أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس النوري العراقي - الفرق بين الوهم والحقيقه














المزيد.....

الفرق بين الوهم والحقيقه


عباس النوري العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 8513 - 2025 / 11 / 1 - 13:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بين الحلم واليقظة: رحلة الوعي بين الوهم والحقيقة
بقلم: الكاتب والمفكر عباس النوري العراقي

هل ما نراه في المنام وهمٌ أم حقيقة؟ وهل ما نعيشه في الواقع هو اليقين الذي لا شك فيه؟
سؤالٌ قديم بقدم الوعي الإنساني، تتقاطع فيه الفلسفة مع الدين، والعقل مع القلب، والحلم مع الواقع.

منذ أن بدأ الإنسان يتساءل عن نفسه وعن الوجود، وهو يتأرجح بين عالمين:
عالمٍ محسوسٍ يراه بعينيه، وآخرٍ يزوره في منامه أو تأملاته، يراه ببصيرته.
الأنبياء رأوا في المنام رسائل من السماء، والفلاسفة رأوا في اليقظة أحلامًا ممتدة، والمتصوفة قالوا إن الروح حين تنام الجسد تستيقظ إلى عالمها الأصلي.

لكنّ السؤال الأعمق ليس عن الحلم فحسب، بل عن الوهم الذي نحياه ونحن مستيقظون.

🌀 الوهم اليومي في حياة الإنسان
حين ينغمس الإنسان في الصراعات اليومية — صراع الفرد مع نفسه، والأب مع ابنه، والأخ مع أخيه، والمجتمع مع ذاته، والسياسي مع خصمه — نتصور أن هذه الصراعات هي محور الوجود، وأن انتصارنا فيها هو النجاة.
لكن لو أدركنا الفرق بين الوهم والخيال والحقيقة الأبدية، لأيقنّا أن كثيرًا مما نحيا لأجله لا يعدو أن يكون ظلالًا على جدار الحياة، تمامًا كما وصف أفلاطون الكهف الذي ظنّ فيه الناس الظلال حقائق.

الوهم هو أن نتصور أن سعادتنا تُقاس بكم نملك، أو كم ننتصر على الآخرين.
الخيال هو تلك الطاقة التي يمكن أن ترفعنا من الواقع المظلم نحو الإبداع والنور.
أما الحقيقة الأبدية فهي الوعي بالله، وبالروح، وبالمعنى الذي خُلقنا لأجله — ذلك النور الذي لا يُطفأ وإن أغلقت كل نوافذ الدنيا.

🔍 الصراعات السياسية... وهمٌ في ثوب الحقيقة
الصراعات التي تشغل الشعوب، وتستنزف الأوطان، ليست سوى مرآة لصراع الإنسان الداخلي.
السياسي الذي يتقاتل على السلطة، ما هو إلا إنسانٌ يجهل نفسه، يبحث عن يقينٍ خارجي ليغطي خواءه الداخلي.
ولو علم أن كل سلطة زائلة، وكل مجدٍ دنيويٍّ عابر، لالتفت إلى بناء ذاته قبل أن يبني مملكته.

إنّ كثيرًا من صراعاتنا السياسية والاجتماعية لو تأملناها بوعي صافٍ، لرأيناها أشبه بأحلامٍ متكرّرة، نحزن فيها ونفرح، نتصارع ونتخاصم، ثم نستيقظ فلا نجد منها سوى أثرٍ نفسيٍّ يرهق الروح ولا يُثريها.

🌱 كيف تتكوّن شخصيتنا وسط هذا التيه؟
شخصية الإنسان تتكوّن من تفاعله بين ثلاثة عوالم:
1. عالم الواقع الذي يختبر فيه الألم والفرح والتجربة.
2. عالم الخيال الذي يرسم فيه ما ينبغي أن يكون، ويدفعه نحو التغيير والإبداع.
3. عالم الحقيقة الذي يدرك فيه معنى وجوده وغاية روحه.

من يكتفي بالواقع يذوب في مادّيته،
ومن يغرق في الخيال ينفصل عن الحياة،
أما من يوازن بينهما بنور الحقيقة فقد وصل إلى الحكمة.

🌤 التطوّر الروحي والحياتي
إن تطوّر الإنسان لا يقاس بكم ما تعلّمه أو امتلكه، بل بمقدار ما تحرّر من أوهامه.
حين نعرف أن كثيرًا من همومنا، ومخاوفنا، ومنافساتنا، ليست سوى خيالات صنعها العقل البشري لتثبيت ذاته، نبدأ في التحرر.
عندها فقط، تصبح الحياة رحلة وعيٍ لا حرب بقاء، ويصبح الإنسان عايشًا في الحلم الكبير ولكن بوعي اليقظة.

✨ خاتمة
الحقيقة ليست نقيض الوهم، بل هي وعيٌ أوسع منه.
وما الحياة الدنيا إلا مدرسة لتعلّم الفرق بينهما.
فمن وعى نفسه، عرف ربَّه،
ومن عرف ربَّه، لم يعد يرى في الصراعات إلا مشاهد عابرة على شاشة الوجود،
ويظل قلبه مستيقظًا حتى وهو نائم.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أكثر الأماكن حرارة.. ما سر الشعبية الكبيرة التي تحظى بها غرف ...
- -قام بالمجهود كله-.. نجيب ساويرس يشيد بوزير من عهد مبارك صاح ...
- فاديفول يندد بالوضع الكارثي في السودان ويدعم السلام في الشرق ...
- في مفهومِ الانضباط
- تنزانيا: فوز الرئيسة سامية صولحو حسن بولاية جديدة بأكثر من 9 ...
- تلغراف: السلاح الروسي الذي قد يدفع ترامب إلى معاداة بوتين
- مظاهرة في محافظة قابس التونسية للمطالبة بتفكيك المجمع الكيمي ...
- -آسيان- تكافح للحفاظ على تماسكها وحيادها بعيدا عن -صراعات ال ...
- مسيرة الجزيرة.. الجسر الممدود إلى الحقيقة في مواجهة مشاريع ا ...
- بسبب المسيّرات المجهولة.. إغلاقات متكررة للمجال الجوي في أور ...


المزيد.....

- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس النوري العراقي - الفرق بين الوهم والحقيقه