أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - - الفكر- الكردي السوري وسوسيولوجيا -الفشل- ...!














المزيد.....

- الفكر- الكردي السوري وسوسيولوجيا -الفشل- ...!


اكرم حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8373 - 2025 / 6 / 14 - 11:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن "الفشل" الكردي عبر عقود ، نتاج لمؤامرات خارجية أو استهداف مستمر من قبل الأنظمة التي تسيطر على كردستان فقط ، بل هو، في جانب اخر، تعبيرعن أزمة عميقة في البنية الفكرية والاجتماعية والسياسية للكرد السوريين أنفسهم. ثمة خلل مركب في العلاقة بين الفكرة والممارسة، وبين المجتمع والسياسة، بين الثقافة والهوية، جعل من التكرار وإعادة إنتاج الذات سواء على صعيد البنية أو "الفواعل" انفسهم ، سمة ملازمة للمشهد الكردي السوري ، مما جعل من الاخفاقات المتتالية مرآة تعكس هشاشة المشروع الوطني الكردي المعاصر. فـ"الفكر" الكردي لم يستطع حتى اليوم أن يؤسس لنفسه قاعدة عقلانية نقدية قادرة على تجاوز الانفعالات اللحظية ، والنزعات الخطابية المفرطة في الرومانسية ، و المخيال الشعبي ، حيث لا يزال هذا الخطاب مأسوراً إما بالتاريخ "المجيد" أو بالمظلومية المزمنة، دون أن يُقدّم تصورات واقعية لبناء حاضر متماسك أو مستقبل ممكن. .
ان هذا "الفكر"، بدل أن ينتج احزاب أو مؤسسات حقيقية، انشغل بتقديس الرموز والاشخاص ، وبدل أن يُبلّور مشروعاً سياسيا قابلاً للتطبيق، انغمس في استنساخ النماذج الفاشلة أو استيراد الأيديولوجيات الجاهزة التي لا تنبع من السياق الكردي ولا تستجيب لخصوصيته ، وإذا كان "الفكر" قد "فشل"، فإن البنية الاجتماعية لم تكن أوفر حظاً، فقد ساهمت بشكل مباشر في إنتاج هذا الفشل عبر تكّريس الولاءات العشائرية ، والجهوية ، والشخصية ، على حساب الولاء للقضية أو للمشروع الوطني ، إضافة إلى ثقافة الشك والتخوين والانشقاق ، والتنافس المرضي ، بدل ثقافة الحوار والتعاون والتدافع الإيجابي.
و في قلب هذه السوسيولوجيا الفاشلة تتجلى ملامح غياب المؤسسات، فلا مؤسسات حزبية حديثة، ولا مجتمع مدني حيوي، ولا حتى تقاليد ديمقراطية نسبية داخل التنظيمات الكردية نفسها ، ويكاد صراع الشرعيات أن يكون الثابت الوحيد في المشهد الكردي؛ شرعية تمثيل الداخل أم الولاء للخارج، الشرعية الثورية أم الشرعية التاريخية ، شرعية البندقية أم شرعية التمثيل السياسي ، دون وجود آليات لحسم هذه الإشكاليات ضمن أطر قانونية ومؤسساتية متفق عليها ، ويزداد المشهد تعقيداً حين يتحول المثقف إلى جزء من منظومة "الفشل"، ويتخلى عن دوره النقدي ويذوب في الانتماءات الحزبية ويصبح واعظاً ، وناصحاً ، فاقداً لسلطته ، ولدوره في إنتاج المعرفة ، أو يتحول إلى مجرد واجهة إعلامية تبريرية لهذه القوة أو تلك، مما يفقد الحركة الثقافية الكردية استقلاليتها وقدرتها على التأثير الحقيقي.في حين ظلت العلاقة بين السياسي والثقافي، قلقة ومتوترة، حيث الهيمنة السياسية تطغى على المجال الثقافي، وتختزله إما في الترف الخطابي أو في الدعاية الحزبية، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه الثقافة، رافعة للوعي والتحرر وإنتاج المعنى العميق للهوية ، وفي ظل كل ذلك، لم تكن النخبة الكردية بمستوى اللحظة التاريخية، فهي إما نخبة "انتهازية" تلهث وراء مصالحها، أو نخبة "منفعلة" وعاجزة عن الصياغة والتأثير، أو نخبة "مثالية" تقف على الهامش ، وتكتفي بدور المتفرج الناقد. لقد فشلت هذه النخب في خلق فضاء عام يلتقي فيه السياسي بالاجتماعي، والثقافي بالإعلامي، والوطني بالقومي، ولم تنجح في نقل الحراك الكردي من حيز المطالب الهامشية إلى فضاء التأثير الحقيقي في مجريات الأحداث الوطنية والإقليمية ، وما زال الوعي السياسي الكردي يعاني من تشوهات كثيرة، في مقدمتها غياب ثقافة التراكم، حيث يبدأ كل جيل من نقطة الصفر، ويعيد اختراع العجلة....!، وكأن ما مضى لا قيمة له. في حين أن الشعوب الحية هي التي تبني على تجاربها، وتصحح أخطاءها، وليس تكرارها ، ولا يمكن تجاهل العامل الخارجي في هذه المعادلة، لكنه ليس المحدد الوحيد، فالتبعية السياسية للخارج، والاستقواء بالمحاور الإقليمية، والتنافس على نيل رضى العواصم، كل ذلك جعل من القرار الكردي قراراً مشوشاً، فاقداً للثقة والاستقلالية، وأسيراً لحسابات تتجاوز مصالح الشعب الكردي نفسه.
لقد بات من الضروري أن ندرك بأن النهوض الكردي لن يكون ممكناً من دون مراجعة شاملة تبدأ من إعادة صياغة الفكر السياسي الكردي السوري نفسه، ومغادرة مربعات الأيديولوجيا المغلقة، والانتقال إلى مشروع وطني ديمقراطي جامع، يؤسس لمجتمع متماسك ومؤسسات حقيقية وثقافة مدنية تحررية. فالفشل لا يتحول إلى مصير إلا إذا قَبِلنا به، ولا يُهزم شعب إلا إذا انهزم فكره ، ومتى امتلك الكرد فكراً حيّاً وحرّاً ومستقلاً، حينها فقط يمكن الحديث عن مستقبل مختلف لا يشبه هذا الماضي المُعلّق بين البطولة والخيبة... ؟



#اكرم_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرد في سوريا :من خطاب المظلومية الى الشراكة الوطنية
- عن نهاية الأحزاب الكلاسيكية في سوريا ؟
- عن المواطنة المتساوية في سوريا ...؟
- ليست اكاذيب بل حقوق...!
- تيار مستقبل كردستان سوريا: بين أزمة الهوية وتحديات التجديد . ...
- المجلس الوطني الكردي في قلب الرؤية الكردية المشتركة ...!
- سوريا بعد الأسد: بين تحذيرات روبيو وفرص بناء الدولة الديمقرا ...
- سوريا: الدولة المأمولة وخيارات التعايش
- سوريا الجديدة والحاجة إلى عقد دستوري جامع
- اتفاق 26 نيسان: من توحيد الصف الكردي ، إلى اختبار الوطنية ال ...
- البارزانية تيار جامع ...فلماذا هذا التشتت؟
- وطن واحد ، هوية متعددة ..!
- التكويع -... ابتعاد عن المبادئ نحو المصلحة وتآكل الثقة ..…!
- الأنظمة التي تضطهدوالكرد...تتحمل مسؤولية خياراتهم ؟
- من قامشلو: وحدة الموقف الكردي طريقُنا إلى سوريا جديدة بلا ته ...
- المازوت... ومعادلة السلطة والمجتمع في مناطق -الإدارة الذاتية
- الفدرالية بين الحقيقة والتشويه
- في مواجهة التشظي والفوضى:من يستعيد الدولة السورية؟
- لا مجتمع حي بلا احزاب حية :دفاع عن العمل السياسي الكردي في س ...
- حتى تتعافى سوريا وتنهض من جديد؟


المزيد.....




- تحديث مباشر.. الجيش الإسرائيلي يعلن رصد صواريخ قادمة من إيرا ...
- إدارة ترامب تستهدف مصر وسوريا و34 دولة بحظر السفر للولايات ا ...
- إعلام عبري يكشف الأهداف الأربعة لعملية -الأسد الصاعد- الإسرا ...
- بن سلمان يؤكد لبزشكيان وقوف السعودية بثبات إلى جانب إيران
- ليبيا.. -قافلة كسر الحصار على غزة- تتراجع من مشارف سرت وتتجه ...
- +++ قصف إيراني جديد وإسرائيل ترد باستهداف العمق الإيراني +++ ...
- ضربة صاروخية إيرانية كبيرة جديدة على إسرائيل (فيديوهات)
- -كان 11- العبرية: إيران هزمت بالفعل بفضل خطوة إسرائيلية لم ت ...
- مراسلة RT: سلاح الجو الإسرائيلي يشن هجوما على اليمن وصف بالد ...
- خبير عسكري يفجر مفاجأة بشأن الضربات الإسرائيلية ضد إيران


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - - الفكر- الكردي السوري وسوسيولوجيا -الفشل- ...!