أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - تحدّيات الخطاب الكردي في سوريا ، بين الشعاراتية والواقعية..؟














المزيد.....

تحدّيات الخطاب الكردي في سوريا ، بين الشعاراتية والواقعية..؟


اكرم حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8514 - 2025 / 11 / 2 - 18:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذُ نشأة الحركة السياسية الكردية في سوريا، انحصر خطابُها الكردي بين الشعارات الكبرى والمقولات العامة ، بحيث لامس العاطفة وغذّى الطموحات القومية، بعيداً عن الواقع أو تقديم حلول عملية قابلة للتنفيذ ، ورغم أن هذه الشعارات رفعت سقف المطالب القومية إلى حدود الطموح المشروع ، إلا أنّها عجزِت عن رسم خارطة طريق واضحة لتحقيق هذه المطالب ضمن الإمكانيات السياسية والاجتماعية المتاحة في ذلك الحين .
لم تكن هذه الشعاراتية وليدة الصدفة أو بسبب فراغ فكري، بل نتيجة لبيئةٍ قمعيةٍ مُغلقةٍ فرضها النظام السوري الدكتاتوري الذي حرم الشعب الكردي من أي اعترافٍ رسمي بوجوده أو ثقافته ، مما جعل الشعار وسيلةً لحماية الهويّة وبثِ روح الانتماء في ظلّ ظروف سياسية غير مشجعة .
ومع مرور الوقت، تحوّلت هذه الشعارات من أداة تعبير عن الهويّة وتعبئة الجماهير إلى غاية في حد ذاتها. بحيث أصبح تكرارها نوعاً من الطقوس السياسية التي لم تُنتج تغييراً حقيقياً، بل ساهمت في "تسوير" الوعي الجمعي ومنحه "وهماً" بالقدرة على خلق المستحيل. وهكذا اصبح الشعار بديلاً عن الفعل، وتحوّل من وسيلة تعبئة ، إلى أداة تثبيت موقف سياسي دون تقديم اية حلول ملموسة ؟.
ومع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، ظهرت فرصة كبيرة لتجّديد الخطاب الكردي والابتعاد عن الشعارات التي لطالما سيطرت عليه ،ومع ذلك، لم تُستَغَلْ هذه الفرصة بالشكل المطلوب، إذ سرعان ما انقسمت الساحة الكردية إلى تيارين: الأول سار في نفس الخطاب القومي التقليدي الذي أعاد إنتاج ذاته، والثاني قدّم خطاباً أيديولوجياً جديداً حملَ مفاهيم مثل "الأمة الديمقراطية" و"الكونفدرالية الديمقراطية"، متأثراً بأدبيات حزب العمال الكردستاني ، وفي كليهما ، بقيت الشعارات هي السائدة، ولم يقترب أي منهما من رسم سياسات عملية تلتقي مع الواقع المعقد والظروف المتغيرة. فظلّ الأول يتبنى شعار "الحقوق القومية" دون آليات واضحة لتحقيقها في دولة منهارة، بينما تحدث الثاني عن "اللامركزية الديمقراطية " رغم ممارسته الإستئثار والتفرد في السلطة ...!
لقد خلقت هذه المواقف تناقضاً حاداً في الشارع الكردي ، بين خطابين يتنازعان الشرعية ، و رغم اختلاف لغتيهما، فقد تشابها في التفوق في الشعارات والعجز عن تحويلها إلى سياسات تقدّم حلول واقعية وعملية لحل قضية الشعب الكردي في سوريا.
وقد أنتج هذا الخطاب الشعاراتي ، مجموعة من الظواهر السلبية داخل الحياة السياسية الكردية. فقد، أدى إلى انفصالها عن الواقع السوري المعقّد والمتغير، ما جعل القوى الكردية تفقد قدرتها على التأثير والتعامل مع التحولات الجارية في البلاد ، و تجاهل الظروف المحلية والإقليمية المتاحة في التمسك بشعارات بعيدة عن متطلبات الواقع ، حيث تحول الشعار نفسه إلى بديل عن الفعل السياسي السلمي . كما، تميّز الخطاب الكردي بإغراقه في العاطفة القومية على حساب العقل السياسي ، وهو ما أدى إلى انفصاله عن المسار السياسي العقلاني ، بحيث سادت حالة من التناحر السياسي والاتهامات المتبادلة بين القوى الكردية، التي تحولت إلى ميدان صراع "لفظي" عقيم بدلاً من أن تكون ساحة للتفاهم والتعاون.
لقد أدى هذا الوضع إلى تراجع الثقة بين الشارع الكردي والأحزاب السياسية التي لم تتمكن من تقديم إنجاز ملموس يوازي حجم الشعارات التي ترفعها والنتيجة كانت فقدان الخطاب الكردي لمصداقيته أمام القوى الوطنية السورية والدولية، حيث بدا هذا الخطاب متناقضاً ومتقلباً، ويعتمد على ردود فعل ظرفية ومزايدات إعلامية، بدلاً من أن يكون مدفوعاً برؤية استراتيجية واضحة ،وعلى مدى السنوات، تحولت القضية الكردية من مشروع سياسي قابل للتفاوض إلى مادة للاستعراض الشعاراتي ، ما أدى إلى استغلالها من قبل القوى الإقليمية ، تاركة الكرد في دوامة من الخطابات والبيانات الفارغة.
إن تجاوز هذه المشكلة يتطلب شجاعة فكرية للاعتراف بأن زمن الشعارات قد ولى. بعد عقد من الحرب بحيث أصبح من الواضح أن الوضع السوري المعقد لا يحتمل الشعارات، بل يتطلب خطاباً عقلانياً و براغماتياً قادراً على تحديد أهدافه بوضوح ضمن الحدود المتاحة ، و"الواقعية" هنا لا تعني التنازل عن الحقوق القومية للكرد، بل ترتيب الأولويات والسير نحو الممكن خطوة بخطوة. مثلاً أن تبدأ المرحلة الأولى بتثبيت الحقوق الثقافية والسياسية والإدارية للكرد ضمن الدستور الانتقالي، وصولاً إلى شراكة حقيقية في الدولة السورية الجديدة التي يجب أن تُبنى على أسس من الديمقراطية والتعددية والمواطنة المتساوية .
يحتاج الخطاب الكردي ، إلى التجديد والانتقال من مرحلة الامنيات إلى مرحلة من التخطيط الواقعي، العقلاني ، وصولاً إلى شراكة حقيقية ، فمن الضروري أن تُدرك القوى الكردية أن مستقبلها مرهون بقدرتها على الاندماج في المشروع الوطني السوري، و لن تجد القضية الكردية حلاً خارج سياق بناء دولة ديمقراطية تعددية تضمن المساواة والحقوق لجميع مكوناتها.
لسنا بحاجة للمزيد من الشعارات الحماسية من جديد ، تلك التي تثير العواطف، بل إلى رؤية واقعية تتخطى الايديولوجيات الضبابية وتضع مصلحة الشعب العليا فوق أي اعتبار، عبر قراءة اللحظة التاريخية وتحويل الممكن إلى واقع .
باختصار ، لقد حان الوقت لكي يغادر الخطاب الكردي السوري ساحة الشعارات والأوهام ، إلى ساحة السياسة الفعّالة، وأن يدرك أن الواقعية السياسية ليست ضعفاّ بل نضجاً سياسياً والشجاعة الحقيقية ليست في رفع الشعارات الكبرى، بل في مواجهة الواقع كما هو والعمل على تغييره بخطوات متدرّجة ومدروسة.

*المقال منشور في صحيفة يكيتي العدد ٣٣٧



#اكرم_حسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرد: إشكاليّة الهويّة والاعتراف في المشرق العربي
- النقد العادل والإصلاح الممكن :دفاع عن العمل السياسي الكردي
- الكونفراس الكردي : بين الوفد المشترك ودور ENKS
- ثمانِ سنوات على الاستفتاء: إرادة شعبية وإصرار على المشروع ال ...
- هل افل نجم المجلس الوطني الكردي؟ قراءة في خطاب التجييش
- الكرد في سوريا بين جغرافيا التاريخ وصراع الديموغرافيا
- اعادة تعريف الدور الكردي في سوريا ما بعد الاسد
- هندسة التموضع الكردي في سوريا الجديدة
- المقامة الكردية -في عبودية القطيع ..!
- الكرد ما بعد الأسد :من التهميش الى الشراكة في صناعة المستقبل
- ورقة سياسية : من أجل إحداث تغيير بنيوي في منهجية العمل السيا ...
- الكرد في سوريا :بين الولاء الوطني والانتماء القومي؟
- الأزمة الكردية في سوريا: بين التعقيدات البنيوية ، والحلول ال ...
- سوريا: خارطة عبور نحو الاستقرار والدولة .
- في اعادة التفكير بالدولة السورية ؟
- عن وحدة الدولة ومسؤولية البناء المشترك: قراءة هادئة في بيان ...
- عن هشاشة القوى الوطنية السورية ..؟
- من -صاحب البيت والضيوف- إلى دولة المواطنة:والمشاركة تأملات ف ...
- سوريا على عتبة التحول: من الإحياء السياسي إلى النهوض الحضاري
- 14حزيران :حين يتحول التاريخ إلى مرآة للذات الحزبية ؟


المزيد.....




- مادورو يطلب المساعدة من بوتين: الكرملين يعترف مع استمرار الت ...
- روسيا تدشن الغواصة النووية الجديدة -خاباروفسك-
- مخاوف بشأن آلاف المحاصرين في الفاشر والبابا يندد بـ-معاناة ا ...
- الرئيس الإيراني يؤكد أن بلاده ستعاود بناء منشآتها بقوة أكبر ...
- فرنسا: ما الذي نعرفه عن سرقة متحف اللوفر بعد توجيه الاتهامات ...
- شاهد.. كيف تفوق برشلونة على إلتشي؟
- عاجل | هيئة المسح الجيولوجي الأميركية: زلزال بقوة 6.3 درجات ...
- خبير: حزب الله يغيّر مقاربته العسكرية ومزاعم إسرائيل غير واق ...
- -بقينا قاسيين على نفسنا-.. خالد يوسف يعلق على منتقدي مخرج حف ...
- عبد السلام الصديقي : المستثمرون الأجانب لا يبحثون عن الأجور ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - تحدّيات الخطاب الكردي في سوريا ، بين الشعاراتية والواقعية..؟