أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - سعاد الراعي - الواقعية المستنيرة في مواجهة العنف الجمعي في رواية -خلع الخاتم- للروائية سعاد الراعي















المزيد.....

الواقعية المستنيرة في مواجهة العنف الجمعي في رواية -خلع الخاتم- للروائية سعاد الراعي


سعاد الراعي
كاتبة وناقدة

(Suad Alraee)


الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 01:43
المحور: قضايا ثقافية
    


تستوعب رواية (خلع الخاتم) للكاتبة السيدة سعاد الراعي حدثا مهما وحساسا عانى منه المجتمع العراقي، ومازال يعاني منه إلى الآن بكلّ أشكال المعاناة وقسوتها من قتل وتشريد وتشتت ألا هو موضوع الطائفيّة الذي استهلك المجتمع العراقي بعد سقوط الدولة عام 2003 ولا زلنا نعاني من تبعاته حتى اليوم.. وحين أطلقتُ صفة رواية على (خلع الخاتم) مع كونها أكثر من 10000 آلاف كلمة فإنّ لي وجهة نظر في مفهوم الرواية على وفق عدد حروفها، فالرواية حسب وجهة نظري هي ما تعالج حالة مجتمع ما ضمن إطار زمني طويل بغض النظر عن عدد كلماتها، فإذا ما جاءت بحدود 4000 - 6000 كلمة فهي رواية جيب، وإذا ما جاءت بحدود 8000 كلمة وأكثر فهي رواية قصيرة
لذلك أطلقت على (خلع الخاتم) رواية، وقد توفّر فيها أكثر من عنصر لجعلها رواية:1
أوّلا تتحدث عن مجموعة من أفراد المجتمع العراقي ينتمون لفئتين كبيرتين حسب مفهوم فقهي قديم (سنة، شيعة) ثانيا: الزمن هو زمن رواية بطوله الممتدّ من انفجار الأحداث إلى وصول البطلة إلى بر الأمان وليس زمن قصة قصيرة أو قصّة طويلة.
ثالثا: هناك أكثر من شخص: البطلة، طفلتاها، المرأة المساعدة. أخ الزوج.. المهرّب.. الأهل.. الأخ...
رابعا: استندت الكاتبة في تناولها الأحداث إلى أسلوب السرد الروائي.
من هذا المنطلق صنّفتُ عمل السيدة سعاد الراعي ضمن الرواية القصيرة ولم أقل إنّها قصة طويلة.
لقد زاوجت الكاتبة في روايتها بين الأسلوب الواقعي، وأسلوب الواقعيّة المستنيرة الذي كتبت فيه عددا من الروايات.2 إنّ الموضوع الذي اختارته الكاتبة هو زمن بداية العنف حين انفجر بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، القتال بين السنة والشيعة وقضيّة الانتقام إذ يمكن أن نشبّه المجتمع العراقي بمكوناته الدينية والقومية بقوس قزح: أيّ تجاوز على أيّ لون يلغي القوس كلّه.
هذه النقطة الحساسة أضفت على الرواية بعدا نفسيّا تمثّل في موهبة الكاتبة وطريقتها في المزج بين الواقعية والواقعية المستنيرة إذ صورت بقلمها المحيط الخارجي بدقة متناهية مثلما تفعل لا لكي تصف فقط إنّما لترسم مثلما يفعل المصور بعدا مثيرا لحالة البطلة الضحية وعبر الوصف الواقعي نقلت إلينا نفسية
الضحية والجزّار بل هي نفسية مجتمع هائج مثل الثور

لكنه ثور لا يقتل المصارع الذي أدماه بل يقتل نفسه:
لقطة من هياج المنتقمين:
"غير أنّ الكلمات تأخرت، والأيدي سبقتها بعنف صاعق. انهمرت اللطمات والركلات على وجهها كالمطر الأسود، وانغرست قبضاتهم في جسدها الضعيف، بينما كانت صغيرتاها تصرخان في هلعٍ يضاعف عجزها. تحوّلت اللحظة إلى دوامة من الألم والضجيج، والبيت إلى ساحة حرب بلا رحمة."(ص 2)
اللقطة أعلاه وصف دقيق للعنف المتمثل بهياج المجموع أو العقل الجمعي الذي يسيره العنف لا الفكر والتأمل، لقد استوعب الوصف في الرواية منذ البدء العنف لانّ الخارج تسوده روح الانتقام ولا أحد يفكّر بعقله، يقابل ذلك وصف داخلي، وصف لحالة الضحيّة التي تتحدث عن مشاعرها، هواجسها داخل إطار الرعب:
كانوا يريدون غسل دمه بدمها، تحويلها إلى شاهدٍ إضافي على أسطورة الثأر، إلى ذريعة جديدة تديم دورة الانتقام، كأنها ليست إنسانة من لحم ودم، بل مجرّد رمزٍ تُقاد إلى الذبح. شعرت أن الجحيم قد فتح على مصراعيه فوق رأسها ورأس طفلتيها، وأن لا منفذ للخلاص."(ص 4)
والمتتبع للرواية حتى آخر صفحة يجد أن الوصف الخارجي يتوازى مع الوصف الداخلي بوصف الإثنين مسارين متوازيين، يكاد توازيهُما يشكلّ اندماجا يزيد الرواية تألقا وتماسكا.
فليس الوصف الخارجي لمجرد الوصف والاستعراض البلاغي بل يأتي ليمهّد لعوالم الإثارة والتعبير عن الحياة بصورة أدقّ مما تراه العين وتسمعه الأذن. ولعلّني يجب أنّ أذكّر أن الأسلوب الواقعي يبدو سهلا لكنه سهل ممتنع إن لم يكن الكاتب الروائيّ القاصّ ذا موهبة وخبرة فإنّ السرد الواقعي عنده يتحوّل إلى كلام مباشر ضعيف ومما تجدر الإشارة إليه أنّ الكاتب العربي الوحيد من الرواد المعاصرين الذي استطاع أن يتحكّم في السرد الواقعي هو نجيب محفوظ بلا منازع في حين سقط كتاب كثيرون معاصرون له في المباشرة وبخاصة كتاب الواقعية الذين عاصروه في مختلف البلدان العربية ومنها العراق وهنا لابدّ من أن أشير إلى أنّ الكاتبة السيدة سعاد الراعي تجاوزت باقتدار قضيّة المباشرة لتكتب بأسلوب واقعي رصين.
أمّا استخدام أسلوب الواقعيّة المستنيرة فنجده يتحقق في كثير من المشاهد وقد لفت نظري أنّها تنتقل بمهارة من الأسلوب الواقعي إلى أسلوب الواقعية المستنيرة بشكل حسّاس حين يتطلب المشهد التحوّل:
"وبينما كانت تُضرَب وتُهان، راودها خاطر مرّ كالسكين"... أسلوب واقعي
بعد الفقرة نجدها تضع العبارة التالية بين قوسين:
«أنّها لم تمت بعد، لكنها في نظرهم قد ماتت بالفعل؛ ماتت كإنسانة، ولم تبقَ سوى جسدٍ يُنهش ليُشبع عطش الطائفة للانتقام.»
الفقرة نفسها كتبتها بحبر غامق لأنها أسلوب آخر، أسلوب واقعي يتخذ شكلا موازيا لما سبقه من تعبير ويختلف عنه، ولنا مثال آخر، حيث لا يترادف الأسلوبان أي أن يأتي الواقعي قبل الآخر لكنْ يتقاسم الأسلوبان الفقرة ذاتها كما نجده في الفقرة التالية:
"مدّ يده عبر الفجوة بينهما، ودفع بالشاحن نحوها. لحظتها، أحست عفراء كأنها عبرت جسرًا خفيًا بين زمنين:"
وحين تنتهي الفقرة الواقعية تطل علينا بعد النقطتين فقرة أخرى بين قوسين تختلف في صياغتها الواقعيّة
«زمنٍ كانت فيه مرعوبة تتوسل النجاة، وزمنٍ جديد تستعيد فيه إرادتها المسلوبة.»
إنّ الفقرات المرسومة بخطّ ثخين هي أسلوب واقعي يختلف عن الأسلوب الواقعي التقليدي، وبهذه الطريقة حقّقت الرواية نضجها وجمالها وتأثيرها في الوقت نفسه رسمت ملامح مجتمع متباين وكشفت عن نفسيته: برقته وعنفه، كلّ ذلك ورد بعبارات موجزة واقتصاد في السرد كما يطلق عليه النقاد المحدثون.

الدكتور قصي الشيخ عسكر
نوتنغهام

1 الحدّ الأدنى للرواية على الأرجح 50000 وبعضهم يرى 80000 كلمة وهذا الحكم أوروبيّ بحت لكنّ عصرنا عصر سرعة ويمكن لعمل سردي أن يعبر عن مرحلة ما بعدد أقلّ من الكلمات.
2 اول رواية كتبتها هي الساعة الثامنة والنصف وقد استحسن بعض النقاد منهم د عبد الرضا علي والدكتور صالح الرزوق والدكتور عبد الرحيم مراشدة استحسنوا هذا التجديد المنهجي في الرواية الواقعية.



#سعاد_الراعي (هاشتاغ)       Suad_Alraee#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذات تكتب سيرتها
- من كتاب الانسان الذي سبق الثورة، الجوانب الإنسانية في سيرة س ...
- خلع خاتم الطائفية،الفصل الخامس والسادس من رواية تحت الطبع
- أنا القربان... قسوة التضحية
- من رواية خلع خاتم الطائفية
- بين خيوط العزلة وسيف المصير
- من رواية، خلعُ خاتَم الطائفية
- قصة، طيف، على حدود العدم
- سلام عادل: سيرة إنسانٍ سبق الثورة (2 6) قراءة إنسانية في ملا ...
- سلام عادل: الإنسان الذي سبق الثورة، قراءة إنسانية لسيرة بطل، ...
- سلام عادل: الإنسان الذي سبق الثورة، قراءة إنسانية لسيرة بطل، ...
- سلام عادل: الإنسان الذي سبق الثورة، قراءة إنسانية لسيرة بطل، ...
- سلام عادل: الإنسان الذي سبق الثورة،(4) قراءة إنسانية لسيرة ب ...
- جدلية المقدّس والخراب في قصيدة -أقنعة المكائد- للشاعر طارق ا ...
- سلام عادل: سيرة إنسانٍ يسبق الثورة (3) الكونفرنس الثاني للحز ...
- قربان الأم... صرخة في وجه الموت
- الخطوط المشتركة بين غرو وكلاين فيما يتعلق بفلسفة العار وعقيد ...
- عندما يكون الفكر ثالثهم!
- سلام عادل: سيرة إنسانٍ سبق الثورة (2) قراءة إنسانية في ملامح ...
- سلام عادل: الإنسان الذي سبق الثورة. قراءة إنسانية لسيرة بطل


المزيد.....




- غزة بعد الاتفاق مباشر.. توافق الفصائل بشأن الإدارة ومسيرات أ ...
- الفصل الأخير من الجزيرة بتوقيت غزة.. التغطية مستمرة
- حقوقيون يتحدثون عن انتهاكات بمحاكمات معتقلي -جيل زد- في المغ ...
- استطلاع: 52% من الإسرائيليين يعارضون ترشح نتنياهو للانتخابات ...
- غوتيريش: مجلس الأمن يحتاج إصلاحات عاجلة طال انتظارها
- -ترامب يدرس خططا لاستهداف منشآت الكوكايين داخل فنزويلا-.. مص ...
- منشور قديم على مواقع التواصل وموقف من إسرائيل يشعلان استجواب ...
- نقاش اسرائيلي في مسألة الاقتراب من الخط الأصفر.. وبن غفير يد ...
- واشنطن تعيّن سفيرها في اليمن ستيفن فاجن مديرًا مدنيًا لمركز ...
- قضية جديدة تلاحق أكرم إمام أوغلو.. السلطات التركية تحقق معه ...


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - سعاد الراعي - الواقعية المستنيرة في مواجهة العنف الجمعي في رواية -خلع الخاتم- للروائية سعاد الراعي