أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - تيار مستقبل كردستان سوريا: بين أزمة الهوية وتحديات التجديد ..؟















المزيد.....

تيار مستقبل كردستان سوريا: بين أزمة الهوية وتحديات التجديد ..؟


اكرم حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 16:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الذكرى العشرين لتأسيس تيار مستقبل كردستان سوريا، يجب ألّا يبدو الحديث مجرّد وقفة رمزية سنوية، بل أن يكون لحظة مراجعة جادّة، نُعيد فيها طرح الأسئلة الكبرى حول معنى المشروع وجدواه، وموقعه من التحولات العاصفة التي ضربت سوريا والمنطقة ، ونسأل: هل لا تزال الفكرة التي انطلق منها التيار تملك مشروعية البقاء والاستمرار، أم أن الزمن قد تجاوزها؟
لكن، وقبل كل شيء، لا يمكن المرور على هذه الذكرى دون استحضار الظرف الذي وُلد فيه هذا المشروع. فقد جاء في لحظة سياسية مُعقدة ، كان فيها العمل السياسي الكردي والسوري عموماً محاصراً، والنظام الأمني يفرض سطوته على كل من يفكر خارج منظومة الطاعة والولاء، بينما كانت المعارضة التقليدية تعاني من عجز بُنيوي، والخطاب الكردي يراوح بين الانغلاق القومي والتبعية الحزبية.
وسط هذا المشهد، أطلق الشهيد مشعل التمو مشروعه الجديد، الذي أراد من خلاله كسر الجدران، والخروج من القوالب الجاهزة، وتقديم نموذج مختلف للسياسة، يقوم على ربط القضية الكردية بالسياق الوطني العام، والإيمان بأن الحرية لا تتجزأ، وأن تحقيق الحقوق الكردية لا يمكن أن يتم خارج أفق بناء دولة ديمقراطية لكل السوريين.
وقد تميّز التيار منذ بداياته بجرأة الخطاب، ووضوح الرؤية، وتماسك البنية الأخلاقية التي تشكّلت حول شخصية التمو، لا باعتباره زعيماً تقليدياً، بل بوصفه مثقّفاً يحمل مشروعاً، ويملك الجرأة على الاشتباك مع الواقع من خارج أدواته المتعارف عليها. ولهذا، استطاع التيار أن يترك بصمته في سنوات قليلة، وأن يتقدّم إلى الصفوف الأولى، خصوصاً مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، حيث كان مشعل التمو من أوائل الشخصيات الكردية التي أعلنت انحيازها الكامل للثورة، ليس كحدث عابر، بل كتحوّل تاريخي يؤسس لعقد اجتماعي جديد في سوريا، ولذلك كان أحد أعضاء الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري
لكن سرعان ما تعرّضت الروح النضالية والفكرية التي جسّدها التيار لضربة موجعة باغتيال مشعل التمو، وهو اغتيال لم يكن يستهدف مشعل فقط، بل الفكرة ذاتها، ومحاولة إفراغها من مضامينها الجوهرية.
فما بعد التمو، لم يكن كما قبله. فقد واجه التيارانقسامات داخلية عميقة، وصراعات شخصية وتنظيمية أضعفته تدريجياً، ودخل في حالة من التراجع السياسي، وغياب المبادرة، وضمور الحضور في الساحتين الكردية والسورية. كما انعكست التحولات الدراماتيكية في سوريا على بنيته، فبين صعود القوى العسكرية، وظهور سلطات الأمر الواقع، وتفكّك بنى المعارضة التقليدية واصطفافاتها الإقليمية، وجد التيار نفسه في موقع رمادي، لا هو فاعل في الساحة الكردية، ولا حاضر بجدارة في صفوف المعارضة ، وما زاد الأمر تعقيداً هو حالة الرضى و، عدم المراجعة الداخلية والنقد الذاتي، مما أدى إلى ترسيخ حالة الجمود، والتكرار، والانكفاء على الذات.
لكن، ورغم كل هذه التراجعات، فإن السؤال الجوهري الذي لا بد من طرحه في هذه الذكرى هو: هل لا يزال تيار مستقبل كردستان سوريا يمثّل حاجة حقيقية ؟ وهل ثمّة جدوى من بقائه واستمراره؟
الجواب، برأينا، نعم. لأن التيار، رغم كل ما أصابه، لا يزال يمثّل فكرة مركزية في الصراع السياسي السوري، وهي إمكانية بناء تيار سياسي كردي وطني ديمقراطي، لا يسقط في فخ العسكرة، ولا ينغلق في إطار قومي ضيق، ولا يتحول إلى تابع لأجندات إقليمية ، ولأن غياب هذا التيار سيترك فراغاً لا يمكن لأي تشكيل آخر أن يملأه، لا سيما أن المشاريع البديلة المطروحة إما سلطوية، أو مصلحية، أو غير متجذّرة في البنية الكردية السورية.
لكن تأكيد الحاجة لا يعني الرضى عن الواقع، بل يستوجب بالضرورة مراجعة نقدية شاملة، سياسية وتنظيمية وأخلاقية، لمجمل تجربة العشرين عاماً، وفي مقدمتها ما تلا اغتيال التمو من أخطاء وانزلاقات.
المطلوب هو نقد شجاع وعلني، لا يتردّد في تشخيص مكامن الخلل، من ضعف البنية التنظيمية، إلى غياب الخطاب المتجدد، مروراً بقلة الكفاءات، والأنانية الشخصية. كما أن التيار بحاجة إلى ضخ دماء جديدة، من الشباب والنساء، وتبنّي خطاب واقعي يجمع بين التمسّك بالمبادئ والانفتاح على أدوات العصر. كذلك لا بد من إعادة بناء العلاقة مع الحاضنة الاجتماعية الكردية، التي باتت مُحبطة من الأداء السياسي عموماً، وتنظر بعين الريبة إلى التنظيمات الكردية التي فشلت في تحقيق أي تقدّم ملموس في الحقوق والتمثيل.
إن تيار مستقبل كردستان مدعوّ اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى استعادة موقعه الطبيعي، عبر عقد مؤتمر -وطني -داخلي- ، تُعاد فيه صياغة الوثيقة السياسية بما يتلاءم مع المرحلة الجديدة، وتُحدّد فيه الأولويات، ويتم عبره انتخاب قيادة جديدة من الكفاءات، تتجاوز منطق الزعامات وتعمل بروح الفريق. كما أن عليه إعادة تموضعه في الساحة الوطنية السورية، من خلال الانخراط في النقاشات الجارية حول مستقبل الدولة السورية، والدفاع عن رؤية ديمقراطية تضمن الحقوق القومية للكرد، والعدالة الانتقالية، والحكم الرشيد. لأن مشروع التيار لم يكن مشروعًا كردياً محضاً، بل مشروعاً لسوريا كلها، ولهذا فإن التيار إذا أراد أن يكون وفيّاً لروحه التأسيسية، فعليه ألّا يكتفي بترداد الشعارات القديمة، بل أن يجتهد في تقديم مقاربات واقعية للحلول، وأن يساهم في بناء جبهة وطنية عريضة للحد من الأخطار التي يواجهها الكرد السوريون، نتيجة محاولات إعادة إنتاج النظام القديم بأشكاله الجديدة.
لقد أثبتت تجربة العقدين الماضيين أن التيارات التي لا تُجدد نفسها، ولا تُنصت إلى متغيرات الواقع، ولا تُفسح المجال للجيل الجديد، سرعان ما تتحوّل إلى عبء على ذاكرتها، بدلاً من أن تكون رافعة لمستقبلها. أما التيارات التي تملك الجرأة على المراجعة، وتتّسم بالتواضع أمام أخطائها، وتستثمر في طاقات الناس لا في خوفهم، فهي التي تستطيع البقاء والاستمرار، حتى ولو تأخّرت لحظتها.
واليوم، وبينما تدخل سوريا مرحلة جديدة، على صعيد الدولة والمجتمع، وتتبدّل فيها الاصطفافات، وتُطرح على الكرد أسئلة المصير والمشاركة والهوية، فإن تيار مستقبل كردستان أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يستعيد المبادرة، ويُعيد بناء ذاته كتيار ديمقراطي وطني، أو أن يتحوّل إلى جزء من أرشيف التجربة السياسية الكردية، التي تراكمت فيها الكثير من النوايا الحسنة وانتهت إلى نتائج سيئة.
إن الذكرى العشرين يجب ألّا تكون عبارة عن لحظة عابرة، بل أن تكون لحظة تأسيس ثانية، تُبنى فيها الرؤية الجديدة على أنقاض الأخطاء القديمة، ويُستعاد فيها المعنى الأول الذي وُلد لأجله التيار: بأن نكون أوفياء لفكرة الحرية، وأن نُعيد الاعتبار للسياسة كفعل من أجل الإنسان.
وفي هذا، يمكن لتيار مستقبل كردستان أن يبرّر وجوده، لا كتشكيل سياسي تقليدي، بل كمشروع معرفي – سياسي، لم يُستنفذ بعد.



#اكرم_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس الوطني الكردي في قلب الرؤية الكردية المشتركة ...!
- سوريا بعد الأسد: بين تحذيرات روبيو وفرص بناء الدولة الديمقرا ...
- سوريا: الدولة المأمولة وخيارات التعايش
- سوريا الجديدة والحاجة إلى عقد دستوري جامع
- اتفاق 26 نيسان: من توحيد الصف الكردي ، إلى اختبار الوطنية ال ...
- البارزانية تيار جامع ...فلماذا هذا التشتت؟
- وطن واحد ، هوية متعددة ..!
- التكويع -... ابتعاد عن المبادئ نحو المصلحة وتآكل الثقة ..…!
- الأنظمة التي تضطهدوالكرد...تتحمل مسؤولية خياراتهم ؟
- من قامشلو: وحدة الموقف الكردي طريقُنا إلى سوريا جديدة بلا ته ...
- المازوت... ومعادلة السلطة والمجتمع في مناطق -الإدارة الذاتية
- الفدرالية بين الحقيقة والتشويه
- في مواجهة التشظي والفوضى:من يستعيد الدولة السورية؟
- لا مجتمع حي بلا احزاب حية :دفاع عن العمل السياسي الكردي في س ...
- حتى تتعافى سوريا وتنهض من جديد؟
- نعم، ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب... ولكن!
- مراجعة الخطاب السياسي الكردي في سوريا ، ضرورة استراتيجية في ...
- الإقصاء المتعمد للكرد : تهديد لوحدة البلاد وانتهاك لمبادئ ال ...
- أحمد الشرع وتحديات المرحلة المقبلة ؟
- وحدة تيار المستقبل ، وفاء لدماء الشهداء واستجابة للتحديات ال ...


المزيد.....




- زلزال بقوة 6 درجات يهز منطقة حدودية في تركيا يتسبب بهزة أرضي ...
- زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب تركيا ويشعر به سكان مصر
- الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق يعلن اندلاع اشتباكات أمس عن ...
- مراسل RT: هزة أرضية تضرب محافظة الجيزة في مصر
- بريطانيا: الصين تشكل تحديا -صعبا ومستمرا-
- ترامب يعلنها: لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم في إيران
- ماذا قال ترامب عن إمكانية السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم؟
- المبعوث الأمريكي الخاص إلى دمشق: هناك رغبة في إنهاء التمدد ا ...
- وصف بـ -الحدث الأمني الصعب-.. مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإص ...
- الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً من اليمن ويُفعّل صافرات الإنذ ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - تيار مستقبل كردستان سوريا: بين أزمة الهوية وتحديات التجديد ..؟