تطور العراق بعد 2003 والتحديات

عباس النوري

الحوار المتمدن-العدد: 8479 - 2025 / 9 / 28 - 10:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تطور العراق بعد 2003 — تحديات الماضي وآفاق المستقبل
بقلم: عباس النوري العراقي

المقدمة
منذ عام 2003 دخل العراق مرحلة جديدة من تاريخه السياسي والاجتماعي والاقتصادي. تحرر من نظام ديكتاتوري مغلق، لكنه وقع في شرك العنف، الفساد، والتدخلات الخارجية. ومع ذلك، فإن مسيرة التطور لم تنقطع، بل تقاطعت بين إنجازات وفرص ضائعة. المقال يحاول أن يعرض بلغة الأرقام والحقائق واقع العراق بعد 2003، ثم ينتهي إلى رؤية فلسفية إصلاحية تمنح الأمل بأن العراق قادر على التحول إذا ما توفرت الإرادة الشعبية والنخبة الوطنية المخلصة.
1) مؤشرات سكانية واقتصادية
• يبلغ عدد سكان العراق نحو 46 مليون نسمة (2025 تقريباً) بمعدل نمو يقارب 2.3% سنوياً.
• الناتج المحلي للفرد يتراوح بين 4 – 6 آلاف دولار خلال العقد الأخير، لكنه متذبذب بسبب الاعتماد شبه الكلي على أسعار النفط.
• يشكّل النفط أكثر من 90% من إيرادات الدولة، وهو ما يجعل الاقتصاد هشاً أمام أي أزمة عالمية في الطاقة.
2) البنية التحتية والخدمات
• الكهرباء: ما زال العجز قائماً بين الطلب والإنتاج رغم مليارات الدولارات التي أُنفقت على القطاع.
• الصحة والتعليم: شهدت بعض الإصلاحات، لكنها تعاني نقصاً في الكوادر والتمويل، فضلاً عن التفاوت بين المدن والمحافظات.
• المياه والإعمار: مشاريع كثيرة بدأت ولم تُستكمل، وبعضها تعطّل بسبب الفساد أو سوء الإدارة.
3) الفقر والبطالة والتنمية البشرية
• معدلات البطالة مرتفعة خاصة بين الشباب حيث تتجاوز 20% في بعض التقديرات.
• التنمية البشرية متوسطة (ترتيب العراق يتراوح عادة بين 120–130 عالمياً).
• التفاوت بين الفئات الاجتماعية والمحافظات ما زال بارزاً، مما يعمّق الإحباط الشعبي.
4) الفساد وإدارة الموارد
• تصنّف تقارير الشفافية الدولية العراق ضمن أكثر الدول فساداً في العالم.
• عشرات المليارات من أموال الإعمار بعد 2003 ضاعت بين سرقة وهدر.
• غياب الإدارة الرشيدة جعل الموارد الطبيعية والمالية لا تنعكس بوضوح على حياة المواطنين.
5) الأمن والقوى المعرقلة
• شهد العراق موجات عنف: من القاعدة إلى داعش، ثم الفصائل المسلحة، وكلها أعاقت الاستقرار.
• القوى الداخلية: المحاصصة الطائفية والحزبية، الميليشيات، وغياب الإصلاح الجذري.
• القوى الخارجية: التدخلات الإقليمية والدولية جعلت القرار العراقي مرهوناً بمصالح متضاربة.
6) محاولات العرقلة
1. الفساد المنظّم والسرقة الممنهجة للأموال العامة.
2. الصراعات المسلحة وتفجيرات الإرهاب.
3. التدخلات الخارجية التي غذّت الانقسام الداخلي.
7) آفاق الأمل — رؤية فلسفية إصلاحية
رغم الصورة القاتمة، يظل العراق قادراً على النهوض. الفلسفة السياسية تعلمنا أن الإرادة الجمعية للشعوب تتغلب على التحديات إذا توحّدت حول هدف مشترك. هنا يبرز دور الانتخابات البرلمانية القادمة وما يليها كفرصة تاريخية:
• إذا كانت المشاركة واسعة، فعّالة، ونزيهة، فإنها ستؤسس لتحوّل جذري.
• تقليص دور المحاصصة يفتح الباب أمام بناء دولة مواطنة.
• بروز قيادات شابة وطنية تؤمن بالعراق والمواطن يمكن أن يشكّل بداية جديدة.
• على المستوى الدولي، يمكن للعراق أن يبني علاقاته وفق مبدئي المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
الخاتمة
لقد تعرّض العراق بعد 2003 لتحديات معقّدة من الداخل والخارج. الأرقام تكشف عن إنجازات محدودة، وخسائر كبيرة بسبب الفساد والعنف. لكن الفلسفة الإصلاحية تقول: من رحم الأزمات تولد الفرص. وإذا وعى الشعب العراقي مسؤوليته وشارك مشاركة كبيرة وواعية في الانتخابات المقبلة، فسيكون ذلك بداية حقيقية لمسار إصلاحي يعيد للعراق مكانته ويبني دولة مواطنة عادلة وقوية.

بقلم: عباس النوري العراقي


المصادر والمراجع
البنك الدولي – مؤشرات الاقتصاد والسكان: https://data.worldbank.org/country/iraq
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – تقارير التنمية البشرية
منظمة الشفافية الدولية – مؤشر مدركات الفساد
تقارير معهد بيكر/IEA حول قطاع الكهرباء والطاقة في العراق
تقارير مكتب المحاسبة الأمريكي (GAO) بشأن أموال الإعمار بعد 2003
تقارير رويترز ووكالات الأنباء عن صادرات النفط العراقية
وزارة الخارجية الأمريكية وتقارير أمنية حول التحديات الداخلية

#عباس_النوري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل