركيا حوالي 30 إلي 40 مليونا، بينما مصر في أحسن حالاتها لم يزد عدد سائحيها علي 20 مليونا، وهي المؤهلة لأن تزدهر السياحة فيها إلي ما يربو علي 50 مليونا سنويا، فلماذا هذا العجز ومصر تملك كل المقومات الرائعة لسياحة ناهضة وفيرة ؟
.

البيئة الحاضنة للسياحة

ذلك أن البيئة الحاضنة للسياحة في مصر هي بيئة طاردة، لا تمكن السائح من أن يعود منها إلى بلده ليدعو آخرين لزيارتها، أو ليعود هو نفسه إليها مرة أخري، بل يعقد العزم ألا يجيء، ويحذر أيا من معارفه حتي من التفكير في المجيء لمصر.

هذه البيئة الحاضنة للسياحة تضرب عليها ضربا متواصلا مجموعة من معاول الهدم التي تحطمها تماما وتتركها غير صالحة للسياحة.
.

معاول الهدم

المعول الأول

أول معاول الهدم للسياحة في مصر هو هذه الثقافة الأصولية الصاعقة في عقول وصدور ما يزيد علي 70 % من شعب مصر .. فالسائحين لدي كل المؤثرين بأصواتهم الزاعقة في الميكروفونات في بر مصر هم نساء ورجال أجانب كفار أعداء نكرههم ونحتقرهم .. كلهم امرأة حاسرة تلبس الشورت فاجرة تنتظر من يعتدي عليها وهم جاهزون لها، ورجال ديوث يستحقون الازدراء .. هكذا معظم النظر للسياح في بلادي ..

هذه هي نظرة السواد الأعظم من الناس في مصر للسائحين في كل مكان .. من أولاد الشوارع، إلي الراجلة في الطرقات، إلي سائق التاكسي، إلى المرشد السياحي، إلي سائق الأتوبيس السياحي، إلي البائع في البازار وأمكنة التسوق، إلي خادم أو خادمة الغرف في الأوتيلات، إلي الحمالين، إلي أصحاب الجمال والأحصنة في الأهرامات ومواقع الآثار، إلي سائق الحنطور، إلي مقدم أي خدمة في أي مكان ..
لكل هؤلاء .. السائح والسائحة أيضا - رغم كونهما وعاء للفساد والعداوة في نظرهم - هما كنز علي بابا الذي يتعين السطو عليه إلي آخر دولار أو آخر يورو أو آخر جنيه في جيبه.
.

المعول الثاني

ثاني معاول الهدم للسياحة في مصر هو هذا الاعتقاد الجازم بأن الآثار المصرية القديمة هي أوثان الدولة المصرية القديمة الكافرة، ولا تستحق سوي المهانة والاحتقار، ولو الأمر بيدهم لهدموها عن بكرة أبيها، مثلما هدمت طالبان ثماثيل الجبل الهائلة الرائعة بمدافع الهاون الثقيلة، فهذه الآثار ليست سوي الميراث الوثني للمصريين القدماء الكفار، ما يترتب عليه كراهيتها ونبذها وإسقاط أي اعتزاز بها ..
.

المعول الثالث

ثالث معاول الهدم للسياحة في مصر هو اتجاه غريب مستحدث منذ بضعة سنوات في الإرشاد السياحي، أدي إلي انقلاب مهمة الإرشاد السياحي لدي معظم المرشدين السياحيين الآن من التعريف بالتاريخ العظيم للحضارة المصرية الباهرة، وشرح المعلومات الأثرية والأركيولوجية والفنية الخاصة بكل قطعة أثرية، وبكل مكان قديم قدم الزمن، إلي مهمة الهداية الدينية لأولئك القادمين من بلاد العري والإباحية والكفر .. هكذا ..
.

المعول الرابع

رابع معاول الهدم للسياحة في مصر هو القذارة التي تشيع في البيئة الحاضنة للسياحة، من الزباله المرمية في الشوارع وعلي جانبي الأرصفة، إلي الأشجار المذبوحة التي اغتيل معها الغطاء الأخضر الجميل، إلي التوكتوك الأسود القبيح الذي يضرب الطرق بفوضي عارمة، إلي الزباله البشرية التي تتنمر علي السائحات و السائحين أينما وجدوا ..
.

هل من أجندة للإنقاذ ؟

نعم .. فالسبيل لأجندة إنقاذ حاذقة، يتم الانطلاق فيها بأقصي سرعة، يعتمد الدعامات الرئيسية التالية :

التشريع .. والتعليم .. والتثقيف .. والإعلام .. والممارسات
.

التشريع

الحاجة ماسة لتشريع حازم يفصل الدين ورجال الدين نهائيا عن الدولة، ويرسخ لقيم المساواة والعدالة وقبول الآخر، ويوئد الكراهية والعنصرية والتعصب ضد البشر، بدءا من إصلاح الدستور، ومرورا بكل القوانين التي تمس كل جوانب الحياة في المجتمع ..
والحاجة ماسة لتشريع يقنن وظائف كل العاملين في قطاع السياحة، ويضع أسس المحاسبة علي مخالفتها، ويحدد مؤهلات الامتياز للعمل في المجال، كما يحدد لكل مستويات الإدارة والحكم المحلي وظائف واضحة تجاه تعزيز عناصر البيئة الحاضنة لدعم السياحة ..
.

التعليم

والحاجة ماسة لتنقية التعليم مما يغرس في النشء الحقد والتعصب والتحزب والكراهية، وكذا لوضع مناهج جديدة تعمق الاعتزاز بالتاريخ المصري القديم، وتبرز قوة الهوية المصرية في تراثها وآثارها ومقومات حضارتها، مع ضرورة تضمين مناهج جديدة تبرز تاريخ التآخي البشري، علي النحو لذي يعمق القبول بين البشر، ويبرز فكرة الإنسانية الموحدة القائمة علي العدالة والإخاء والمساواة والحب ..
.

التثقيف

والحاجة ماسة لطرح ثقافي جديد تماما، ينعدم فيه تكفير الآخر وازدرائه، وتتعمق فيه حرية البشر، وينتشر فيه تذوق الموسيقي والفنون الجميلة واحترامها وتوقيرها، ويؤسس فيه الرصيد الفكري المصري لمفكري مصر العظام أعمدة التنوير لحياة إنسانية راقية جديدة، يلتزم فيها التدين بدور العبادة والأسرة المصرية، وتتراجع فيه الخرافة والجهل، ويعود العلم ليتبوأ فيه مكانته الرفيعة في قيادة روح الأمة ..
.

الإعلام

والحاجة ماسة لإعلام مغاير كلية للإعلام الراهن يقوم علي الاستقلالية الكاملة للأسرة الإعلامية المصرية، التي تترسخ علي أسس الحرية والموضوعية والشفافية والحقيقة والحرفية
. العالية ..
.

الممارسات

والحاجة ماسة لحزمة قوانين متضافرة قوية، تحض علي الممارسات الفعلية في جوانب المجتمع المختلفة بالدولة، التي تعمق في الحياة اليومية أعمدة الإنسانية السبعة، وتحفظها في الأداء الجماعي الوطني علي النحو الذي يفجر ينابيع الخير والحق والجمال والحب.
.

عندئذ .. وعندئذ فقط .. تستطيع مصر أن تجتذب أكثر من 50 مليون سائح وسائحة سنويا، بل هي مرشحة لعدد سنوي هائل من السائحين يربو علي 70 مليونا.
.
مبارك لمصر هذا الصرح الشامخ الجديد للحضارة المصرية القديمة، و "مبارك شعبي مصر" .
.
.



#ماهر_عزيز_بدروس (هاشتاغ)       Maher_Aziz#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر هى الخاسر الأكبر
- القدس: مدينة الحرب أم مدينة السلام؟ (2)
- القدس : مدينة الحرب أم مدينة السلام ؟ ( 1 )
- استفهامات مهمة في الطاقة النووية
- مفاهيم مغلوطة : الأحوال الشخصية للأقباط والقراءة الخطأ لآيات ...
- جدلية القداسة والجنس
- الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ- 8
- الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ - 7
- الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ-6
- الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ - 6 معدل
- الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ - ٦
- الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ - 4
- الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ - 5
- الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ - 3
- الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ-2
- الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ
- استراتيجيات الضرورة
- مصر تعدل اتفاق الغاز مع إسرائيل في أضخم صفقة طاقة بين البلدي ...
- التكنولوجيا للناس: مشروع الضبعة والأثر المتوقع على تنمية الم ...
- الإشعاع الذري


المزيد.....




- أول تعليق من ترامب على نتائج الانتخابات وتوقع فوز ممداني ليك ...
- الكشف عن هوية -بطل- أنقذ ركاب قطار في لندن من طعن جماعي
- من هو قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة في البلاد؟
- هل تنجح الوساطة المصرية في حل الأزمة بين لبنان وإسرائيل؟
- المحكمة العليا في إسبانيا تأمر بمحاكمة وزير النقل السابق بته ...
- الجزيرة نت تنقل مشاهد الدمار والمعاناة في شمال غزة
- -إعلان الدوحة-.. دستور يؤسس للتنمية الاجتماعية حول العالم
- الكتابة الاستقصائية.. حين تمتزج الصحافة بالبحث العلمي
- تحطم طائرة في ولاية كنتاكي الأميركية.. وسقوط قتلى وجرحى
- مشروع أميركي لرفع اسم الشرع من قائمة عقوبات مجلس الأمن


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر عزيز بدروس - المتحف المصري الكبير .. والبيئة الطاردة للسياحة