أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - الكرد: إشكاليّة الهويّة والاعتراف في المشرق العربي














المزيد.....

الكرد: إشكاليّة الهويّة والاعتراف في المشرق العربي


اكرم حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 02:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُشكّل الوضع التاريخي والاجتماعي للشعب الكردي في المشرق العربي قضية حضارية معقدة تعكس التناقضات العميقة بين الأكثرية والأقليات في هذه المجتمعات. فعلى الرغم من إسهامات الكرد الكبيرة في بناء الحضارة الإسلامية والعالمية، فإنهم يعانون من التهميش والإقصاء في وطنهم الاصلي . هذا التناقض بين إسهاماتهم التاريخية وما يعيشونه من واقع قاسٍ يتطلب تحليلاً عميقاً لفهم جذور هذه الإشكالية، والتي تنطوي على تفاعلات تاريخية واجتماعية وسياسية متعددة الأبعاد.
فعلى مدار تاريخهم، لعب الكرد دوراً مهماً في إثراء الحياة الثقافية والسياسية في العالم الإسلامي. فقد كان صلاح الدين الأيوبي، الذي حرّر القدس وقاد الحروب ضد الحملات الصليبية، من أبرز الشخصيات الكردية التي شكلت جزءاً أساسياً من هذه المساهمات. كما قدّم الكرد العديد من العلماء والفلاسفة مثل ابن الأثير وابن كثير وشرفخان البدليسي، الذين كانت أعمالهم محوريّة في تطور الفكر الإسلامي. إضافة إلى ذلك، لعب الكرد دوراً بارزاً في الأدب والفن أيضاً.
وفي العصر الحديث، شارك الكرد بشكل كبير في الحركات التحررية في المنطقة. فكانت مشاركتهم حاسمة في الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين، كما ساهموا في الحركات التحررية في العراق وفلسطين. وبالرغم من تضحياتهم الكبيرة في الحروب التي خاضتها الدولة العثمانية ومن بعدها الدول الوطنية، فإنهم ظلوا يواجهون واقعاً من التهميش والإقصاء السياسي في تلك الدول.
لفهم جذور هذه الإشكاليّة، من المهم النظر إلى التحولات التي شهدتها المنطقة على مدار قرون. فبينما كانت الدولة العثمانية تعتمد نظام الملل الذي كان يعترف بالتعددية الاثنية والدينية، فإن التقسيمات التي فرضتها اتفاقية سايكس بيكو 1916 أعادت تشكيل الهويّة الوطنية في المنطقة بطريقة استبعادية للكرد. إذ قسَّمت المناطق الكردية بين أربع دول هي تركيا، إيران، العراق وسوريا، ما أدى إلى حرمان الكرد من كيان سياسي موحد وحوَّلهم إلى أقليات في دول كانت تسعى لبناء هويّة قومية واحدة.
على الصعيد السوسيولوجي، تبين أن المجتمعات غالباً ما تبني صوراً نمطية عن "الآخر" عبر تفاعلها الاجتماعي، وهو ما انعكس في كيفية تصوير الكرد في الخطاب العام. فقد ساهمت النخب الحاكمة في تعزيز صورة سلبية عن الكرد من خلال عدة آليات، أبرزها المناهج التعليمية التي تجاهلت تاريخهم وثقافتهم، والإعلام الذي غالباً ما صوّرهم كتهديد للهويّة الوطنية، بالإضافة إلى استخدام الخطاب السياسي للورقة الكردية لتحقيق مصالح تكتيكية.
إلى جانب هذا، لا يمكن إغفال البعد الاقتصادي في القضية الكردية. فتمتّع المناطق الكردية بثروات طبيعية كبيرة من نفط ومياه وزراعة جعل هذه المناطق محط اهتمام القوى السياسية والاقتصادية، بحيث تحوّل التنافس على الموارد إلى صراع هويّات، تم فيه تصوير الكرد كمنافسين على الثروات الوطنية، وهو ما زاد من تعميق الفجوة بينهم وبين السلطات الحاكمة.
لتجاوز هذه الإشكاليّة، يتطلب الأمر تبنّي نموذج سياسي يتّسم بالتعدديّة والاعتراف بالتنوع الإثني والثقافي ، حيث يتطلب الأمر اتخاذ خطوات ملموسة مثل تعديل الدساتير لتضمين الاعتراف بالهويّة الكردية، وتشجيع اللامركزية في الحكم لضمان مشاركة الكرد في إدارة السلطة والثروة، والعمل على تحقيق نظام ديمقراطي يضمن المساواة في الحقوق والواجبات.
ويشكّل المشروع الثقافي ركيزة أساسية في تجاوز هذه الإشكاليّة، إذ يجب على المجتمعات العربية أن تعيد كتابة تاريخها المشترك بشكل أكثر موضوعية، بحيث تعترف بالإسهامات الكردية في بناء الحضارة الإسلامية ، وهذا يستدعي مراجعة المناهج التعليمية التي تهمل هذه الإسهامات، وتعزيز الحوار الثقافي بين المثقفين من مختلف الإثنيات، والبحث عن القواسم المشتركة التي تربط الكرد بالعرب في التراث والعادات.
من ناحية أخرى، لا يمكن حل هذه القضية دون التفكير في تنمية اقتصادية عادلة، تشمل تطوير المناطق الكردية وتحقيق العدالة في توزيع الثروات. ففي ظل التفاوت التنموي الكبير بين المناطق الكردية وغيرها من المناطق، فإن العمل على تحسين الوضع الاقتصادي سيعزّز من استقرار المنطقة ويسهم في خلق بيئة مؤاتية للتعايش السلمي والمستدام.
إن تجاوز الإشكاليّة الكردية يتطلب شجاعة تاريخية لمراجعة الماضي بموضوعية ورؤية سياسية بعيدة المدى لبناء المستقبل على أسس من التعاون والاحترام المتبادل. فالشعوب التي لا تستطيع إدارة تنوعها الداخلي بشكل عادل تضع نفسها أمام تحديات كبيرة في مواجهة التحديات الخارجية، وبالتالي، فإن الكرد بكفاءاتهم وإسهاماتهم التاريخية ليسوا جزءاً من المشكلة بل يمكنهم أن يكونوا جزءاً أساسياً من الحل إذا أتيحت لهم فرصة المشاركة الفاعلة في بناء الدولة....



#اكرم_حسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد العادل والإصلاح الممكن :دفاع عن العمل السياسي الكردي
- الكونفراس الكردي : بين الوفد المشترك ودور ENKS
- ثمانِ سنوات على الاستفتاء: إرادة شعبية وإصرار على المشروع ال ...
- هل افل نجم المجلس الوطني الكردي؟ قراءة في خطاب التجييش
- الكرد في سوريا بين جغرافيا التاريخ وصراع الديموغرافيا
- اعادة تعريف الدور الكردي في سوريا ما بعد الاسد
- هندسة التموضع الكردي في سوريا الجديدة
- المقامة الكردية -في عبودية القطيع ..!
- الكرد ما بعد الأسد :من التهميش الى الشراكة في صناعة المستقبل
- ورقة سياسية : من أجل إحداث تغيير بنيوي في منهجية العمل السيا ...
- الكرد في سوريا :بين الولاء الوطني والانتماء القومي؟
- الأزمة الكردية في سوريا: بين التعقيدات البنيوية ، والحلول ال ...
- سوريا: خارطة عبور نحو الاستقرار والدولة .
- في اعادة التفكير بالدولة السورية ؟
- عن وحدة الدولة ومسؤولية البناء المشترك: قراءة هادئة في بيان ...
- عن هشاشة القوى الوطنية السورية ..؟
- من -صاحب البيت والضيوف- إلى دولة المواطنة:والمشاركة تأملات ف ...
- سوريا على عتبة التحول: من الإحياء السياسي إلى النهوض الحضاري
- 14حزيران :حين يتحول التاريخ إلى مرآة للذات الحزبية ؟
- - الفكر- الكردي السوري وسوسيولوجيا -الفشل- ...!


المزيد.....




- -تجاوزت مليار دولار-.. الكشف عن معاملات مالية -مشبوهة- لجيفر ...
- قراءة أولية في خطاب العاهل المغربي بعد تصويت مجلس الأمن
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة وعبوة تستهدف جنوده شرق نابلس
- المعارضة بتنزانيا تتحدث عن مقتل المئات في احتجاجات على الانت ...
- الصين ترسل طاقما من 3 رواد إلى محطتها الفضائية
- مالي..-القاعدة- يشدد حصاره على العاصمة ويرتكب انتهاكات مروعة ...
- القصة الكاملة لسقوط الفاشر
- واشنطن تعلن دعمها رفع عقوبات قانون -قيصر- عن سوريا
- رئيس الأركان الأميركي يجري جولة استطلاعية بمروحية فوق غزة
- العاهل المغربي: أدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم حسين - الكرد: إشكاليّة الهويّة والاعتراف في المشرق العربي