|
|
في سيكولوجيا ثقافة التسقيط وٱفاق الحد من ذلك
عامر صالح
(Amer Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 8514 - 2025 / 11 / 2 - 20:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ثقافة التسقيط هي ممارسات سلوكية تستهدف أقصاء الآخر كفرد او مجموعة محددة مغايرة في الفكرة والمنهج والتطلعات أو في البرنامج الأقتصادي والأجتماعي والثقافي ومحاولات تشويه سمعته بأبعادها المختلفة الأخلاقية والأجتماعية والفكرية، والتسقيط في جوهره هو تحويل الاختلافات المشروعة إلى خلافات تقصم الظهر وتلغي فرص الحوار البناء مما يفسح المجال للكراهية والعدوان أن يكون سيد الموقف ويمتد إلى حد تصفية الآخر ليست فكريا فقط بل جسديا وازاحته من المشهد الحياتي كعضوية بيولوجية اجتماعية لها حق الوجود في الحياة بغض النظر عن جوهر الأختلاف بأعتباره من سنن الحياة واحد مصادر غنائها الفكري والثقافي والأقتصادي والأجتماعي.
وفي نطاق التميز بين الخلاف والاختلاف والذي يعتبر من المفاهيم المهمة في التفاعل الاجتماعي ، لكنهما يحملان دلالات مختلفة .
-الاختلاف يشير إلى التباين في الآراء ، والأفكار ، أو المعتقدات بين الأفراد أو الجماعات . إنه ظاهرة طبيعية تعكس تنوع البشر وتجاربهم المختلفة . هذا التباين يُعتبر إيجابيًا ، حيث يثري النقاشات ويساهم في تطوير الفهم المشترك . على سبيل المثال ، في بيئة العمل ، قد يؤدي اختلاف وجهات النظر إلى حلول أكثر إبداعًا وفعالية.
-في الجهة الأخرى الخلاف ينشأ عندما يتحول هذا الاختلاف إلى صراع أو نزاع . يُعبر عن تنافس أو مواجهة بين الأطراف ، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بمشاعر سلبية مثل الغضب أو الاستياء . الخلاف قد يؤدي إلى تفكك العلاقات وتوتر الأجواء ، كما يحدث في النزاعات السياسية أو العائلية . -أهمية التمييز بين المفهومين التفريق بين الاختلاف والخلاف ضروري لفهم كيفية التعامل مع التباينات الاجتماعية . الاختلاف يُعتبر فرصة للنمو والتعلم ، بينما الخلاف يتطلب مهارات إدارة الصراع والتفاوض لتجنب تفاقم الأمور . يمكن تحقيق بيئة صحية من خلال تعزيز ثقافة الحوار والتسامح ، مما يساعد على تحويل الاختلافات إلى فرص للتفاهم. ولذلك يعتبر الاختلاف جزءًا أساسيًا من تجربة الحياة ، بينما الخلاف يُعد تحديًا يتطلب معالجة واعية. ومن خلال إدارة الاختلافات بشكل إيجابي، يمكننا بناء مجتمعات أكثر تماسكًا وتعاونًا، والأختلاف يتجاوز حدود الثقافة والفكر بل بشكل حتى بنية الأنسان الجسمية والرسية والفصائلية البيولوجية السيكولوجية، ومن هنا يصح القول خلقنا وولدنا ونشئنا مختلفين، أنها جزء من سنة التعددية الكونية على مستوى الطبيعة والخلق.
ومن الضروري هنا لابد من توضيح معنى التسقيط لغة، فهو من الفعل سقط ، وتعني انحدر وهوى من درجة أعلى إلى درجة سفلى، وأما الاصطلاح فمعناها الحط من قدر شخص ومكانته الاجتماعية أو الدينية أو السياسية أو العلمية، ويرتبط مفهوم التسقيط بمفاهيم الزور والكذب والافتراء والبهتان، ويمكن اعتبار التسقيط نوع من أنواع الإشاعة.
للتسقيط دوافع فقد تكون دوافع شخصية تتعلق بالغيرة والحسد، أو التنافس الوظيفي، أو التنافس السياسي ، وغالبا ما تشهد مراحل التنافس الانتخابي ممارسات وأساليب تسقيط المنافس من خلال نسب صفات وتهم للمنافس التي من شانها أن تقلل أصواته، فتبدأ الحرب الالكترونية بين حلفاء الأمس في الطبقة السياسية الحاكمة، وكذلك بين مختلف التجمعات والأحزاب والمجموعات التي تضعف لديها لغة الحوار في إدارة الأختلاف، وكل ما اقترب موعد الانتخابات زاد التشهير والتسقيط، وما يزيد الأمر سؤا عدم وجود قانون يعاقب من ينشر أكاذيب وصور وملفات ملفقة، وحتى إن وجدت وسائل الردع فهي انتقائية ولا تستهدف المعالجات الشاملة.
مناسبات التسقيط كثيرة فهي ترتبط بحياة الأنسان الفرد في أطار صراعه من اجل البقاء ويتعرض إلى ما يلغي وجوده بل ونفيه والخلاص منه، انها نزعة شريرة وتعبر عن فطرة العدوان الأنسانية في اطار منافسته مع الآخر في اطار تحولها إلى فعل عدواني بعيدا عن المنافسة الأيجابية وخاصة عندما تنتزع المنافسة من أسسها السلمية والأخلاقية والقانونية.
اما نزعة التسقيط الجماعية فهي ترتبط بمناسبات عديدة، الدينية منها والسياسية والأثنية والثقافية، فالكثير من تلك المناسبات كالأنتخابات البرلمانية السياسية، والأحتفاء بالمناسبات الثقافية الفرعية لمختلف المكونات وكذلك المناسبات الدينية والطائفية، يستنهض ذلك الكثير من ثقافة التسقيط الناتج من تحويل الأختلاف الثقافي والأثني والمذهبي إلى موضوعات خلاف تحرض على الأقصاء ونفي الآخر فرد كان أم مجموعة.
ومن أكثر الوسائل التي تستهدف الأفراد والجماعات تسقيطا هو النبش في ماضي الأفراد والجماعات والعبث في تاريخ الأفراد ومحاولات تحويلة إلى توقعات سيئة للمستقبل، فالتسقيط في ماضي الأفراد والجماعات هو من أكثر الوسائل عنفا في تفريغ الحاضر من محتواه الأيجابي او على الأقل بما يمكن ان يكون ايجابيا وفي النهاية فأن النبش في الماضي لن يُغيرولن يُصلح الحاضر، وما يصلح الحاضر هو اتخاذ قرارات واعية تستند إلى التعلم من التجارب السابقة دون أن نكون أسرى لها، وعلينا أن نعيش الحاضر بكل تفاصيله، وأن نستغل كل لحظة لبناء مستقبل أفضل. الماضي قد يكون درسًا، لكنه لا يجب أن يكون عائقًا أمام التقدم والنمو.
ومن وسائل التسقيط الأخرى الشائعة والسهلة في التداول والأنتشار والمغرية للفرد هو الرسائل الأخلاقية او التشهير الأخلاقي الذي يستهدف البعد الأخلاقي في المنافسات، وبما أن مجتمعاتنا تغريها الصوت والصورة في هذا المجال فبالأمكان تعبئة ذلك لتسقيط الآخر وأقصائه.
ومع ضعف الرقابة وحداثة العهد في استخدام التقنيات الرقمية في الكثير من المجتمعات والعراق من ضمنها، فأن البعض من الأحزاب يستخدم التسريبات خلال فترة الانتخابات كسلاح أو أداة للإطاحة بالأطراف الأخرى، وقد اعتمد الكثير دون وازع أخلاقي على استخدام أساليب الذكاء الاصطناعي في فبركة المئات من الصور والأصوات ونسبها لشخصية ما، وجعل القضية تأخذ حيّزاً كبيراً، ما يؤثر على القاعدة الجماهيرية للطرف المنافس خاصة وأننا في العراق على سبيل المثال، لا نمتلك الأدوات التي يمكن خلالها، الكشف عن حالات التلاعب والفبركة، إلا بعد أن تأخذ صداها، وتنطلي على أعداد كبيرة من الناس التي قد لا تمتلك الثقافة المطلوبة في تمييز ما ينشر، وقد تتحول الكثير من التسريبات إلى قضية رأي عام قبل اكتشاف مدى مصداقيتها وتطابقها مع الواقع. وهذا لا يعني أن كل التسريبات مفبركة بل هناك الكثير منها صحيح ومطابقا للواقع ولكن الأختلاف حول توقيت أثارتها ولماذا تكون موسمية مما يثيرالشكوك حول ان الهدف منها ليست المعالجة بل التسقيط.
وكذلك الفساد الأداري والمالي وخاصة في مجتمعات غارقة في ذلك فتسقيط الأفراد والجماعات سهلا في ذلك في ظل غياب دولة القانون والقضاء حيث ألصاق التهم سهلا مشاع ولكن تثبيت التهم على الأفراد والمجموعات صعبا بسبب غياب النزاهة والحيادية.
ومن وسائل التسقيط هو الحفر والغوص في انتماءات الأفراد السياسية السابقة بغض النظر عن ولاءاتهم الحاضرة وبالتالي تكريس الماضوية كمحك لمصداقية سلوك الأفراد في الحاضر هو عبث في خلط أوراق الحاضر والمستقبل. إلى جانب ذلك التسقيط الفكري والأيديولجي للأحزاب والأفراد من خلال حملات عبثية تستهدف ثقافة الحوار الفكري والسياسي البناء والتمترس في متاهات الكراهية والشيطنة للآخر المختلف.
والتسقيط يمتد ليشمل ليست فقط من هم مختلفين فكريا وسياسا وعقائديا بل يمتد ليأخذ التسقيط صفة شمولية حيث تسقيط مكونات اجتماعية وثقافية ودينية ومذهبية وأثنية بأكملها وتمارس إلى أقرب ما يسمى بالحروب الباردة المكوناتية، وهذا الطابع من التسقيط يتخذ صفة " قطيعية " أو "جماهيرية" أو ما اطلق عليه عالم النفس الفرنسي غوستاف لوبون "بسيكولوجيا الجماهير" أو " سيكولوجيا الحشود" أو " روح الأجتماع ".
وأدوات التسقيط بمختلف مظاهره غالبا ما يستهدف العزف على مشاعر وأنفعالات الجمهور المستهدف وبالتالي هي تحاول التناغم مع عواطفه واهتماماته واستمالتها إلى اتجاه معين، وهذا ما ذكره الطبيب والمؤرخ وعالم النفس الفرنسي "غوستاف لوبون" ( 1841- 1931) صاحب كتاب (سيكولوجية الجماهير) الذي يذكر فيه الخصائص الأساسية للفرد المنخرط في الجمهور وهي " تلاشي الشخصية الواعية، هيمنة الشخصية اللاواعية، توجه الجميع ضمن نفس الخط بواسطة التحريض والعدوى للعواطف والأفكار، الميل لتحويل الأفكار المحرض عليها الى فعل وممارسة مباشرة، وهكذا لا يعود الفرد هو نفسه وإنما يصبح إنسان آلي ما عادت إرادته بقادرة على ان تقوده".
يشير مصطلح "سيكولوجية الجماهير" إلى أن الفرد في الجماعة يمر بتغيرات نفسية شبيهة بتلك التي تحدث له في التنويم المغناطيسي. ويرجع هذا التشبيه إلى أن الفرد في حالة الجماهير يفقد شخصيته الواعية وتهيمن عليه الشخصية اللاواعية، مما يجعله يتصرف بعواطفه وأفكاره دون تفكير نقدي، ويصبح عرضة للتأثر والإيحاء بسهولة، تماماً كما يحدث للشخص تحت تأثير التنويم المغناطيسي، وفقاً لمفاهيم غوستاف لوبون. الفرد في الجمهور يختفي من داخله شخصيته الواعية، وتتضاءل قدرته على اتخاذ القرارات المستقلة بناءً على تجاربه الخاصة. وتصبح العواطف والأفكار اللاواعية هي المهيمنة، مما يدفع الفرد إلى التحرك بناءً على التحريض والإيحاءات الجماعية بدلاً من التفكير العقلاني. وتنتشر الأفكار والعواطف في الجمهور بسرعة شديدة عبر العدوى، كما تنتشر الأمراض المعدية، فتصبح جماعية دون الحاجة لتفكير نقدي. ويستجيب الفرد المنغمس في الجمهور بشكل لاواعي لتوجيهات الزعيم، ويحوله إلى دوغما أو عقيدة لا تناقش، ويخلق لديه رغبة في تعميمها.
ويربط لوبون هذه الظواهر بظاهرة التنويم المغناطيسي، حيث يفقد الفرد قدرته على التفكير النقدي ويصبح أكثر تقبلاً للإيحاءات، ويظهر في حالة قريبة من الإذعان.
وقد استعار عالم النفس الفرنسي غوستاف لوبون هذه الاستعارة في كتابه الشهير "سيكولوجية الجماهير" لتفسير سلوك الأفراد في التجمعات الكبيرة. يرى لوبون أن الجمهور يصبح كائناً بدائياً، لا عقلانيا، تسيطر عليه مشاعر بدائية وسلوك لاواعي.
أن الميكانيزم السلوكي المذكور اعلاه للفرد في اطار الحشود حيث غياب الوعي الفردي وسيطرة الأنفعالات يلعب دورا خطيرا بل وتخريبيا في ممارسة عمليات التسقيط السياسي والثقافي والأجتماعي والديني والعرقي للأفراد والمجموعات البشرية مما يهدد في تفكيك المجتمع وغياب الأمن الفردي والمجتمعي ويهدد بشيوع الفوضى وانعدام النظام والأستقرار.
سيكولوجية ثقافة التسقيط تشمل العوامل النفسية والسلوكية التي تؤدي إلى استبعاد أفراد أو مجموعات من المجتمع، وتترتب على هذه العملية آثار نفسية واجتماعية سلبية على الأفراد المهمشين. تشمل هذه الآثار مشاعر العزلة، الشعور بالنقص، العجز، وفقدان الثقة بالنفس، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية على المشاركة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
الجوانب النفسية للتسقيط:
الشعور بالعزلة وعدم الانتماء: يشعر الأفراد الذين يتعرضون للتسقيط بأنهم "خارج دائرة التفاعلي الأجتماعي" بغض النظر عن مواقعهم الظاهرية.
تأثيره على الهوية: يمكن أن يؤدي التسقيط إلى تشويه الهوية الذاتية للشخص، مما يجعله يشعر بأنه أقل قيمة أو غير مرغوب فيه.
مشاعر سلبية: ترتبط مشاعر التسقيط بالخوف من المستقبل، الإحباط، والقلق، ويصعب التحرر منها.
تأثيره على الصحة النفسية: قد يؤدي التسقيط إلى مشاكل نفسية عميقة، مثل الاكتئاب، خاصة عندما يترافق مع شعور دائم بعدم القدرة على التغيير أو الخروج من هذه الحالة.
الجوانب السلوكية والاجتماعية للتسقيط:
عجز عن المشاركة: يُحرم الأفراد المُسقطون من المشاركة الكاملة في جوانب الحياة المختلفة مثل السياسة، الاقتصاد، والنشاطات الاجتماعية.
الحرمان من الحقوق: يمكن أن يحرم التسقيط من الاستفادة من المرافق الاجتماعية الأساسية ومن المشاركة في صنع القرار. خطورة العقلية التسقيطية: تظهر سيكولوجية التسقيط أيضًا في العقلية التسقيطية التي تتبنى فكرة التفوق وتعمل على تقليل شأن المجموعات المختلفة.
التسقيط الأخلاقي: يتعلق بتجريد مجموعات مستهدفة من إنسانيتها من خلال اعتبارها أقل شأنًا، وهذا قد يؤدي إلى تصاعد الصراعات والعنف.
ومن هنا تأتي أهمية المسؤولية الأخلاقية والدينية والسياسية الملقاة على عاتق القيادات السياسية والاجتماعية المختلفة وقيادات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في إعادة صياغة وعي المواطن بما ينسجم مع تطلعات وطموحات الناس في بناء مجتمع العدالة والحق والمواطنة الكريمة الذي يستند إلى العقلانية بعيدا عن الانفعالات الجارفة، وضرورة خلق الوعي اللازم لقيمة الانتخابات ومسؤولية الصوت الانتخابي وخطورته في رسم المستقبل.ولعل في الملاحظات الآتية مدخلا مواتيا لذلك :
ـ إعادة صياغة منظومة التربية والتعليم على أسس علمية وعقلانية بعيدا عن تأثيرات التيارات السياسية والدينية المتحاربة والمتجاذبة، لخلق مواطن يتسلح بالوعي المحايد والقدرة على ممارسة النقد البناء للظواهر المختلفة بروح علمية بعيدا عن أشكال التعصب والانفعال في تقبل أو رفض ظاهرة أو رأي ما.
ـ تحديث الخطاب السياسي من حيث المحتوى والأهداف والوسائل، وتحوله من خطاب " حشدي " منفعل إلى خطاب ايجابي يستهدف بناء ثقافة سياسية فردية بناءة وتحويله إلى خطاب سياسي ـ تربوي ذو صبغة واقعية.
ـ ضرورة التثقيف المستمر بالتجربة الديمقراطية باعتبارها وسيلة للتداول السلمي للسلطة وليست وسيلة للانقضاض عليها واحتكارها ومنع الآخرين من المساهمة فيها.
ـ إشاعة ثقافة الحوار في كل القضايا التي تخص المجتمع السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية، ودفع الناس لإبداء الآراء بخصوصها وتحويل المواطن من مستقبل للمعلومة فقط إلى مواطن مرسل فعال، أي تنشيط قنوات الاتصال بين المواطنين ورموزهم السياسية والاجتماعية لتفعيل مفهوم المشاركة البناءة.
ـ إعادة النظر في المنظومة التشريعية والقانونية التي تحجب و تحد من سقف مشاركة الآخرين في العملية السياسية، وفي مقدمتها قانون الانتخابات وإصدار قانون للأحزاب لضمان مسائلة الأحزاب ورصد آلية عملها، لضمان مزيد من النزاهة و المشاركة السياسية لبناء نظام سياسي متنوع في العطاء والقدرات الفكرية والعقلية.
ـ العمل التربوي والتثقيفي طويل الأمد لأبعاد ثقافة التشكيك والاتهام وتخليص المواطن من آثار عقلية المؤامرة التي تجعل من المواطن متربصا لأخيه المواطن ومشككا في أفضل عطائه، وتلك هي الحال على مستوى الأحزاب.
ـ محاربة الفساد على نطاق واسع باعتباره وفي احد وجوهه مظهرا من مظاهر الفساد السياسي يسهم في تكريس الأوضاع كما هي، ونظرا لتقاطع صلاته مع السياسة ورموزها فأنه يسهم في تكريس سياسة الصفقات وتجيش الناس حولها لأبعاد شبح المحاسبة والدخول في التفاصيل.
ـ تعزيز ثقافة دولة القانون في سلوك الأفراد والأحزاب والمؤسسات بعيدا عن التمترس الفئوي والطائفي والجغرافي والقبلي الذي يضعف دولة القانون، وتنشيط دور القضاء لتشجيع المواطنين على الاستعانة بالدولة لحل المشكلات المختلفة والمستعصية دون اللجوء إلى القبائل أو الطوائف أو الأحزاب التي تستميل المواطن وتسهل تعبئته بمختلف الاتجاهات باعتباره طرفا ضعيفا يلجا اليها عند الشدة.
قد تكون الانتخابات البرلمانية القادمة هي بمثابة خطوة الألف ميل على خلفية وعي اجتماعي وشعبي عام في رفض سلطة الفساد والمحاصصة الطائفية والأثنية رغم أن التوقعات الأولية لا تشير الى تحول جذري، ولكن يفترض أن صدمة اكثر من عقدين من الزمن كافية أن تبلور ملامح وعي بديل صوب صناديق الأقتراع وحصانة كافية لتجنب استمرار الذهاب الى المجهول وللتأسيس للخلاص من الفساد والحروب والارهاب والحفاظ على مستقبل العراق بكل مكوناته الأثنية والعرقية والدينية والثقافية.
في النتيجة فأن ثقافة التسقيط والأنماط السلوكية المتبعة لأقصاء الآخر هي موجودة في كل المجتمعات دون استثناء إلا أن درجات التشبع بها تستند إلى الثقافة السائدة ومدى احترام الآخر وحريته الشخصية والعامة وإلى الدولة والنظام السائد وخطابهما الذي يستند إلى المواطنة بعيدا عن الهويات الفرعية الدينية منها والطائفية والأثنية الذي يحرض على الكراهية والأقصاء إلى جانب تأصل الممارسة الديمقراطية التي تستند إلى الحق والعدل والشفافية والجمال واحترام التداول السلمي للسلطة التي تحترم خيارات الناس في العيش والاعتراف بأن الأختلاف هو من سنن الكون والحياة والوجود بعيدا عن الأكراه.
#عامر_صالح (هاشتاغ)
Amer_Salih#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في التذكير مجددا في الدكة العشائرية في العراق: بين الأرهاب و
...
-
أزمة الأخلاق السياسية في المحيط العربي والأسلامي
-
من مفارقات الأنظمة العربية والأسلامية في الصراع مع أسرائيل
-
بين الأقصاء السياسي وأثاره السايكولوجية والأجتماعية ودولة ال
...
-
الأقصاء السياسي في العراق بين إدعاء تطبيق القوانين ومخاطره ا
...
-
في الذكرى السابعة عشر لأغتيال المثقف كامل شياع
-
انتحارا كان أم قتلا ولكن:
-
في سيكولوجيا الأنتخابات البرلمانية العراقية القادمة وثقافة ا
...
-
هل تم تدمير النووي الأيراني وهل انتهت الحرب الأسرائيلية - ال
...
-
السذاجة في الشماتة ولكن !!!
-
حريق هايبر ماركت الكورنيش - الكوت وبؤس نظام المحاصصة
-
ماذا يجري في سوريا؟
-
ثورة 14 تموز في ذكراها ال 67 في العراق
-
لاجديد في أزمة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق
-
في سيكولوجيا الكراهية والتخوين وموسم الانتخابات البرلمانية ف
...
-
بين التفكير النقدي والسلوك القطيعي في فهم ٱفاق الحرب ال
...
-
البحث عن منتصر وأزدواحية المعايير
-
هل محاربة الفساد بالتطبير وشق الرأس؟
-
عندما يحكم منطق الحصان خلف العربة
-
هل يجوز أجراء أستبيان لتعديل قانون الأحوال المدنية المرقم 18
...
المزيد.....
-
انتخابات عمدة نيويورك.. إيلون ماسك يحث الناخبين على التصويت
...
-
لبنان قد يخفض كفالة الإفراج عن هنيبال القذافي.. محاميه: لا م
...
-
برلين تعتزم زيادة عدد أشجارها إلى أكثر من مليون شجرة بحلول
...
-
غزة بعد الاتفاق مباشر.. قصف جوي ومدفعي على القطاع والاحتلال
...
-
كيف تجسست أميركا على السوفيات من خلف جدار برلين؟
-
-للقصة بقية- يعرض صورا حصرية تفتح ملف سرقة أعضاء أسرى فلسطين
...
-
-دمى جنسية تشبه الأطفال- تدفع الحكومة الفرنسية لتهديد -شي إن
...
-
أكثر من 40 مليون أمريكي مهددين بالجوع.. جيفريز يتهم ترامب بت
...
-
زيلينسكي يعلن وصول أنظمة باتريوت جديدة بدعم ألماني مع تواصل
...
-
ميرتس: -الحرب في سوريا انتهت وسنرحل من يرفض العودة الطوعية-
...
المزيد.....
-
من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية
/ غازي الصوراني
-
الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي
...
/ فارس كمال نظمي
-
الآثار العامة للبطالة
/ حيدر جواد السهلاني
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|