أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - سعاد الراعي - وقفة عند كتاب -الإنسان الذي سبق الثورة- بقلم الناقد والروائي د. قصي عسكر















المزيد.....

وقفة عند كتاب -الإنسان الذي سبق الثورة- بقلم الناقد والروائي د. قصي عسكر


سعاد الراعي
كاتبة وناقدة

(Suad Alraee)


الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 00:50
المحور: قضايا ثقافية
    


الجوانب الإنسانيّة في سيرة سلام عادل للكاتبة السيدة سعاد الراعي


شغلت خلال ثلاثة أيام مرّت بقراءة كتاب جديد للأديبة الروائية السيدة سعاد الراعي عنوانه (الإنسان الذي سبق الثورة) وقد شدّتني إلى الكتاب مجموعة أمور منها: أسلوب السيدة الراعي الرشيق الجميل، وأحداث كبيرة وعظيمة تلاحقت بسرعة مذهلة عايشتها وأبناء جيلي خلال/ بدءا من عام 1959 إلى عام 1963 اذكر أنّي من مواليد 1951 وكنت ناجحا من الصف الأوّل الابتدائيّ إلى الثاني حين حدثت الثورة.
ثالث هذه الأمور شخصيّة المرحوم الشهيد سلام عادل إذ لم تكتب السيدة الراعي كتابها عن الشهيد سلام عادل لكونه أحد أقاربها وقرابته ليست بعيدة فهو ابن عمّة والدتها لكنها كتبت مؤلفها الشيق هذا إحقاقا للحق وإنصافا لشهيد يجب أن تُحيًى ذكراه التي لا تمحوها الأعوام والسنين.، ولا يخفيها التجاهل والتعتيم.
لقد استعرضت الكاتبة حقبة مهمة من خلال بعض من سيرة سلام عادل، بعض اللقطات صوّرت حياته ونضاله في فترة العهد الملكي ومطاردة الشرطة وأفراد الأمن له، وتفننه في التخفّي والتمويه، والأهم من ذلك كلّه تعامله الإنسانيّ وعدم تعاليه واهتمامه بالناس الطيبين البسطاء بخاصة العمال والفلاحين.
وقد اقترنت تلك الشخصيّة بنبذ الانتقام والقسوة في مرحلة مارست الأحزاب القومية الفاشيّة كل أصناف القتل وأبشع صور التعذيب بحقّ خصومهم لمجرد التهم الباطلة التي لا يدعمها دليل أو برهان.
في الكتاب نقرأ أن سلام عادل مثلما كان يدعو إلى بلد دمقراطيّ هو العراق مارس فكرته عمليّا مع رفاقه فكان معلما يطبق في الواقع ما يؤمن به وكان يحارب النفس الدكتاتوري والسلطوي، ويدعو إلى الحوار مع التكتلات والتجمعات التي تستهدفه، فهو إنسان يدعو إلى الرحمة والسلام في وقت بدت فيه ملامح العنف وسطوة الانتقام تسود البلد.
لا يمكن أن نقول من خلال الرحمة التي آمن بها القائدان الكبيران الشّهيدان عبد الكريم قاسم وسلام عادل إن العراق أصبح ضحية بسببهما فأنا حين أتذكّر رحمة عبد الكريم قاسم أتذكّر المبادئ العليا التي وضع أسسها علي بن أبي طالب قبل قرون حين لم يعاقب من لم يبايعه بعكس من سبقه من خلفاء، ومن رحمة سلام عادل وأخلاقه أنّه حين حاول البعثيون والقوميون ومنهم صدام حسين اغتيال الزّعيم، فأصيب إصابات بالغة ونُقٍلَ إلى المشفى كان بإمكان الحزب الشيوعي حيناك بأمر من سلام عادل أن يوعز إلى أيّ طبيب في المشفى وما أكثر الأطباء الشيوعيين أن يصفّي الزعيم ويُعلن عن استشهاده بسبب محاولة الاغتيال تلك، فيصعد الشيوعيون إلى الحكم بيسر وسهولة، غير أن أخلاق سلام عادل وتربيته منعاه أن يفعل ذلك، فلا خير في حكم يأتي عن طريق خيانة وكذب ودجل ورياء.
لكن الأخلاق العالية التي تميّز لها سلام عادل وقادة ثورة تموز (عبد الكريم قاسم، المهداوي، وصفي طاهر، عبد الكريم الجدّة) كانت تتراجع وتتهاوى لسببين رئيسين:
السبب الأوّل :زحف الأغلبية -الجماهير- عموم الشعب-الكتلة الأكبر- نحو الحزب الشيوعي والحديث باسمه، لقد تطوّعت الأغلبية وتحدثت باسم الحزب الشيوعي، وفعلت أفعالا نُسبَت إليه في حين مارسها همج رعاع كانوا يهتفون باسم الزعيم والحزب الشيوعي والاتحاد السوفيتي، فيشّيع في العالم أنّهم شيوعيون، ولم يكن بإمكان سلام عادل أن يستنكر ولا أيّ يساريّ ثوريّ أن يدين أعمالهم ماداموا يهتفون باسم الثورة ويدَّعون أنهم يطاردون أعداءها، ومثال على ذلك قضيّة مجازر كركوك التي ذكرتها المؤلفة السيدة سعاد الراعي، وبينت أنّها آذت الزعيم وسلام عادل.
لقد حكى لي أحد التركمان الشيعة، والمعروف جيدا أن التركمان الشيعة والأكراد الفيلية لديهم تعاطف كبير مع أهل الجنوب، قال لي ذلك الرجل، في ذلك الوقت كانت محلات التركمان تعلن ولاءها لتركيا فصور كمال أتاتورك كانت منذ العهد الملكي ترفع على الحدران علنا في المحلات والمقاهي التي يملكها التركمان وفي بيوتهم أيضا. كانوا يعدّون أنفسهم جزءا من تركيا التي كانت زمن المدّ الثوري عضوا في حلف بغداد، الوضع استفزّ اليساريين وعامة العرب والأكراد في المدينة فوجدوا متنفسا لهم في الحزب الشيوعي الذي رفعوا شعاراته ومارسوا القتل باسمه.
لسنا نسوّغ بل هذا الذي حدث!
المعضلة الثانية التي واجهت سلام عادل هي التكتل الغريب الرباعي الذي وقف فيه صفا واحدا كلّ من الشيعة والإخوان المسلمين وعموم السنة وحزب البعث والقوميين الناصريين ضدّ الحزب الشيوعي العراقي والاتحاد السوفيتي تحت فتوى شيعية اتفقوا عليها هي أن الشيوعية كفر وإلحاد، وقد وجدنا قوميين ناصريين كبار مثل رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز، وبعثيين مثل رئيس الوزراء طاهر يحيى يزورون مراجع النجف، وبقيت علاقة المرجعيّة بالقوميين إلى ما بعد انقلاب البكر واعتقال البزاز حتى أنّ مرجع الشيعة الأعلى رفض أن يجتمع بالبكر إلا أن يطلق سراح البزاز، ورفض أن يتوسط بين البكر وشاه إيران بطلب من البكر نفسه إلا بإطلاق سراح البزاز !
إنّ تحالف الشيعة مع الإخوان السلمين واستصدار فتوى من شيخ الإخوان عبد العزيز البدري والمرجعية في النجف أسال دما غزيرا يوم 8 شباط تلك الدماء التي افتخر بسفكها المرجع حسن الشيرازي حين كتب في أحد كراريسه لقد قاتلنا الشيوعيين في أزقة بغداد وطاردناهم من بيت لبيت (على غرار زنقة زنقة) وشرّ البيت ما يضحك!
أضف إلى ذلك أن التحالف الشيعي الإخواني بين مرجعية النجف وإخوان العراق ومصر والأردن أحّر العراق بعد سفكه للدماء والانقلابات أخّر العراق وقضى على أحلامه وطموحاته وأتى بالبعثيين الذين مزّقوا أمّة العرب شرّ تمزيق، وأعود وأذكّر تلك الأحزاب الدينيّة بواقع مدهش حقّا حيث نجد أنّه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي واستسلامه لم يبق إلّا إيران في مواجهة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية ولا أحد يقف معها سوى الذين هم كفار برأي المرجعيّة حينذاك هؤلاء الذين يقفون مع إيران هم كوبا الشيوعية وفنزويلا الشيوعية بقيادة الرائعين شافيز ومادورو، وكولومبيا وليس من يقف معها وهي دولة دينية غير هؤلاء وروسيا البيضاء الشيوعية.!
لست شيوعيا ولا أؤمن بحكم الحزب الواحد لكن من حقي أنا الذي هدرت طفولتي أن أحاسب من يقف مع فكر شوفيني ويؤيده وينحاز له على حساب فكر آخر سليم النية حسب ما يؤديه من أعمال ولقد كنا في ذلك الوقت بأمس الحاجة لأن نقف مع الكتلة الشرقية ونطالب أي حزب أن يحقق العدالة قدر الإمكان وليس التكفير والتسقيط وهذا ما فعله التحالف المرجعي مع الإخوان والقوميين حيث منح الحجة لقتل أبنائه ثم انقلبت دائرة السوء عليه.
لقد كانت مهمة الشهيد سلام عادل صعبه فوق حدود الاحتمال ولم يكن أمامه من حل إلا أن يضحي بنفسه فتعود على العراقيين من جديد صيغة كربلاء نفسها لكن بشكل آخر أكثر وحشية وانتقاما.
لقد عشت ساعات جميلة مع الكتاب، ساعات على الرغم من كونها تبوح بالحزن وتفوح بالرعب إلّا أن الرعب الذي عاشه الشهيد سلام عادل صاغه قلم السيدة سعاد الراعي بأسلوب رزن رشيق يعبر عن حقائق جسّدها إنسان بصيغة وطن.
***
د. قصي الشيخ عسكر



#سعاد_الراعي (هاشتاغ)       Suad_Alraee#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يتوهّج الطينُ نبوءةً في قصيدة -الهلال الخصيب- للشاعر مصط ...
- ذاكرة في ظلال الغياب
- الواقعية المستنيرة في مواجهة العنف الجمعي في رواية -خلع الخا ...
- الذات تكتب سيرتها
- من كتاب الانسان الذي سبق الثورة، الجوانب الإنسانية في سيرة س ...
- خلع خاتم الطائفية،الفصل الخامس والسادس من رواية تحت الطبع
- أنا القربان... قسوة التضحية
- من رواية خلع خاتم الطائفية
- بين خيوط العزلة وسيف المصير
- من رواية، خلعُ خاتَم الطائفية
- قصة، طيف، على حدود العدم
- سلام عادل: سيرة إنسانٍ سبق الثورة (2 6) قراءة إنسانية في ملا ...
- سلام عادل: الإنسان الذي سبق الثورة، قراءة إنسانية لسيرة بطل، ...
- سلام عادل: الإنسان الذي سبق الثورة، قراءة إنسانية لسيرة بطل، ...
- سلام عادل: الإنسان الذي سبق الثورة، قراءة إنسانية لسيرة بطل، ...
- سلام عادل: الإنسان الذي سبق الثورة،(4) قراءة إنسانية لسيرة ب ...
- جدلية المقدّس والخراب في قصيدة -أقنعة المكائد- للشاعر طارق ا ...
- سلام عادل: سيرة إنسانٍ يسبق الثورة (3) الكونفرنس الثاني للحز ...
- قربان الأم... صرخة في وجه الموت
- الخطوط المشتركة بين غرو وكلاين فيما يتعلق بفلسفة العار وعقيد ...


المزيد.....




- اجتماعات القاهرة للفصائل الفلسطينية: بحث إدارة غزة بعد الحرب ...
- كريستيانو رونالدو: المليار دولار كان هدفي منذ زمن ولم يفاجئن ...
- نيجيريا ترد على تهديدات ترامب: دستورنا يمنع أي اضطهاد ديني
- الهيروغليفية: لغة تبعث من جديد؟
- الرئيس إيمانويل ماكرون يعلن الإفراج عن الفرنسيَين سيسيل كولر ...
- ما الذي يعنيه قرار ترامب استئناف اختبار الأسلحة النووية الأم ...
- سيارته الرياضية علقت بالهواء.. نجاة تسعيني ألماني من الموت ف ...
- جنيفر لورانس تنتقد إقحام النجوم في السياسة وتستعد لعمل مع سك ...
- الاتحاد الأوروبي في مفاوضات اللحظات الأخيرة لضبط أهدافه المن ...
- إصابة لبناني بغارة إسرائيلية وعون: استمرار الاحتلال يعرقل خط ...


المزيد.....

- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - سعاد الراعي - وقفة عند كتاب -الإنسان الذي سبق الثورة- بقلم الناقد والروائي د. قصي عسكر