أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - النقد العادل والإصلاح الممكن :دفاع عن العمل السياسي الكردي














المزيد.....

النقد العادل والإصلاح الممكن :دفاع عن العمل السياسي الكردي


اكرم حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8484 - 2025 / 10 / 3 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتعالى في أوساط مختلفة أصوات ناقدة للحركة السياسية الكردية، بعضها يحمل همّ الإصلاح والتغيير بصدق، وبعضها الآخر يكتفي بالجلد والتجريح وإطلاق الأحكام المطلقة، فتصف الأحزاب الكردية بأنها كيانات مصنوعة من قبل "الأعداء"، وأن قياداتها مجبرة على البقاء لا قادرة على المغادرة، وأن أتباعها مجرد "جوقة" من المنتفعين والباحثين عن "المال" و"المناصب" والدعم الاجتماعي، كما تذهب هذه الأصوات إلى اتهام الشعب الكردي نفسه بأنه شعب "منافق وانهزامي" لا يصلح إلا للتصفيق والركوع والرقص في المناسبات أو كتابة النعوات وترديد المراثي. هذا الخطاب، وإن كان يستند إلى مرارات واقعية وأخطاء جسيمة ارتكبتها الأحزاب الكردية ، إلا أنه في جوهره لا يعدو كونه سوى قراءة سوداء تنكر تاريخاً من النضال، وتبخس تضحيات مئات المناضلين، وتقدّم صورة مشوهة عن قضية عادلة دفعت أثماناً باهظة. فالأحزاب الكردية في سوريا لم تكن يوماً صناعة الأعداء كما يقال، بل نشأت من رحم الحاجة الملحّة لشعب محروم من أبسط حقوقه، مهدّد بلغته وهويته ووجوده القومي، فكان لابد من التعبير السياسي والتنظيمي عن تطلعاته، صحيح أن الأعداء حاولوا اختراقها وإضعافها وتوظيفها لصالح مشاريعهم، لكن هذا لا ينفي أن جذورها ضاربة في صميم المعاناة القومية والوطنية، ولو كانت مجرد دمى بيد الآخرين لما امتلأت السجون بعشرات القادة والكوادر، ولما اغتيل مشعل التمو ورفاقه، ولما تحملت هذه الأحزاب حصاراً وتشويهاً وحرماناً مستمراً. كما أن القول بأن كل الأعضاء والأتباع مجرد طامعين أو مصلحيين يتنافى مع حقائق النضال، ففي كل تنظيم سياسي في العالم هناك انتهازيون ومستفيدون، لكن في المقابل هناك مناضلون أوفياء دفعوا أعمارهم ثمناً للانتماء، وحملوا راية القضية بإيمان راسخ، ولولا هؤلاء لما بقيت شعلة النضال القومي الكردي متقدة حتى اليوم. إن الصورة التي تحاول بعض الأصوات رسمها، بأن الحركة الحزبية الكردية قائمة فقط على عبودية الأتباع وطبول الدراويش، إنما هي صورة مجتزأة تحاكم الكل بذنوب البعض، وتغفل عن آلاف الحالات الفردية والجماعية التي ضحت بصمت ودفعت أثماناً قاسية. أما الحلم بروج آفا أو الاعتراف بحقوق الكرد، فليس وهماً كما يصوّر البعض، بل هو امتداد طبيعي لحق الشعوب في تقرير مصيرها، هذا الحق الذي تكفله القوانين الدولية وتكرسه مبادئ العدالة. نعم، ربما أخفقت الأحزاب في تحقيق هذا الهدف حتى الآن، وربما تنازعت وتنافست بطرق غير صحية، لكنها مع ذلك ظلت الحامل السياسي لفكرة الوجود الكردي في سوريا، وبقاؤها في الساحة ليس مجرد خوف من خسارة مواقع، بل هو إدراك بأن غيابها يساوي غياب الصوت الكردي السياسي، ويعني ترك الميدان فارغاً أمام قوى أخرى لا تحمل هم الحقوق القومية. كذلك، لا يمكن اختزال التنافس بين الأحزاب كلها بأنه مجرد امتداد للعشائرية والروح الأغواتية، وإن كان لهذه العقلية حضور وتأثير، لكنها ليست التفسير الوحيد. فهناك صراعات برامجية، ورؤى مختلفة تجاه القضية السورية عموماً والقضية الكردية خصوصاً، وهناك أيضاً خلافات حول العلاقة مع الإقليم ومع المعارضة السورية ومع القوى الدولية. من الظلم أن نقول إن كل الخلافات هي صراع عشائري لا يقبل الهزيمة، فهذا تعميم يمسخ الحقائق ولا يساعد على فهم الواقع المركب للحركة السياسية. والأخطر من ذلك هو التوصيف الذي يطال الشعب الكردي نفسه بوصفه شعباً "منافقاً وانهزامياً"، فهذا حكم جائر يتناسى أن هذا الشعب قدّم آلاف الشهداء في ثورات كردستان العراق وتركيا ، وفي مقاومة كوباني، وفي الدفاع عن عفرين وسري كانيه، وفي مواجهة الأنظمة الاستبدادية التي أذاقته القمع والتشريد لعقود طويلة. إذا كانت هناك مظاهر ضعف أو تراجع أو انقسام، فهي نتيجة طبيعية لعقود من القمع الممنهج، ونتاج مباشر لحرمان متواصل من أبسط حقوق الحياة الكريمة .
النقد ضروري، بل واجب، ولكن النقد البنّاء والعادل هو ما يبحث عن سبل الإصلاح، لا ما يجلد الذات ويشوه التاريخ. صحيح تتحمل الأحزاب الكردية وزراً كبيراً من الانقسام والضعف والتراجع، لكنها ليست وحدها المسؤولة، فهناك أنظمة سلطوية متعاقبة هدفت إلى تفتيت الصف الكردي، وهناك قوى إقليمية ودولية استباحت القضية الكردية لصالح مشاريعها، وهناك حرب أهلية سورية طاحنة جعلت أي مشروع سياسي عرضة للانكسار والتوظيف. ومن دون هذه البيئة المعقدة لما وصلت الأحزاب إلى ما وصلت إليه من ترهل وانقسام. برأيي ، الحل لا يكون باليأس ولا بالاتهام الشامل، بل بإعادة إنتاج العمل الحزبي على أسس جديدة، بفتح الباب أمام جيل جديد من القيادات، وإعادة الاعتبار للقيم الديمقراطية والشراكة الحقيقية داخل الأحزاب نفسها، والانتقال من خطاب التمجيد والتخوين إلى خطاب عقلاني واقعي يستند إلى المصلحة العليا للشعب الكردي ضمن سوريا جديدة تشاركية وديمقراطية.
المطلوب اليوم ليس إعلان موت الأحزاب، بل بعثها من جديد، وتطوير أدواتها وخطابها وبرامجها لتستجيب لتحديات المرحلة، فالأحزاب هي الإطار الطبيعي لأي نضال سياسي، والمجتمعات التي تفقد أحزابها الحية تتحول إلى فراغ يسهل ملؤه بالاستبداد أو الفوضى أو القوى الغريبة. لذلك، فإن معركتنا ليست ضد الأحزاب بقدر ما هي معركة من أجل إصلاحها وتجديدها، وتحويلها من عبء على الشعب إلى رافعة حقيقية لقضيته ، وبدلاً من أن نردد أن الأحزاب لم تنتج سوى شعب "منافق وانهزامي"، علينا أن نواجه الحقيقة: الأحزاب أخفقت في بعض جوانبها ونجحت في أخرى، والشعب الكردي لا يزال يملك طاقات هائلة من الصمود والإبداع والتضحية، والمستقبل لن يُبنى إلا إذا وُظفت هذه الطاقات في إطار سياسي ناضج ومتجدد.
وبالتالي فان الحركة الحزبية الكردية، مهما شابها من علل وأمراض، لم تمت، ولن تموت، لأنها مرتبطة بجوهر قضية لم تُحل بعد. وقد تكون مثقلة بالأخطاء، لكنها تظل حتى الآن الحامل السياسي لآمال شعب يريد الحرية والكرامة والاعتراف بحقوقه ، وإن نقدها واجب، لكن إنكار تاريخها وتشويه صورتها لا يخدم سوى أعداء الكرد.؟



#اكرم_حسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكونفراس الكردي : بين الوفد المشترك ودور ENKS
- ثمانِ سنوات على الاستفتاء: إرادة شعبية وإصرار على المشروع ال ...
- هل افل نجم المجلس الوطني الكردي؟ قراءة في خطاب التجييش
- الكرد في سوريا بين جغرافيا التاريخ وصراع الديموغرافيا
- اعادة تعريف الدور الكردي في سوريا ما بعد الاسد
- هندسة التموضع الكردي في سوريا الجديدة
- المقامة الكردية -في عبودية القطيع ..!
- الكرد ما بعد الأسد :من التهميش الى الشراكة في صناعة المستقبل
- ورقة سياسية : من أجل إحداث تغيير بنيوي في منهجية العمل السيا ...
- الكرد في سوريا :بين الولاء الوطني والانتماء القومي؟
- الأزمة الكردية في سوريا: بين التعقيدات البنيوية ، والحلول ال ...
- سوريا: خارطة عبور نحو الاستقرار والدولة .
- في اعادة التفكير بالدولة السورية ؟
- عن وحدة الدولة ومسؤولية البناء المشترك: قراءة هادئة في بيان ...
- عن هشاشة القوى الوطنية السورية ..؟
- من -صاحب البيت والضيوف- إلى دولة المواطنة:والمشاركة تأملات ف ...
- سوريا على عتبة التحول: من الإحياء السياسي إلى النهوض الحضاري
- 14حزيران :حين يتحول التاريخ إلى مرآة للذات الحزبية ؟
- - الفكر- الكردي السوري وسوسيولوجيا -الفشل- ...!
- الكرد في سوريا :من خطاب المظلومية الى الشراكة الوطنية


المزيد.....




- إسرائيل: القبض على مواطن في البحر الميت لارتباطه بالاستخبارا ...
- اندلاع اشتباكات في مسيرة مكسيكو سيتي لإحياء ذكرى مذبحة الطلا ...
- -جيل Z- وانفجار العنف.. كيف يفسر العلماء لجوء الحشود إلى الت ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو للتهدئة وسط تواصل احتجاجات -جيل زد- في ...
- ذوبان الأنهار الجليدية: كارثة بطيئة تمحو القرى وتغيّر وجه أو ...
- سرايا القدس تبث فيديو لتفجير آلية إسرائيلية شمالي غزة
- مؤسس -هاغينغ فيس: الذكاء الاصطناعي لن يحقق اكتشافات علمية فر ...
- إسرائيل ترحل 4 إيطاليين من بين مئات النشطاء على متن أسطول ال ...
- -أوبن إيه آي- تقلب موازين صناعة الفيديو بالذكاء الاصطناعي عب ...
- صحف عالمية: تزايد المخاوف من تنفيذ إسرائيل هجوما آخر على إير ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - النقد العادل والإصلاح الممكن :دفاع عن العمل السياسي الكردي