اكرم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 19:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في خضم التحولات العميقة التي تمر بها المنطقة، تبقى سوريا واحدة من أكثر الدول تعقيداً وتشابكاً، ليس فقط لما شهدته من دمار ومعاناة وحروب ، بل أيضاً لما تمثله من عمق استراتيجي وسياسي في قلب المشرق العربي ، ومن هنا، فإن استقرار سوريا لا يُعدّ شأناً سورياً داخلياً فحسب، بل هو مصلحة عربية وإقليمية ، ولكل من ينشد الاستقرار في هذه المنطقة المتأزمة.
لكن هذا الاستقرار لا يمكن أن يتحقق على أنقاض الماضي، ولا بترميم نظام الاسدين حيث أثبتت السنوات المديدة أنه لم يكن قابلاً للإصلاح. بل عبر بناء نظام جديد يقوم على التشاركية السياسية الحقيقية بين جميع المكونات الهوياتية السورية — عرباً وكرداً وسرياناً وتركماناً وغيرهم ، مسلمين ومسيحيين، سنة وعلويين ودروزاً وإسماعيليين وايزيدين .... اي سوريا التي تتسع للجميع، ولا يُقصى فيها أحد.
إن سوريا الجديدة التي نؤيدها وننشدها ، دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تقوم على فصل السلطات، وسيادة القانون، واستقلال القضاء، وتكافؤ الفرص، وحقوق الإنسان. دولة يكون فيها التنوع الثقافي ، مصدراً للغنى الوطني لا للانقسام، وتُعزّز فيها المواطنة المتساوية، بحيث لا يشعر أي مواطن أنه غريب في وطنه بسبب لغته أو معتقده أو انتمائه القومي أو الديني.
ولعل أحد أهم الدروس المستفادة من العقود الماضية، هو أن الاستبداد لا يصنع الاستقرار، بل يولّد الانفجار. وأن الإقصاء لا يصنع الوحدة، بل يفتح الأبواب أمام كل أشكال التدخل الخارجي، مهما اختلفت عناوينه وشعاراته.
لبناء سوريا الجديدة، لا بد من حوار وطني شامل وشفاف ، شجاع وصادق، يُؤسس لعقد اجتماعي جديد، ويُعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع على قاعدة الحقوق والواجبات المتساوية، ويضع أسساً لدولة محايدة تجاه الانتماءات والهويات، لا أداة بيد فئة أو طائفة أو حزب.
كما لا بد من انتقال سياسي حقيقي، يستند إلى القرارات الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها القرار 2254، وبياني العقبة والرياض ، وباريس ، ويأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية، ويضمن مشاركة فعلية لجميع القوى الوطنية الديمقراطية، دون وصاية أو استثناء.
إن سوريا التي نؤيدها هي سوريا الكرامة والحرية، سوريا العدالة والشراكة، سوريا التي يتساوى فيها الجميع أمام القانون، وتتعدد فيها الآراء دون خوف، وتُبنى مؤسساتها على الكفاءة لا على الولاء.
فهل هذه أمنيات بعيدة المنال ، ام أنها ضرورة تاريخية، إن أردنا فعلاً أن تغلق سوريا صفحة الحرب، وتفتح صفحة السلام الحقيقي والتنمية والازدهار ...؟
#اكرم_حسين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟